عربي جديد

ألبوم ١٠٠ نسخة | مجموعة فنانين

أحمد ندا ۱۳/۰۸/۲۰۱۵

بعد عدّة سنوات من انتشار المهرجانات بصورتها الأصيلة، بادر استوديو ١٠٠ نسخة بجمع عدد من أبرز نجوم المهرجانات، مثل عمرو حاحا وفيفتي والسادات والدخلاويّة، في استوديو مجهّز بالمعدّات الاحترافيّة بهدف إنتاج ألبوم يجمع أغانٍ جديدة وإصداره كعمل مشترك.

التساؤل الأهم الذي يمكن أن يُطرح حول هذا الألبوم هو ما إذا كان دخول هؤلاء النجوم إلى الاستوديو أضر بالمهرجانات، أم أعطاها مساحة أكبر للتجريب والتنوّع. في هذا المقال، أحاول الإجابة على هذا التساؤل من خلال تناول المهرجانات التي احتواها الألبوم، ومقاربة جودتها مع الإنتاج الصافي الذي كان كل نجم ينتجه قبل ذلك.

مهرجان 100 نسخة | عمرو حاحا

يقدّم عمرو حاحا، أو الدكتور، كما يُطلق عليه، مقطوعة موسيقيّة من دون كلمات، تعتبر بادرة حسنة لم نعتد عليها في عالم المهرجانات الذي يعتمد عادة على كلمات بسيطة ولازمة قصيرة تردد خلال الأغنية. ربما تكون هذه دعوة من عمرو حاحا لأخذ الموسيقى في المهرجانات لمنحى أكثر جدية، وتطويرها.

يمكن اعتبار عمرو حاحا حجر الأساس في الانطلاقة الأولى للمهرجانات كموزّعها الموسيقي الأول الذي دفع بهذا النوع الجديد إلى الانتشار الجماهيري الواسع. وربّما أحد أبرز أسباب نجاحه في ذلك أنّه الأكثر دراية في الوسط بالموسيقى، إضافة إلى معرفته الواسعة ببرامج التوليف الموسيقي، ما أدّى به إلى تحويل هذه الكلمات المتناثرة إلى نوع موسيقي.

مهرجان هوجة | فيفتي والسادات

إذا كان عمرو حاحا هو الموزّع الرئيس للمهرجانات، فكلا من فيفتي والسّادات، أبناء دار السلام، إلى جانب أوكا وأورتيجا أبناء المطريّة، مسؤولين عن جعله في النجاح والشهرة التي يتمتمع بها هذا النوع. لكن في هذا المهرجان بالتحديد، يشوب أصوات الثنائي اغتراب شديد، يبرز في النشاز الذي يعتري أصواتهما[Mtooltip description=” قد يبدو وصف النشاز في المهرجانات تحديداً غير دقيق، إذ تتم فلترة الأصوات بشكل عام عبر البرامج الموسيقيّة، لكن القصد هنا استرخاء أصوات فيفتي والسّادات المبالغ به” /] رغم توافر الإمكانيّات وزيادة الآلات في التوزيع، وإن اعتمدا على جملة موسيقيّة واحدة تتكرر. لكن هذه الجملة هي مركز المهرجان وفكرته الأساسيّة، لا الكلمات. صحيح أنهما تجرآ على وضع عبارة جامد موت، آه ياد يا بن الشر…” لكنّهما في أحوالهما العادية كانا سيقولان الكلمة كاملة دونما حذف.

مهرجان بهججة | الدخلاويّة

ومعايا فيسبا ونوعها بطة طلعت بيها عملت حادثة ولبست كارثة وقمت أجري

يخوض عضوا فريق الدخلاويّة، الذين حقّقا نجاحاً كبيراً مع مهرجان فرتكة فرتكة مع فيلو، طريقاً آمناً بمهرجان بهججة الذي يشبه كثيرا في بنائه فرتكة. غير أنّهما هذه المرة يحكيان قصة أو بالأحرى موقفاً. لعل المهرجان من أفضل ما في الألبوم لأنّه يُشبه إنتاجات فريق الدخلاويّة التي يميّزها الإيقاع السريع وجملة موسيقيّة تعلق بالأذن بسهولة، دونما حاجة إلى إعادة ضبط منتجهما على مقاس شركة الإنتاج.

مهرجان كدابين الزفة | المدفعجية

كذلك سار المدفعجيّة مثل الدخلاويّة في الطريق الآمن ليقدّموا مهرجاناً أصيلاً يشبه أصالة مهرجانهم الأشهر كفا حبيبي كفا. لكن في مهرجان كدابين الزفة، بدا الفريق أقل قدرة على الترقيص من كفا حبيبي[Mtooltip description=” وهي الميزة الأساسيّة في المهرجانات، حتّى أنّها تكاد أن تكون هدفها الأوّل” /]. ذلك ما ظهر في تعليقات جمهورهم على اليوتيوب المحبطين من مهرجان دون المستوى من وجهة نظرهم، ليمضي المهرجان كما لو كان نسخة وقورة من المدفعجيّة، أو على الأقل نسخة فنيّة طليعيّة.

