كم من فئةٍ قليلة | ٢٠ أغنية كويرية راديكالية

كتابةمعازف - August 26, 2020

شارك في كتابة هذه القائمة رامي أبادير وعمار منلا حسن وزهور محمود وهيكل الحزقي.

صورة الغلاف إهداء من منار منلا حسن. التقطت الصورة في مسرح البيضة في بيروت، في الليلة السابقة لاستقالة أوّل حكومة إثر احتجاجات تشرين الأوّل.


نشأ قدرٌ كبير من المشاهد والأنواع الموسيقية ليتحدى الأعراف الاجتماعية السائدة، والسلطة بشكلٍ عام. يُعد الديسكو أفضل مثالٍ على ذلك، حيث قام في الأساس على يد الكويريين والكويريات متحديًا السلطة الذكورية، وامتد تأثيره لينشأ من خلاله مشاهد أخرى راقصة مثل التكنو والهاوس. على صعيد المشهد الإلكتروني الراقص والتجريبي، ساهم الكويريون والكويريات في دفع الموسيقى الإلكترونية إلى الأمام، وطرحوا جماليات مجددة ومستقبلية فرضت جاذبيتها وإبداعها على بقية المشهد الإلكتروني. من ناحية أخرى تحفل مشاهد الروك والراب والبوب حول العالم، بالإضافة إلى المشهد العربي، بمساهمات مجتمع الكوير في التجديد والتطوير، وإضافة مواضيع خارج التيار السائد.

تتغير العادات والأدوار الاجتماعية والأفكار مع الوقت، بحسب موازين القوة التي تميل لصالح من يمتلك السلطة. من هنا تنشأ البنية الاجتماعية التي تفرض مفاهيمًا وقيمًا بعينها على المجتمعات لتصبح سائدة. طرحت المنظّرة النسوية جوديث باتلر من خلال النظرية الأدائية نظرة مغايرة عن الجندر، حيث ترى أن الدور الجندري  ليس من الثوابت، وإنما هو دائم التغيير، ويتكرر بين أفراد المجتمع بشكل أدائي كنتاج لبنية اجتماعية مسبقة، حيث تؤكد: “ليس الجندر خيارًا جذريًا وهو غير مفروض على الفرد.”  على مدار عشرات السنين حتى الآن، ومن خلال عدّة مشاهد موسيقية ومجموعة من الكويريين / الكويريات، وحتى الغيريين / الغيريات أيضًا، شهدنا في المجال الموسيقي محاولات مختلفة للتعبير عن الهوية الجندرية تتحدى تلك البنية الاجتماعية، تطرقت إلى الحديث عن الحرية الجنسية والجندرية وتحدي العادات الذكورية السائدة والسلطة الأبوية والسياسية بشكل صريح.

تشمل هذه القائمة أغانٍ لفنانات وفنانين سواءٌ من المتجمع الكويري أو الغيري، أنشأ بعضهم مشاهدًا وحركات موسيقية تحدت الأعراف السائدة، وألهم البعض الآخر العديدين. أثّرت هذه الأعمال بشكل كبير على المستوى الإنتاجي والتجريبي والراقص والجماهيري، وعلى الجانب الأدائي من ناحية أخرى. على المستوى التقني، ساهمت هذه الأعمال في التجديد الموسيقي بشكلٍ عام، وفرضت نفسها بفضل إبداعها وجاذبيتها. أما مفاهيميًا، تتفرع مواضيع العديد من أغاني القائمة ومفاهيمها، منطلقةً من الجندر في الأساس دون أن تقتصر عليه، فتتقاطع مع قضايا طبقية وعرقية واجتماعية ذات سياقات محلية، خالقةً أبعادًا أكثر تشابكًا.

