fbpx .

بِست سمر إفر | هار مار سوبرستار

عمار منلا حسن ۲۰۱۳/۰۱/۱٤

في أحد مشاهد الفيلم الكوميدي Dark Shadows، يستيقظ مصاص دماء – جوني دِب – من سبات امتد لمئات السنين، يقف في شارع معبَّد غريب عليه، وتسير باتجاهه مركبة ذات ضوأين أماميين متباعدين، فيصيح: “اكشف عن نفسك أيها الجني متوهج العينين!”. يبدو أن هار مار سوبرستار مر بتجربة مماثلة، نام في الثمانينات واستيقظ اليوم على عالمٍ غريبٍ عليه، فنراه دائمًا ما يحيى في الثمانينات، دائمًا في الخامسة والثلاثين ودائمًا ما يتعامل بذعر مع الأضواء المخيفة التي تتحرك باتجاهه.

عرفت عن ألبوم هار مار الجديد عبر فيديو أغنية كيف تمكنت من تجاوز ذلك اليوم How Did I Get Through The Day. يقف هار مار في الفيديو على منصة مربعة عائمة تتحرك خلال المياه، عليها مايكروفون ومكبر صوت صغير واحد، تظهر الثمانينات بنسب مختلفة في ثيابه وشعره وهويته الاستعراضية، وتظهر أكثر من ذلك في موسيقاه المتأثرة بالديسكو والسينث، أما على وجهه فتظهر ملامح وحدة واغتراب، كل ما يحيط به هو أضواء يحسبها جان، ولا جمهور لديه ليغني له. بهذه الهوية الاستعراضية الآسرة يبني هار مار ألبومه، متيحًا لنفسه قدرًا كبيرًا من التنوع يسمح لعدة شخصيات سياقية مختلفة بالتعبير عن نفسها.

يظهر هار مار الاستعراضي العابث في مجرد رقص (جنس) It was Only Dancing (Sex)، يقتحم مكانًا وزمانًا ليسا مكانه أو زمانه، ويحاول فرض جمالياته رغم الجو العدائي. تنسجم أسطر السينث الإيقاعية الراقصة مع أداء الساكسوفون اللحني، بينما لا يبتعد هار مار في غنائه عن الديسكو أبدًا. أما في شباب بلا حب Youth Without Love فيحوِّل هار مار إيقاعات السينث المتأثرة بالفانك لمنصة يقدم فوقها أغاني بوب خفيفة، تتجنب أي تعقيدات وتراهن على أسر المستمع الباحث عن موسيقى يرقص عليها بسهولة.

في أغنية قصة شعر Haircut، يظهر هار مار المحب الاحتفالي بشكلٍ أوضح. الأغنية مسجلة مع كارِن أو من فرقة The Yeah Yeah Yeahs، والتي أصدرت منذ عامين ألبومًا فرديًا عبر تسجيلات كلت ريكردز Cult Records التي انضم لها هار مار في ذات الوقت، حمل الألبوم اسم Crush Songs وجاء على شكل مجموعة أغانٍ شديدة القصر والخفة توثق حالات إعجاب عاشتها كارِن على طول سنة واحدة. يظهر تأثير هذا الألبوم بوضوح على أغنية ماي رادياتر My Radiator ذات الدقيقة والعشر ثواني، والتي يوثق فيها هار مار بصوت حار وعزف جيتار هوائي ملامح فتاة أشعلت فيه الدفئ الذي نسمعه في صوته.

ينكسر صوت هار مار بشكلٍ جميل، تعرف أسطر السينث كيف ترافقه. في أغانٍ مثل آي هوب وهاو دد آي جت ثرو ذ داي How Did I Get Through The Day تسود نبرة متسائلة بتردد أو متوسلة. لا يحتاج هار مار في أغانيه لقول الكثير، تكرار ذات العبارات يحمل معنىً جديدًا أو متراكمًا، والكلمات البسيطة تفضح عجزه المتعمد عن التعبير: “أوه، حين رحلتي عني وأخذتي حبك معك / كيف كان لي؟ كيف كان لي أن أتعامل مع ألمٍ مماثل؟ (…) تحاصرني الوحدة، أراقب الهاتف / أعرف أنك لن تعودين (…) كيف تمكنت من تجاوز ذلك اليوم”.

لكن أفضل أغاني الألبوم هي ذات الروح العدائية، كلمات أخيرة شهيرة Famous Last Words، والتي تحافظ على ولائها للثمانينات لكن تنقله من الفانك والديسكو لصوت بوست بانك غير مصقول، تخنقه حلقات تشويش لتقطع الأغنية تمامًا في أكثر من مناسبة، بينما يصيح هار مار بعد أن تحول لنجم روك غاضب تؤازره أسطر جيتار مكررة صاخبة: “أفسدت الأمر! / أجل أفسدته! / لا تجرؤ على سؤال ربك أن يساعدني / لا أحد في العالم بإمكانه أن يساعدني”.

إلى جانب كل التنوع الاستعراضي الغني الذي يحدث ضمن قالب فضفاض من السينث روك، يُذكر الألبوم بإنجاز عظيم آخر هو الإنتاج الكمالي المزدحم بتفاصيل بسيطة في محلها، والذي تم من قبل مدير تسجيلات كلت ركردز وقائد فرقة ذ ستروكس، جوليان كازابلانكاس، الذي بات له عامين يستكشف نفسه كمنتج، بالعمل مع فرق سينث روك كـ راي بيلا  وذ غرولرز، حتى عثر على نفسه أخيرًا في عمله المتقن على ألبوم هار مار الجديد.

نظرًا لشخصية هار مار سوبرستار العابثة / البائسة ومظهره غير المتصل بالحاضر نهائيًا، يصعب تخمين الألبوم كعمل جاد معقد، لكن ثلاث أو أربع استماعات تكفينا للعثور على أبواب الألبوم السرية التي تقود لعالم هار مار الداخلي، ويا له من عالم، ويا لها من موسيقى.

أغانٍ تقدم للألبوم: How Did I Get Through The Day?, My Radiator, Famous Last Words

المزيـــد علــى معـــازف