.
في الجزء الثاني من “حشيش القرآن” نستكمل عرض سير ونماذج صوتية لمقرئين ومقرئات معاصرين. ففي الجزأين، نستعرض سير أبرز المقرئين والمقرئات في مصر مع توضيح الفروق بين أساليب قراءة كل منهم ونماذج من هذه القراءات. الجزء الأول يرصد سير أبرز قرّاء الجيل المؤسّس مثل عبد الباسط عبد الصمد ومصطفى اسماعيل وعلي محمود ومحمود البنّا ومحمود الحصري، والثاني يستعرض سير أبرز المقرئين المعاصرين مثل سميّة الديب وسيد متولي ومحمود الشحّات.
يكفي أن يضع سيّد متولّي منديلًا في يده وهو يلوّح منتشيًا أثناء القراءة ليتحوّل الحضور إلى مردّدي آهات، وتتحوّل “دكّة القراءة” إلى منصّة يعلوها “منغّم” ممتلئ يميل حين ينتشي، ويطرب لنفسه كنجم وحيد هادئ بين مئات الحضور.
لم يتقدّم سيّد متولّي حتى الآن إلى الإذاعة لاعتماده مقرئًا هناك، متمرّدًا بذلك على تقاليد المقرئين المصريين، ومعتمدًا، إلى جانب إحياء حفلات العزاء والموالد، على جمهور كبير في إيران اعتاد أن يذهب إليه سنويًّا منذ عقود.
في عام ١٩٤٧ بقرية الفدادنة بمحافظة الشرقيّة في مصر، ولد متولّي لأسرة تمتهن الزراعة. في سنته الخامسة، التحق الطفل بكتّاب القرية الذي كانت تديره الشيخة مريم السيد رزيق ليتعلّم ويحفظ القرآن وتلاوته. وبعد أن أتمّ حفظ القرآن في سنته الثانية عشرة، نُصّب متولّي قارئًا لمناسبات القرية، قبل أن يتلقّى قواعد علم القراءات وأحكام التجويد من مأذون القرية الشيخ الصاوي عبد المعطي.
لم يمر وقت طويل حتّى بدأت شهرة الصبي القارئ تنتشر بعيدًا عن قريته. بدأت تأتيه عروض لقراءات من خارج المحافظة الشرقيّة، حتى تفاجأ يومًا بأنّه سيقرأ إلى جانب الشيخ محمود علي البنّا.
لا يزال متولّي حيًّا، ويبلغ اليوم ٦٧ عامًا. ولا تزال تسجيلات قراءاته الحيّة على اليوتيوب تبثّ بكثافة سواءً في مصر أو دمشق أو طهران أو إسلام أباد، بديلًا عن ما يبث على الإذاعات الرسميّة.
https://youtu.be/im3xvc0QGxg
https://youtu.be/aR3jYHLxTBE
من المفارقة أنه عندما يبدأ متولّي بالحديث يتحوّل من مؤدٍّ منتشٍ إلى متوارع متحفّظ، محاولًا أن يحمي قراءة القرآن من “المقامات التي لا تليق به.“
ففي مقابلة له مع قناة اليوم السابع، يقول متولّي أنّه تعلّم مقامات علم النغم على يد أحد الموسيقيين، لكنّه يشدّد على أنّها المقامات التي تليق بالقرآن لأنّ المقامات “فيها أصول وفروع، ولا يؤخذ من المقامات لتلاوة القرآن إلا الأصول فقط لأن الفروع لا تليق بالقرآن وتخرجه عن وقاره.” ليرجع مرّة أخرى ويؤكّد على أهميّة القراءة بالمقامات الموسيقيّة التي “تمنح القرآن تصوّرًا لمعانيه.“
حصل على شهادة إنهاء الخدمة وذهب إلى بلدته برما ليستقبله أهله وأصدقاؤه باحتفاء، فسألهم: “هو انتم عمركم ما شفتم عسكري خرج من الخدمة إلا انا، إيه الحكاية؟” فقالوا: “ألم تسمع؟ صورتك واسمك في كل الجرائد بالخط العريض ‘شاويش ومقرئ'”. وبذلك أصبح راغب مصطفى غلوش في الـ٢٢ من عمره أصغر قارئ في الإذاعة في عصرها الذهبي عام ١٩٦٢.
