عن حرفة موسيقى كينج كريمسون – الجزء الأول

من الإنصاف أن نفترض أن بدون البيتلز لم يكن من الممكن أن ينشأ البروجريسيف روك”. بيل بروفورد، موسيقي وعازف درامز بفريق كينج كريمسون.

من السايكدليك الروك إلى البروجريسيف

يعتبر البروجريسيف روك الذي نشأ بالأساس في بريطانيا تطوراً لموسيقى وثقافة السايكادليك التي تأثرت بالثقافات الشرقية وظهرت موسيقتها لتحاكي الشعور المرافق لمتناولي مخدر الـLSD. اتسمت موسيقى السايكادليك بالخروج عن القالب المألوف لأغنية الروك والبوب الذي ينقسم إلى مقاطع وقرار ونغمة رئيسية تعاد بعد كل قرار، ليغلب على الأغاني الارتجال الحر للعازفين وإطالة الجزء الموسيقى على حساب الجزء الغنائي، حتى يدخل المستمع في حالة عميقة لخوض تجربة سايكولوجية جديدة.

نشأت ثقافة السايكادليك في سان فرانسيسكو كثقافة مضادة في وتحدّي قيم المجتمع الأمريكي حيث نادت بالمساواة بين الطبقات والأعراق وحقوق النساء والمثليين، كما دعت للسلام أثناء حرب فيتنام.

انتقلت موسيقى السايكادليك عبر المحيط لتصل إلى لندن، حيث تم استيعابها لتظهر فرق مثل بينك فلويد وبوركال هاروم وسوفت ماشين وغيرهم، وتأثر فريق البيتلز بها وظهر ذلك في اسطوانات Revolver، Magical Mystery Tour، و Sgt. Pepper’s Lonely Hearts Club Band وغيرها.

انتشرت البارات والأماكن التي تقدم هذا النوع من الموسيقى في النصف الثاني من الستينيات، وصاحَب ذلك عروض بصرية وظهور ملابس جديدة خاصة بهذه الثقافة، لتتحول موسيقى الروك إلى تجربة بصرية تزيد المخدرات وعقار الـLSD من تأثيرها.

بينك فلويد أثناء فترتهم السايكدليك 

استمرت موسيقى السايكادليك لبضعة أعوام كنوع من الرفض للتقاليد السائدة والتمرّد على السلطة الأبوية في ظل الرخاء الاقتصادي للطبقتين المتوسطة وفوق المتوسطة. وسرعان ما بدأت تتخذ صورًا أكثر نضوجًا ذات طابع خاص، ومن هنا ظهر البروجريسيف روك الذي انتشر في أواخر الستينيات والنصف الأول من السبعينيات ليفتح باب لكثير من الفرق مثل: جنيسيز، يس، بينك فلويد، جثرو تال، إي إل بي.

بات من الشائع أن يتناول كل أسطوانة مفهوم موحّد حيث تقوم الأغاني الطويلة والمتّصلة بتغيير ديناميكيتها تماشيًا مع هذا المفهوم، ليصير العمل كمسرحية أو رواية طويلة تمر بمحطات عديدة. يحدث ذلك من خلال دمج عناصر وأنواع موسيقية مختلفة كالجاز والموسيقى الكلاسيكية والفلكلورية، حيث تظهر مهارات العازفين التي كانت تعد من السمات المميزة في البروجريسيف روك. بجانب آلات موسيقى الروك التقليدية كالجيتار الكهربائي والباص والدرامز، قام الموسيقيون بالاستعانة بآلات النفخ والكمان وتوظيف التكنولوجيا المتاحة وقتها كالسينثسايزر والهاموند أورجن والميلوترون (سيذكر لاحقًا)، بالإضافة إلى أجهزة التسجيل متعددة المقاطع (multi-track recording) لفتح مجال أكبر للإبداع والتجريب والخروج عن الشكل التقليدي للروك. وصارت الموسيقى أكثر تعقيدًا واستخدمت موازين (time signature) ومقامات كنسية (modes) غير مسبوقة في موسيقى الروك.

