.
في عام ٢٠٠٤ وقف جون وود أمام شركة أميبا للتسجيلات في هوليود ليبيع ملصقات سيارات نقش عليها شعار “آلات الطبول بلا روح.”
قال وود لزبائنه المحتملين “إنها الخيار المنطقي من أجل موسيقى أفضل،” متلمسًا دعمهم لحملته التي يشنها بمفرده ضد آلات الطبول: جماعة إعادة أنسنة الموسيقى الأمريكية. عندما حاور صحفي من جريدة إل آيه ويكلي وود في شقته، شبَّه الأخير علاقة موسيقى البوب الحديثة بموسيقى البوب قبل فترة السبعينيات بعلاقة مصارعة المحترفين بملاكمة المحترفين. قال وود “إل إل كول جاي ليس مارڤن هاغلر، بل هو هالك هوغن.”
لم تكن حملة وود مُضَلَّلة وحسب، بل كانت بلا معنى أيضًا. ففي عام ٢٠٠٤ كانت آلات الطبول كأداة قد انتهت بشكلٍ أو بآخر. فقد ولّى ازدهارها بالثمانينيات، وحلت مكانها غالبًا نسخ برمجية من أدوات الاستوديو الأساسية والتي لم تشكل موسيقى البوب وحسب، بل ساهمت أيضًا في اختراع الهيب هوب والهاوس والتكنو. لم يكن وود على الأرجح مدركًا أن البرامج وأساليب التسجيل قد تقدمت لدرجة جعلت محاكاة عازف إيقاع جلسات الجاز حتى بكل تعقيداته في جهاز كمبيوتر ممكنًا إن كنت ملمًا بالأمر.
لا تخفى علينا أسباب نفور وود، عازف البيانو الذي تلقى تدريبًا كلاسيكيًا، من آلات الطبول. فقد تطورت من الحاجة العملية إلى جهاز يوفر إيقاعات مصاحبة عندما لا يكون هناك عازف إيقاع متاح. وتحولت آلات الطبول من أجهزة تشغيل بسيطة إلى آلات تمكن برمجتها، ولأنها أرخص من وجود شخص فعلي تخللت نسيج الموسيقى الرائجة قبل أن تتطور التقنية بما يكفي ليماثل صوتها مجموعة طبول حقيقية يعزف عليها إنسان. فأنماطها الاصطناعية الجامدة افتقرت إلى اللمسة الإنسانية.
أول مثال على ما قد يعد آلة طبول كان جهاز ريذميكون Rhythmicon، وقد طوره المخترع الروسي ليون ثريمين بطلب من الملحن الأمريكي هنري كاويل. أراد كاويل استخدام التقنية الحديثة لفعل ما لا يقدر عليه البشر، وفي هذه الحالة أراد تحويل مضاعفات طول الموجة إلى دقات، ما نتج عنه جهاز يصنع نبضات غريبة متعددة الإيقاعات. وكان سيثير حفيظة وود على الأرجح.
الأمر المشترك بين ريذميكون وآلات الطبول اللاحقة كان طابعه المتفرد. ومع أن آلة الطبول قد صنعت لأغراض عملية، إلا أنه بفضل سلسلة من التطورات التقنية والصدف السعيدة أصبحت جهازًا يستخدمه الناس بنفس قدر الشغف كما البيانو وبنفس قدر الابتكار كما الجيتار الكهربائي. وسواء أعجب وود أم لا، خلق هذا الجهاز بحلول عام ٢٠٠٤ لغة موسيقية جديدة تمامًا.
في ما يلي قصة ١٤ جهازًا من أهم آلات الطبول التي شكلت هذه اللغة، من صانعيها من المهندسين إلى مستخدميها من الفنانين.
لم يكن هاري تشامبرلين الشخص الذي يوحي لك بأنه مخترع لآلة طبول حديثة. هو من مواليد ولاية أيوا، وقد ساعد في هندسة المنظومة الكهربية لطائرة بوينغ بي-٢٩ سوبرفورترس أثناء الحرب العالمية الثانية، وقضى معظم شبابه يعمل مهندسًا ويسافر عبر ولايات وسط الغرب لتركيب معدات التدفئة والتبريد.
ومع أن تشامبرلين كان مهندسًا في المقام الأول، إلا أنه كان أيضًا محبًا للموسيقى وكان عضوًا في فريق ثُماني راقص في شبابه. وفي عام ١٩٤٩ عندما كان عمره ٤٧ عامًا كافأ تشامبرلين نفسه بشراء أرغن إلكتروني طالما أراده، واشترى لنفسه مسجل شرائط ليتمكن من تسجيل عزفه على الأرغن وإرساله إلى والديه اللذين انتقلا إلى كاليفورنيا. وبينما كان يجلس ليسجل عزفه تجلت له فكرة ألمعية.
قال تشامبرلين في لقاءٍ معه عام ١٩٧٦: “وضعت [جهاز تسجيل الشرائط] على المقعد بجواري، وضغطت بإصبعي هكذا وقلت: يا الله، إن كان ممكنًا أن أضغط بإصبعي لتخرج نغمة من أرغن هاموند، لماذا لا آخذ نغمة من جيتار أو ترومبون وأضعها بشكل ما تحت إمرة المفاتيح ليمكنني العزف على أي آلة؟ ما دمت أعرف كيف أعزف على الكيبورد، بإمكاني العزف على أي آلة.”
وكانت النتيجة أول كيبورد متعدد الآلات، والذي عرضه على الجمعية الوطنية لتجار الموسيقى في عام ١٩٥٦. تحت كل مفتاح كانت آلية لعزف الشرائط محملة بأصوات آلات مسجلة مسبقًا. سرق فكرة تشامبرلين لاحقًا أحد بائعيه لتولد من جديد في هيئة جهاز ميلوترون Mellotron الشهير، لكن تشامبرلين لم يكتفِ بصنع أول لوح مفاتيح إلكتروني ميكانيكي يعيد لعب الشرائط متعددة النغمات، وإنما صنع أيضًا دون قصد أول شكل من أشكال جهاز العينات الصوتية.
كان كيبورد تشامبرلين أشهر اختراعاته لكنه لم يكن أولها. فأول جهاز عينات صوتية مسجلة على شرائط كان آلة الطبول: جهاز تشامبرلين ريذمايت. لم يكن به أي مفاتيح ولا أزرار، فقط رأس متحركة تتيح للمستخدم الاختيار بين أربعة عشر شريطًا من مجموعات إيقاعات الجاز الصوتي تعزف دقات إيقاعية مختلفة، بعضها معزز بآلات إضافية مثل طبول بونغو أو عصيان الإيقاع الخشبية Claves أو الكستانت [صنوج خشبية]. ويشاع أنه قد صنع عشرة نماذج فقط من النموذج الأصلي، لكن في الستينيات، وبعد نجاح لوح مفاتيح تشامبرلين، بُعث ريذمايت مجددًا وبيع منه عدد متواضع أيضًا بقدر مائة وحدة.
لم يحقق جهاز ريذمايت مبيعات هائلة قط، لكنه أرسى معايير آلات الطبول لعقدين تاليين. كان الغرض الأساسي من ريذمايت وكيبورد تشامبرلين استخدامهما كأجهزة للأغاني العائلية الجماعية، والتي دخلت سوق الرقصات الرائجة وقتها، بما في ذلك الفوكس تروت والتانغو والفالتس. كان ريذمايت جهاز تشغيل، ومع أن النماذج اللاحقة أضافت خاصية إطلاق الإيقاعات، إلا أن وقتًا طويلًا مر قبل أن تصنف آلات الطبول كآلة موسيقية.
ذات ليلة في أوائل الستينيات بلغ هال ديفيس، منتج موتاون، أن عازف الإيقاع المعتاد في القاعة التي يلعب فيها لم يتمكن من الحضور. وبدلًا من إلغاء الحفل قاد السيارة مسافة تزيد عن عشرة كيلومترات ليعود إلى منزله ويحضر جهاز ورليتزر سايدمان الذي اشتراه في نفس اليوم.
