.
في أول إصدار من النووي لعام ٢٠٢٥، سلسلة معازف لتغطية أقوى الإصدارات الجديدة حول العالم، نرصد أفضل ما نبدأ به هذا العام من موسيقى مبتكرة صدرت في كانون الثاني / يناير، بين راب سوري وكويتي وبوب خليجي وإيراني ومصري، مع حضور العيطة المغربية وصوت منعش من نابولي.
مع سقوط الأسد صار في حالة ترقّب عند أغلبنا عن كيف ممكن نعبّر عن هذا الكم الهائل من المشاعر اللي صارلها سنين مكبوتة، لهيك بنقدر نحكي إنه هذا هو التراك المُنتظر من بو كلثوم من سنين. بتبلش الأغنية بكلمات أقرب للتهويدة أو التمتمة وبيتصاعد الصوت مع جملة اليوم يومك إفرح، لتنتقل لنسخة البو الخاصة من نشيد حماة الديار عليكم سلام، ليوصل للمقطع الأخير: “واليوم ارمي الملامة وإنت تحضن فيّا / ترجع البلاد يا وليدي”، على نفس لحن أغنية ترحال اللي غناها بـ ٢٠١٥ وكان بيحكي: “ع مين ترمي الملامة ارميها عليا / راحت البلاد يا وليدي.”
هالأغنية ممكن تكون أمتع شي نزل هالسنة ومؤكد إنها حتضل تنسمع وتنعاد لسنين، سواء لطاقة توزيعها المتفجرة أو لقوة عزف الجيتار والماندولين فيها، أو لجاذبية لكنة أهل نابّولي والأداء النسائي العبقري. بتحكي الأغنية عن قسوة عالم الجريمة السفلي لـ نابولي، اللي بيشار إله بمصطلح جوابّاريَا.
نزلت أحلام قبل أسبوع الجزء الأول من ألبومها العناق الأخير، ومن ساعتها عملت قلبان بين جمهورها لأنها كانت استكمال مرتقب لحالة رائعتها حزين، بلحن قوي من يزيد الخالد معتنى ببنيته من الدخلة للقفلة، وكلمات فخمة من وارفة “وحشتوني كأن العمر صار خلوّ / يباب احساسي أبوابه بلا دفّة / وحشتوني كثر ما بـ السهاد غلو / كثر سرب الحنين العابر بخفّة.” كل هاد مع ربابة وتوزيع عصام الشرايطي خلوا النتيجة ما بتتفوّت.
أصدر أحمد سعد مؤخرًا عدد من الأغاني الجديدة اللي بتشبه أسلوبه القديم. كل اللي بيسمعوا أحمد سعد من زمان بيعرفوا منيح مرحلة أشكي لمين، الشاب الحزين مكسور القلب اللي لابس جاكيت جلد طويل وبيغني مع إيقاع إسباني راقص وجيتار. لو تيجي هي النسخة المخففة من هاي المرحلة، الأغنية فيها طاقة بتكسر القلب بتخليك تعيدها من دون ما تفكّر.
رضا سهى مغني صاعد من إقليم الأهواز بإيران، الملاصق للبَصرة واللي لغة أكثر من ثلث سكانه عربية. بدأ رضا مسيرته بأغاني رومانسية بالفارسية مرت مرور الكرام، قبل ما يقرر يستثمر إتقانه للفارسي والعربي ويستخدمهم بهالأغنية مع لحن وتوزيع أقرب للبوب العراقي، وصولو كيبورد لافت من هادي أبو تركي ساري. النتيجة ممتعة وحترجعك للأغنية أكثر من مرة، مثل ما رجعوا كثار وخلوها أشهر أغنية لرضا حتى الآن على يوتيوب وتيكتوك.
يتعاون كيد وايلد مع الرابر البريطاني نيمز، والذي طور أسلوبه على مزيج بين إيقاعات الدريل والجيرزي. يستعمل المنتج كايسو عينة من أغنية فيروز وحدن، ويوظفها بأسلوب شبيه بتراك رامي سلايد. ساهمت العينة في ضربة التراك على التيك توك بشكل واضح.
أصدرت فرقة عيطة مونامور المكونة من الثنائي وداد مجمع وخليل إيلي أغنية الحداويات. يعتمد الثنائي على تقديم فن العيطة المغربي بأسلوب مختلف خارج عن إطاره التقليدي المعتاد الذي تؤديه الشيخات. رغم ميل الفرقة في السابق إلى الإيقاع الإلكتروني نلاحظ في الحداويات دمجًا واضحًا لعناصر من الروك.