اسكندر معلوف | مشروع ليلى

في هذه الأغنية الموجهة ضد بعض الشخصيات المنتقدة للفرقة، يلعب حامد سنو على المفارقة التي تشير إلى كون بعض المصابين برهاب المثلية يدارون ميولهم المثلية الخاصة. يخلق حامد شخصية فرانكشتاينية مستمدة من ملامح عدة من المتهجمين على الفرقة، ليصنع منهم اسكندر معلوف، الشخص الذي يحرص على قفل باب الخزانة التي حبس نفسه (وحبسه المجتمع) فيها: “حاج تأكد على قفل الباب ما فيك تتخبى / من يلي عم بيصير بجسمك / من يلي عم بيصير بجسمك / بعتذر اني الألعاب يلي منعوها عنك / فيك تلعب حدي إذا بدك / تلعب معي إذا بدك.”

شي لايك، آم لايك | يانج إم إيه

للأغاني الجندرية الاحتجاجية والمواجهاتية تاريخ طويل في الراب، في الكلَب راب (club rap) تحديدًا، لكن يانج إم إيه ساهمت مع مجموعة رابرز خلال السنوات الأخيرة في دفع الثيمات الجندرية ضمن التراب والراب الأكثر جماهيريةً. في أغنيتها هذه، تصف يانج إم إيه علاقتها بصاحبتها، بنبرة توحي لنا لوهلة بأننا نعيش في يوتوبيا مستقبلية ما بعد جندرية. تتحدث يانج إم إيه عن العلاقة وعن نفسها وصاحبتها بعفوية وطبيعية، دون دفاعية أو حذر أو مجابهة، مجرد أغنية طبيعية عن علاقة طبيعية.

نونباينري | آركا

منذ ألبومها آركا الصادر منذ ثلاث سنوات، اعتمدت آركا على مهارتها الأدائية والغنائية. عبر إصداراتها المتتالية هذا العام تركز آركا على هويتها الجندرية بشكل واضح لتكسب إصداراتها بعدًا مفاهيميًا خاصًا. تأتي أغنية وفيديو نون باينري مثالًا على ذلك، حيث تسلط آركا الضوء على جانب من عبورها الجنسي المتمثل في الحكم على اختياراتها وامتيازاتها، لتحتفي في نهايتها بعدم انتمائها إلى الثنائية الجنسية. تتكامل الموسيقى المفككة بإيقاعاتها وتصميمها الصوتي الشيّق مع الفيديو المتقن ثلاثي الأبعاد.

فينوم | ليتل سيمز

“الحياة رديئة ولم أجرب الانتحار / عقلي متضرر أكثر من قدرتي على الاستيعاب” بهذه العبارتين، تفتتح الرابر البريطانية ليتل سيمز أغنيتها فينوم، لتخبرنا بوضوح ومنذ البداية بأنها ليست هنا لعقد الهدن أو تحقيق انتصارات صغيرة – هي في مكان لم يبق لديها فيه الكثير لتخسره، فإمّا الكل أو لا شيء.

تتحدث سيمز بشكلٍ ضبابي عن الذكريات والأحداث (يا إلهي لو سمعتم ما سمعت تلك الليلة / ذلك الذعر، كعلقة تعيش في ماضيّ) التي دفعتها إلى حالتها النفسية الحالية (لا أريد أبدًا أن أنزل من الـ هاي)، وتكشف نواياها واضحةً إزاء أي شخص لن يتعامل بجدية مع الخطوط التي ترسمها: “أوه، انزعجت؟ اهجم علي يا عرص / اتخذ حركتك ولا تضيع الوقت / أفترض إنك ناوي على دم / اثنيناتنا ناوين على دم.”