[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”789″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

أغنية Firth of fifth لفريق جنيسيز مثال حى للبروجريسيف روك 

[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”790″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

أغنية Roundabout لفريق يس

يرى الكثير من النقاد ومؤرخي الموسيقى أن فريق البيتلز واسطوانتهم Sgt. Peppers Lonely Hearts Club Band هو البداية الأولى للبروجريسيف روك والخروج من إطار الروك الراقص والخفيف والتجاري إلى موسيقى تحتاج إلى التركيز والانصات بعيدًا عن الأداء الراقص. كما بدأت المواضيع المطروحة تتغيّر من الحب والسعادة واتباع الثقافة الاستهلاكية السائدة وقتها واستبدالها بمواضيع مستمدّة من الأدب الكلاسيكي والتاريخ والأساطير.

In the Court of the Crimson King هو أكثر عمل مؤثر في تاريخ البروجريسيف روك“. إدوارد ماكين، مؤرخ موسيقي.

الحقبة الأولى لفريق كينج كريمسون

ظهر فريق كينج كريمسون في أول عرض حى له في هايد بارك في صيف 1969، وقد أبهر الجمهور الذي تعدى نصف المليون شخص لم يسبق له أن رأى فريقاً كهذا. وقد طال هذا الإنبهار فرقاً موسيقية مشهورة مشاركة في المهرجان مثل رولينج ستونز وذا هو. ويرى بيتي تاوسند (عضو فريقThe Who) أن كينج كريمسون هم ”تحفة موسيقية خارقة.“

على مدار خمسة عقود ظل روبرت فريب هو العضو الوحيد الثابت بالفريق. في كل مرة يتغير فيها أعضاء الفرقة يقوم فريب بمعاملة الفرقة كمشروع موسيقي مستقل بذاته من حيث المفهوم ونوع الموسيقى واستخدامه لتقنيات مختلفة لإعادة إحياء المشروع. تقوم فلسفة فريب على تجنب تكرار الموسيقى التي يلعبها ويرى أن وجود كينج كريمسون مشروط بوجود موسيقى جديدة. كان هذا هو العامل الرئيسي لاستمرار الفريق بالرغم من انهيار البروجريسيف روك عام 1976، بالاضافة إلى تلوّنه وفق الأنواع الموسيقية الجديدة التي تظهر كل فترة ليدفعها إلى أقصى حدودها مستغلًا ما استجد من التكنولوجيا.

تظهر مهارة الفريق في أول اسطوانتين (1969-1970) ويتضح تأثّر فريب بالجاز والموسيقى الكلاسيكية والفولكلورية. اعتمدت أول اسطوانتان على البناء الموسيقي للموسيقى الكلاسيكية، وهو سمة من سمات البروجريسيف روك. فتح كينج كريمسون المجال لموازين مختلفة (5/8، 6/8، 7/8 ،4/5. . . ) بجانب الإحتفاظ ب 4/4 مثل في أغنيتى 21st Century Schizoid Man، Pictures of a city، السمة التي صارت علامة مميزة لهم طوال عمر الفريق. ويتذكر بيتر ساينفيلد كاتب كلمات الفريق في تلك الفترة موجهًا كلامه في فيلم وثائقي للبي بي سي ”إذا بدا ما نلعبه مألوفًا، نقوم بتغييره، حيث من اللازم أن يكون معقدًا، ويشمل ذلك دائرة تآلفات الأغاني (guitar chords). يجب أن يكون تأثير الأغاني غريباً على المستمع. إذا كان بسيطًا نقوم بتعقيده من باب الاستعراض.“

[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”791″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

أغنية 21st Century Schizoid Man وتأثر الفريق بالموسيقى الجاز 

[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”792″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

