ربما أبرز ما يميز موسيقيي هذه القائمة في العالم العربي هو كونهم مستمعين شرسين. بإمكاننا عند استماع ألبوماتهم الجزم بأنهم ملمون بكل ما يحصل في الأصناف والمشاهد الخاصة بهم، محليًا وعالميًا. يعرفون ما المألوف والجديد، ما المعهود وما الصدامي، ما الذي بات سهلًا ومعتادًا ومالذي لا يزال إنجازه تحديًا. هذه ألبومات لعشر موسيقيين يحترمون مستمعيهم، ويبذلون أقصى جهدهم لتقديم أعمال كاملة غير مساومة.
أم الموجات | السينابتيك
ما قدّمه لنا ألبوم السينابتيك الأول الصادر في النصف الثاني من هذا العام، هو إثبات خطأ ادعاء أنه لا يمكن للموسيقى المستقلة أن تكون شعبية. كل الموجات ألبوم يصل للجميع بحميميته وصدق أسلوب كتابته، إلى جانب كونه في المرتبة الأولى والأخيرة ألبوم راب ممتع يعلق في الذهن بسهولة ويدفعك إلى تكرار الاستماع إليه في كل حين، خاصةً مع كم التعاونات الموفّقة التي تضمنها.
فروي دو ديمون | سولكينج
هذا الألبوم قفزة كبيرة في مشوار الرابر الجزائري سولكينج (عبد الرؤوف دراجي)، يفتح به لنفسه باب مشهد الراب الفرنسي على مصراعيه. ما يميز الألبوم أنه يختلف عن الأعمال الفرنسية بفضل تأثير الراي الواضح في موسيقاه، تنوع طبقات الصوت وطرق الغناء، والتوظيف الذكي للعُرب التي يزيد الأوتوتيون من جمالياتها. ألبوم مميز بألحانه ومزجه للفلوهات وأسلوبه الغنائي، بالإضافة إلى طابعه الراقص.
واحد واحد | أبيوسف
نزَّل أبيوسف ألبومه هذا بالقطّارة، أغنية منفردة تلو الأخرى على مدى عامٍ تقريبًا، وكأنه يرفض قالب “الأغاني المنفردة / بقية الألبوم”، ويود تسليط الضوء على كل قطعة من الألبوم بحد ذاتها. نفهم ذلك عند الاستماع للألبوم عن قرب، إذ يبدو بالفعل كمتحف شمع، كل أغنية فيه عبارة عن شخصية من عالم وحقبة خاصة بها. ربما كل ما يجمع أعمال هذا الألبوم هي كونها من صنع النحّات الدقيق ذاته.
وجوه | راتشوبر
يناسب ألبوم وجوه المستمع متعدد المزاجات، ليس فقط لاجتماع جنرات مختلفة في أغنياته الثمان بل لانسيابية مرورها متتاليةً دون أن يبدو أي منها هجينًا. لراتشوبر، سواء كملحن أو منتج موسيقي، حساسية عالية لما يتوافق من أنغامه ولتوظيف هذا التوافق بشكل أنسب. في كل مرة يصل بنا الاستماع إلى الجزء الأخير من الألبوم نصل نحن إلى الفكرة ذاتها: كيف استمعنا للتو بكل هذه المتعة إلى فاصل كلاسيكي بحت على البيانو وانتقلنا منه إلى صوت أكثر تجريبية في الإنتاج ثم إلى تراك راب بالاشترك مع ألفا؟ ومن أين امتلك راتشوبر هذه الثقة والجرأة في رؤيته حتى خرج بألبوم مختلف ومميز كوجوه؟
بعد الهزيمة | الراس
عرفنا الراس كرابر مجتهد وشغوف، تشغل باله أفكار كونية لا صراعات حارات. في هذا الألبوم، يضيف الراس إلى جعبة أسهمه بُعدًا شخصيًا ثمينًا جدًا، يسائل فيها العالم ونفسه بطريقة أقل يقيًنا، وأكثر فنيًا مما سبقه. هذا هو أفضل ألبوم صدر للراس حتى اليوم، وهذا بحد ذاته إنجاز.