قال في أحد اللقاءات “بعد تركيبه جربت بعض الإيقاعات قبل الاستعداد لاستكمال عزف المجموعة التالية. انشغل سائر أفراد المجموعة بالمشاهدة بينما كنت أحاول ضبطه. وفجأة رفعت بصري لأرى ثلاثة أزواج في ساحة الرقص يرقصون على إيقاعات سايدمان المنفردة.”
عندما نستمع إلى سايدمان الآن نكاد لا نصدق أن جمهور الستينيات كان يرقص بهذا القدر من الانطلاق على جهاز بدا صوته غريبًا بلا شك. وأن إيقاعات سايدمان، على العكس من شرائط تشامبرلين ريذمايت المتكررة، صُنعت من أنابيب مفرغة وصمام مكبر. طبلة البيس بصوتها العميق المدوّر والضجة المصقولة من أصوات الصنوج Cymbals وحدّة طبول توم Toms مهدت لصوت سلسلة رولاند تي آر، لكن الإيقاعات المسجلة عليه كانت تشبه إيقاعات ريذمايت – نماذج رقص رائجة مثل السامبا والبوليرو والتانغو.
طُرح جهاز سايدمان لأول مرة عام ١٩٥٩، أي بعد عشرة سنوات من جهاز ريذمايت. ولا يوجد دليل على أن سايدمان استوحى مباشرة من اختراع تشامبرلين، لكن أوجه التشابه الجمالية والوظيفية بين الاثنين توحي بأن أحدًا في قسم الأبحاث والتطوير في ورليتزر قد اطلع عليه حتمًا. فنجد سايدمان من شركة ورليتسر، على غرار ريذميت، جهاز طويل وثقيل ومستطيل الشكل يستهدف مباشرة من يرغبون في جهاز مصاحب لآلة الأرغن، سواء للعزف المنزلي أو في عرض حي.
ومع أن تقنية شرائط تشامبرلين المتكررة نجحت في إعادة خلق أصوات طبول حقيقية، إلا أنها كانت عرضة للتلف والأعطال. لكن جهاز سايدمان كان مختلفًا. فأنماط سايدمان كانت تُخلّق ميكانيكيًا من خلال قرص دوار، على نحو يشبه كثيرًا صناديق الموسيقى البسيطة، ما جعلها أكثر تحملًا من جهاز ريذمايت. كان يمكن التحكم في سرعة الإيقاع من خلال مفتاح تدريجي متحرك Slider يغير الإيقاع ما بين ٣٤ و١٥٠ دقة بالدقيقة، وإذا أردت أيضًا يمكنك إطلاق أي من أصوات الطبول العشرة منفردًا من مجموعة أزرار إلى جانب لوح التحكم. وفي حين أن ريذمايت لم يتعدَّ كونه جهاز تشغيل شرائط يعظم الناس من شأنه، كان سايدمان يخلق أصواته الخاصة.
أخذ سايدمان اسمه من مصطلح يطلق على الموسيقيين المصاحبين للعازفين المنفردين. وإن كان يمكن لورليتسر استغلال ذلك على سبيل السخرية، إلا أن رابطة الموسيقيين الأمريكيين لم ترَه كذلك. فعلى العكس من ريذمايت الذي لم يبَع منه سوى عدد ضئيل، لقي سايدمان رواجًا هائلًا وأثار نفس الانتقادات من الاتحادات كما أثارها كيبورد تشامبرلين قبل بضعة أعوام، عندما قضى الاتحاد بأن الجهاز يمكن استخدامه في صالات الحفلات فقط إذا تلقى عازف الكيبورد أجر ثلاثة موسيقيين.
بالرغم من نجاح الجهاز المبكر توقفت شركة ورليتسر عن تصنيع جهاز سايدمان في عام ١٩٦٩. كما أنهت الشركة إنتاج أجهزة الأرغن والجوكبوكس مع الوقت أيضًا. واليوم تستمر الشركة كمصنع لأجهزة البيع الآلي، ولم يعد لديها ما يربطها بمكانتها السابقة كمركز قوة في عالم تقنية الموسيقى سوى التشغيل الآلي. لكن تركة ورليتسر الموسيقية لم تنتهِ هناك. في عام ١٩٦٢ اشترى رجل ياباني جهاز سايدمان ولم يكتف بتخليق آلة طبول أخرى منه، بل أنشأ منه أكبر شركة للأجهزة الموسيقية في العالم.
كان تاداشي أوساناي، مثله مثل هاري تشامبرلين، موسيقيًا ومهندسًا أيضًا. كان يعزف الأوكورديون في ملهى ليلي في طوكيو بحي شينجوكو، ويستخدم جهاز سايدمان ليصاحبه في الأداء، مثل هال ديفيس. لكن أوساناي كان يشعر بأن محدودية سايدمان تعجزه. الملهى كان ملك تسوتومو كاتوه، وهو عضو سابق في طاقم غواصات تملك في الستينيات محل للسلع المخفضة ومتجر موسيقى. أقنع أوساناي كاتوه ليمول فكرته من أجل تصنيع آلة طبول أفضل من سايدمان. وبعد أكثر من ٥٠ عامًا ما زالت شركتهما موجودة تحت اسم كورغ.
قبل أن ينشأ اسم كورغ كانت الشركة تدعى كيو، على اسم خط السكة الحديدية المجاور لمصنع طوكيو حيث كان أوساناي وفريقه المكون من أربعة موظفين يعملون. كان أول منتجاتهم عام ١٩٦٣ آلة طبول على قرص دوار كهربي أوتوماتيكي اسمه كيو غيجيوتو كينكيوجو دي إيه ٢٠ دونكاماتيك، وكان يستخدم نظام أقراص يشبه نظام سايدمان كثيرًا. وفي عام ١٩٦٦ حلت محله نسخة من إلكترونيات الجوامد Solid-state تعمل على الترانزيستور. ولعله كان أقل محدودية من سايدمان، لكنه كان جهازًا ضخمًا أيضًا.
ما زالت ذكرى دونكاماتيك محببة لدى البعض وخصوصًا فرقة غوريلاز، لكن جهاز مينيبوبس الذي صدر لاحقًا في نفس العام هو الذي أرسى معايير آلات الطبول المستقبلية. بالإضافة إلى اعتماده على شرائح ترانزيستور أكثر ثباتًا كان جهاز مينيبوبس أصغر حجمًا. لم يعد هناك حاجة إلى حمل جهاز بحجم خزانة جانبية معك إن كنت تريد اقتناء آلة طبول – فقد صار هناك الآن منتج يمكن وضعه على سطح الطاولة.
في البداية كان هناك نموذجان من جهاز مينيبوبس: نموذج إم بي ٥ وإم بي ٧. كان إم بي ٥ أصغرهما وأقلهما في الخواص، حيث أتاح عشرة إيقاعات مسجلة مع خواص تحكم في الطبقة والسرعة وحجم الصوت. أما إم بي ٧ فأتاح عشرين إيقاعًا مع تحكم في السرعة وحجم الصوت، كما كان فيه أصابع متحركة Faders مخصصة لإضافة أصوات آلات الويجادا والغيرو والتامبورين. وأكثر ما ميزه كانت خاصية التحكم التي تتيح للمستخدم الضغط على أكثر من إيقاع مسجل في ذات الوقت لمزج الإيقاعات.
عاشت أجهزة مينيبوبس فترة طويلة لتنتج عنها ستة نماذج أخرى، من بينها اثنان صدرا بعدما غيرت شركة كيو اسمها إلى كورغ وبدأت تصنيع أجهزة سينثيسايزر أحادية النغمة. ومع أن أصوات الطبول وقتها كانت بدائية لكن كان لها معجبون، وأشهرهم جان ميشيل جار الذي خلد نموذج إم بي ٧ في ألبومه أوكسيجين. لكن حتى مع سهولة حملهما، ظل جهازي إم بي ٥ وإم بي ٧ مقتصرين على إيقاعات الرقص مثل الرومبا والتانغو والبوسا نوفا. ولم تصبح أجهزة الإيقاعات الإلكترونية أداة في التأليف الموسيقي سوى بعد عام ١٩٧٥.