آي ووك ألون ويذ آسيد | بايل بلو

إثر تطوعها في خط اتصالات لضحايا الاغتصاب، كتبت إليزبث وايت (نصف الثنائي بايل بلو) الكلمات المصاحبة لتراك الآسيد هاوس هذا، لتصور هواجس ضحايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي كرحلة آسيد سيئة لا تنتهي، تتمحور حول سؤالين: “هل جسدي لي؟ هل خوفي حقيقي؟”. مدفوعةً بهذين السؤالين، تعيش الشخصية في الأغنية هربًا سرمديًا، سواءٌ في المنزل: “أبقي على سكين في سريري / أضع مضربًا قرب رأسي” أو في الحفلة: “أتفقد كأسي قبل أن أشرب / لا أترك كأسي بعيدًا عني أبدًا” أو في الخارج: “بإمكان مفاتيحي أن تتحول إلى سلاحٍ أيضًا / أقلع بها هاتين العينين”، قبل أن يبدأ الجيتار الذي تلعبه إليزبث بترديد أصوات صدئة عنيفة ومشؤومة قرب نهاية التراك، فيما تتحول رحلتها من الهروب إلى المطاردة: “أمشي لوحدي في المساء / دائمًا ما أبحث عنك / وعندما أعثر عليك أخيرًا / ستنال ما تستحقه.”

فايس شوبينج| سوفي

بعد خمس سنوات من بداية مسيرتها عام ٢٠١٣، قررت سوفي مع إصدارها المميز أُويْل اُف إفري بيرل أن-انسايدز الإفصاح عن هويتها. صاحب ذلك استعراض سوفي لأدائها الصوتي والحركي البارع، وعناصر الإيقاع والخامات المفككة جامعةً بين البوب والتجريب، معلنةً عن أكثر أعمالها نضجًا. في حين تطرقت سوفي في الألبوم إلى هويتها الجندرية وتصالحها مع نفسها والرغبة الجنسية والوحدة والحيرة والقبول عند الآخر، تكشف في أغنية فيس شوبينج عن التسليع وعالم الإعلانات والسوشال ميديا وعمليات التجميل.

جانكي | بروكهامبتن

في ٢٠١٧، أصدرت فرقة الراب بروكهامبتن ثلاثة ألبومات تحمل اسمها، أسست لسمعتها كالـ بوي باند الأبرز في الراب. بعيدًا عن الصورة النمطية لمجموعة راب، امتازت بروكهامبتن بأسلوبٍ كولّاجي، يحافظ على فردية كل من أعضاء المجموعة الثلاثة عشر، ضمن إطار مرح وملوّن من الراب البديل والتجريبي، مستمد من أسلوب العضو الأبرز في الفرقة ومخرج فيديوهاتها، كيفن آبستراكت.

في هذه الأغنية من ألبوم بروكهامبتن ٢، يتتالى أعضاء الفرقة في اختيار أساليب مختلفة من السرد، بين المصارحة المنفعلة والممازحة المتخففة، ليتحدثوا عن جوانب إشكالية أو صعبة في حياتهم، كإدمان المخدرات والاكتئاب والمشاكل مع الأسرة. تفتتح الأغنية بمقطعها الأكثر تأثيرًا، والذي يتحدث فيه كيفن آبستراكت عن الصعوبات التي تواجهه نظرًا لكونه رابر مثلي، لدرجة تدفعه إلى التفكير: “أقدم أكبر مساهماتي للثقافة (الكويرية) عبر مجرد البقاء موجودًا.”

سليب أواي | برفيوم جينيس

يزخر تاريخ الدراما بأعمال تراجيدية حول أزواج يواجهون مجتمعاتهم في سبيل أن يكونوا سويةً، ويعانون من حرمانية علاقتهم لأسباب طبقية أو قِبلية أو دينية أو عرقية أو سواها. تأتي هذه القصص لتذكرنا بالجوانب المظلمة للمجتمعات الماضية أو المعاصرة التي تقع فيها الأحداث. في الأغنية المركزية من ألبومه نو شايب، يقدم برفيوم جينيس قصّة حبه مع شريكه، ضمن معالجة درامية مشهدية، وكأنها مأخوذة من عرض في برودواي، لتبدو كإضافة منسجمة مع أدبيات الدراما الملحمية لقصص الحب الممنوع، ووشايتها بمشاكل المجتمع، دون أن تفضي الأمور إلى نهاية تراجيدية بالضرورة.

