.
بعد ست سنوات من إصدار مقطوعته المنفردة الأخيرة ريفت، يعود المنتج الاسكتلندي آرثر كايزر بألبومه الطويل الأول تحت اسمه المستعار بارايا، آخذًا موسيقاه إلى مساحات صوتية جديدة. ببروزه كصوتٍ متفردٍ وجديد في مشهد ما بعد الدَبستِب في بداية العقد الثاني من الألفية، أُثنيَ على ألبومه القصير الأول، سايفهاوسز، عبر مقارنته مع إنتاجات الرواد من معاصريه كـ جيمس بليك وماونت كيمبي. في هير فرُم وير وي آر على كل حال، تخلى باريا بشكلٍ كامل عن البيتس والبايس المُشبع الغائر، لصالح التركيز على الأجواء والأصوات المحيطة.
على كلٍ، قد لا يدرك المستمع تلك النقلة في أسلوب بارايا عند الاستماع إلى افتتاحية الألبوم وأكثر مقطوعاته حيويةً، لوج جام، التي يمزج فيها حلقات قصيرة مع إيقاعات نابضة في الخلفية تذكرنا بما قدمه ذ فيلد في ألبومه الصادر عم ٢٠١١، لوبينج ستايت أُف مايند. هذه السنثات الخافقة تحقق المطلوب من أي مقطوعة افتتاحية جيدة: لفت انتباه المستمع وتوريطه. لكن يتضح خداع الافتتاحية فيما بعد، حين يدرك المستمع أن تلك الحيوية ذهبت بلا رجعة. المقطوعة الثانية، بيث، ترسم الإطار العام الحقيقي للألبوم، بصوتها المحيط الحالم والضبابيّ، المكوّن من السِّنث بادز المتطورة عبر المقطوعة والضجيج في الخلفية.
ظهر عبر إصدارات بارايا السابقة ميله لتبنّي أصوات أقل راقصيّةً، كما تؤكد المقطوعات الختاميّة من ألبومَي سيف-هاوسز وريفتس. في هير فرُم وير وي آر، يأخذ تلك الأصوات إلى مدًى أبعد، ويمكن تتبع تطوّر خبرته كموسيقي خلال السنين الأخيرة عبر تتبع طريقة تطور كل مقطوعة بحد ذاتها. من أقوى مميزات الألبوم كيفية تشابك فقرات وأصوات مختلفة وشديدة القصر غالبًا لتُشكّل مساحات صوتية أوسع وذات تفاصيل أكثر بروزًا. يظهر ذلك بوضوح في القسم الثاني من أطول مقطوعات الألبوم، لينايا، حيث ينتقل من الأربيجات arpeggios والبادز التي ميزت القسم الأول، إلى تقديم عينات صوتية نفخية خارجة عن الإيقاع، موتيفات ناتئة ومضطربة، مع مقتطفات مبتورة من تسجيلات ميدانيّة. ينتهي ذلك بنسيجٍ صوتي يأخذ المقطوعة من أجواء الإلكترونيكا الميالة للترانس إلى تقليلية تيري رايلي وستيف رايخ.
من جهة أخرى، يسلّط القسم الأول من نفس المقطوعة ضوءًا على أضعف عناصر الألبوم: الاستعمال المفرط لأربيجات السِّنث وزيادة الاعتماد عليها كنغمات رئيسية. يبدو لجوءه إلى هذه الأربيجات في ثلاث مقطوعات تشكل القسم الأوسط من الألبوم كزخرفة قريبة إلى الكليشيه. ليست هناك مشكلة أساسية في استعمال الأربيجات بالطبع، لكن يبدو أنه منذ إحياء السنث الأنالوج مؤخرًا، ومع نجاح ساوندتراك مسلسل سترينجر ثينجز، أصبح المنتجون يميلون لاستعمالها أكثر فأكثر لجاذبيتها بالنسبة لأغلب المستمعين، خاصةً بالشكل الذي قدمه أمثال لورنزو سِني ومكاتوك.
لحسن الحظ، يستعيد الألبوم تماسكه فيما بعد وينتهي بذروة. تعود المقطوعة قبل الأخيرة، درَج ذ ليك، إلى الأجواء الداكنة الأكثر تأمليّةً، والتي ميّزت بيث وسيد بانك؛ حيث تُلعب حلقة مكبوتة مرةً تلو الأخرى، تبدو كنسخة مُسرّعة من ديس-إنتجرايشن لوبس لـ ويليام باسينسكي. لكن في حين تمثل ديس-إنتجرايشن لوبس صوت نهاية العالم أنهى ويليام باسينسكي ديس-إنتجرايشن لوبس في الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١. طقطقة حلقات الشريط أصبحت الموسيقى التصويرية لأحداث ١١ سبتمبر. كان يراقب الدخان المتصاعد من البرجين من سطح بنائه، بينما الحلقات تُلعب. قدّم باسينسكي القطعة لاحقُا في الذكرى العاشرة للأحداث في متحف المتروبوليتان للفنون بنيويورك فإن أصوات الخطوات والبادز الإضافية في نهاية درَج ذ ليك تعطي حركةً وتبث طيف أملٍ عابر. تنطلق مقطوعة الألبوم الختامية من هذا الأمل، وبمجرد انتهائها تتركنا مع تسجيلات ميدانية لصوت مياه منسابةٍ من جدول، ويقينٍ بأنه مهما كان عمل كايزر القادم، سيستحق أن نستمع إليه.