كان جون سيمونتن الابن هاويًا يستمتع هو ووالده بإصلاح الإلكترونيات. في عام ١٩٥٩، وقبل ثمانية أعوام كاملة من بدئهم بيع عِدد السينثيسايزر بالطلب عبر البريد وقبل بدء سيمونتن الابن العمل في أول مصنع للمحركات النفاثة الإلكترونية في أوكلاهوما، أسس الثنائي شركتهما الخاصة ليتمكنا من اقتطاع نفقات هوايتهما من الضرائب. كان أول منتج تجاري لهما لوح دائرة كهربية لنظام أمان منزلي اسمه سايكلوبس لكشف الدخلاء Cyclops Intruder Detector، والذي فشل تجاريًا. ولولا نجاح جهاز الإنذار الشامل Omni-Alarm للتحذير من أعطال المركبات لانتهت شركة بايا للإكترونيات قبل أن تبدأ.
ازدهرت بايا في السبعينيات، عندما بلغ الاهتمام بأجهزة السينثيسايزر المجزأة أوّجه، وإن كانت أغلى من أي وقت آخر. وبدلًا من البيع للمستخدمين الأثرياء دخل سيمونتون سوق المنتجات من صنع الأفراد، ليبيع عِددًا للهواة القادرين على تركيبها في أجهزة السينثيسايزر المجزأة وكذلك القياسية الشاملة. وفي حين راوح سعر أجهزة سينثيسايزر موج وإيه آر بي ما بين ٥،٠٠٠ و ١٠،٠٠٠ دولار، كان ثمن عدة الكيبورد سينثيسايزر الأساسية من بايا ٢٣٠ دولارًا فقط. بالإضافة إلى السينثيسايزر، باعت بايا أيضًا عِدد آلات الطبول. في البداية جاء جهاز درمر بوي، وهو وحدة صغيرة تشبه جهاز مينيبوبس من كورغ، شمل مجموعة شبيهة من الأصوات المسجلة وقيود مماثلة أيضًا. أما الابتكار الحقيقي فجاء مع عدة الطبول القابلة للبرمجة.
لم تكن هذه أول عدة طبول قابلة للبرمجة. الأولى كانت عدة إيكو كومبيوت ريذيم Eko ComputeRhythm في عام ١٩٧٢، لكن لم يصنع منها سوى عدد محدود – ومن خلال جهود شركة بايا أصبح استخدامها في متناول اليد. لم تكن في الجهاز أزرار تذكر، فقط أصابع تحكم باللمس تطلق أصوات بايس ثقيلة وخفيفة، وطبلة سنير Snare Drum، وطبلة روم توم Rom-Tom، وطبلة كونغا، ولوح الخشب Woodblock، وعصيان الإيقاع الخشبية Clave. كانت الأصوات تصنع من خلال ما يطلق عليه مذبذبات رنانة Ringing Oscillator، وكانت تستخدم فلاتر قريبة من الذبذبة ترن مثل طبلة حقيقية عندما تتماس معها النبضة الكهربية. الصوت الناتج عنها كان في بدائية جهاز ورليتسر سايدمان، لكنها احتوت على ذاكرة سعتها ٢٥٦ بايت تسجل أنماط يحددها المستخدم في أي ميزان. ولم تقتصر على تسجيل نمط أساسي واحد، بل سمحت أيضًا بتعديل المقطوعة وكذلك صنع جسور موسيقية ومقدمات.
لم يمض على عدة طبول بايا القابلة للبرمجة سوى عام واحد قبل أن تبدأ شركات أخرى بتصنيع أجهزة قابلة للبرمجة أوسع استخدامًا، ومع ذلك شق جهاز بايا طريقه إلى مقطوعة بيتر غابريل، جايمس ويذآوت فرونتيرز، عام ١٩٨٠. تضاءلت سوق أجهزة السينثيسايزر من صنع الأفراد في الثمانينيات حيث تحول الهواة إلى الاهتمام المتزايد ببناء أجهزة الكمبيوتر الشخصية، لكن ما زالت الشركة تصنع عدد سينثيسايزر مجزأة للهواة المخلصين.
دور بايا في تطوير آلات الطبول قد يكون وجيزًا لكنه مهم أيضًا. فلم يتقيد الموسيقيون للمرة الأولى بأنماط يفرضها عليهم المصنِّعون. بل صارت آلة الطبول أداة مستقبلية قادرة على خلق إيقاعات متحررة من قانون الموسيقى الغربية. لكن ثمة مخترع ياباني آخر أخرج من آلات الطبول قصوى إمكانياتها.
بعدما فقد إيكوتارو كاكيهاشي والديه بسبب مرض السل وقت كان عمره عامين في اليابان قبل الحرب، قضى معظم طفولته في دراسة هندسة الكهرباء والعمل في مسافن هيتاشي في أوساكا. فشل إيكوتارو في الالتحاق بالجامعة عام ١٩٤٦ لأسباب صحية، وانتقل إلى جزيرة كيوشو الجنوبية، حيث كانت لديه أفضلية فتح سوق لتصليح الساعات. وسرعان ما عمل على تصليح أجهزة الراديو أيضًا، ثم عاد إلى أوساكا وقد جمع ما يكفي من المال لمصاريف دخوله الجامعة.
في هذه المرحلة، وفي عمرٍ لم يتجاوز العشرين، أصيب كاكيهاشي نفسه بالسل، وقضى ثلاثة أعوام في المستشفى. لم ينقذه سوى أن وقع عليه الاختيار لتجريب عقار يدعى ستريبتومايسين. ولو لم يتعافَ كاكيهاشي لاختلف المشهد الموسيقي الحديث كثيرًا. في عام ١٩٧٢ أسس شركة رولاند، التي يزعم أنها ساهمت في تشكيل الموسيقى الإلكترونية أكثر من أي شركة أخرى في التاريخ.
كان كاكيهاشي، مثل تاداشي أوساناي من شركة كيو، مبهورًا بجهاز سايدمان من ورليتسر. قبل تأسيسه شركة رولاند، وبعد عودته إلى حياة تصليح الإلكترونيات، تملك شركة إيس لصناعة الإلكترونيات، والتي أخذت آلة طبول اسمها آر ١ ريذيم إيس إلى الرابطة الوطنية لتجار الموسيقى في الولايات المتحدة. الآلة كانت أصغر من جهاز دونكاماتيك من كيو، ويقال أنها كانت أول آلة طبول بنظام الترانزيستور. كما فشلت فشلًا ذريعًا أيضًا. فبدون أنماط مبرمجة عليه مسبقًا جاءت آر ١ كجهاز يستخدم في العروض لم يكن العالم مستعدًا لاستقباله بعد.
لقي كاكيهاشي نجاحًا كبيرًا مع آلة الطبول التالية، لكنه لم يصنع جهازًا يقدم تطورًا في التقنية حقًا سوى بعد ١٤ عامًا. كان جهاز رولاند سي آر ٧٨ كومبيوريذيم جمالي الشكل يشبه جهاز آر ١ الأصلي كثيرًا، لكنه احتوى على إيقاعات مسجلة وكذلك استعرض قدرة بايا على تأليف الإيقاعات وتسجيلها بنفسك في واحدة من أربع وحدات لحفظ الذاكرة، حتى بعد إغلاق الجهاز.