إن كانَ كنتُ | مقاطعة
يستمر مقاطعة في استخدام عينات صوتية من محيطه المعيشي ليصنع ثمان مقطوعات تجريبية متينة، معتمدًا على خلفيته في الراب والتريب هوب. قد نلمح في الألبوم لحظات عهدناها من قبل مع موسيقى مقاطعة، لكنها تظهر هنا في إطار إنتاجي لا يعلى عليه.
ما بعد الاحتلال | مسلّم
مسلم هو أحد الحالات القليلة التي تلتقي فيها الجرأة السافرة مع موهبة قادرة على دعمها. في ألبومه الطويل الثالث، هو إما يعمل مع إيقاعات راقصة من موسيقات شعبية وفلولكلورية من المنطقة، أو يعمل على شحذ إلقائه وتدفقاته في الراب والتراب، أو يعيد تفسير قصيدة صوفية من العصر العباسي عبر منحها توزيعًا قريبًا من أعمال كانيه وِست. ثم تأتي شخصيته الكبيرة على نحوٍ غامر لتلف كل هذه التأثرات بسياق متين جعل ما بعد الاحتلال أحد الألبومات التي لا مهرب منها في ٢٠١٨.
خُنَّار | دينا عبد الواحد
مع هذا العام تثبت دينا عبد الواحد نفسها كمنتجة بتألقها في ألبومها الطويل الأول خُنَّار، لتحتل مكانة هامة بين منتجي الموسيقى الإلكترونية في المنطقة العربية. في حين أن إصدارها الأول كلَب جاء راقصًا ومباشرًا فإن خُنَّار يعتمد على إيقاعات أكثر تعقيدًا وقدر من التجريب وصوت أكثر جدية. بالرغم من ذلك لا تتخلى عبد الواحد عن العنصر الجذاب الذي يتيح موسيقاها لقاعدة جماهيرية ليست حكرًا على محبي الموسيقى التجريبية. كما يلعب غناؤها دور أساسي كى تعبر عن قضايا شخصية وعامة عديدة تشغلها في المنطقة العربية. يعد خنار مؤشر جيد لقدرات عبد الواحد الإنتاجية ويجعلنا متطلعين لأعمالها القادمة.
أبد | يُدخَّن
طور يدخن صوتًا خاصًا لم نسمع مثله في المنطقة، أعلن عنه بوضوح في أغنية يا أزرق وها هو يرسيه في هذا العمل الملحمي المؤلف من ثلاث ألبومات هي في الجحيم، الجنة، والمطهر (البرزخ). كل من هذه الإصدارات يستحق أن يكون ألبومًا بحق ذاته، لكن يدخّن أصدرها جميعًا مرة واحدة. قد يكون عملًا متطلبًا من المستمع، ولكنه يستحق.
تيرمنال | زولي
يفاجئنا زولي في ترمينل بالعديد من العناصر الجديدة عليه، أولها تخليه عن الطابع الراقص الذي اعتمد عليه بكثرة بأعماله السابقة وتركيزه بشكل أكثر تعمقًا على تدفق التراكات والتصميم الصوتي وتوظيفه للعنصر الغنائي. يأتي ذلك بالإضافة لتعاونه مع الكثير من الفنانين الذي استطاع بالفعل إبراز جوانب جديدة وجادة لديهم. لعل كل هذه العناصر التي جعلت الألبوم شديد التماسك والتنوع معًا. تتعدد الأفكار الموسيقية بين ما هو محيط معتمد على الأجواء الصوتية من ناحية، وما هو عنيف ومفكك ومثقل بالبايس من ناحية أخرى. تعاون زولي مع فنانين آخرين جاء بمثابة معادلة ناجحة أسفرت عن منتج وصوت جديد لزولي والمتعاونين معه وهو ما أرثى تلك الحالة من التنوع لتجعل ترمينل من أهم الأعمال الموسيقية بالمنطقة وعلى المستوى العالمي بهذا العام.