أفضل ١٥ أغنية راب من المغرب الكبير

ظلام الليل | فلان ويسرا بوداح

بين البلطيات التونسية والتيتيزات المغربية، لم يعد من السهل إيجاد أغنية هِت دون موضوع سطحي وموسيقى مملة، ولعل ظلام الليل للرابر الجزائري فلان هي واحدة من الأعمال الناجحة القليلة التي رأينا فيها توافقًا بين الشكل والمضمون، والتمسنا رغبة حقيقية من صاحبها في إيصال رسالة من خلال هِت تجاري مع تقديم الإضافة الفنية الجديدة. فلان بدا واثقًا من خلال المغامرة بتغيير طابعه الرابوي التقليدي والسير في اتجاه أقرب منه إلى الآر.إن.بي ليلتقي مع طابع المغنية يسرا بوداح التي رافقته في أداء اللازمة، مع مشاركة جوهرية لراقصة الهيب هوب سيليا، جمعت بين حركات البابينغ وترجمةٍ جسدية لكلمات الأغنية إلى لغة الإشارات. الأغنية مفتاحية في ألبوم فلان الأول ما كابين، ساهمت في ترويج مستحق للمشروع وأعطت لمحة مقربة حول توجهه الفني المنوع لحد الآن، والغني في نفس الوقت، بعد صدور سبع عينات منه.

ماد-آر | لماد وأرتيزان

 كل ما كان يحتاجه الجزائري الماد من أجل تأكيد أحقيته في نيل لقب اكتشاف السنة هو تعاون مع أحد الرابرز البارزين، وكان له ذلك في ماد-آر سابع أغنية من ميكستايب كريبتاكس بالتعاون مع السوق أهراسي أرتيزان. الماد لم يخطيء في اختيار ضيفه وظهر كلاهما مثل التوأم: شبيهين ومكمّلين لبعضهما البعض في نفس الوقت. ماد-آر جاءت كتمرين تقني عالي المستوى استعرض فيه الرابورين عضلاتهما الكتابية المفتولة بقوافٍ معقدة ومقاطع لفظية متعددة على طول البارات، مع ركوب انسيابي ومذهل لبِيت تومك زيل.

أعاد هذا التعاون أرتيزان إلى مستواه المعهود كرابر تقني بالدرجة الأولى، بعد سنة متذبذبة وحضور متقطع عطّل من إتمام مشروع الوصفة.

صايك (S.Y.C) | إلياس

حفلة إلياس فقدت قليلاً من بهجتها، بل كانت مخيبة للآمال في بعض مراحلها وبدا لنا الرابر تائهًا لا يعرف وجهته، فبعد ميكستايب ياس لوكان الواعد، توقعنا أن ينتقل إلى مشروع أكثر جدية، غير أنه ترنّح وفضّل إصدار ميكستايب آخر، في خطوة غير مفهومة، تعكس ربما غياب استراتيجية واضحة ومخطط عمل على المدى القريب، وهذه مشكلة عامة للأسف تمس جل الرابرز الصاعدين. كان إلياس يبحث عن وخزة تشعل الرغبة داخله من جديد، ولحسن الحظ وجدها في نغزات سايك التي وفرت له طريقًا للعودة ومجالًا جديدًا يخوضه: الكلاش المباشر.

أخذ إلياس وقته بسبع دقائق كاملة على موسيقى فيفو، وعلى عكس الكلاشات الرائجة في الراب المغاربي ذات المقطع الواحد، جعل إلياس من S.Y.C عملاً متكاملاً من بنية النص إلى الإلقاء الغاضب والمهارات التقنية، كل هذا جعلنا نتكهن منذ البداية بأن سايكو سيرد بضراوة أقل، وفعلاً كانت إجابته مقتضبة في دقيقتين غير شافيتين، كأنه تحاشى المواجهة أو ردّ مُكرهًا.

عمومًا، هذا الكلاش من أثقل كلاشات الراب المغاربي في السنوات الأخيرة، وكان فرصة جيدة اكتشفنا من خلالها وجهًا آخر لإلياس الثائر، قد يساهم في إحياء الحفلة من جديد والانتقال إلى أمور أكثر جدية واحترافية مستقبلاً.