أصدرت للا فضة إصدارها الطويل الأول مجنون، الذي سمعنا طوال العام الماضي عينات مختلفة منه. يسيطر أبيوسف على إنتاج الألبوم بصوت مترابط، غارق في طابع تجريبي دار فيه بين مختلف الجنرات دون أن يخرج عن الصوت العام. تدور للا فضة في الألبوم بين البوب والراب بشكل منسجم مع طابع الألبوم، ما خلق ترابطًا واضحًا بين الإنتاج والأداء.
غنّى كاظم الساهر آه وآهين من كلماته وألحان د. طلال (على ذمة الراوي) أول مرة بـ ٢٠٢٠، وكانت رجعة منتظرة ومهمة لأزهى حقب مسيرته اللي كان فيها عراقي أكثر منه كلاسيكي. استعادت يسرى محنوش الأغنية بتوزيع جديد وبسيط من علي أبو زين مرتكز على تشكيلة إيقاعية جذابة، ونجحت بتقديم رؤيتها الخاصة للأداء وبتدفّق عذب بدون ما توقع بفخ الفذلكة، رغم سهولة الوقوع فيه لما تكون المنافسة مع صوت مثل كاظم.
بعد يومين من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة، بعد ١٥ شهرًا من الحرب والمجازر، أصدرت فرقة بنات القدس أداء لأغنية غزة التي كانت جزءًا من أسطوانة حنة: أصوات شابات فلسطينيات من إنتاج معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى. غزة، هذه المدينة التي صمدت أمام عنف وعنجهية العالم أكمل، يعود أبناؤها إلى أرضهم التي لم يتعرفوا على شوارعها وحواريها، لكنهم بالتأكيد أدركوا جذورهم ودماء أهلهم التي زكت ترابها.
بعد أكثر من عقد على إنتاجه، صدر ألبوم ماك ميلر الثاني بعد وفاته بالونيرزم. يركز الألبوم على أكثر فترات ماك ميلر تجريبيةً وهي فترة الميكس تايب فايسز. يصور ماك ميلر في هذا الألبوم جوًا تأمليًا هادئًا يغطيه الجاز في معظمه. يركز ماك ميلر في الألبوم على جوانب عاطفية لا مبالية، في الفترة التي كان يعاني فيها من الإدمان، ما أعطى الألبوم جانبًا صادقًا.
في بعض الأغاني لما تخطر على بالنا مستحيل نتخيل منها نسخة ثانية، لأنها مربوطة بذاكرتنا الجماعية. لوقت كثير كبير كنت حاطة أغنية بيية اللي غنوها شريهان وعبلة كامل في فيلم عرق البلح في هذا المكان، لغاية ما سمعت طوفان لنغم صالح وسولي. الأغنية فيها قوة أداء وصوت نغم طاغي بشكل حاد بجرّك لتركّز بالكلمات بلا ما تفكّر، الإيقاع والتوزيع برضه بياخذوا الأغنية لمستوى ثاني.
يشارك فورتكس في موجة الإيقاعات الخليجية بأسلوبه الخاص، والذي يتركز على التغيير في الفلوهات والدليفري مع الجمل ثنائية المقاطع. ملأ لبندي الإيقاع بعناصر غير معتادة في هذا النوع، ما أعطاه حيوية أكبر.
بتشترك هالأغنية مع أغنية الإيراني رضا سهى بالملحن والموزع وشركة الإنتاج، صبا المتمركزة بطهران، لكنها مختلفة تمامًا كحالة وتناول بفضل كلمات الشاعر الأهوازي المهم حسن عاشور، اللي قدم قصيدة شتوية بيناجي فيها المطر وهو ماشي بشوارع موحشة، وبيطلب منه يشتد ويسكب حتى تضل الشوارع فاضية ويلحق يفرّغ كلشي بصدره. صوت وأداء حسن الأميري اختيار ممتاز لهيك أغنية.
ضمن ألبومه أ جاغوار دريم، يتعاون جوردان أدتونجي مع برايسون في تراك ٣٠٥. إيقاع دريل بطيء بتأثير واضح من البايلي فانك. يعتمد الإيقاع على أصوات ثقيلة أعطت مساحة للاثنين لإلقاء باراتهم بطريقة غنائية رايقة. أعطى الإيقاع جوًا غير معتاد ما جعله يغطّي على أغلب إصدارات المشهد ذات الصوت المبتذل.