بِد رِست | كايكس دا كيلا وLSDXOXO

عبر مسيرتهم الغزيرة بالتعاونات بينهما، أصبح كايكس دا كيلا وإل إس دي من أبرز الأسماء والثنائيات في موجة الكوير الراب التي شهدتها الولايات المتحدة خلال العقد الأخير، كما ساهم ثنائي الرابر والمنتج / دي جاي بتشكيل صوت الكلَب راب (club rap) الذي انتشر في الولايات المتحدة ثم في العالم، ليقدم أحد أهم فروع الراب البديل اليوم. تأتي أغنية بِد رِست كهدية من الثنائي إلى مجتمعات ثقافة الكوير التي احتفت بهم وساعدت في صعودهم. تصف الأغنية ملاحم جنسية مثلية انتهت بضرورة أن يأخذ كايكس استراحة سريرية.

ساماريتانز | آيدلز

منذ إصدارهم ألبومهم الأوّل بروتاليزم عام ٢٠١٧، أصبحت فرقة البَنك من بريستول، آيدلز، إحدى أكثر الأصوات خشونة وحيوية في البنك المعاصر. أُتبع بروتاليزم بألبوم الفرقة الثاني، المتعة كفعل مقاومة (٢٠١٨)، الذي أدخل الفرقة معظم قوائم أفضل ألبومات العام، وأكسبهم جمهورًا متعصبًا فوريًا من سمّيعة ونقّاد البَنك. ضمّ هذا الألبوم أغنية ساماريتانز، التي تسخر من الذكورة المبالغ فيها عبر محاكاتها. بأسلوب غنائه المتفجر، يهتف المغني جو تالبوت بعباراتٍ مثل: “قناع الذكورة هو قناعٌ يرتديني” و”لهذا لا ترى أباك يبكي / لهذا لا ترى أباك”، شاحذًا الطاقة لبناء ذروة الأغنية التي يهتف فيها: “قبّلتُ شابًا وأحببت ذلك.”

شهرزاد | تريز سليمان

نزلت الأغنية ضمن ألبوم زهر اللوز لِتريز سليمان الصادر في ٢٠١٤. كتبت تريز نص الأغنية في مجدل شمس، ولحنتها مع صديقها يزن إبراهيم. شهرزاد أغنية شهوانية عن الحب، تلاعبت خلالها تريز بالصور الملتبسة والصريحة، وصوّرت رمزيًا قصة حب ممنوعة في مجتمع ذكوري شهرياري يغتال القصص المماثلة قبل نهاياتها: “دخلك رجعها متى خلص سطري الأخير.”

بويز أَند جيرلز | بلور

ارتكزت أغاني البريت بوب على الواقع المحلي البريطاني، الخاص بثقافة الشباب والمخدرات وصراع الطبقات، بالإضافة إلى السخرية من كل ما هو أمريكي. بالإضافة إلى احتفاظها بالطابع الساخر لـ بلور، تأتي أغنية بويز آند جيرلز لتحتفي في الكورس الذي يلصق بالأذن بتبادل الأدوار بين البنات والأولاد، لتصبح واحدة من أشهر أغاني التسعينات في بريطانيا. تأكيدًا على هذه الثيمة، اعتمد الفريق على إيقاع ديسكو سبعيناتي، تقديرًا لواحد من أهم المشاهد التي تأسست بفضل المثليين السود.

الحب المهرب | دينا عبد الواحد

في واحد من أفضل أعمالها: خُنّار، وظفت المنتجة والدي جاي التونسية دينا عبد الواحد صوتها الغنائي للحديث عن الظلم وقضايا وتابوهات اجتماعية في تونس. في الحب المهرّب تحكي عبد الواحد عن الأحكام التي أصدرها الناس عليها حين أحبّت بنتًا فرنسية وسافرت معها إلى فرنسا. تختلف الأغنية عن بقية موسيقتها الراقصة، حيث تعتمد على إيقاع بطيء نسبيًا محتفظ بتشابكه، في حين يحتوي على مساحات صوتية فارغة تتيح المجال للغناء عليها.