ولد غلّوش في العام ١٩٣٨ بقرية برما بمحافظة الغربيّة، وأعلنت الموهبة عن نفسها مبكرًا فكان وهو ابن الثامنة حديث أهل القرية وخاصة المحفظين والحفظة. فحفظ القرآن قبل سن العاشرة. في الرابعة عشرة من عمره ذاع صيته في القرى المجاورة والقراءات فاتجه إلى طنطا، والتحق بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي تحت رعاية الشيخ إبراهيم الطبليهي. ذاع صيته قبل أن يبلغ الثامنة عشرة، حتى جاءت فترة تجنيده الإلزامي في مركز تدريب بلوكات الأمن المركزي بالدراسة، فكان يتردد على مسجد الإمام الحسين متطلعًا لأن يقرأ فيه بصفته أكبر مساجد مصر والقاهرة وأشهرها. وبالفعل، عندما تأخر الشيخ طه الفشني على الآذان، سُمح له بالتأذين وقراءة عشر قبل إقامة الصلاة مرتديًا الزي العسكري. منذ ذلك الحين وهو يصاحب في مآتم كثيرة بالقاهرة مشاهير القراء بالإذاعة أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل, والشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمود خليل الحصري وغيرهم من مشاهير القراء.
من أشهر قراء القرآن في العصر الحالي في أنحاء العالم الإسلامي. رغم تلاوته القرآن في حفل تنصيب المشير عبد الفتاح السيسى رئيسًا للجمهوريّة فى قلب المحكمة الدستورية العليا وأثناء الاحتفال الذي أقيم أيضًا في قصر القبة الرئاسي، ظهرت تقارير بأن نقابة القراء فصلته مع ثلاثة آخرين في ١٤ حزيران/ يونيو ٢٠١٤ لسفرهم إلى إيران والعراق من دون تصريح، فضلًا عن قيامهم برفع الأذان بالصيغة الشيعيّة خلال فترات سابقة فى تلك البلدان، بتبليغ من ائتلاف يدعي “أحفاد الصحابة وآل البيت“، لكن خرج الشيخ أحمد نعينع ونفى رفعه للأذان الشيعي في إيران كما نفى أنباء فصله.
https://youtu.be/-ulcJ6m0euU
ولد نعينع في العام ١٩٥٤ بمدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ. حفظ القرآن وعمره لم يتجاوز الثامنة، وتعلم التجويد على يد الشيخ أحمد الشوا كما تأثر بالشيخ مصطفى إسماعيل. التحق بكلية الطب في جامعة الاسكندريّة، وتعلّم القراءات العشر خلال دراسته الجامعيّة على يد الشيخ محمد فريد النعماني وزوجته الشيخة أم السعد وهما غير مصريين، حيث كان يذهب إليهما بعد صلاة الفجر يوميًّا لمدة ساعتين ثم يتوجه إلى الجامعة. بعد تخرّجه، عمل في مستشفى الأطفال الجامعي بالإسكندرية وحصل على الماجستير ثم الدكتوراة في طب الأطفال. وفي عام ١٩٧٩ تم اعتماده قارئًا في الإذاعة والتليفزيون.
استمع إليه الرئيس السادات في عدة مناسبات وأعجب به، وبعدها استدعاه وقام بضمه للسكرتارية الخاصة به كطبيب خاص ضمن ثلاثة أطباء، وأصدر الرئيس السادات أوامره بأن يقوم الشيخ نعينع بقراءة القرآن أينما وجد الرئيس في احتفال أو في صلاة الجمعة، وكان يقرأ له خصيصًا في وادي الراحة في سيناء حيث اعتاد الرئيس الراحل الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان. منذ ذلك الوقت أُطلق على الشيخ نعينع لقب مقرئ الرئاسة، وهو اللقب الذي احتفظ به، فهو أيضًا كان يقرأ القرآن في الاحتفالات الخاصة بالرئيس مبارك.
ولد محمد عبد العزيز حصّان قارئ المسجد الأحمدي بطنطا في العام ١٩٢٨ بقرية الفرستق، بمركز كفر الزيات بمحافظة الغربيّة. حفظ القرآن وهو ابن السابعة، وساعده على ذلك تفرغه الكامل لحفظ القرآن الكريم بسبب فقده للبصر. تعلم القراءات السبع وحفظ الشاطبيّة في مدة لا تزيد عن عامين، وأصبح بذلك عالمًا بأحكام قراءة القرآن قبل سن العاشرة.
https://www.youtube.com/watch?v=oA3orzlboLM
يميّز الشيخ حصّان في شدة إحكام وقفه الذي لا يخل بالمعنى ولا بالإحكام فيعطي معنى جديدًا وكأنه يفسر تفسيره الخاص. ولقد أطلق عليه القارئ الفقيه بسبب ابتكاراته في الوقف. نشأ قريبًا من الشيخ مصطفى والشيخ الحصري وتأثر بهما كثيرًا، لدرجة أنه رأى في المنام أنه جالس على كرسي القراءة ويقرأ كما لو أن الشيخ مصطفى هو صاحب الصوت. ترك الشيخ حصان ما يزيد عن ١٠ آلاف ساعة من تسجيل قراءات وتلاوات.