أغنية Moonchild وتأثر الفريق بالموسيقى الفلكلورية 

بالرغم من تشابه العمل الثاني (In The Wake Of Poseidon) بالعمل الأول إلا أن الإصدار الثالث جاء أكثر اختلافًا وتنوعًا. بعد أن تركه معظم أعضاء الفريق بعد أول وثاني عمل (على سبيل المثال ذهب جريج ليك ليكون فريق إي إل بي) نظرًا لاختلاف الأذواق، استعان روبرت فريب بموسيقيي جاز محترفين لتصبح الأسطوانة الثالث (Lizard) تجربة جديدة تميل للجاز وعدم التمسك بعناصر الموسيقى الكلاسيكية والفولكلورية. يظهر ذلك خلال أغنية Indoor Games والثلاث وعشرين دقيقة للأغنية التي تحمل نفس اسم الأسطوانة، ليعلنوا عن حقبة ما بعد مايل ديفيس الذي يظهر تأثيره الواضح بالاسطوانة.
انشق الفريق مرة أخرى ليعود من جديد عام 1971 في إصدار Islands ، وهو أكثر أسطوانات الفريق هدوءًا وتمتعَا بصوت دافئ. فتح هذا الإصدار طريقاً جديداً للفريق والذي اتبعه فريب بعدها لمدة أربعة عقود وهو الاعتماد على التجريب في العروض الحية لإنتاج عمل جديد مما يخلق بينهم وبين الجمهور مساحة للتفاعل لاختبار ردود الأفعال على أعمالهم الجديدة قبل بدء التسجيل في الاستوديو. في نفس السنة أصبح التواصل بين بيتر ساينفيلد وفريب مستحيلاً بسبب اختلاف وجهات النظر الموسيقية ولرغبة فريب في تكوين فريق جديد للحصول على صوت جديد.

مقطع من أغنية Lizard

بعد انشقاق الفريق لمدة سنة عاد فريب مرة أخرى لينتج ثلاثيته الأخيرة (Larks Tongues In Aspic، Starless And The Bible Black، Red). للمرة الأولى استقر فريب على أعضاء ثابتين، وهم عازف الدرامز بيل بروفرد العضو السابق لفريق يس والذي شارك في إحدى علامات البروجريسيف روك Close to the edge. العضو الآخر هو جون ويتون عازف الباص ومغني الفريق، إلى جانب أعضاء آخرين لآلات النفخ والكمان. أما عن آلة الميلوترون فاستمرت أيضًا على مدار تلك الفترة وتناوب عليها أعضاء الفريق منذ تكوينه. تعتمد هذه الآلة في عزفها على الضغط على مفاتيح البيانو التي تقوم بدورها بالضغط على شرائط بكر تحمل أصواتاً مختلفة، كالأوركسترا والكورال والفلوت والكمان، ليصدر عن الميلوترون أصوات هذه الآلات، وهي تعتبر أول جهاز تسجيل عينات صوتية (sampler).

انتقل فريب في الأعمال الثلاثة إلى الارتجال الحر والاهتمام بالمقاطع الموسيقية المطوّلة لتحل مكان الأجزاء الغنائية كما في أغنية Starless and The Bible Black. على عكس السائد في هذا النوع من الارتجال الموسيقى، لا يُسلّط الضوء على عضو معين، وهو ما يحدث في الارتجال في الجاز والبلوز حين يقوم أحد أعضاء الفريق بأداء عزف منفرد على خلفية دائرة تآلفات يقوم الفريق بعزفها وما أن ينتهي منه فعليه أن يسلّم العزف لعضو آخر وهكذا. اختلف أسلوب فريب ونظرته للارتجال، حيث يقوم جميع أعضاء الفريق بالعزف ويساهم كل عضو بكامل حريته بجملته الموسيقية في التوقيت الأمثل لخلق تناغم ووحدة موسيقية ومساحة للإبداع تزامنًا مع الأعضاء الآخرين. اشترك في أسطوانة Larks Tongues in Aspic عازف الإيقاعات جيمس هور لتكون هذه هي التجربة الأولى التي يلجأ فيها فريب لعازفي إيقاع، والتي ستتكرر بعد عشرين عاماً. أما في أسطوانة Starless and the Bible Black فتظهر مهارة الفريق في العزف والإنتاج الموسيقي عن طريق تسجيل أجزاء منه بالاستوديو وأجزاء من العروض الحية، ليصبح من الصعب التفريق بين التسجيلين. وتظل Red الأسطوانة الأكثر تأثيرًا لكينج كريمسون بشهادة كورت كوبين مؤسس فريق نيرفانا وفريق تول والناقدين والمؤرخين الموسيقيين إدوارد ماكين وإيريك تام.