وعلى العكس من بايا، تطلب سي آر ٧٨ استخدام مفتاح حفظ الإيقاع WS-1 المرهق، لكن توليفة البرمجة والإيقاعات المعروفة المسجلة أكسبته قبولًا بين المستخدمين والفنانين مثل فيل كولينز Phil Collins وبلوندي Blondie. يقول جون فوكس من ألترافوكس: “لقد مثّل في الحقيقة تصور مبرمج ياباني غير راقص عن أنماط إيقاعات عمومية غربية وغريبة، ولذا كان لا بد من أن يخرج صوتها شاذًا وإلكترونيًا – وهذا ما حببني فيه على الفور. أعجبتني بدائية سي آر ٧٨، ووجدت نفسي أعود إليه باستمرار. ومع الوقت فهمت أن جموده يجبرك على العمل بطرق بعينها وهذا يعجبني.”
أعلن سي آر ٧٨ نهاية مرحلة. فسطحه الخشبي المستوحى من سايدمان كان الأخير من نوعه، وقد مر عليه الآن ما يزيد عن ٢٠ عامًا. ومع أن آلات الطبول اللاحقة تضمنت إيقاعات مسجلة أيضًا، إلا أن سي آر ٧٨ كان من آخر الأجهزة التي قدمتها تقديمًا بارزًا هكذا، فذلك كان عام ١٩٧٨، ووقتها كانت سوق إيقاعات البوسا نوفا والسامبا والفوكستروت تذوي. أراد الناس شيئًا يعزفون عليه وليس ماكينة إيقاعات على غرار قاعات الحفلات.
قد يكون سي آر – ٧٨ أتاح القدرة على البرمجة، لكن المصمم الصناعي روجر لين ظل غير راضيًا عما تتيحه الأجهزة في ذلك الوقت. في حديثه إلى مارك فيل عام ٢٠٠٠ قال إنه أراد “آلة طبول قادرة على ما هو أكثر من تشغيل أنماط سامبا مسجلة دون أن يشبه صوتها صرصور الليل.” وفي عام ١٩٧٨ عكف على صنع جهازه المبرمج بما يتناسب مع احتياجاته كعازف جيتار.
بعد أن درس لين لغة البرمجة بايسيك، أخذ مولد صوت قياسي من آلة طبول تقدمها شركة رولاند وكتب برنامجًا قادرًا على خلق الأنماط. وبالرغم من رضاه عن أسلوب خلق الأنماط إلا أنه كان عليه تحسين محرك الصوت. جاء لين اقتراح من ستيف بوكارو، عازف الجيتار في فريق توتو Toto، بتسجيل عينات صوتية رقمية من طبول حقيقية، لتكون هذه نقطة الانطلاق التي تنقصه.
لم يكن لين أول من استخدم تقنية العينات الرقمية. بل كان بيتر غروغونو ودايفيد كوكيريل وبيتر زينوفيف رواد هذا الأسلوب في عام ١٩٦٧، عندما أصدروا نظام إي إم إس الذي كان يتطلب جهازي كمبيوتر لتشغيله. بحلول عام ١٩٧٨ أصبحت التقنية المطلوبة لتخزين البيانات الرقمية أصغر حجمًا وأقل سعرًا، وصار بإمكان لين استخدام شريحة واحدة لتخزين ١٢ عينة سعة ٨ بيت: كيك [طبلة جهيرة]، وسنير [طبلة جانبية]، وهاي هات [صاجات مزدوجة]، وكاباسا، وتامبورين، وطبلة توم، وكونغا، وجرس Cowbell، وعصيان خشبية، وصفقة يد. ومن أهم ما أغفله كانت صنوج الرايد [تصدر صوتًا مستدام] والكراش [تصدر صوت ارتطام].
جاءت النتيجة في هيئة كمبيوتر لين الإيقاعي إل إم-1، أول آلة طبول تستخدم العينات الرقمية. وعلى العكس من العينات المسجلة على شرائط في جهاز تشامبرلين ريذمايت، كانت عينات لين غير قابلة للتلف. احتوى على ١٠٠ وحدة ذاكرة لتخزين الإيقاعات المصممة، وبخلاف جهاز رولاند سي آر-٧٨ كان صنع الأنماط ممكنًا باستخدام لوح تحكم إل إم-١، والذي كان يتلقى الأوامر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في ذلك الوقت.
ومع ذلك كان ثمن إل إم-1 باهظًا للغاية. سعر ٤٩٩٥ دولارًا حال دون اختراق لين للسوق الجماهيرية، إلى أن أصدر لين درم عام ١٩٨٢، لكن قوة إل إم – ١ جعلته جذابًا للمحترفين. كان يمكن ضبط وتوليف كل صوت على حدة، ليكون بذلك واحد من أوائل الأجهزة التي يسهل استخدامها في ستوديوهات المحترفين. وعلى مدار الثمانينيات لم يكن هناك مفر من صوت إل إم -١: آيه بي سي، وديفو، وجورجيو مورودر، ومايكل جاكسون، وجون كاربنتر مجرد عينة من الفنانين الذين استخدموه في تسجيلاتهم.
ولعل أهم تطور قدمه إل إم – ١ خاصية التبديل Shuffle وتثبيت قيمة النغمات Quantize، وقال لين عنها لمجلة أتاك عام 2013 إنه اكتشفها بالصدفة: “عندما فعّلت كود التسجيل في الزمن الفعلي وضغطت أزرار الطبول بالتزامن مع بندول الإيقاع لاحظت أن ما سجلته يتزامن تزامنًا مثاليًا مع النغمة السادسة عشرة، ليصحح بذلك أخطاء التزامن لدي، ولذا قررت أن أتخذ من هذا العيب خاصية، أسميتها ‘تصحيح التزامن’ وعندما تأملت كيف يمكن ضغط الضربات بتزامن الأرجحة Swing خطر لي أنه يمكن فعل ذلك من خلال تأخير تشغيل النغمات السادسة عشرة البديلة، وبتغيير مدى التأخير يمكنني تغيير درجة الأرجحة. وهكذا نشأت خاصية الأرجحة التي أسميتها عام ١٩٧٩ ‘تبديل'”
من خلال خطأ بسيط أثبت لين أن آلات الطبول يمكن أن تتحلى بشيء من روح عازف الإيقاع البشري، وهي خاصية افتقدتها بوضوح منتجات رولاند على مدار سنوات. ونقل برينس استخدام جهاز إل إم-١ إلى شكل من أشكال الفنون: حتى أن هناك صفحة على أحد المنتديات مخصصة لفهم كيف خرج بصوت الدق في أغنية When Doves Cry. يبدو صوت إل إم-١ عتيقًا للغاية بالمقارنة مع مجموعات العينات في عِدد الإيقاع اليوم، لكن لولاه لما وجدت هذه العِدد على الأرجح. أثبت ابتكار لين والتسجيلات الناجمة عنه أن عينات صوت الطبول قد يوافقها التعبير أيضًا إذا استخدمت كما ينبغي.
في حوار مع مجلة ذ واير عام ٢٠١٢ قال روبرت هينكه: “جهاز تي آر-٨٠٨ تحفة فنية. هو فن هندسي، نفذ بطريقة غاية في الجمال. لو علمت ما يحدث بداخله، وإذا نظرت إلى رسم الدائرة الكهربية، سترى كيف خرج مهندس مجهول في رولاند بأفضل ما في الإمكان من تقنية بالغة المحدودية، غير معقول.”
ومع أن هواة الموسيقى في أنحاء العالم يتفقون مع رأي هينيكه بعد ٣٥ عامًا من صدور هذا الجهاز، إلا أن هذه العلامة الأكثر بروزًا في مجال الإنتاج الموسيقى كانت تعد إخفاقًا وقت إصدارها عام ١٩٨٠. أراد فريق رولاند، مثل روجر لين، أن يصنع آلة طبول مبرمجة لحفظ القطع المسجلة، لكن بينما استخدم لين العينات الرقمية، كانت أصوات رولاند القياسية تخرج من أنظمة ترانزيستور.