صحاب البارود | رامستار

رغم السنة الصعبة التي شهدها رامستار، والمضايقات القانونية التي طالته، غير أن ذلك لم يثبّط من عزيمته، وواصل بكل ثبات تقديم باقي عينات ألبوم علي بلحاج ذو العنوان المثير أصلًا. الأغنية الرابعة حملت تسمية صحاب البارود إشارةً إلى كلاسيك الشاب خالد الصادر سنة ١٩٩٢، وعرفت مشاركة للإيطالي ديجي مايك، في وقتٍ كدنا ننسى فيه دور الديجي وأصوات احتكاكات الفينيل التي عوضتها الصيحات والآهات المعدّلة أوتوتونيًا.

الأغنية لوحة فانتازية داكنة الألوان رسمها رمزي كعادته بريشة عنيفة شبيهة لتلك التي اشتهرت بها طوندام الفرنسية، تجلّت من خلالها الفروق بين صحاب البارود للأمس واليوم، فرسان حفاة دون جياد ينتظرون عودة زمن الهمة والكارابينا.

غالاكسي | زادكا

جسّدت غالاكسي عودة زادكا بعد سنتين من الاعتزال المؤقت، وهي الأغنية الأولى التي يصوّر لها فيديو كليب مسندًا الإخراج إلى يزيد آيت حمادوش والإنتاج الموسيقي إلى شنود. الأغنية غلب عليها الترميز والتعتيم بغية تمثيل الصراع الداخلي بين شخصيتي الإنسان زكريا رحيم الميت، والفنان زادكا المنتصر والعائد إلى الحياة بفضل طوق الموسيقى. غالاكسي هي محصلة أحاسيس متناحرة نجح الفنان العشريني في ترجمتها بدقة صوتًا وصورة،  ولأدائه الملفت في الجسر واللازمة دورٌ في كسر نمطية النصوص التقليدية وإعطاء بُعد آخر للعمل. شنود بدوره ابتعد عن الرتابة والتشابه في إنتاجاته الأولى، مقدمًا أفضل بيت له على مقاس الزادكا.

ميلف | مصطفى صلامور

أصدر مصطفى -الراقامان السابق والزعيم الحالي لحركة الفنون الكلامية في المغرب وشمال إفريقيا- مشروعين بالتوازي هذه السنة: الأول خاص بطابع الصلام فقط، والآخر يميل إلى الراب مُعنون بـ هاراكا كيري، ليثبت من جديد أنه فنان متفتّح يرفض الانغلاق في حيز موسيقى واحد واتباع الطبوع الآنية سريعة التلف. ولعل ميلف/ملف (هارا كايري) هو أبرز عمل سمعناه لمصطفى مؤخرًا، تداخلت فيه قوة معاني الصلامر وأدء الرابر الصارم في آن واحد، وتوالت فيه خيباته وتحسّراته عن حال الفن والفنان في بلاد الأطلس.

سكرة | نيسيو واكساب

يبدو أن عينات الراي التسعيني قد عادت لتستهوي المنتجين من جديد في ظل الانتشار الرهيب لألحان التراب والكلاود المقلدة والخالية من أي لمسة إبداع. فقد أحيا منتصف هذا العام يوس45 كلاسيك الشاب خالد داتني السكرة في أغنية تحمل نفس الاسم، ثم تلاه نيسيو واكساب مستخدمين نفس العينة في التراك الثاني من الميكستايب المشتركة لهما أدمرا. سكرة نيسيو واكساب كانت أنجح بابتعادها عن أسلوب الوعظ التقليدي المتبّع من طرف يوس 45، ومعالجتها القضية من وجهة محايدة (سردين قصصيين)، كما أن إلقاء اكساب اللين جاء مكملًا لأداء نيسيو المعهود.  وللإشارة هناك أغنية ثالثة للجزائري الشيخ مليك “الروجة” أخذت من سكرة خالد وعالجت نفس الموضوع لكن من زاوية أشمل وأعم مسّت جوانب أخرى من الحياة.