كان من سمات هذه الأعمال الثلاثة، بجانب الارتجال الحر، اعتماد فريب على السلالم السداسية (augmented and diminished scales) ومقامات كنسية غير مألوفة لأذن مستمع الروك تظهر في أغاني Fracture، Larks’ Tongues in Aspic Part 2، Red، نتج عنها حالة عنيفة وغاضبة طغت في أحيان كثيرة على صوت عازف الكمان ديفيد كروس الذي انسحب من الفريق لعدم قدرته على مجاراة صوت الفريق. تتخلل هذه الحالة بعض الأغاني الهادئة لتخفف من حدة التوتر، وإن احتدت في بعض الأجزاء مثل في Starless و Exiles. أعلن فريب قبل إصدار Red نهاية الفريق بسبب عدم قدرته على تحمل الحفلات والشهرة الزائدة التي على حسب كلامه تفسد الفنان، ذلك بجانب عدم تمكن الفريق من التعاون مع بعضه. كما يذكر فريب أن انتهاء البروجرسف روك بات وشيكًا، لذا يجب الخروج عن إطاره الموسيقي.

عرض حى لأغنية Lark’s Tongues in Aspic واستخدام السلالم السداسية، يظهر في الفيديو عازفي الدرامز وبعض المقاطع الارتجالية



عرض حى لأغنية Starless ويطهر فريب في أول الفيديو على آلة الميلوترون

من الملاحظ أنه على مدار الحقبة الأولى للفريق تأثر أعضاءه بفناني الجاز مثل مايلز ديفيس وجون كولترين. كما تأثر فريب بموسيقى بيلا بارتوك وبأفكار جون كيدج، الأب الروحي للموسيقى التجريبية، ويظهر ذلك من خلال اعتماده على العشوائية في بعض مقاطع الأغاني وتمكنه من إدارة وتوظيف الصمت والضجيج والنشاز. استطاع كينج كريمسون وضع بصمة فنية في تلك الحقبة وهوية لمشروع فريب الموسيقي الذي بات من الحتمي أن ينتهى ليعاد إنتاجه ويأخذ صور أخرى مستقبلًا.

[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”796″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

أغنية Red إحدى علامات الفريق

اندثار البروجريسيف روك وظهور البانك روك

بالرغم من اقبال الشباب على البروجريسيف روك، وقد بالغ بعض النقاد بإعتباره الموسيقى البوب في وقتها، إلا أنها بدأت في الاندثار تزامنًا مع ظهور صالات الرقص وموسيقى الديسكو وعزوف الشباب عن الأغاني الطويلة ذات الأبعاد الفكرية والأدبية. اشتاق الشباب إلى الموسيقى السريعة والقصيرة والخفيفة التي تعكس جوانب حياتهم اليومية. كما تجاوبت شركات الإنتاج مع الذوق العام الجديد وحركة السوق الموسيقي ليصبح البروجريسيف بمثابة صيحة قديمة مع بداية عام 1976، وساعد ظهور نوع موسيقي جديد، وهو البانك روك، على اندثاره.

