أغاني الثورة
موسيقى الثورة

البحرين: أغاني الثورة من رحم ثورة الحسين

نزيهة سعيد ۲۷/۱۲/۲۰۱۲

ديموغرافيّة الأغنية الثوريّة

رغم أن الجميع يعرف خالد الشيخ وأحمد الجميري وفرقة الأخوة البحرينيّة، إلا أنّهم لم يكونوا القاعدة التي انطلقت منها الأغاني والأناشيد والوصلات الموسيقية الثوريّة لتدعيم الحراك الشعبيّ البحرينيّ. والذي انطلق في الرابع عشر من شباط/ فبراير من العام 2011 في دوار اللؤلؤة بقلب العاصمة البحرينيّة المنامة. هناك، حيث اجتمع عشرات الآلاف للمطالبة بالحريّة والديمقراطيّة والعدالة ومحاربة الفساد.

بل أن القاعدة التي ارتكزت عليها أغاني الثورة في البحرين كانت الأناشيد الدينيّة، وعلى وجه الخصوص: اللطميّات والقصائد التي تُغنّى في ثورة الحسين والتراث الإسلامي الشيعي الثوريّ. آخذين منه أبرز مبادئه، وهي رفض الظلم والمطالبة بالحقوق، وهي ذاتها الأسس التي تطالب بها مختلف الثورات التي سميت فيما بعد بـالربيع العربي“.

ليس السبب وراء ذلك طائفيّاً، أو تخندقاً وراء سيرة الأمام الثالث من أئمة الشيعة، بقدر ما هو انعكاس للديموغرافيّة السكانيّة للبحرين، والتي تغلب عليها الطائفة الشيعيّة.

وبما أن الطابع المحافظ والمتديّن يغلب، نوعاً ما على الطائفة، استمدّت القوة والحماسة من هذا التراث الإسلامي الثوريّ الذي بنوا، على أساسه، ثوراتهم اللاحقة منذ ذلك العصر.

إيقاع اللطم والحزن

عادة ما يتم تلحين اللطميّات على إيقاع اللطم والحزن في بعض الأحيان، والتحدي والثورة في أحيان أخرى. أما الأناشيد الإسلامية التي تتغنى بأخلاق الدين والرسل والصحابة وآل بيت النبي، فمن الممكن أن يكون إيقاعها أكثر فرحاً تتخللها نفحات موسيقى.

وهنا يكمن التحول الذي بلغته أغاني الثورة في البحرين. وذلك عندما أطلق الرادود الحسيني صالح الدرازي أغنية مطالب عادلةفي دوار اللؤلؤة بعد هجوم وحشي من قوات الأمن والجيش البحريني على المعتصمين ومقتل وجرح عشرات، ثم إصرار المحتجين للعودة إلى مكان الاعتصام، حيث تم التغني بهذه الأغنية التي أطلقت موجة الأغانيّ الثوريّة البحرينيّة من رحم التراث الحسينيّ الثوريّ والتي تصاحبها الموسيقى بإيقاعها الثوريّ والعسكريّ في أغلب الأحيان.

وتوالت الفرق الصغيرة التي كانت متفرّغة لإنتاج اللطميّات والأناشيد الإسلاميّة والرواديد لإصدار عشرات الأغاني التي تمجد الثورة البحرينية، وتحثّ على الصبر والثبات والصمود، والسخرية، أحياناً، من تصرفات الحكومة ورجال الأمن ومن تصريحات المسؤولين في الدولة.

لم تصاحب الموسيقى كل الأغاني، فبعضها جاء على شكل لطميّات، وآخر صاحبته نفحات موسيقى. أما الجزء الأكبر منها، فصاحبته الموسيقى الحماسيّة المستوحاة من الأغاني الثورية للثورات التي انطلقت في الوطن العربيّ.