على المستوى التقني فاقت جهود لين جهاز ٨٠٨ بمراحل. قدم إل إم-1 خاصية التبديل المبتكرة وأصوات طبول واقعية، فيما اتسم جهاز ٨٠٨ بجمود الميقات الإيقاعي وصوت أجراس كالنقر على الصفيح تشبه المؤثرات الصوتية في أفلام الخيال العلمي. كان المراجعون والموسيقيون المحترفون ينظرون لأصوات إيقاع ٨٠٨ البدائية والمكونة من نغمات السينثيسايزر والضوضاء البيضاء نظرة دونية، وقد عانى جهاز ٨٠٨ ليجد جمهورًا، بالرغم من أن سعره كان أقل من جهاز ال إم-١ بنحو ٣٠٠٠ دولار أو أكثر.
ومع أن فريق يلو ماجيك أوركسترا Yellow Magic Orchestra كان أول من استخدم جهاز ٨٠٨ على المسرح، إلا أنه لم ينفذ إلى الوعي الجماهيري سوى في عام ١٩٨٢. استوحى أفريكا بامباتا Afrika Bambaataa ومجموعة ذا سولسونيك فورس The Soulsonic Force إلهامهم من أصوات فريق كرافتفيرك Kraftwerk المتقطعة وطبقوها على قالب هيب هوب، مستغلين لمعان جهاز ٨٠٨ ليسجلوا بلانِت روك Planet Rock. وفي نفس الوقت تقريبًا اشترى موسيقي من ديترويت اسمه خوان آتكينز جهاز ٨٠٨ واستخدمه مع مجموعته سايبوترون. وفي الحالتين قوبل صوت جهاز ٨٠٨ العجيب والمستقبلي بالاحتفاء اللائق، وبدأ الفنانون يتجاوزون قيود الجهاز الظاهرة.
بعد وقف إنتاج الجهاز عام ١٩٨٤ امتلأت سوق المستعمل بأجهزة ٨٠٨، وصارت متاحة مقابل جزء ضئيل من سعرها الأصلي. الجميع اشترى جهاز ٨٠٨ من إيجيبشن لوفر مرورًا بريتشي هاوتين إلى كريس كارتر من فريق ثروبينغ غريسل، وإن جاء توغله الأكبر في ثقافة الهيب الهوب كركيزة للموسيقى الإلكترونية في الثمانينيات، وإنتاج موسيقى الجنوب وميامي بايس. وكما قال كويست لوف، كان جهاز ٨٠٨ “جيتار الروك للهيب هوب.”
واليوم يستمر ولع المنتجين بصوت جهاز ٨٠٨ المميز. تشكل أصوات إيقاعه العمود الفقري لمشهد الفوتورك في شيكاغو، والذي أوحى بدوره لمنتجين مثل أديسون جروف باستخدام الصوت بتنويعات شخصية. وحتى في مشهد ما بعد التصنيف الموسيقي اليوم، يظل جهاز ٨٠٨ مجازًا مألوفًا يربط بين العديد من الأساليب المتباينة.
قبل أن يشرع توم أوبرهايم في تصميم آلة طبول كان بالفعل قد قدم إنتاجًا غزيرًا في عالم أجهزة السينثيسايزر. فقد مضى من صنع مكونات هاي فاي لأصدقائه في المدرسة إلى تصميم أول سينثيسايزر أحادي النغمة مبرمج في العالم، وفي عام ١٩٨٠ شرع في تصميم جهاز يستغل رواج جهاز روجر لين إل إم-١.
وعلى غرار إل إم – ١، كان جهاز أوبرهايم دي ام اكس يستخدم تقنية العينات الرقمية للوصول إلى أصوات إيقاعات واقعية. كما شابهه في استخدام صيغة ٨ بيت الرقمية لتخزين عينات الإيقاع، وإن كان جهاز أوبرهايم يستخدم خوارزميات لزيادة درجة الوضوح إلى ١٢ بيت. وباقترانه مع فلاتر كرتيس ٣٣٢٠ الخاضعة للتحكم بالفولت والموجودة في جهاز بروفيت – ٥ صار جهاز دي ام اكس قادرًا على إصدار أصوات واقعية وفي نفس الوقت دافئة وثابتة على نحو واضح، وذلك بسعر أقل بكثير من سعر إل إم – ١.
وفي حين شق إل إم – ١ طريقه إلى العديد من ستوديهات المحترفين، نجح دي إم إكس في اختراق مشهد الهيب هوب الصاعد. وفي حين بدأ رواج جهاز رولاند ٨٠٨ في هذا المجال، حظى دي إم إكس بنفس الأهمية في تشكيل صوت هذا النوع الموسيقي. وجاء إصدار رَن – دي إم سي It’s Like That عام ١٩٨٣ كأول استخدام مميز لجهاز دي إم إكس في الهيب هوب، كما ساعدت طبول دي إم إكس على تشكيل فكرة إيقاع الهيب هوب.
لم يقتصر استخدام دي إم إكس على الهيب هوب وحسب. ففي نفس العام استُخدم في Blue Monday، بينما رسخت أغنيتا مادونا Holiday وInto The Groove صوت الجهاز ترسيخًا أعمق في الوعي الجمعي.
تمتع جهاز دي إم إكس بخواص بشرية الطابع مثل الرولز Rolls أو الضربة الممتدة والسوينغ Swing أو الضربة المتأرجحة والفلامز Flams أو الضربتين المتلاحقتين، لكن مجاله امتد لاحقًا بإضافة جهاز اسمه برومر. كان دي إم إكس يخزن أصوات الطبول على شريحة ذاكرة مبرمجة تدعى إيبروم، وكان من الممكن فكها من آلة الطبول، وأتاح البرومر للمستخدم كتابة عينات الطبول الخاصة به على شريحة إضافية. وكان برومر فعليًا شكلًا من أشكال جهاز العينات الصوتية البدائية، وإن لم تكن هناك جدوى من ذلك لو لم تمتلك جهاز دي إم إكس. كانت ثورة العينات الصوتية الحقيقية على بعد خطوتين.
بالرغم من طرح روجر لين لأول آلة طبول تستخدم العينات الرقمية، وقد تبعه بجهاز ليندرام الأقل ثمنًا عام ١٩٨٢، إلا أن التكلفة ظلت عائقًا كبيرًا أمام دخول المجال. فسعره البالغ ٢٩٩٥ دولارًا أبقاه بعيدًا عن متناول الجميع عدا الموسيقيين المتخصصين، ولم تكن حال جهاز أوبرهايم دي ام اكس، وسعره ٢٨٩٥ دولارًا، أفضل بكثير. لكن شركة اسمها إي-ميو كانت لديها المعرفة والخبرة اللازمتين لتقديم ما هو أرخص. أرخص بكثير.
تأسست إي-ميو عام ١٩٧٠ على يد سكوت ويدج وديف روسوم. وبالرغم من بدايتها في تصنيع أنظمة معيارية خاصة بها، إلا أن معظم أرباحها على مدار العقد الأول جاءت من بيع حقوق استخدام التقنيات إلى شركات سينثيسايزر أخرى، وأبرزها تصميم الكيبورد المنسوخ رقميًا والدوائر الكهربية المدمجة داخل جهاز الدوائر الكهربية المتوالية Sequential Circuits بروفيت – ٥. وكانت شرائح إلكترونيات الجوامد الصغيرة SSM chips، والتي شارك في تصميمها مهندس اسمه رون داو، سبب بدء الشركة في العمل على آلة طبولها الأولى.
خبرة روسوم الواسعة في الشرائح مكنته من تطوير آلة طبول بمكونات مشتركة لتقليل التكاليف، مستخدمًا ذاكرة واحدة سعتها ٦٤ كيلوبايت بدلًا من شريحة مخصصة لكل نوع طبلة. كما شذب روسوم الزوائد عن واجهة استخدام ليندرم، واختار استخدام اصبع متحرك واحد لإدخال البيانات، وإضافة أربعة أزرار إطلاق فقط لتوزيع الطبول عليها. في مقابل هذه التنازلات جاء زمن العينات أقصر من إل إم – ١ أو ليندرم، وكانت واجهة الاستخدام أصعب على المستخدم، لكنها أدت أيضًا إلى سعر تجزئة بلغ ٩٩٥ دولارًا فقط.