شيطان | رائد

خسر الراب المغربي هذه السنة الرائد، رابر صاعد كان يعوّل عليه كثيرًا في  تدعيم شلة الرابرز أصحاب النصوص، فقد اضطر لرمي المنشفة بعد إحساسه بالخيبة تجاه ساحة الراب المغربي وصعوبة توفيقه بين التدريس في سلك حكومي وفنه الناقم في كل سطر على النظام الملكي. شيطان كانت آخر أغنية فردية في مسيرة الرائد، ولعلها أغنية عودة ووداع في آن واحد سجلها بعد تجربة التدريس التي خاضها في جبال الأطلس الباردة، وأكسبته مزيدًا من الوعي إزاء ما يعيشه المواطن المغربي. شيطان تعكس بوضوح نضج الرابر وفهمه العميق لتلاعبات النظام الديني والسياسي، ونيته في نشر التعتيم والجهل.

خسرنا حمزة الرائد ومعه ميكستايب إيروباج 2 المزمع صدروها هذا العام، ولنا في المورفين وكاطرويت والبقية القليلة عزاء.

واش كاين ما يدار | شايفين

شايفين، الفرقة المغربية الفائزة بجائزة أفضل فنان شمال إفريقي في حفل افريما ٢٠١٧، كانت قليلة الظهور مقارنة مع السنوات الفائتة، إلا أنها اعتادت على قلب الموازين وترك بصمتها في كل مرة.  هذه السنة ظهرت رفقة حليوة المتدهور بزاف، وباقي أعضاء وادراري سكواد في كليب او.ام.جي المميز، الذي أفسدته بعض الأداءات الشاحبة، إلى جانب ظهور أخير في سينغل واش كاين مايدار، حيث أثبت الثنائي من جديد صحة مقولة “المراركة هاربين في الصورة” أكثر من أي وقت مضى، لكن الحقيقة أن الثنائي المثابر هارب كذلك في تقنيات الفلو والكاريزما العالية التي يحظى بها وسط الجمهور، ما يجعل اللحاق بهما، أو منافستهما في مجالهما، أمرًا صعبًا على أي فرقة في المغرب الكبير.

عذابي | لاكريم مع شايفين وماد

هل كان يعلم لاكريم أن دعوته للثلاثي المغربي في تراك عذابي قد تجعله في النهاية يقبع تحت ظلال الضيوف؟ هذا ما حدث للرابر الفرونكو جزائري لاكريم، الذي استضاف كلًّا من شوبي وسمول اكس (شايفين) إضافة إلى ماد في الميكستايب الثالثة من سلسلة ريبرو. الرابرز المغاربة لم يفوتوا فرصة هذا التعاون الدولي في واحد من أكثر المشاريع انتظارا لهذه السنة في الراب الفرنسي، وقدّموا مقاطعًا مميزة اتسمت بفلوهات سلسة ارتقت بالأغنية وأنْسَتنا أداء صاحب البَيت العادي والباهت إجمالاً على طول الريبرو. ماد من جهته قدّم لازمة جد ملفتة، بينما أكّد ثنائي شايفين احترافيته من جديد وإمكانية بروزه خارج أسوار المغرب.

آي كانت بريث | ريدستار

أكمل رادي إصدار باقي التراكات من ألبومه عودة إلى الأصول، بعد أن تلذّذنا بنصفها العام الماضي، ليكون بذلك قد أنهى سلسلة الانتظار الطويلة والترقب الذين سادا هذا المشروع. نجح عضو ريدستار السابق في تقديم ألبوم ثقيل وكثيف يتأرجح بين الرغبة في العودة إلى جذور موسيقية أصيلة، والبقاء قدر الإمكان وفيًا للمبادئ التي جعلت منه أيقونة في ساحة الأندرغراوند التونسي، قبل وبعد الانفصال عن جي.جي.اي.

رادي ترك الأفضل للنهاية، وآخر تراك قام بتصويره I can’t beath يلخص بعناية حالة الاختناق النفسي والتصلب الفكري الذي يعيشه في تونس اليوم المنهكة، تونس ضحية عصابات الدنيا والدين ووجوه البومة والغربان. صيحة الرادي في هذا التراك حملت الألبوم ككل إلى مصف ألبوم السنة، رغم قلة المنافسة الحقيقية، ومن الممكن أن يرتقي مع مرور الوقت إلى واحد من كلاسيكات الراب التونسي على الإطلاق.

