بوست بوب دِبرِشن | إيجي بوب

“سأقتحم قلبك / وأزحف تحت جلدك / سأقتحم قلبك / وأتتبع الطريق / حتى أصل لبدايتك”، يعلن إيجي بوب بصوتٍ محاط بمساحة واسعة من الصدى عن بداية أغنيته أقتحم قلبكِ Break Into Your Heart، الأغنية التي تُخرج الحب من جهة واحدة من مستنقع التباكي والتأوه لمواجهة ومهمة ملحمية تبدأ بروح عاليةً، كما يعلن بذات الاقتباس عن بداية ألبومه ومهمة موازية يريد خلالها اقتحام المستمع والزحف تحت جلده، برفقة فرقة منتخبة من طراز إنجلوريس باستردز Inglorious Bastards، جوش هوم Josh Homme عازف الجيتار ومنتج الألبوم من فرقة كوينز أوف ذ ستون آيج، زميله في الفرقة العازف متعدد الآلات دين فرتِتا Dean Fertita، وصبي آركتك منكيز الذي يشهد هنا بلوغه الموسيقي، عازف الطبول مات هِلدرز Matt Helders.

تبدأ مهمة الفرقة لاحتلال المستمع مع أقتحم قلبك، بجيتارات ذات مساحات صوتية واسعة تنتشر يميناً وشمالاً خلف قيادة صوت إيجي المركزي، بشكلٍ يستعرض قدرات هوم الإنتاجية على توزيع الأغنية لتبدو فعلاً كعملية اقتحام في أرض عسكرية، يعزز ذلك ميل الجيتارات الواضح لكن غير المبالغ به نحو نسج صوتٍ ملحمي، يتقدمه بوب بعبارات آمرة “اكسروهم جميعاً / اعتقلوهم جميعاً / زيفوهم جميعاً / اسرقوهم جميعاً” موزعاً التعاليم العسكرية. تحتد الجيتارات وتتداخل فيما يشبه انهيار الجدران مع اقتراب الأغنية من نهايتها، قبل أن تعود القيادة لصوت بوب مجدداً، طاغياً على جميع الآلات ومسكتاً الطبول: “سأقتحم قلبك / وأتتبع الطريق / حتى أصبح تحت جلدك / وتأخذ الجدران بالانهيار / وتسمحين لي أخيراً بالدخول”.

يستمر هذا التوجه الملحمي العسكري في أغانٍ مثل فالهالا الأمريكية التي يخطط فيها بوب لرحلة فايكنغية إلى قلب أمريكا الجامح، يستتبعها في أغنية نسر Vulture. لكن الألبوم لا يقتصر على الملحمية العسكرية رغم استمرار حسٍ بالقوة والسيطرة في كافة أغانيه. فهناك أغانٍ كـ جاردينيا: “لوحدك في موتيلٍ سقيم / بمحاذاة الطريق السريع نحو الجحيم / أعظم شعراء أمريكا الأحياء / كانت نظراته تغازلك طوال المساء / كان بإمكانك أن ترتدي أفره الأثواب / لكن ها أنت ذا الآن تفقدين الصواب: / وقود، طعام، مأوى، فقر، بؤس وجاردينيا”، يغني بوب وسط زوابع جيتار إيقاعية قصيرة، مضغوطة ومليئة بالطاقة، بينما يدعم هلدرز بطبوله إيقاع الأغنية إلى جانب البايس بانتظار فرص انقضاض لا تأتي.

لكن الفرصة تأتي في الأحد Sunday، رحلة صحراوية تبدأ من أيام البانك وتنهي للذوبان في سراب أوركسترالي. يحصل هلدرز على مجده المؤجل منذ ثانية الأغنية الأولى، يستجوب بعنف الإيقاعات الصحيحة من طبوله التي تخضع وتعترف، قبل أن يرافقه هوم بأسطر جيتار فاحشة تحضِّر لظهور بوب، الذي يقتحم الأغنية بعبارات تحمل البانك في كل ثناياها: “هذا المنزل، زلق كإفادة سيناتور مفضوحة / هذا العمل، هو تمويه للاستجمام والراحة / كحطام، أسابق نفسي إلى القاع”، ثم تنتقل الأغنية إلى اللازمة التي يتحلق حولها صوت بوب وجيتار هوم وطبول هلدرز وكأنها نار معسكر. تبدأ الأغنية بالانسلال بهدوء بعيداً عن صخب البانك مع ازدياد حضور الكوال المساند، قبل أن تعبر خلال لازمة مستمرة التكرار إلى أوركسترا كاملة تبلغ بالألبوم ذروته الملحمية في صوتٍ مهيب هو توقيع إيجي بوب على ألبومه السابع عشر.

في نهاية الألبوم تنجح فرقة بوب بمهمتها، تهجم على المستمع بعنف وحيوية، لا توفر سلاحاً ولا ذخيرة، من العزف المنفرد للأسطر الإيقاعية الحيوية المتغيرة باستمرار، ومن النسيج الصوتي الممتلئ لطبول هلدرز التي تعلم متى تنقض ومتى تتمترس، وأخيراً صوت بوب المركز والخبير الذي يقدم نفسه كقائد عسكري ميداني مخضرم، يعبر كافة الجدران والخنادق والصفوف الدفاعية، ويرغمنا كمستمعين على الاستسلام.

أغانٍ تقدم للألبوم: Break Into Your Heart، Sunday، Gardenia