أجنبي جديد

بورن أندر ساترن | جانغو جانغو

عمار منلا حسن ۲۵/۰۳/۲۰۱۲

ينسب المؤرخون الموسيقيون بداية الألبومات السياقية[Mtooltip description=” Concept Albums” /] لألبوم Sgt Pepper’s Lonely Hearts Club Band للبيتلز الذي تقمصت فيه البيتلز دور فرقة وهمية تفتتح وتختم حفلاً موسيقياً وتؤدي بين الافتتاحية والختام بعضاً من أغانيها. بعد البيتلز ظهرت العديد من الألبومات السياقية لـ دايفيد بووي وبينك فلويد وسواهم (وحديثاً عند ميوز ومشروع ليلى وسواهم). لكن استخدام هذا المصطلح اقتصر، ولا يزال يقتصر، على الكلمات، رغم أن العديد من الألبومات التي نسمعها كل عام تمتاز بسياقات موسيقية لا تقل قوة ووضوحاً. قد يضم الألبوم مثلاً أغانٍ سريعة الإيقاع وأكثر بهجةً وأخرى بطيئة تتسم بالحزن، لكنها تتشابه من حيث اشتراكها بهوية صوتية واحدة ناتجة عن القرارات الأدائية والآلاتية والفنية والإنتاجية التي اتخذها الفنان. يعد الألبوم الثاني للفرقة البريطانية جانغو جانغو مثالاً على الألبومات السياقية الموسيقية (لا الكلماتية)، والتي تفتح وتغلق في آن عدة أبواب إبداعية للفنان أو الفرقة.

يقوم الألبوم على الجمع بين نقيضين ومحاولة إخفاء التناقض بينهما. من ناحية هناك الصوت الافريقي الجامح، متمثلاً بضربات البايس الثقيلة التي ترسي الإيقاع بوضوح، وأسلوب الغناء الأهازيجي الذي يلغي ضرورة القافية، حيث يجور على الجمل والكلمات ويعجنها بطريقة تجعلها متشابهة صوتياً بغض النظر عن أصلها (رغم أن الفرقة تحاول الالتزام بالقوافي على كل الأحوال)، علاوةً على ذلك نجد في معظم الأغاني أداءً هارمونياً، ينضم فيه عازف البايس للمغني الرئيسي في أداء توافقي بطبقات صوتية مريحة، بشكل يشبه غناء الأخوان إيفرلي[Mtooltip description=” The Everly Brothers” /]. يعزف المغني الرئيسي غالباً إما على جيتار هوائي، مركزاً على طبقة البايس فيه، أو على جيتار كهربائي يعزف أحياناً بأسلوب موسيقى ركوب الأمواج في كاليفورنيا[Mtooltip description=” Surf Music” /]. نسمع أيضاً في بعض الأغاني صوت دفٍّ يؤصل الصوت الطبيعي للألبوم. بالمقابل هناك حضور قوي للأصوات الإلكترونية وخصوصاً الكيبورد والسينث، إلا أن هذه الآلات تم حصرها بأدوار إيقاعية وغالباً بطبقة البايس، ما ساعدها على التكيف الصوتي والتماهي مع باق الآلات.

هذا السياق نفسه يمت إلى كلمات الأغاني التي تحاول الموافقة أو التنقل بين النقيضين دون وجود قلبات مفاجئة، فنسمع الأغنية ذاتها تقول: “تجلس هناك ضاحكاً / وقد علقت في الزحام (المروري)”، ثم تنتقل بسلاسة وبدون لفت انتباه لعبارات مثل: “غطني تماماً / ادفني تحت الرمال“. وأحياناً يجمع النقيضين في عبارات واحدة مثل: “نحو المستقبل الأكثر خضاراً من المال الذي نصرفه / لاكتشاف شطآنٍ دفنت عميقاً تحت الاسمنت“. لكن السمة العامة تنحاز للطابع البري الجامح: “لا توهم نفسك / لا توهم نفسك / لا توهم نفسك بأنك ستعرفني فللأبد سأبقى غريباً / لا توهم نفسك / لا توهم نفسك / لا توهم نفسك بأنك ستعرفني فالجواب سيبقى مجهولاً“.

يقوم نجاح الألبوم بشكلٍ رئيسي على هذا السياق الموسيقي (والكلماتي جزئياً) الذي لا يعاني أبداً في تحقيق الأصالة والقدرة على الإمتاع، لكن السياق ذاته يسبب مشكلة الألبوم الرئيسية، إذ يبدوا أن الفرقة خرجت بهذه الفكرة في البداية ثم بدأت باشتقاق الأغاني منها، فباتت الأغاني متشابهةً زيادةً عن اللزوم وتفتقر للاستقلالية، إذ يختلف الإيقاع واللحن العام والفكرة الرئيسية لكل أغنية، لكن التنفيذ يتم بتشابه صارم متكرر.

التقييم: ١٠/٧

أغاني تمثل الألبوم: 4000 Years, Giant, Shake and Tremble

المزيـــد علــى معـــازف