ولد حمدي الزامل بمنية محلة دمنة، مركز المنصورة، محافظة الدقهلية في العام ١٩٢٩. حفظ القرآن علي يد خاله مصطفي إبراهيم وكان من محفظي القرآن الكريم بالقرية ثم درس علم القراءات.
https://www.youtube.com/watch?v=NrC0tqB4F0M
كان الزامل حريصًا منذ طفولته على حضور المآتم الخاصة بالعائلات الكبرى في منطقة بلاد البحر، أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي والشيخ عبد العظيم زاهر والشيخ أبو العينين شعيشع وغيرهم من قراء الرعيل الأول بالإذاعة. ومنذ العام ١٩٤٤ وحتى وفاته العام ١٩٨٢ قضى ما يقرب من أربعين عامًا تاليًا للقرآن، وسمّي كروان الدقهلية، لأنه كان القارىء المفضل لجميع محافظات الدقهلية والمحافظات المجاورة لها.
ولد حجاج رمضان الهنداوي محمد عبد الفتاح الهنداوي في العام ١٩٦٧ بقرية بهرمس، مركز إمبابة، بمحافظة الجيزة. تعلم قراءة القرآن في السابعة من عمرة وأتمه في الثانية. تعلّم بعد ذلك تجويد أحكام التلاوة على يد الشيخ عطية طعيمة. أتم الدراسة في معهد القراءات بالقاهرة متخصّصًا في القراءات القرآنية، ثم تقدم إلى الإذاعة المصرية كقارئ عام ٢٠٠٠ بفضل تشجيع الشيخ أبو العينين شعيشع رئيس لجنة اختبار القراء بالإذاعة، وبفضل ترشيح من الإذاعي محمود السعدني.
https://www.youtube.com/watch?v=qOczWe7dLEk
https://youtu.be/ZAIlJaeIqWw
ولدت سمية علي عبد العزيز الديب في بنها بمحافظة القليوبية. أتمّت حفظ القرآن وهي في الحادية عشرة من عمرها. هي من أسرة قرآنيّة؛ فأخويها عبد العزيز ومحمد قارئان، وأختها الصغرى تحفظ القرآن كاملًا. حاصلة على إجازة التجويد من معهد القراءات ببنها. أخذت علم المقامات الصوتيّة والأداء القرآني من معلمها أحمد مصطفى كامل، وقرأت القرآن فى أنقرة وكان عمرها ١١ عامًا. اكتشفت مصادفة حين كان أخوها متجهًا للمشاركة بمسابقة حفظ القرآن، وذهبت معه، وسمعها الشيخ الذي يقوم بالاختبار وطلب منها حفظ القرآن، وأخبرها أن لها مستقبلًا باهرًا.
واجهت سميّة حواجز كثيرة، أبرزها عدم الاعتراف أصلًا بفكرة المقرئات، فلا تقبل فكرة فتاة تقرأ القرآن من مشايخ كثيرين. وجدت سميّة التقدير خارج مصر، فقد قامت دول عربية وإسلامية وغربية بتكريمها، وخصوصًا تركيا. تقول سمية أنه يوجد فى نقابة القراء المصرية ٣٠٠ قارئة لا أحد يهتم بهن، حتى وزارة الأوقاف تتعامل مع القارئات بطريقة مهينة وفظة، حتى أن بعض القارئات يندمن على تأهلهن للاختبار بوزارة الأوقاف.
