غبي غبي غبي | بان ستارز

يقول يوسف أبوزيد، أحد أعضاء بان ستارز، إنه يسعى في موسيقاه لاستكشاف مناطق محايدة مجهولة بين الألوان الموسيقية المختلفة، خصوصاً في الـ Synthrock الهجين، وهو ادعاء تُثبت صحته حركة النمو المتطردة بين أعمال الفرقة الثلاثة: Nothingness وYestoday الصادران في ٢٠١٣، وأخيراً ألبوم غبي غبي غبي الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥ تتكون الفرقة الآن من يوسف أبو زيد، وحازم الشامي على الطبول. ما يميز الألبوم الأخير هو أن التوجه التجريبي فيه يشبه البحث أكثر من الاستكشاف العشوائي، البحث عن صوت ورؤية موسيقية باتت تتبلور وتتضح.

في غبي غبي غبي يعود بان ستارز للتركيز على الإيقاع أكثر من اللحن، متخلياً عن الاستخدام المسهب للجيتار ومقاطع العزف المنفرد والتجريب بأصوات مختلفة لصالح التركيز بشكل أكبر على الجانب الإنتاجي. فرغم قلَّة الأصوات التي نسمعها خلال الأغنية الواحدة في هذا الألبوم إلا أن الأصوات تحتل مساحات صوتية واسعة مرتبة بشكل عمودي غير متداخل. تبادل الطبقات بشكل موجي على طول الأغنية الواحدة والبناء الموسيقي التراكمي للأغنية كلها حركات مدروسة نجحت بإنقاذ الألبوم من الرتابة التي قد تهدد عملاً إيقاعياً لهذه الدرجة. النتيجة هي أن الأغاني سهلة على الأذن عند سماعها للمرة الأولى، ولكنها تستغرق بالمقابل وقتاً أطول لتأتلف عليها الأذن بالكامل.

تركّز المجهود الإنتاجي على الاستثمار في الأداء الصوتي لأبوزيد، الأمر الذي ارتكز عليه نجاح الألبوم أو فشله إلى حدٍ بعيد، إذ شكّل الأداء الصوتي بحد ذاته الجانب اللحني الأساسي في معظم الأغاني، كما أنه كان المفتاح الحقيقي لخلق منطقة حيادية صالحة للتوفيق بين اللغة العربية وملافظها المعقدة من جهة، والمناخ الصوتي الإلكتروني المحيط بها من جهة أخرى. استطاع أبوزيد المرور عبر حقل الألغام هذا عبر أداء صوتي مركز وأكثر استقراراً ورخامةً، بفم ملتصق غالباً بالمايكروفون وابتعاد تام عن الحركات البهلوانية كالالتواءات الديلانية والصيحات البلانتية التي سمعناها منه هنا وهناك في ألبوم Nothingness، إلى جانب تطويع حذق للهجة مصرية مخففة ومنزوعة من اللحن الكلامي تقدم مرونة استخدام موسيقية غير متوقعة، مرونة يلُام فنانوا موسيقى الـ Underground المصرية على عدم التعثر بها قبلاً ولو حتى لمرة واحدة من قبيل الصدفة.

علاوةً على ما سبق، يأخذ العمل منعطفاً مهماً وناجحاً في الالتفات نحو الطابع المحلي، إذ تظهر كلمات الأغاني أصالة في الاستخدام المتخبط والمتداخل بشكل متعمد لمناظير الراوي الأول والثاني والثالث في آن، لتتوافق مع الإيقاع الأكثر جديةً وثقلاً بشكل كئيب ومحبط، كما في أغنية سهلة يا خايفة، وتكسب العمل طابعاً محلياً يتفوق على سابِقَيهِ وينجح باقتحام مواضيع محورية وحاسمة في المجتمع المصري كالإحباط الجنسي وغياب الأمن العاطفي واللذة المازوشية المرافقة للعزلة الاجتماعية المتعمدة؛ مواضيع تجاهلتها تماماً الموسيقى الاحتجاجية Protest music المدعية الجرأة والانطلاق من الشارع، والتي سيطرت على مشهد موسيقى الـUnderground العربية خلال السنوات الخمس الماضية بشكل استبدادي.

على هذا الأساس يمكن وصف الألبوم بأنه ألبوم ذو سياق Concept Album إلى حدٍ ما، خصوصاً وأن هذا السياق يظهر واضحاً حتى قبل أن نبدأ بالاستماع للأغاني، فغلاف الألبوم تصميم هاشم الكلش خلفيته وردية فاقعة تعبر عن هياج عاطفي وجنسي، رسم عليها بضربات فرشاة عريضة وبشكل يهمل التفاصيل شخص مسخي إلى حدٍ ما، يبدو أنه يحاول (على الأقل بالطريقة التي أراه بها) منح نفسه جنساً فموياً. ثم يظهر عنوان الألبوم ليؤكد على الفكرة وعاكساً الحالة التي تلي قيام الشاب بتصرفات حمقاء ومحرجة تحت تأثير الجوع العاطفي والجنسي، والتي كثيراً ما تؤدي إلى جلد النفس وتقريع الذات: غبي غبي غبي.

يبدأ الألبوم ذو الأغاني الخمس بـ خلي بالك حتموت ذات الإيقاع المزدوج، والمقتصرة لحنياً في معظمها على صوت أبوزيد الواضح تماماً بفم ملتصق بالمايكروفون لدرجة تظهر صوت أنفاسه، حتى يدخل الجيتار في الدقيقة الأخيرة ليستلم الجانب اللحني عن صوت أبوزيد ويمضي بالأغنية لختامها. تتناول كلمات الأغنية بطريقة مباشرة لكن غير مزعجة فكرة الإحباط الجنسي: “أنا قد ماما عايزني عوز مش مش مش هتشوف فخدي، شوف شوف شوف الناس تعبانة هتجيبهم بدري أرفقنا في آخر المقال نص كلمات الألبوم كاملاً.