أوسكولو | إِليسيا كرامبتون

تتعدد مواضيع المغنية والشاعرة والمنتجة العابرة إِليسيا كرامبتون بشكلٍ ملفت. يشتمل ألبومَيها الأولَين، أمريكان دريفت وديمون سيتي، على قراءة التاريخ من منظور مناهض للاستعمار، إلى جانب تجربتها كعابرة. تهدي كرامبتون ألبومها الثالث، الصادر تحت اسمها والذي نختار منه تراك أوسكولو، إلى الفنانة الأدائية البوليفية الكويرية أوليفيا (كارلوس إِسبينوزا)، التي تعد من علامات الحركة الكويرية في الستينات والسبعينات. يعد ألبوم كرامبتون الثالث الأغنى موسيقيًا، فبالإضافة إلى صوتها المفكك وتأثير الراب، يظهر تأثير الموسيقى اللاتينية ذات الجذور الفلكلورية مثل السايا والهوواينو والكومبيا والبايلي فانك.

فور إيثرز | سربنت وِذ فيت

يملك سربنت وِذ فيت (جوسيا وايز) واحدًا من أفضل الأصوات الغنائية، تتباين أساليب غنائه وطرق تحكمه بصوته. يعطي وايز دفعة قوية وتجريبية لموسيقى الجوسبل والآر آند بي. يخاطب حبيبه في تراك فور إِذرز متحديًا السلطة الأبوية، ومتقبلًا حبيبه بكل معاناته وعيوبه ومعلنًا عن ما يعنيه له. ما يميز الأغنية موسيقيًا أداء سربنت غير المتوقع على عينة للموسيقي الكلاسيكي هِكتور برليوز. ينجح وايز في الإفصاح بقوة عن مشاعره الحزينة مازجًا بين أسلوب الجوسبل الغنائي والتجريب.

آي جِت إت | تشارلي إكس سي إكس

تعد البي سي ميوزك من أكثر أنواع الموسيقى الإلكترونية التي احتوت العديد من الفنانين / الفنانات الكويريين /الكويريات إلى جانب إلى الغيريين. يعد ميكستايب بوب ٢ لـ تشارلي إكس سي إكس واحدًا من علامات المجتمع الكويري المنغمس في ثقافة الإنترنت. نجحت تشارلي كفنانة غيرية في جذب قطاع كبير من الكويرز إليها، بموسيقاها البوب اللامعة والمرحة القائمة على الأداء المميز، كما في أغنية آي جَت إت بالاشتراك مع كب كيك وبروك كاندي وبابلو فيتار.

آما ريد | زيبرا كاتز وجينا ريد فوكس

إثر صدورها مطلع ٢٠١٢، بقيت أغنية زيبرا كاتز مجهولةً لفترة، لم تخرج عن الجمهور الضيّق للرابر المغمور، حتى اختيرت الأغنية لتُلعب لمدة ١١ دقيقة في عرض أزياء في باريس، ثم تحولت إلى أولى ضربات النجاح الجماهيري للرابر، الذي أصبح خلال السنوات التالية أحد أركان موجة الكوير راب في الولايات المتحدة.

عند بداية انتشارها، أحدثت الأغنية قلقًا لحالة عدم الارتياح والحيرة التي أحدثتها عند مستمعيها، قبل أن يكتشفوا أن شعورهم على هذا النحو كان أحد أهداف الأغنية. مرددين كلمة bitch لتسعٍ وسبعين مرة، ومستخدمين كلمة teach بمعناها السوقي العدواني “أربّي فلانًا”، يحبسنا كل من زيبرا وجينا فوكس في حجرة من الشعور بالتهديد والاختناق، يلقيان باراتهما بنبرة جافّة ورتابة بيروقراطية، ليمنحانا فكرةً عن كيف تبدو الأمور من وجهة نظرهم أحيانًا، ملاحقين بذات الإهانات، بذات العقلية وذات التوعد والتهديد، بشكلٍ ببغائي وملقّن، وعلى ما يبدو، لا نهاية له: “بلّشت المدرسة، حاربّي هالبيتش / حأكتب أطروحة لأشرح أعذاري / لمَّا أتجاوز حدودي، ولمَّا أبصق، وأرفس، وأمزّق، وإنتهك، وإتظاهر بإني بتثاءب.”

