مراجعات

إينتيمايت بابلكس | أوشياك

ياسين ۲۰۲۲/۰٦/۰۹

بعد أربع سنوات من ألبوم أوشياك الأول المشاد به، سادو مودرنيزم، ينطلق إينتيمايت بابلكس ثيماتيًا من حيث انتهى سابقه. يقذف الألبوم المستمع داخل صوت أوشياك الفريد الفظّ المخصص لنوادي الرقص، والذي أصبح الدعامة الأساسية لنادي أول كلَب وسابقه ذَ شلتر في شنغهاي.

على عكس سادو مودرنيزم، الذي يشبه اهتياج ساعات الذروة في حلبة الرقص، والقاعات الكهفية المليئة بالعرق والجنس، يقدم إينتيمايت بابلكس مقاربةً مختلفة للحلبة؛ حيث بقايا وهج تلك اللحظات، التي تتشبّع بتأثير الطاقات المحمومة بقدر ما تأخذنا إلى هدوء ورقة الانسحاب الذي لا بد منه.

يرتبط اسم الألبوم بشكل عميق بعمل المُنظِّر الاجتماعي الأمريكي مايكل وورنر في كتاب بابلكس أند كاونتر بابلكس. لكن بدلًا من تقديم نسخة خام لفلسفة وورنر، يعتمد أوشياك على مبادئها الأساسية، ويقدم استكشافًا شبه خالٍ من الكلمات لما يعنيه مصطلح مجموعة متآلفة من الغرباء. يؤدي الغوص في الكتاب المذكور إلى وضع سياق لجزء كبير من ثقل إينتيمايت بابلكس العاطفي؛ التطلعات اليوتوبية لثقافة الكلَب ورغبتها المطلقة في أن تجسّد مكانًا للتعبير الخالص عن الذات، يحتضن مجتمعًا منظمًا ذاتيًا ومرتبطًا ببعضه بعلاقات جغرافية وزمانية. لحظة من الزمن، نقدرها لطبيعتها غير اللحظية، وتستمر في الوجود فقط من خلال مشاركة الغرباء.

يستحضر كل تراك تقريبًا صورًا للنشوة الجماعية أشبه بالذروة الروحية، قاذفًا الحشد إلى أعلى ومعيدًا إياهم أرضًا في انسجام تام. تمتزج تلك اللحظات المبهجة مع إيقاعات راقصة مكثفة كما في التراك الافتتاحي الصاعق، إدجينج؛ وفي ثرال حيث تختلط مشاهد تكنو صوتية مموجة مع الإيقاع الهائج وكيكّات الفور تو ذَ فلور الهادرة. يعلن التنافر المشؤوم لتراك بيينج أونلاين عن الأسلوب الذي سيميّز صوت الألبوم بدءًا من القسم الثاني، مع انطلاق التراك الانتصافي ستيل مباشرةً إلى قلب عاطفة الألبوم من خلال الجملة الرثائية المتكررة “Will you still even care for me” التي ما زالت تطاردني.

يقدم إينتيمايت بابلكس هذه اللحظات العاطفية بطريقة عملية، ونادرًا ما تستمر أكثر مما يجب. يفسح القلق والتوق الطريق ببطء لمزيد من التعبيرات الصادقة عن حب حلبة الرقص كما في بيس ميل، ما يترك مجالًا واسعًا لدَفعة نابضة تستمر عبر النصف الثاني من الألبوم. يمتلئ براتفول بالأنسجة الاصطناعية الحيوية الأشبه بالماكينات الصاخبة، آخذًا لحظة من الفوضى  ومعيدًا إياها إلى تماسك محسوب، يقودنا بدوره إلى تراك يوجوَلي نيفر، الأفضل في الألبوم. يكشف التراك عن دقة عقلية أوشياك التفصيليّة الرائدة. كل شيء بدءًا من التصميم الصوتي الفضائي، والتقطيعات الغنائية الجامحة والإيقاع المعقد والغناء المنتحب، كلها تمتزج معًا في تركيبة مشبِعة بشكل مبهج.

يأتي التراك الختامي ريإيفيكايشن بمثابة أغنية البجعة، الهدوء بعد العاصفة والرقصة الأخيرة. بطبيعته الأوركسترالية والمعاصرة التي تظهر في مقاربته لأصوات الآلات الأكوستيك، يجمع التراك سنوات من ذكريات أوشياك وتجاربه وصداقاته، والدوائر التي كان جزءًا منها.

إينتيمايت بابلكس ليس وداعًا سهلًا على أوشياك، ويقدم الألبوم ككل تقديرًا عميقًا للدور الأساسي الذي توفره المساحات المجتمعية الحميمة مثل أول كلَب وذَ شلتر. كما يعد الألبوم تحية إجلال لشنغهاي، مع أخذ خطوة إلى الأمام في نفس الوقت إلى مناطق ملتبسة.

المزيـــد علــى معـــازف