علي بحريوحّد البحرين في حياته وغيابه

ابتعد المغنيين البحرينيّين المعروفين عن ساحة الثورة. ولم يتبيّن ما إذا كانوا معها أو ضدها. فقط اختفوا من الواجهة. إلا الفنان علي بحر، الصوت الرئيسي في فرقة الأخوة البحرينية. فقد ظهر بحر في مقطع فيديو صوّر من مجمّع السلمانيّة الطبي، حيث كان يزور المستشفى لتلقي العلاج، وفنّد أمام الكاميرا البروبغندا الحكومية التي ادّعت بأن المحتجين سيطروا على المستشفى ومنعوا العلاج عن أبناء الطائفة السنيّة. آنذاك، أكّد بحر على أنه من الطائفة السنية، وأنه جاء لتلقي العلاج من دون مضايقة أو تعدي.

ربما لو بقي علي بحر على قيد الحياة، لشارك بأغانيه في الثورة البحرينية، ولكن المرض آثر إلا أن يخطفه في قلب الأزمة.

رحل علي بحر في الثالث من تموز/ يوليو من العام 2011، موحّداً البحرينيّين من جديد بالحزن عليه. وقفوا جميعاً في يوم حداد لوفاة الفنان الذي شاركهم مشاعرهم وتغنى بالحب والسلام على مدار عشرين عاماً. مستذكرين أغنيته الشهيرة بلد عيني“. وهي إحدى الأغاني التي تجمع المعارضين والموالين للحكومة من بين قليل بقي يجمع الأثنين.

وهكذا عادت كل الأغاني التي تتغنى بالبحرين وشعبها على مدار السنوات الماضية إلى الواجهة منذ شباط/ فبراير من العام الماضي. لتتجاوز مفهوم الأغاني الوطنيّة، لتتحوّل إلى أغاني حبّ وتحدّ وتمسّك بالأرض.

من اللطميّات إلى الراب وأغاني اليسار

اشتهر عبد الأمير البلادي كأحد نجوم جيل مغنيي الثورة. ورغم شهرته كرادود حسينيّ في الأصل، إلا أنه غنى العديد من الأغنيات الثورية، منها أغنية شهادةالتي يتضّح فيها جليّاً اقتباس الحماس الثوري من ثورة الإمام الحسين على الظلم.

كما اشتهر الرادود حسين الأكرف بأغنية هلا بيكم يا أبطال الميادينالتي جاءت على هيئة لطمية.

أما جعفر القشعمي، فاشتهر بلطمية منصورين“.

لم تقتصر أغاني الثورة البحرينية على ذات الطابع الديني، فالشباب الذين يمارسون غناء الراب كهواية قبل الثورة، ساهموا بعدد من الأغاني التي أهدوها للشهداء والحراك الشعبي. لكن لم يفصح أغلبهم عن هويّاتهم لما يشكل ذلك من خطر على حياتهم. من تلك الأغاني، أغنية شهيد ورا شهيدوأغنية يا بحرينالتي أصدرتها فرقة موست وونتد، وغيرها من الأغاني.

لكن لم يكن التيّار الديمقراطي بعيداً عن المشهد الفني ايضاً، خاصة في الميدان حيث كان الاعتصام. من هذه الأغاني أغنية طريقنا أنت تدريلجبهة التحرير الوطني البحراني.

فيما تغنّت الجماهير في الدوار بأغنية عاشت جماهير بلاديلجمعية العمل الديمقراطي (وعد)

نكاية بالخونة

على الطرف الآخر، ووسط اتهامات للثوار بالعمالة للخارج، على غرار الاتهامات التي توجهها كل الدول القمعيّة على أي ثائر ضدها. أصدرت المجاميع الموالية للحكومة أناشيد تتغنى في حب البحرين نكاية في المحتجين المعارضين الذين اتهموهم بالخيانة. فجاءت أغنية أحلى الأوطانبصوت الشيخ مشاري العفاسي الكويتي.

المزيـــد علــى معـــازف