أغان للخريف المقبل | ٧ كلاسيكيات لـ تشت بايكر

كتابةجيلان صلاح - September 25, 2018

حركت حياة المغني والملحن وعازف الجاز الأسطوري تشِت بايكر نزعة تدميرية صاخبة بعيدة عن موسيقاه الناعمة المموهة، صوته محيّد العاطفة، وكلماته المشحونة بالشجن والوحدة. لمع اسم بايكر كأحد أهم موسيقيي جاز الساحل الغربي، حتى أُطلق عليه لقب جيمس دين الجاز، كونه يحمل الموهبة والشخصية التي تؤهله ليصبح نجمًا، وليس فقط عازف ترومبيت ماهر. في هذه القائمة مجموعة من أبرز كلاسيكيات تشت بايكر بعزفه وصوته.

أولموست بلو | ١٩٨٨

الأزرق من الألوان الباردة، لكنه يمنح الانسان دفئًا كبيرًا، لهذا ارتبط الجاز والجو العام فيه ببارات تدعى سبيكيسيز، وهي محلات بيع الخمور والبارات غير القانونية في أمريكا إبان حقبة تحريم الخمور في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، والتي يملؤها الدخان والأضواء الخافتة وأنغام الترومبيت والألتوساكسفون بالاسترخاء والراحة.

هنا جاءت أغاني الجاز على اختلافها، ومنها هذه الأغنية. يُتهم بايكر بأنه ناعم ورومانسي أكثر من اللازم، على الأقل مقارنة بوالده تشيزني بايكر سينيور، عازف الجيتار الموهوب والذي اضطر لترك العزف والعمل إبان حقبة الكساد الكبير الأمريكية. لهذا ربما تثار الأقاويل عن عدم رضا بايكر الأب عن صورة بايكر الابن كعازف الكوول جاز الناعم. لكننا لا نملك سوى أن نعشق هذه الأغنية التي سجلها تشت بايكر لفيلم ليتس جِت لوست الوثائقي الذي صنعه المخرج الأمريكي بروس ويبر عن حياته، ورُشح لأوسكار أفضل فيلم وثائقي طويل عام ١٩٨٨.

حليمة | ١٩٥٦

هذه المقطوعة ولدت خصيصًا من أجل حليمة علي، زوجة بايكر الثانية، والتي شكل معها ثنائيًا فوتوغرافيًا بديعًا. ألف فيل أورسو صديق بايكر المقطوعة تكريمًا لحليمة التي كانت على حد قول جيمس جيفن في كتابه Deep in a Dream: The Long Night of Chet Baker: “خائفة من أولئك الموسيقيين، أصدقاء بايكر”، مما دفعهم للتعامل معهم برقة زائدة، وصلت إلى حد تأليف هذه المقطوعة.

أوتمن ليفز | ١٩٧٤

تتجلى هنا براعة وموهبة بايكر العازف. يمكن الاستماع إلى نفس الأغنية بنسخة نات كينج كول أو إديت بياف، أو حتى الدويتو الذي قام فيه بايكر بغنائها فيه مع روث يانج في نهاية مشواره الفني. ستجد أن هذه النسخ وإن أضافت، لم تستطع تقديم ما ينافس جمال نسخة بايكر السبعينيّة، الكامن في الترومبيت الناعم والدرامز الرشيق، وربما طلّة بايكر.

ماي فَني فالنتاين | ١٩٥٩

أكثر من ٦٠٠ مغني قاموا بأداء هذه الأغنية التي كانت بدايتها في المسرحية الغنائية بيبز إن آرمز على مسرح برودواي عام ١٩٣٧. لكن غناء بايكر لها، تميز بكونه دون موسيقى بيانو في الخلفية، ما ترك مساحات لصوته الحالم ليأخذك إلى عالم من الرومانسية الكلاسيكية. حُفظت نسخة بايكر من الأغنية في المكتبة البحثية للكونجرس بالولايات المتحدة الأمريكية واعتُبرت تراثًا أمريكيًا هامًا ومؤثرًا.

سمرتايم | ١٩٥٥

هذه أيضًا من الأغاني التي سُجّلت مئات المرات، وأصبحت من الأيقونات في عالم الجاز. عام ١٩٣٦ سجلتها الأيقونة السمراء بيلي هوليداي، ولاقت نجاحًا واسعًا في الولايات المتحدة، بل وتعتبر نسختها الأكثر نجاحًا للأغنية على الإطلاق بين الـ ٢٥٠٠٠ نسخة التي سُجلت لها بصوت وعزف نجوم أمثال لويس أرمسترونج وجانيس جوبلين وإيلا فتزجيرالد وحتى فريق ذ دورز.

تبقى نسخة تشيت بايكر التي يبرز فيها كعازف أيضًا وليس كمغني، شديدة الجمال، خاصةً بضمها واحدة من الكورتات (رباعيات الجاز والبلوز) التي برع فيها على الترومبيت بجانب جيري ماليجان على الباريتون ساكسفون.

بَت نَت فور مي | ١٩٥٥

إن لم تسمع موسيقى هذه الأغنية من قبل في فيلم منهاتن لوودي آلان، فقد سمعتها بصوت هاري كونيك جونيور في كلاسيكية الرومانس-كوميدي وِن هاري مِت سالي، أو بصوت إلتون جون في الفيلم الذي صنع شعبية هيوجرانت فور ويدينجز أند أ فيونرال. لكنك عندما تستمع إليها بصوت بايكر وعلى أنغام الترومبيت الذي لا يفارقه، سينقلك بالفعل إلى تلك الفترة الساحرة من أمريكا الخمسينيات، والتي حاول كثير من المخرجين نقلها على الشاشة وآخرهم  روبرت بوردو في بورن تو بي بلو.

أولد ديفل مون | ١٩٥٨

أُطلق على الجاز فيما مضى موسيقى الشيطان، كونها مثلت الهوية الأفريقية للسود في أمريكا، في وقت كانت فيه الهيمنة للذكر الأبيض. لذا تمتعت كثير من أغاني الجاز بالعناوين التي تتغنى بجمال الشيطان مصورةً إياه كامرأة أو كائن أسطوري ميثولوجي، أحيانًا بنزعة لا دينية ساخرة من فكرة بيع الروح للشيطان، والتي قيل إن الموسيقي البارع يلجأ إليها ليصبح على ما هو عليه من شهرة وموهبة.

يغني بيكر هنا للشيطان حبيس عيني حبيبته، والذي جعله أسير هواها، من خلال لحن راقص مثير وصوت مدوِّخ تشعر معه وكأنما بايكر هو الشيطان المعذِّب الذي يحملك على الوقوع في حب يشتعل شغفًا ورغبة.