.
قبل أيّام، نزّل إمينم ألبومه الطويل الجديد المستوحى من ألبوم آلفرد هيتشكوك ميوزك تو بي مردرد باي، لكنه لم يكن أوّل رابر يقتبس من ألبوم هيتشكوك وأسلوبه. في ٢٠١٧، أصدرت الرابر والمودل السابقة تشاينا روجرز ألبومها القصير ميوزك تو داي تو. لم تكن تشاينا السبّاقة فقط، بل أيضًا الأكثر إقناعًا بالاقتباس من هيتشكوك. بعيدًا عن العنف والدموية المباشرين، تُعرف الرابر المستقلة لأسلوبها في التراب المستقل، القائم على توزيع تقليلي مثقل بالبايس، وبيتات داكنة مشؤومة. افتتحت تشاينا ذلك الألبوم بأغنية براكتيس، بإلقائها الذي يعلق بالأذن، ومهارتها في تحويل حياتها السابقة كعارضة أزياء إلى أسطر تبجّح تضيف إلى أسلوبها الخاص: “أصرف نقود التأمين على خصري / أذهب إلى فلورنسا في نزواتي.”
اكتُشفت تشاينا كعارضة أزياء في عمر الرابعة عشر، وفي عمر مقاربة، عندما كانت في المدرسة الثانوية، بدأت علاقتها بالراب. تقرّبت من مجموعة آيساب موب، خاصةً آيساب يامز الذي قضت الكثير من الوقت بصحبته، قبل أن يموت بسبب جرعة مفرطة من المخدرات عام ٢٠١٥ عن عمر السادسة والعشرين. كانت تشاينا في ذلك الوقت قد أصدرت سلسلة من الألبومات القصيرة والأغاني المنفردة والمصوّرة لبضع سنوات، لكن مسيرتها الموازية كعارضة أزياء، وإدمانها على المخدرات الأوبيوديّة، جعلاها تعلق في خانة فنانين صاعدين لفترة طويلة.
بعد وفاة آيساب يامز، قررت تشاينا إعطاء الأولوية للراب. استفادت من دعم آيساب موب للإقلاع عن المخدرات الثقيلة والتركيز على موسيقاها. اعتبارًا من ٢٠١٦، أصدرت ألبومًا قصيرًا كل عام، بدايةً من ناينتي الذي شهد انسلاخها عن الساوندكلاود راب والتراب التقليدي، وتقرُّبها أكثر من راب نيويورك. في ٢٠١٧ أصدرت ميوزك تو داي تو، حيث اتضح أسلوبها المستقل، وبدأت بجذب الانتباه كاسم صاعد هام في الراب المستقل والبديل. يمكن النظر إلى ألبوم تشاينا الصادر في ٢٠١٨، آم نت هير. ذيس إزنت هابننج، كمنعطف متوقّع وغير موفّق نحو الإيمو راب، الذي بدا وقتها أنه مستقبل الساوندكلاود راب قبل أن يفقد ألقه بسرعة.
عادت تشاينا في كانون الأوّل / ديسمبر الماضي بألبومها الجديد إن كايس آي داي فرست. يبدأ الألبوم بأغنية asmr، التي يصعب فصلها عن الفيديو المرافق. تلقي تشاينا باراتها بهدوء وتمهّل، مفسحةً المجال لملاحظة تفاصيل صوتها غير المعدّل بالأوتوتيون. يبلغ توجه تشاينا الاقتصادي في التوزيع مراحل متقدمة، باتكالها بشكل رئيسي على الإيقاع، دون أصوات لحنية أو محيطة أو بادز. تتغيّر الإيقاعات بسلاسة بين المقاطع واللازمة، وتحافظ على اهتمام المستمع على مدى الأغنية القصيرة التي لا تتجاوز الثلاث دقائق. الملفت في asmr أنها أغنية أكثر من كونها أغنية ضاربة، تنتمي إلى تيّار متنامي في التراب، يقايض الطاقة الراقصة والحيوية لصالح أغانٍ أبطأ، تشجّع على السماع المتأمل وتقدير إنتاجها الفنّي. يستمر هذا الأسلوب في موود، حيث تظهر تشاينا في فيديو الأغنية ترتشف الشامبانيا في مصعد فندق، بينما تغني بصوت ممبلي: “أقبض باليورو وأذهب إلى البيت.”
تقع أغنية آتنشن على الطرف النقيض، بسطر بايس مشوّه (distorted)، ثخين ونابض، وإيقاعات أكثر تلونًا وسرعة، تجعلها أكثر أغاني الألبوم هزًّا للرأس وقابليةً للرقص. تعثر أغنية جِن على حل وسط، بين التوزيع الاقتصادي المظلم والإيقاعات السريعة الحيوية، كما تحمل أفضل بارات تشاينا في الألبوم على مستوى التدفقات الشرسة والمترفة، فيما يمكن اعتباره بديلًا مثاليًا للجمهور الذي يبحث عن أغانٍ مختلفة عن تراب أطلانطا المستهلك، لكن ليست مختلفة كثيرًا لدرجة تفقد المستمع شعوره بالألفة.
يضم الألبوم على بعض المنصّات أغنية خامسة، توكين تو مي، المسجّلة مع الرابر من أطلانطا مايد-إن-طوكيو (madeinTYO)، والذي يؤدي اللازمة الغنائية الوحيدة في الألبوم، بشكلٍ يقاطع الاستمرارية والانسجام بين بقيّة الأغاني دون أن يضفي تنوعًا جذّابًا.
في مقابلتها مع بيتشفورك قبل عامين، كانت تشاينا مترددة. لا تزال تتملص من صورة عارضة الأزياء / مدمنة المخدرات التي تحولت إلى رابر، الصورة التي أصبحت كليشيه معتادة في الراب خلال السنوات الأخيرة. تقول في نهاية المقابلة إنها مرّت بصعوبات كافية في حياتها، حتى تعتقد أن لديها ما يستحق أن يقال وأن يُستمع إليه. بإمكاننا اليوم رؤية راحة وانعتاق واضحين لدى تشاينا من كل هذه القوالب والصور النمطية. ترتشف الشامبانيا في مصاعد الفنادق وتغني عن رحلات النزوة إلى فلورنسا. لم تعد عارضة أو مدمنة سابقة، وأصبحت ببساطة رابر، تتحدث وتغني عن ما تشاء، بعد أن أوصلها صوتها المنعش والمصقول عبر السنين إلى مكانتها الهامّة في مشهد التراب المستقل اليوم.