يو ميك مي فيل (مايتي ريل) | سلفستر

تعد أغنية يو ميك مي فيل (مايتي ريل) للمغني سلفستر واحدة من علامات مشهد الديسكو والكويري في السبعينات. بالإضافة إلى غناء سلفستر بشكل صريح عن الحرية الجنسية، تتميز الأغنية بإدخال العنصر الإلكتروني إلى الديسكو، الأمر الذي ساهم في الموسيقى الراقصة بأنوعها المختلفة في الثمانينات والتسعينات.

بِرن إِ برينت | لوتيك

بات من الواضح في المشهد الراقص المفكك إسهام الكويرز الكبير فيه، وتعد لوتيك مثالًا حيًا على ذلك. في أغنية بِرن إِ برينت، تزيل لوتيك الفروق بين أنواع موسيقية شتى، كانعكاس وتأكيد على إزالتها للفروق الجندرية، معتزةً بنفسها وبهويتها الجندرية.

أنا اللي قابرته | هواري منار

منذ سنة ونصف، توفي هواري منار في ظروف غامضة أثناء إجرائه لعملية تجميلية. أحدث هواري منار جلبة غير مسبوقة في الراي الجزائري، بمثليته الصريحة وأغانيه التي تحدث فيها بلا مواراة عن قصص حبه. تشبع الراي منذ بداياته البدوية، ومع الشيخة رميتي فيما بعد وأغانيها الجامحة، بحمولة فياضة بالمعاني الجنسية والإيروتيكية. لكن هواري دفع حدود الراي بعيدًا. في أنا اللي قابرته، يتحدث هواري عن وقوعه في حب رجل وافتتانه بفحولته: “قتلتني مشيته / عجبتني لحيته / أنا صايي بغيته / مون بيبي سميته”.

يو آينت فاكينج ويذ مي | كواي داش

تفتخر كواي داش بالقوّة فوق البشريّة التي اضطرت أن تكتسبها على مدى حياتها حتى استطاعت النجاة، بل النجاح، كعابرة جنسيًا سوداء البشرة في أمريكا: “اعتدت أن اشتغل مناوبات ليلية في الحارة / الآن أنا على القمة / اصبعي الأوسط مرفوع للشرطة / أضع رجالهم على أيري”. بعد صعودها المتحدّي، تؤكد كواي داش أنها أصبحت شخصًا لا يمكن لأحد العبث معه، أو كما تلخّص ذلك بأناقة في أول أسطر الأغنية: “إذا غلطت معي بالكلام حتتبهدل.” تعاونت كواي داش في هذه الأغنية مع المنتج الإيرلندي سيجا بوديجا، لتخلق جسرًا بين مشهدي الكلب راب في الولايات المتحدة وبريطانيا، جامعةً الملامح المواجهاتيّة والحادّة للمشهدين.

كوني | هدى عصفور

تصدّرت الأغنية ألبوم هدى عصفور الثاني الذي حمل نفس الاسم. تبتعد سردية الحب في كوني عن أسطورة التملّك الحاضرة بقوة في الأغاني العاطفية العربية. علاوة على أنها وقائع قصة حب حقيقية، اختزلت مفردة كوني فلسفة الألبوم، من خلال بحث هدى عن شخصية أسلوبية مستقلة، في محاولة جدية منها لإنهاء جدل التصنيفات والانتماءات. احتوى نص الأغنية على مقاطع بالفصحى والعامية، كتبت هدى الجزء الأكبر منها بعد أن تلقفت القصيدة في شكلها الفصيح من لانا سلمان. لم تقتصر كوني على الصور الحسية والجنسية، وتشبعت بمضمونٍ عاطفي صرف. تطلب هدى من مخاطبتها أن تكون صديقتها ورفيقتها وحبيبتها في نفس الوقت، في ظل خوف الأخيرة من خوض هذه العلاقة:

“كوني حبيبتي

لي بتغزل بطلعتها

لي بتبسم لضحكتها

كوني صديقتي

عسيرتها بتدبل عيوني وبتذكر ريحتها”