مهرجان حضروا العفاريت | تيم مطبعة

تيم مطبعة هو الاسم الأحدث في عالم المهرجانات. قدّم الفريق من قبل مهرجانات الناس مقامات وعشنا وشفنا، لكن من دون أن يتركوا تلك البصمة المميّزة، إذ يمكن اعتبار إنتاجهم مجرّد تنويع على ما قدّمه عمرو حاحا مع فيفتي والسادات من سنوات. لذلك كان مهرجان حضروا العفاريت كأنّه مجرد حلقة شرفيّة لاستكمال الألبوم. يحسب للفريق أنه قدّم مفارقة في عالم المهرجانات باستعمال الأصوات الأصليّة للمغنيين من دون تحوير، خاصة بصوت مثل صوت محمود العمدة.

مهرجان روح المزيكا | المدفعجيّة

فاهم أنا سرّ الصنعة هو مفتاح قوة هذا المهرجان. يلعب المدفعجيّة في التوزيع ويستخدمون إيقاعاً سريعاً محفّزاً للرقص، أي المهرجان كما يجب أن يكون، متخفّفاً من مركزيّة الكلمات. يمثّل هذا المهرجان ذروة اللعب في التوزيع، والقدرة على توظيف إمكانات استوديو ضخم لتقديم الأفضل في ذلك الفن، حتّى أن المهرجان بالفعل ولع حريقة ولع”.

مهرجان الحنكة | يحيى التونسي

لا أدري حقيقة لماذا يمكن تسمية ما قدمّه يحيى التونسي هنا بـ مهرجان، فالموزّع الذي لا نعرف له أكثر من توزيعه لمهرجان ابتدينا اللعبة لأحمد السويسي وماندو، يلعب هذه المرّة على عدّة جمل موسيقيّة، مع تصاعد أصوات الإيقاعات بما يشبه كثيراً التوزيعات الموسيقيّة في شرائط الكاسيت الشعبيّة في التسعينيّات، لكن لا صلة لها بموسيقى المهرجانات.

مهرجان اتنين عتاولة | فيفتي والسادات

يبدو هنا أن السادات، ومعه الدكتور وفيفتي، يفقدون البوصلة لثاني مرة في الألبوم. في هذا المهرجان، بهت حضور نجوم المهرجانات ومطلقيها، مبتعدين عن الذكاء الذي تصرّف به الدخلاوية باللعب في المساحة المضمونة لنجاح المهرجان. فلم يزيدوا من سرعة الإيقاعات كما فعل المدفعجيّة، ليظهر المهرجان بلا أي عتاولة، كأنّه إعادة إنتاج أقل رونقاً من تجاربهم السابقة. ومن هنا، أعتقد أن الثلاثي المؤسّس يحتاجون لإعادة النّظر فيما يقدمونه من مهرجانات، خاصة وأن جمهورهم أصبح يعتبرهم مش بتوعهم، ولم يقدروا على استغلال الإمكانات المتوفرة في الاستوديو في تقديم ماهو أفضل كما فعل المدفعجية.

الاستوديو، أو عدم الاستوديو

في ألبوم ١٠٠ نسخة نجد السادات وفيفتي يقومون بفلترة ألفاظهم، ويقعون في فخ عدم تقديم أي جديد، فيما كان التيار الثاني من مغني المهرجانات المدفعجيّة والدخلاويّة أكثر ذكاءً في ترويض هذه الفرصة. فهم استخدموا مساحات أكبر من التجريب من دون الوقوع في فخ الانسلاخ من المهرجانات، وهذا ما يتضّح في تعليقات كثيرين على اليوتيوب.

يعني بقلنا كتير بنستنى البوم ١٠٠ نسخة وبالاخر كدة ولا مهرجان حلو حتا حتا فيلو مستوا نازل وقلتو ان اوكا واورتيجا هيشتركو في ومشتركوش يعني لو فيجو واوكا وزعو وعملو اغاني واورتيجا وشحتة موجدين فالالبوم كان طلع احلى من كدة بكتير البابا فيجو والجنرال اوكا اساس التوزيع اسمعو تراك هنولع لاوكا واورتيجا.”

هكذا يعلّق أحد المستمعين على ألبوم ١٠٠ نسخة الذي خرج من استوديو كامل المعدات، لا من الورشة التقليديّة التي خرجت منها موسيقى المهرجانات في غرفة أو كراج يحتوي على جهاز كمبيوتر وميكسر وبرامج توزيع مجانيّة، متسائلاً، بالأخطاء اللغويّة، عن غياب مهرجان قوي في الألبوم، وعن غياب أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا.

بعد مرور أكثر من ست سنوات على انتشار المهرجانات وتنوّع مقدميها، لا يمكن حصرها في شكل موسيقي واحد ثابت. فهو نوع موسيقي سيتغير ويتشكل ويتشعب كغيره من الأنواع، وهو يقبل التجريب كسائر تجليّات الغناء الشعبي، يوفّق بعضه ويفشل الآخر.

المزيـــد علــى معـــازف