نشأت ثقافة وموسيقى البانك كحركة مقاومة للتسلط وكثقافة مضادة بسبب الظروف الاقتصادية المتدنية وقتها وقمع مظاهرات الطلاب. مثله مثل السايكادليك روك، أصبح للبانك ذوق خاص ينعكس على الملابس والحياة والموسيقى ومواضيعها التي اقتصرت على السياسة والكلام عن القمع والسلطة والصراع الطبقي، وانتقل الروك من صورته البروجريسيف المعقدة إلى صورة بسيطة تنحصر أغانيها في دائرتي تآلف (guitar chords) أو ثلاث، يقوم الجيتار والباص بعزفها بمرافقة الدرامز والغناء الذي يغلب عليه روح التمرد والغضب من خلال مقطوعات لا تتعدى الأربع دقائق. نظر أصحاب الفرق ومريديها إلى البروجريسيف روك باحتقار بإعتباره موسيقى متعالية ومنعزلة عن المجتمع تتحدث عن يوتوبيا غير موجودة، تقوم بفلسفة الأمور ويغلب عليها طابع نخبوي متعالٍ خاص بالطبقتين المتوسطة وفوق المتوسطة، ويتضح ذلك من المواضيع والأجهزة الموسيقية باهظة الثمن. ظهرت فرق جديدة مثل Sex Pistols، The Clash، The Ramones، باتي سميث، The Damned، لتحل مكان الفرق البروجريسيف التي نجى منها قلة تفهّموا الذوق العام وقاموا بتغيير اتجاهاتهم الموسيقية مع الاحتفاظ بهويتهم القديمة، أو العزوف عن الإصدار لفترة مؤقتة وعمل أعضاؤهم على مشاريع موسيقية مستقلة تحاكي الذوق الجديد من حيث الصوت والإنتاج والنوع. ومن ضمن هؤلاء فرق مثل يس وبينك فلويد، وبيتر جابريال الذي ترك فريق جينيسيس ليبدأ مشروعه الموسيقي الفردي، وسار على خطاه روبرت فريب حتى أعاد تكوين الفريق من جديد عام 1981.

فريق سكس بيستولز من رواد البانك روك

أغنية I Fought The Law لفريق ذا كلاش

روبرت فريب بعد عصر البروجريسيف روك

أثناء فترة توقف مشروع الفريق الأولى التي استمرت لسبع سنوات (1974-1981) قام فريب بالتعاون مع فرق وفنانين آخرين بالإضافة إلى مشاريعه الموسيقية الخاصة. مهّد فريب لتلك الفترة بين عامي 1972-1975 عندما التقى برائد الموسيقى المحيطة (ambient music) والمنتج والمؤلف والموزع براين إينو الذي فتح لفريب مجالاً جديداً من التجريب. كان ذلك عن طريق نظام تسجيل قياسي (analog tape delay system) لجمل موسيقية قصيرة من خلال بكرتي شرائط تقوم بإعادة الجملة المسجلة عدداً لا نهائياً من المرات، مع وجود تأخير بسيط عن الجملة الأصلية من ثلاث إلى خمس ثوانٍ يمكن التحكم فيه عن طريق بعد البكرتين عن بعضهما. تتيح هذه العملية لعب جمل وإضافة طبقات موسيقية جديدة وتسجيلها فوق الجمل السابقة وهكذا. عُرف هذا النظام في بداية الستينيّات واستخدمه الموسيقيون التقليليون (Minimalists) مثل لا مونت يونج وتيري رايلي في عروضهم الحيّة. وقد طوّره ونشره إينو على نطاق أوسع وعمل عليه مع فريب وأسفر هذا التعاون عن إصدارين للموسيقى المحيطة (No Pussyfooting، Evening Star) وجعل فريب يستخدم هذه التقنية مشاريعه المنفردة ومع كينج كريمسون. سمّي هذا التكنيك في اللعب Frippertronics.

روبرت فريب وعزف الـFrippertronics

تعاون فريب في تلك الفترة مع ديفيد بووي في أسطوانة Heroes وفي الإصدار الأول لفريق توكينج هدز ومع بيتر جابريل في اصداراته وعروضه الحية. تعرّف فريب من خلال هذه الأعمال على عازف آلة الباص توني ليفين وعازف آلة الجيتار أدريان بيلو الذي سبق أن كان عضوًا في فرقة فرانك زابّا وفريق ديفيد بيرن (توكينج هدز)، ولقد تعاون بيرن مع براين إينو لتنشأ من هذه العلاقات عائلة موسيقية جديدة لها الكثير من الأتباع من الفرق والفنانين الذين ينتمون إلى نفس الفكر التجريبي.

أنهى فريب هذه الفترة بإصدار أسطوانة مع فريقه The League Of Gentlemen والذي وصفها فريب حسب تعبيره بأنها ”أسطوانة راقص.“ كما أصدر أسطوانته المنفرد Exposure الذي اعتمد فيه على أفكار العينات الصوتية (sampling) والـFrippertronics، وتأثر فيه بفناني وموسيقيي نيويورك التي كان قد انتقل إليها عام 1977.

أغنية Exposure