في الأغنية الثانية يصبح الموضوع انعدام الأمان العاطفي. تبدأ أغنية من غير واحدة بإيقاع ثلاثي يتضمن سطر غيتار إيقاع متكرر Guitar riff، بينما يتحرك صوت أبوزيد خلال الأغنية بطريقة تناظرية Analog فيبدو مدفوناً بين الأصوات الإيقاعية لوهلة، ثم يصعد بالتدريج ليزداد وضوحاً ويكتسب صدىً خفيفاً ويسيطر بالتناوب مع الجيتار الذي يتحول من الأداء الإيقاعي إلى اللحنييعود أخيراً صوت أبوزيد للشحوب والتراجع ضمن باق الأصوات بينما يتقهقر الجيتار لدوره الإيقاعي مجدداً.

تكتسب تورتة نمل الإيقاع الأسرع في الألبوم. تبدأ الأغنية بنسيج صوتي أكثر تعقيداً يدفن صوت أبوزيد الشاحب في قاع التوزيع بينما ينشد بصوت يسمع بصعوبة: “ليكوا في انعزالي عزومة / ليكوا في قلبي تورتة نمل، قبل أن يسيطر الجيتار على الأغنية بسلسلة من التنويعات اللحنية تنتهي بالذوبان في مستنقع من الفيدباك.

يعود الألبوم لإيقاع بطيئ مع أغنية سهلة يا خايفة التي تبدأ بسطر جيتار ذو إيقاع متكرر يبدأ بضربة ثقيلة محبَطة تُكسب الأغنية منذ لحظاتها الأولى طابعاً كئيباً. تبدأ الأصوات الإيقاعية واللحنية بالتراكم فتنمو الأغنية مع خربشات الفيدباك وأداء صوتي مزدوج ينجح بترسيخ الطابع الكئيب والمتردد. ينشد أبو زيد بنبرة اعتذارية متعاطفة: “طلعتي سهلة يا نهلة“. أخيراً تأتي حمار على حصان المكتوبة بسياق هلوسي، حيث يتناوب صوت أبوزيد المؤكد على الطابع الهلوسي بالسيطرة على الأغنية مع صوت إيقاعي إلكتروني متماوج بشدة ومثير للاضطراب.

بالمجمل يمكن اعتبار ألبوم غبي غبي غبي أقرب ما يكون للوجهة التي كانت موسيقى بان ستارز تنمو نحوها، إذ بدأت الأغاني تحقق المزيد من التبلور والنضج من حيث البنية بعد مرحلة القوالب الحرة Free Form التجريبية، كما أنها عثرت على طابعها المحلي الخاص محققة بذلك المزيد من الاستقلالية والأصالة، وبالتالي المزيد من الأهمية على مستوى عالمي. ترافق تطور البنية الموسيقي لدى بان ستارز مع تطور في جودة الإنتاج، وبالتالي الإلمام بالخدع والحركات التي تفتح أفقاً أوسع للتجريب والعمل على إخراج الأفكار بأفضل شكل ممكن.

11010576_10155817084015015_3502135053297248551_n

يوسف أبو زيد

كلمات الألبوم

خللي بالك حتموت

عديت الشارع قبل الستات مستنية تعدي

جوم جوه عينيه قالولي عيب يابني إنت مش قدي

أنا قد ماما عايزني عوز مش مش مش هتشوف فخدي

معرفش يبص عشان يرد معرفش يبص عشان يرد

مكسوف

شوف شوف شوف الناس تعبانة هتجيبهم بدري

ليه عامله حوار ما البت رايده الواد على حجره

شوف شوف شوف الناس تعبانة هتجيبهم بدري

ليه عمله حوار ما البت رايده الواد على حجره

سيب سيب سيب سيب سيب سيب الناس

من غير واحدة

مين عايزين منها تفضل شاكه في الموجود

خايف يمشي قبل مايكون له واحدة

تقعد جمبه في حجره خايفة يسيبها في قلبه

يمكن نلاقي مع واحدة تانية

قاعد ورايه ليه

كل بيبان أبواب أودتها لونهم أبيض في اسود ليه

يمكن مش عايزين يتبسطو خلاص

حلو التغيير بس ماتملش منها

زي ماكون إنسان دريان خريان

التغييرحلو بيتخن التغيير بيغير من نفسه التغيير بيغير من نفسه

توتة نمل

انتو مكهربني ليه ذوقكو مش طايقني

ذوقكو مش طايقني

ليكوا في انعزالي عزومة

وليكوا في قلبي تورتة نمل

سهلة يا خايفة

طلعتي سهلة يا نهلة

متتكسفيش مني مش قصدي اخوفك

قربي كمان، لمسة رجلي ولابسة ليه

الدنيا دي مش بعيدة

حمار على حصان

تفكيري شايفله حصان

شايفله حصان، راكبه ومبسوط

تفكيري

أتجوز واحدة برجل واحدة

ليه ليه ليه تفكيري عايزله حصان

ليه مايسبش نفسه في الغريق

مايسبش نفسه فالغريق

ليه عايزني جمبه ليه، ليه عايزني جمبه

قلقان عليه لوحدك، إنت لوحدك يا حبيبي

أتجوز واحدة برجل واحدة عشان لما تمطر اعيط معايا

في يوم ورايا

أتجوز واحدة برجل واحدة عشان لما تمطر اعيط معايا