حقق جهاز إي-ميو درموليتر نجاها باهرًا، وباع ١٠ آلاف وحدة في ظرف عامين. وفي حين ساهم في تقديم آلات الطبول إلى جمهور أوسع، إلا أن الأجهزة التي تلته كانت على الأرجح أكثر أهمية؛ فقد أضاف إي-ميو أس بي-١٢٠٠ القدرة على تسجيل أصوات إيقاع خاصة بك، ليقدم تصميم أولي لأجهزة العينات الحديثة ويمهد الطريق لها جميعًا من أكاي إم بي سي إلى بوس دوكتر سامبل.
وبينما يُستشهد بجهازي رولاند تي آر-٨٠٨ وتي آر-٩٠٩ لأهميتهما في تطوير الموسيقى الراقصة، لا تقل تركة درموليتر أهمية عنهما. من ضمن من استخدموا سلسلة إس بي تود تيري في موسيقى الهاوس، وكذلك دافت بانك رواد الفرنش تاتش وآلان براكس. وحتى اليوم يستخدمها منتجون مثل ويلي برنز، والذي يستغل قيودها للوصول إلى صوت هاوس كلاسيكي.
بحلول عام ١٩٨١ شهدت تجارة أجهزة السينثيسايزر ازدهارًا. تنحت الأجهزة المجزأة الضخمة جانبًا لتفسح المجال لطراز الأجهزة العملية الشاملة، فانضمت أجهزة السينثيسايزر أحادية النغمة إلى الأجهزة متعددة النغمات، وكانت شركة ياماها قد أصدرت قبل عام أول سينثيسايزر رقمي من طراز إف إم، وهو جهاز جي إس-١. كانت المشكلة تكمن في أن كل الأجهزة عدا السينثيسايزر أحادي النغمة القياسي لم تتوافق مع معايير التحكم بالفولت القديمة. بدأت الشركات تصنع وسائل الاتصال الخاصة بها، لكن ما كان من ذلك سوى زيادة صعوبة الأمر على المستهلك الذي عجز عن توصيل الأجهزة المتنافسة بعضها ببعض.
من النادر أن تتعاون الشركات سويًا من أجل التيسير على المستهلك، لكن هذا بالضبط ما حدث. اقترح ايكوتارو كاكيهاشي مؤسس شركة رولاند فكرة توحيد المعايير على توم أوبرهايم، والذي طرح الفكرة على ديف سميث رئيس سيكونشل سيركيتس، الشركة المنتجة لجهاز بروفيت – ٥ الشهير. عمل سميث سويًا مع تشيت وود، وبالتشاور مع كبار المصنعين في اليابان وأمريكا، على تطوير واجهة استخدام معممة تسمح باتصال أي جهاز سينثيسايزر بآخر. وكانت النتيجة نظام ميدي الذي استمر كمعيار موحد حتى اليوم.
وبالرغم من أن نظام ميدي كان قد عرض في رابطة تجار الموسيقى الأمريكيين في يناير ١٩٨٣ مع جهازي بروفت ٦٠٠ من سيكوينشل سيركيتس وجهاز جوبيتر – ٦ من رولاند، إلا أن تطبيقاته كانت تتعدى أجهزة السينثيسايزر. وبمجرد أن وحدت معايير نظام ميدي عكف سميث على صنع أول آلة طبول في العالم مجهزة بنظام ميدي، وهو سيكوينشل سيركيتس درمتراكس. كانت النتيجة آلة طبول تقوم على عينات ٨ بيت ذات أصوات حقيقية تشبه ليندرم إل إم – ١، وإن كانت أكثر خشونة وأسهل في البرمجة.
لكن مع نظام ميدي تمكنت آلة الطبول أخيرًا من أن تصبح مركزًا تعتمد عليه مجموعة كبيرة من الأجهزة أثناء اللعب. فعلى العكس من التحكم بالفولط المعرض للخروج عن التوقيت المحدد، كان نظام ميدي دقيقًا، وإن لم يكن ذلك أمرًا يعجز عنه تمامًا التحكم بالفولط. لعل أهم ما أتاحته تقنية الاتصال بنظام ميدي في درامتراكس كان بث رسائل ميدي تؤثر على ديناميكيات حجم الصوت ونبراته. ولتفعل ذلك كان يلزم توصيل كيبورد ذي حساسية تجاه قوة النبضة Velocity-Sensitive مثل سيكس-تراك من سيكوينشل سيركيتس، لكن هذه كانت أول مرة تقوى فيها آلة طبول على التعبير.
سرعان ما أعقب درمتراكس جهاز توم الأكثر تقدمًا في عام ١٩٨٥، ولم يلق قط نفس راوج أجهزة رولاند، لكنه أظهر ما يمكن تحقيقه من خلال آلة طبول مجهزة بنظام ميدي. أفلست شركة سيكوينشل سيركيتس عام ١٩٨٧، لكن ديف سميث انتقل للعمل في ياماها وطور أول برنامج سينثيسايزر في العالم يعمل على الكمبيوتر الشخصي. مر ٢٥ عامًا قبل أن يعود إلى آلات الطبول، وحينها ساعد في إحياء الاهتمام بتقنية قد أصبحت مهجورة.
بحلول عام ١٩٨٤ كان الدي جي فرانكي نكلز قد صنع لنفسه اسمًا في نادي ويرهاوس في مدينة شيكاغو، وافتتح ناديه الخاص باسم باور بلانت. وكان هناك دي جي شاب يدعى ديريك ماي يقطع المسافة من ديترويت إلى شيكاغو عدة مرات ليشاهد نكلز وهو يلعب، وذات يوم توجه إليه ليسأله إن كان يرغب في شراء واحد من آلتي الطبول اللتين حصل عليهما. عرض عليه ماي المساعدة في التوصل إلى كيفية برمجة الجهاز، وصار نكلز مهووسًا به. أول استخدام له كان في نسخة من Your Love صنعها مع جيمي برينسيبل، وبدأ نكلز يلعب على آلة الطبول على خلفية الإسطوانات بالنادي. وضع نكلز قالبًا لجميع أنواع موسيقى الهاوس اللاحقة تقريبًا.
كان آلة الطبول التي باعها ماي لنكلز هي تي آر-٩٠٩ من رولاند. كانت خليفة طراز ٨٠٨، وكانت جزء منها قياسيًا والجزء الآخر آلة طبول قائمة على العينات تستغل ميزات تقنية ميدي الجديدة وتقدم منظمًا للمتواليات على ١٦ خطوة تبعًا للجهاز الذي سبقه. وبالرغم مما حققته هذه التقنية من أصوات طبول أكثر واقعية، إلا أن عمر جهاز ٩٠٩ في السوق كان أقصر من جهاز ٨٠٨. أقرت رولاند أخيرًا بأنها تحتاج إلى إصدار آلة طبول تقوم على العينات بالكامل لتضاهي منافسيها، وحلت تي آر -٧٠٧ محل جهاز ٩٠٩ بعد عام واحد فقط من صدوره.
على غرار جهاز ٨٠٨، لم تبدأ حياة جهاز ٩٠٩ سوى بعد موته بمدة طويلة. بدأ المنتجون في شيكاغو باقتناء أجهزة ٩٠٩ وقد ألهمهم استخدام نكلز للجهاز في باور بلانت. عند عزف طبلة كيك في جهاز ٩٠٩ من خلال نظام صوت كبير كان وقعها يأتيك كلكمة في الاحشاء مقارنة بصوت جهاز ٨٠٨ الأكثر لطفًا، وهكذا صارت الصوت الذي يحافظ على مستوى الطاقة في نوادي الهاوس في شيكاجو. وكما صنعت ذبذبات ٨٠٨ العالية والمنخفضة سياقًا صوتيًا جديد للعمل، قدم ٩٠٩ شكلًا جديدًا من القوة والزخم افتقدته آلات الطبول الأخرى. في تلك الأثناء بدأ مشهد التكنو الصاعد في مدينة ديترويت يتعرف على جهاز ٩٠٩. استلهم دي جي شاب اسمه جيف ميلز استخدامه ضمن عروضه من فناني الدي جي في شيكاغو مثل فارلي جاك ماستر فانك وكيني “جامين” جيسن وباد بوي بيل، وسرعان ما صار جهاز ٩٠٩ أكثر من مجرد أداة بالنسبة لميلز، بل صار أسلوب حياة. في حوار معه عام ٢٠١١ قال: “حققت الدوائر الكهربية وألواح الصوت في تي آر-٩٠٩ التوازن الصحيح في الرنين بحيث جاء الصوت مشابه جدًا للطبول التي كنا نسمعها على الأسطوانات المسجلة. كان أكثر ضراوة.”
