.
تضم هذه القائمة عشرة لطميات تتناول السيرة العاشورائية والليالي الفاطمية. يقدم الرواديد شخصيات معروفة من معركة كربلاء، بما في ذلك شخصيات غاب ذكرها عن القصائد العاشورائية؛ وفيما لم يسجّل العام الماضي ظهور رواديد جدد، إلّا أن هذه الموسيقى الدينية استمرّت بالتطوّر مع اعتمادها المتزايد على الاستديو في ظل الوباء.
في لطمية مصائب الزهراء، يتحدث الحاج مهدي رسولي عن الظلم الذي تعرضت له حفيدة النبي محمد بحسب الروايات المتناقلة. اتُّخذت سيرة الزهراء كنموذج يقتدى به عند الشيعة، ليس فقط لصلة الدم التي تجمعها بالنبي أو لزواجها من ابن عمه علي بن أبي طالب، بل لإرثها الأدبي المليء بأمور تُعنى بالحياة الاجتماعية والسياسية؛ ويجري إحياء ذكرى وفاتها في مجالس العزاء من كل عام في الأيام الفاطمية. يحاكيها الرادود الإيراني وكأنها أمه، واصفًا جراحها والكدمات الزرقاء على ظهرها. يفتح رسولي في الأذن جرحًا ويرش صوته كالملح، تُقرع الصدور حوله وتتقاطع مع صوته الباكي.
يصلي سيد فاقد الموسوي على روح فاطمة مرافقًا ضاربي الصدور بحركة منتظمة. تشدد هذه اللطمية على علم فاطمة، إذ تناقل الشيعة مؤلفات على لسانها تحت اسم مسانيد فاطمة، احتوت على نصوص فقهية أثرت من إرثها الأدبي. يتحرك ضاربي الصدور بطريقة متسقة مع إلقاء الرادود، وتأتي الصيحات المحمسة لتساند صوته مع اتزان ورصّة الإيقاع: “عالمة مش معلمة لازم ضريحك بالسما / بيك النساء تشرفن”.
يرينا صالح الدرازي المجالس الفارغة هذا العام في البحرين بعد انتشار الفيروس. يتحدث في لطمية مكسورة خاطر وكأنه الزهراء التي أرادت زيارة المجالس في أيام عاشوراء. يُحكى في الروايات الشيعية عن حضور فاطمة بنت محمد إلى مجالس عزاء أحفادها لتوزع البركة على الحاضرين. يحاكي صالح كسران خاطر الزهراء بنبرة ملوّعة، ويتساءل كيف يمرّ هذا العام دون إقامة المآتم السنوية لعشرة أيام: “أنا الزهرا ال تحبوني وتذكروني بألم / إجيت احضر مآتمكم واوزع جم علم”.
يشبّه الشاعر أبو جعفر العبودي في لطمية طوفان شجاعة الإمام العباس بالبركان، ويحكي عن استشهاده في كربلاء عندما ذهب إلى النهر ليحضر الماء لقومه، فقطع الجيش المعادي كفوفه وقتلوه. يحمل صوت الرادود محمود الأسيري هذه القصيدة إلى بعدها الملحمي، وترفع رايات العباس حوله راضخة لنبرته الهجومية: “واقف بحد النهر وقفة أسد / سيفه مسموم يومه هاليوم”.
يتميز الأسيري بقوة صوته وحضوره على المنبر، وقدرته على ضبط أيادي اللاطمين وأصواتهم النادهة للعباس. كما يتفاعل معهم ويطلب تهدئة الإيقاع عند الحاجة “لا تستعين وراك نزلة”.
يتميز الرادود عبد الرضا هلالي بتدفقه الملّون على إيقاع اللطم السريع، وبتبديل نبرة صوته دون أن يسقط عن الحافة، وهذا ما احتاجته لطمية ألا يا أيها الأرباب. تنتقل بيوت القصيدة من الحديث عن جروح العباس والحسين ومعاناتهم خلال المعركة، إلى فروسيتهم وخوف الأعداء عند ظهورهم. يستفيد هلالي من صوت نفَسه القريب من المايكروفون لإضفاء طابع حماسي يستحضر الحسين.
يوافق يوم السابع من محرّم ذكرى إحياء استشهاد الإمام العباس. ارتقى الشاعر كرار حيدر الخفاجي في قصيدة لو إنت موجود، مختارًا أن يحيي هذه الليلة بلسان السيدة زينب، التي نزلت إلى شاطئ النهر لتبحث عن أخيها العباس ليلة استشهاده. تلتقي نغمة النوح في صوت الرادود مع كلمات القصيدة، ليحكي محمد بوجبارة عن معاناة زينب في معركة الطف، ويصف حالها بعد أن أحرقت الجيوش خيمهم: “عباس أسولفلك ردت عن نايباتي / والطَف اخذ كل شي ايش عجب ما خذ حياتي / نار الخيم بعدك كَلت طرف عباتي”.
سجّل سيد كريم الموسوي لطمية هد عباس في استديو، دون أن تفقد شيئًا من حماسها لوصف بطولات العباس. رافق صوت الرادود العيّنات الصوتية الضاربة مع صوت اللطم، لتعطي الإيقاع زخمًا يناسب طبقة صوته الصادح: “سوّا كربلاء ظلمة / لما انهد أبو فاضل”.
يحكي مرتضى حرب في لطمية يا يمه شلون بلسان أرملة الإمام الحسن، التي أصرت على حضور معركة كربلاء برفقة أولادها لتشهد استشهاد ابنها القاسم. يسمّى مأتم القاسم بالعرس، ويجري إحياء مراسمه بطريقة مختلفة خاصةً عند النساء، حيث يُزيّن المجلس بصينية كبيرة مليئة بالورود والشموع المخصصة للنذور، توضع في وسط القاعة، ويدُرنَ حولها النساء ويزغردن. بصحبة الإيقاع الغني بالطرقات الحيوية، يجمع مرتضى حرب لوعة أم مكلومة ومرمّلة: “أنا الي صبغت بدم العرس كفها وهدمها / وأنا الي فقدت الوقت الكبر ظنت يلمها”.
https://www.youtube.com/watch?v=vXfBAQkS_Jo
تحتوي سردية عاشوراء الطويلة على الكثير من بطولات مناصري الإمام الحسين، وتأتي قصة مسلم ابن عقيل على رأسها، لاستشهاده قبل أن تبدأ المعركة، بعد أن أرسله الحسين إلى الكوفة ليطلب المساعدة. يتناول الشاعر علي الخفاجي هذه الواقعة ويحكي عن وصول الحسين إلى الكوفة واكتشافه لخيانة من بايعوه. يحاكي الرادود حسين الأكرف الواقعة لينقل لوعة الحسين ومقتل ابن عمه مسلم الذي لقِّب بغريب الكوفة: “أجيتك ظهري محني شلون / جيه سفيرك ذبحته أشرار البرية / غريب وحاير بذيج المسية”.
اعتاد معظم الرواديد اللبنانيين على استعادة لطميات من العراق والبحرين في المجالس، إلى أن بدأت مجموعة منهم بالعمل على إنتاج لطميات خاصة وتسجيلها في الاستديو. تربع اسم الشاعرة فاطمة رزق على عدد كبير من تلك اللطميات، واختار كلماتها الرادود حسين خير الدين ليناجي الزهراء في مجلسٍ حيّ، معطيًا بوادر أسلوب جديد بعد تقدم قوة أدائه في النصف الثاني من اللطمية.