وي دو إت فور ذَ ستريتس | ريدستار رادي وديلاو

سنة الرادي عن جدارة، ولهذا فمن البديهي أن تحتوي القائمة المفضلة لأي مستمع على تراكين على الأقل له. فبعد الفراغ من عودته إلى الأصول، واصل الرادي طريقه في تحدٍّ جديد صاخب هذه المرة، رفقة ديلاو في نعملوه للشوارع، إنتاج من ريد رايوت ذو توجه روك. تم تصوير الفيديو على رصيف شارع أمام كاميرا ثابتة. بوسائل بسيطة يترجم الرادي بكل راديكالية عقلية الهيب هوب الأصيل، بعيدًا عن فوضى الصناعة الموسيقية وموجة الجديد غير المجدِّد التي يتبعها رابرز الماينستريم التوانسة.

تروشكيك | فايبا

في تونس يوجد فايبا واحد، لا نظير له في كامل الوطن العربي. لذلك فإن كل مشروع جديد له هو تجربة مختلفة عن سابقتها يحاول من خلالها توسيع دائرة بحثه الموسيقي وعدم التقيد أو السير في نهج واحد.

ألبوم هذاكا الي بيك؟ كان بدوره من أكثر الألبومات انتظارًا هذه السنة، إلى جانب عودة إلى الأصول، ورغم أنه ضم عشرة أغانٍ فقط إلا أن ڤايپا عرف كيف يختزل كل تراك في زمن معدله دقيقتان ونصف دون الإنقاص من الجودة أو المضمون، كما فعل في انكروايابل مثلًا المصحوب بفيديو مجنون، أو في التراك السابع تروشكيك، أحد أفضل التراكات، والذي هو امتداد منطقي لتجربة لايف سابقة وتمهيد لمشروع جديد اركز هيب هوب يجمع بين الراب وموسيقى المزود التقليدية. خطوة محمودة من جماعة الدبو التي تسعى دومًا إلى التميز والتجديد.

جيب طرح قناوي | غوست مان

ما كان مجرد فريستايل في البداية، أعاد تصويره لاحقًا غوست مان، في خطوة منه لإعطائه مزيدًا من المشاهدات.

جيب طرح قناوي هو مزج بين طابع القناوي الصحراوي والراب والراقا، استخدم فيه غوست مان على ما يبدو عينة من أغنية الفرقة المغربية فناير (لالة عايشة) المعروفة كونها أكثر فرقة دمجًا للقناوي في الراب المغربي، غوست لم يكتفِ بإدخال القمبري والقرقابو فقط، إلا أنه حاول التوغل أكثر في المشروع واعتماد اللهجة الكافية، التي لا تخلو من كلمات خفيفة مسلية زاد وقعها أصالة على العمل. خطوة غوست جد محمودة وتذكرنا بمدى غنى التراث الصحراوي وإمكانية عصرنته بمزجه مع فنون أخرى قريبة منه.

الشبح | بسكيو إم

الشبح هي الأغنية الأولى التي سجلت عودة بسيكو إم تمهيدًا لألبومه القادم صوليد. أشد المدافعين عن راب النص ارتآى تجريب التراب والتخلص نوعًا ما من تبعيته لأسلوب لطفي ديكا التقليدي. رسالة بسيكو إم في الشبح لا تزال تستر في طياتها خبايا الإعلام الماكر، الرابرز المبيوعين والجمهور الساذج الذي يتبع الموجة. كلها مواضيع اعتدنا سماعها، غير أن طريقة التعرض إليها هذه المرة بشكل مغاير أعطتنا مزيدًا من الأمل حول تحسن مستوى بسيكو ام القابع منذ سنوات في سهله الممتنع، لا ننفي عمق كلماته غير أن النص لوحده جزء فقط من أغنية الراب، ولابد أن يولي الشبح مزيدًا من الاهتمام بالجوانب الأخرى لو أراد إعطاء قيمة فنية كاملة لأعماله.