لم يكن ميلز المنتج الوحيد الذي استخدم جهاز ٩٠٩ بالطبع، لكنه أخذ بإمكاناته أبعد من الجميع. في عام ١٩٨٨ أسس ميلز فريق أندرغراوند ريزيستنس مع مايك بانكس، ليقدم موسيقى تكنو مدفوعة بأصوات ٩٠٩ خالية من التنازلات أكثر من أي شخص سبقه، من الناحيتين الموسيقية والسياسية. وعندما انفرد ميلز في عروضه عام ١٩٩١ استمر في دفع شكل الموسيقى إلى مواضع أكثر قسوة وظلمة، ليحول جهاز ٩٠٩ إلى أداة تخدر الحواس. حتى أن ميلز قد بقر بطن جهازه ٩٠٩ الأصلي مؤخرًا ليحوله إلى آلة ذات تصميم شخصي فريد تشبه الأطباق الطائرة.
قد يكون استخدام طبلة كيك في ٩٠٩ الآن أقل من قبل، لكن موسيقى التكنو الحديثة تدين بالكثير لتناول ميلز لها، بينما تظل موسيقى الهاوس المعاصرة مكبلة بنوع الخبطات المميز الذي ساهم فرانكي نكلز في رواجه. ولعل جهاز ٩٠٩ كان بديلًا مؤقتًا إلى أن تصدر رولاند أخيرًا آلة الطبول التي رأت أنها تحتاج إليها لهزيمة أجهزة أخرى مثل ليندرم، لكنها دون أن تدري خلقت نبض الملاهي الليلية الحديثة.
مثل إل إم – ١ نجاحا باهرًا لروجر لين، لكن هذا لم يكن كافيًا. في عام ١٩٨٦ أدت المنافسة القوية والدعاية السلبية بسبب البرنامج المتقلب في جهاز لين ٩٠٠٠ إلى إفلاس شركة لين للإكترونيات. وبالرغم من فشل شركته إلا أن خبرته ظلت مطلوبة جدًا، واستهدفته شركة آكاي اليابانية على مستوىً شخصي ليعمل على قسم الأجهزة الإلكترونية حديث العهد، آكاي بروفيشينل.
بالمقارنة مع رولاند وكورغ وياماها كانت خبرة آكاي يرثى لها في مجال صناعة أجهزة الإنتاج الموسيقي. كانت الشركة قد أصدرت بضع أجهزة عينات صوتية رقمية للاستفادة من التقنية، لكن جهودهم ذهبت هباء بسبب سلسلة إس بي من إي-ميو، والتي استخدمها ريك روبن بالفعل، وبالتزامن مع موت شركة لين للإلكترونيات في إنتاج أول ألبوم لفريق بيستي بويز. افتقرت أجهزتهم المركبة على حوامل حس التحكم اليدوي الذي قدمه جهاز إل إم – ١ والذي كان مصدر إلهام سلسلة إس بي. وكان روجر لين أفضل من يهزم إي ميو في تخصصهم.
كانت النتيجة جهاز عينات إيقاع ومتواليات بنظام ميدي اسمه إم بي سي ٦٠. استوحى تصميمه من جهاز لين ٩٠٠٠ الذي صممه لين، بما في ذلك أسطح الطبول ذات حساسية تجاه قوة النبضة وإمكانية صنع المستخدم للعينات، مع إضافة جودة صوت أعلى ومشغل أقراص مرنة والقدرة على لعب ١٦ صوتًا في نفس الوقت. لم يكن إم بي سي ٦٠ مجرد آلة طبول تتيح لك إضافة عيناتك الصوتية، بل كانت وحدة عمل متكاملة. ومع تجاوز الجهاز قيود إس بي -١٢٠٠ القائمة على المقاطع المتكررة، استبدل العديد من فناني الهيب هوب من مروجي العينات الصوتية في الثمانينيات أجهزة إم بي سي ٦٠ بأجهزة إس بي-١٢٠٠.
ترك إم بي سي ٦٠ وما تبعه من أجهزة أثرًا هائلًا على الموسيقى الحديثة، خصوصًا في مجال الهيب هوب. سجل دي جي شادو ألبومه الأول Endtroducing بالكامل مستخدمًا إم بي سي ٦٠، بينما قدم تيو باريش ومودي مان لاحقًا حسًا أكثر طبيعية إلى موسيقى الهاوس باستخدام هذا الجهاز. والسبب في مرونته المميزة كانت خواص تحديد القيمة والأرجحة التي اشتهر بها لين، والتي صححت الأخطاء الإيقاعية دون التضحية باللمسة البشرية. وإن كان مصنعون آخرون قد أضافوا خواص تحديد القيمة والأرجحة أيضًا لكن فنانون كثر أكدوا على أن جهاز لين كان به شيء فريد افتقد إليه الآخرون.
استغنت آكاي عن خدمات لين بعد إصدار إم بي سي ٦٠ لأن مبيعاته كانت مخيبة للآمال، لكن تبين أن جهاز ام بي سي من النوع بطيء الاشتعال. تزايدت شعبيته ببطء ولكن بخطى ثابتة حتى طلب من لين العودة إلى الشركة لتطوير طراز أقوى، وهو جهاز إم بي سي ٣٠٠٠. انحلّت الشراكة مجددًا وشرع لين في تأسيس شركة روجر لين ديزاين التي اشتغلت على وحدات مؤثرات الجيتار. وعكف على هذا الأمر لسنوات إلى أن أقنعه منافس سابق بتصميم آلة طبول أخرى.
في نهاية العقد الأول من الألفية الثانية انتصرت أجهزة الكمبيوتر. حلت البرامج محل أجهزة السينثيسايزر باهظة الثمن، كما حل برنامج ابلتون محل وحدات إنتاج الموسيقى MPCs وأجهزة المتتاليات لتنسيق المسارات الموسيقية، وصارت الأجهزة المصنعة معظمها أجهزة تحكم بنظام ميدي مصممة للتحكم في المعاملات على الشاشة. وفي عام ١٩٨٠ وصل سعر ليندرم ٤٩٩٥ دولارًا، أما في ٢٠٠٩ أصبح ممكنًا الحصول على نسخة برمجية تؤدي الغرض ذاته مجانًا.
لم تكن سهولة الحصول على أي صوت يحاكي حقب ماضية وحدها سبب موت آلة البطول، بل ساهمت في ذلك أيضًا إمكانيات البرمجيات. فبرنامج مثل باتري Battery يتيح لك بتعديل كل معامل طبلة سنير بأدق تفاصيلها إذا أردت، ما مكن المنتجين الموسيقيين من صنع إيقاعات مصقولة ومجزأة لأقصى درجة كانت حافزًا لازدهار موسيقى التكنو التقليلية. لم تعد هناك أي جدوى تجارية من إصدار آلات طبول حقيقية، فالأذواق كانت تتغير بسرعة كبيرة تجعل أي حزمة من الأصوات الجاهزة تتقادم بعد مرور عام عليها. أراد المنتجون القدرة على صنع إيقاعات خاصة بهم، وكان كل ما يحتاجونه لفعل ذلك جهاز تحكم وبرنامج ومكتبة عينات صوتية.
