fbpx .

سكيلتن تري | نيك كايف آند ذ باد سيدز

عمار منلا حسن ۲۰۱۳/۰۱/۱٤

لم ينتظر نيك كايف العثور على نفسه في مواجهةٍ مباشرة مع الموت ليحوله لمصدر إلهام، فقد فعل ذلك على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث كان الموت سمة رئيسية شبه دائمة في أغانيه، بحضورٍ ميثولوجي يناسب كلمات كايف عالية الرمزية وموسيقاه الميالة للشعائرية والغموض. وفاة ابن كايف البالغ من العمر خمسة عشر عامًا إثر سقوطه من حافة جرف صخري العام الماضي كان لها أثرها البديهي على كايف، وألبومه الجديد يوثق مواجهته المفجعة مع الموت.

أولى أغاني الألبوم، المسيح وحيدًا Jesus Alone، كتبت في ٢٠١٤، أي قبل حادثة الوفاة. في هذه الأغنية نرى تعامل كايف السابق مع الموت. يسير صوته في الأغنية بثقة وثبات وسط الأصداء المظلمة ويقول: “بصوتي، أنا استدعيك”، ثم يتقمص شخصه الميثيولوجي ويتلو آياتٍ من نصوصه الدينية الخاصة: “أنت طبيبٌ إفريقي يحصد قنوات الدمع / أنت تؤمن بالرب، لكن إيمانك لا يعود عليك الآن بأي نفع / أنت الضباب الذي يكسو البحر، بجوار النار أنت كهلٌ متهالك / أنت ذكرى بعيدة في رأس خالقك، ألا تستطيع أن ترى ذلك؟”

لكن بدءًا من ثاني أغاني الألبوم، حلقات زحل Rings of Saturn، لا يستجيب كايف لملاحظة الموت فحسب، بل نسمع صدى الصفعة المؤلمة التي تلقاها، حيث يبدو كايف شخصٍاً استيقظ من كابوسٍ مؤلم، خرج من منزله في إحدى الضواحي بملابس النوم، قبل شروق الشمس، ومشى حافيًا يهذي بكلام غير مفهوم ويوقظ  نظرات مشفقة تراقبه من النوافذ التي تشتعل أضواء غرفها الواحدة تلو الأخرى: “فروٌ أسود رطب تذره الشمس المحتدة / فوق المحال والسيارات وحشود الناس في البلدة”. توثق الموسيقى المشهد الباكر عندما تكون الأصوات الخافتة الدقيقة مسموعةً قبل أن يطمسها ضجيج اليوم.

تستمر أصداء الصفعة بالتردد في أغاني الألبوم التالية، يستمر كايف بتجويد كلامه بدل غنائه، وتستمر استيقاظاته المتعرقة من كوابيس قاسية. في فتاة في الكهرمان Girl in Amber يقول متخبطًا: “وإذا أرادت دماؤك النزيف، فلتنزف / وإذا أرادت دماؤك النزيف، لا تتنفس كلمةً / فقط امضي مبتعدًا ودع العالم يدوخ / والآن، دورك، لتدور وتدوخ / اركع، اربط حذاءه، ابنك الصغير أزرق العينين”، تحاول أصوات الكورال مواساة كايف، بينما تقدِّر الآلات الموسيقية فاجعته وتشاركه إياها، حتى تربت أصوات البيانو والكمان المظلمة على كتفه بينما يقول بارتياع مغادرًا الأغنية: “لا تلمسوني، لا تلمسوني، لا تلمسوني…”.

في النصف الثاني من الألبوم يبدأ كايف بتمالك نفسه، يستعيد دوره القيادي في الاستوديو الواسع التي تتبعثر أوركسترا صغيرة في أرجائه، دون أن يكترث لإخفاء مشاعره أو منع نفسه من التفجع: “أحتاجكِ / في قلبي، أحتاجكِ / لأن لا شيء يهم حقًا / وأنا أقف معترضًا طريق الباب / تمشين في أرجاء المكان بثوبكِ الأحمر، شعرك يتدلى / عيناكِ مثبتتان على شخصٍ، نحب الأشخاص الذين يسمحون لنا / لأن لا شيء يهم حقًا عندما تقفين، تقفين”، يجوِّد كايف كلماته برصانة أكبر بقليل في أحتاجك I Need You، بينما تكرر الأوركسترا ازدياد الرصانة وبقاء الحزن والتفجع على حاليهما.

في آخر أغاني الألبوم، شجرة من الهياكل العظيمة Skeleton Tree، يجبر كايف نفسه على إتاحة مجال لنسمة خجولة من السلام والتصالح، الموسيقى توثق نهاية ليلٍ طويل، بينما يختم كايف الأغنية بصوت شخصٍ فهم مجرى الأمور أخيرًا: “هتفت عاليًاً! هتفت عاليًا! / عبر البحر الهائل / هتفت عاليًاً! هتفت عاليًا! / لا شيء بلا مقابل / والأمور بخيرٍ الآن / والأمور بخيرٍ الآن / والأمور بخيرٍ الآن”.

يقول نيك كايف في إحدى آخر جمل الألبوم: “لا شيء يأتي بلا ثمن”. حاله حال دايفيد بووي، قدم كايف هذا العام عملاً للتاريخ، وحاله حال بووي لم يأتِ هذا العمل بلا ثمن. في الحقيقة كان للعملان الثمن نفسه، الموت.

أغانٍ تقدم للألبوم: Rings of Saturn, Jesus Alone, Skeleton Tree

المزيـــد علــى معـــازف