أبوه القارئ الشحات محمد أنور الذي ورث عنه جمال الصوت والقراءة والجوابات العالية والقرارات الرخيمة وطول النفس. وأخوه الأكبر القارئ أنور الشحات. حاز على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية من جامعة الأزهر. قرأ في مسابقة ليلة القدر وهو في الثانية عشر وحاز على المركز الأول، وبدأ التلاوة في الحفلات وهو في سن السابعة عشرة. يعتبر من أهم القارئين الحاليين في العالم ومن أجود الأصوات الموجودة في قرارات المقامات ومن أشدها عاطفة في التلاوة.
https://youtu.be/4pRW_H-qbwg
ولد محمد عبد الهادي محمد الهلباوي بحى باب الشعريّة بالقاهرة في العام ١٩٤٦. حفظ القرآن فى سن مبكرة على وحصل على إجازة التجويد من الأزهر والتحق بعدها بمعهد الموسيقى العربية لدراسة علوم النغم والأصوات والمقامات. بدأ يتلو القران وإنشاد السيرة النبوية والتواشيح الدينية وعمره لم يتجاوز الخامسة عشرة، نظرا لنشأته بين الصوفيين والمشايخ القراء والموشحين.
https://youtu.be/CjYVruTPGJE
فى بداية حياته كان يقلد الشيخ محمد رفعت والشيخ منصور الدمنهوري فى التلاوة، والشيخ علي محمود والشيخ زكريا أحمد والشيخ طه الفشني فى التواشيح والابتهالات الدينية إلى أن اتخذ لنفسه شخصية صوتية مستقلة. في العام ١٩٧٩ التحق بالإذاعة المصرية مبتهلًا وموشّحًا. وكانت من نشاطاته تدريب القراء والموشحين في إيران وإلقاء محاضرات في فن التلاوة والتواشيح بالكويت ولقراّء “كيب تاون” في جنوب أفريقيا، وإنشاء مقارئ للقرآن الكريم وفرقة للإنشاد الديني بجامعة “ألبرتا” بمدينة “إدمنتون” في كندا العام ٢٠٠٥. في العام ١٩٨٨، استضافه مهرجان موسيقى موتسارت بأوبرا مرسيليا حيث مزج الموشحات الدينية بألحان موتسارت.
وُلد أحمد محمد عامر في قرية العساكرة بالصالحية مركز فاقوس بمحافظة الشرقية شمال مصر في العام ١٩٢٧. حفظ القران صغيرًا لخوفه من دخول الجيش، حيث أعفي وقتها من يحفظ القرآن من الخدمة العسكرية الإلزامية. التحق بالإذاعة العام ١٩٦٣.
ولد محمد محمد أبو العلا الليثي الكناني بقرية النخاس التابعة لمحافظة الشرقية في عام ١٩٥٢. والده الشيخ محمد أبو العلا كان محفظ القرآن، وحفظه القرآن وهو ابن الثالثة من عمره. تعلم القراءات على أيدي كبار المقرئين آنذاك وبدأ يقرأ في المناسبات المختلفة داخل القرية وهو ابن الخامسة عشر من عمره، فذاع صيته في القرى المجاورة وبدأ يُعرف كقارئ حتى دخل الإذاعة المصريّة العام ١٩٨٤ وعرفه الناس بصوته المميز القوى حتى لقب بعملاق القراء.
https://youtu.be/0W3yk2wcR48
ولد أحمد أبو المعاطي في العام ١٩٣٩ بقرية الجوادية مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية. حفظ القرآن في سن صغيرة وبدأ بإحياء الحفلات وهو في سن لم يتجاوز الثانية عشر من عمره ثم تعلم المقامات الموسيقية على يد مدرس الموسيقى بمدرسة بلقاس الثانوية بنين. التحق بالإذاعة المصرية في منتصف الثمانينيات، لكنّه مُنع من القراءة في التليفزيون هو والشيخ حصان بسبب قرار من رئاسة التلفاز بمنع المكفوفين من القراءة، مما دفعهما إلى رفع دعوى قضائية وحكم فيها لصالح الشيخ أحمد منذ وقت قريب.
ولد عبد الناصر سعد عبد الباسط حرك بقرية شبرا اليمن، مركز زفتي، محافظة الغربية في العام ١٩٧٧. بدأ بحفظ القرآن على يد جده الشيخ سيد حرك ثم أتمه فى الكتاب على يد الشيخ عبد الغنى سرحان من شبراملس. ألحقه والده بالتعليم الأساسي بالقرية ثم بعد ذلك ألحقه بالمعهد الديني بقرية شبراملس. تعلق فى البداية بالشيخ غلوش. ثم التحق بكلية أصول الدين بالمنصورة جامعة الأزهر. بعد ذلك تخرج من الجامعة وعين في وزارة الاوقاف المصرية إمامًا وخطيبًا. في ٢٠٠٩ قُبل قارئًا في الإذاعة والتلفزيون.