منذ بداية الألفية الثانية كان هناك عدد جيد من أجهزة تحكم سطح الطبلة بنظام ميدي يمكن الاختيار بينها. وفيما هيمنت أجهزة آكاي وإم أوديو وكورغ على السوق كان ثمة شيء ناقص. مع أن نظام ميدي كان يتيح للمنتجين توزيع التحكم كيفما شاؤوا، إلا أن هذه المنتجات كانت أجهزة تشمل كل الخواص، ما أدى إلى نوع من الانفصال بين الأجهزة والبرمجيات. ومع أن استخدام هذه الأجهزة لوضع تصميم مبدئي للإيقاعات كان ممكنًا، إلا أن المنتجين وجدوا أنفسهم يستخدمون فأرة الكمبيوتر ولوح المفاتيح لتعديل المعطيات وتغيير الأصوات الجاهزة وإضافة المؤثرات.
المشكلة لم تحلها شركة لتصنيع الأجهزة، بل شركة عرفت ببرمجياتها. شرعت شركة نيتيف إنسترومنتس في تطوير هجين من الأجهزة والبرمجيات كان يبدو ويعمل مثل آلة طبول كلاسيكية. وكانت النتيجة ماشين، سلسلة من الأجهزة الأنيقة والخفيفة ذات أدوات تحكم مصممة لتصاحب الوظائف البرمجية. كان يمكن الحصول على مئات من أصوات الطبول من الجهاز ذاته المتصل بكمبيوتر المستخدم والذي يتولى عملية تنسيق التواليات.
منذ إصدار سلسلة ماشين عام ٢٠٠٩ أضافت الشركة مجموعة كاملة من سينثيسايزر الطبول إلى مكتبة عيناتها، وكذلك القدرة على استضافة برامج بتقنية الستوديو الافتراضي VSTs. أصبحت الآن وحدة عمل أكثر من كونها أداة ذات وظيفة واحدة، وتعد خليفة سلسلة وحدات الإنتاج الموسيقي MPC التي تفوقت على محاولات آكاي الأخيرة في إحياء وحدات الإنتاج الموسيقي MPC في عصر البرمجيات. وبتضمين عناصر مثل مفتاح الأرجحة شعر مستخدمو آلات الطبول الكلاسيكية بالألفة معها.
ويزعم أن سلسلة ماشين من أكثر الأجهزة الإلكترونية انتشارًا في العقد الماضي، حيث استخدمها الجميع من منتجي الهيب هوب الصاعدين إلى قدامى المنتجين مثل كارل كريغ. من الصعب الحكم على تأثيرها أو ما سيخلفه من تركة – فهو أقوى أداة لصنع الإيقاعات الإلكترونية في التاريخ، لكن مع وجود ما يزيد عن ألف صوت لطبلة كيك فقط لتختار بينها، لا يتمتع الجهاز بأي صوت مميز. لكن ما حققه هو إتاحة آلات طبول لعدد أكبر من جمهور رولاند وكورغ وياماها مجمعين.
قد تكون شركة نيتيف انسترومنتس قد وحدت البرمجيات والأجهزة، لكن ظل هناك منتجون يبحثون عن صوت وتجربة لا تقدمها سوى آلات الطبول. وبينما ازدهرت البرمجيات في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة، أغرقت سوق الأجهزة المستعملة بآلات طبول من الطراز القديم. وسواء اشتريتها من محل لبيع الأجهزة المستعملة أم من موقع إي باي، كان سعرها منخفضًا بما يكفي ويتيح بوفرة ما يكفي لمعظم الناس كي يحصلوا على غايتهم بسهولة.
وفي نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة بدأ ذلك يتغير. زاد الهوس بالأجهزة من الطراز القديم لشكلها الجمالي وتحكمها اليدوي وصوتها القياسي، ما أدى إلى تضخم الأسعار وقلة العرض في سوق المستعمل، وساهم في ذلك جزئيًا عودة الاهتمام بموسيقى الهاوس وأصوات التكنو القديمة. وفي حين أتاحت البرمجيات الحصول على أي آلة طبول كلاسيكية بسهولة، أصر العديد من السميعة على أن لا شيء يضاهي الحدة القياسية في صوت كيك ٩٠٩ حقيقي.
في عام ٢٠٠٦ أثبتت شركة ديف سميث الجديدة، ديف سميث انسترومنتس، أن سوق أجهزة السينثيسايزر الجديدة القائمة على تقنية قياسية ما زالت مفتوحة. ملأ جهازاه إيفولفر وبروفيت ٠٨ فراغًا خلفته أجهزة السينثيسايزر القياسية في السبعينيات والثمانينيات، وقرر أن يفعل المثل مع آلة الطبول. اتصل بروجر لين، وكان وقتها يصمم مؤثرات الجيتار، واقترح عليه أن يدمجا خبراتهما. كان أول تجسيد لآلة الطبول الخاصة بهم جهاز بوم تشيك، وهي نموذج أولي شابه وحدة إنتاج الموسيقى MPC مثبتة عليها وحدة سينثيسايزر، ولم تكن ردود الفعل الأولى مبشرة.
لكن مع إصدار جهاز تيمبيست عام ٢٠١٢ بدا منتجهم مختلفًا تمامًا. فهو ليس أفضل آلة طبول على الإطلاق وحسب، بل يمكن استخدامها أيضًا كجهاز سينثيسايزر سداسي الصوت. وكان كل صوت مكون من مذبذبين قياسيين وآخرين رقميين، ما أتاح عمقًا في الصوت لم يكن ممكنًا تحقيقه من خلال أي آلة طبول في الثمانينيات. وبإضافة ١٦ سطح طبلة قوية التعبير وأداتي تحكم باللمس بدلًا من عجلات طبقة الصوت وتغيير النغمة Modulation على كيبورد، عُززت رؤية الثنائي لجهاز تيمبيست على أنه “فكر جديد لما تحتاج إليه آلات الطبول في العصر الحالي.”
لم يرق جهاز تيمبيست للجميع. وهناك منتدىً كامل مخصص للتساؤل عمن احتفظ به بعد الهوجة الأولى، حيث يستشهد الناس بأمور شتى من صعوبة مسار العمل إلى فتور أصوات الكيك. ومع ذلك فقد تمتع بشخصية مميزة، وساعد على تشكيل صوت الجيل الحالي من منتجي التكنو الخام. يستخدم بلاوان وباريا في مشروعهما Karenn جهاز تيمبيست لترسيخ موسيقاهما في ركيزة إيقاعية خشنة، مع استخدام قدرات السينثيسايزر فيه لخط البيس. كما استخدمه باركر وباوميكر في بعض المقاطع من ألبومهما Transsektoral في عام ٢٠١٢، حيث أضفت خاصية الأرجحة المعروف بها لين بُعد التلاعب على رؤيتهما لموسيقى التكنو.
قد يكون سعر تيمبيست الباهظ قد أبقاه بعيدًا عن متناول كثير من المنتجين، لكنه ملأ فراغًا عجزت سلسلة ماشين عن سده، وساعد في جعل آلات الطبول مرغوبةً مرةً أخرى. في عام ٢٠١٤ أصدرت شركة إلكترون جهاز ريتم RYTM، وهي آلة طبول قياسية يرى البعض أنها لم تكن لتصدر لولا جهاز تيمبيست. ولحقتها رولاند بجهاز أيرا تي آر 8 AIRA TR-8، وهو تحديث عصري بثمن معقول لطرازي ٨٠٨ و٩٠٩. وإن كان معظم المنتجين يميلون أكثر إلى جهاز ماشين في حال صنع الإيقاعات، إلا أن جهاز تيمبيست ساعد في بث حياة جديدة في الأجهزة المحبوبة جدًا والتي بدأت مسيرتها كمشغل شرائط عملاق.
اقترح النص رامي أبادير وترجمته أميرة المصري وحرره عمار منلا حسن. كتب المقال الأصل سكوت ويلسون لصالح مجلة فاكت.