تومو | سليكباك

اقترنت الموسيقى الإلكترونية الراقصة لسنين عديدة بمدن من القارة الأمريكية والأوروبية مثل دترويت وشيكاجو ولندن وبرلين، حيث نشأت التكنو والهاوس والآسيد هاوس والجانغل والغراج والدبستب وغيرها. لكن في العشر سنوات الأخيرة، زادت شهرة أنواع موسيقية من أفريقيا حاول الإعلام الغربي اختزالها في الموسيقى الأفريقية والأفرو بيتس، كما لعب دور في نشرها بصرف النظر عن خطابه التسويقي. من بين هذه الأنواع التي تشق طريقها إلى وصلات الدي جاي والمهرجانات الموسيقية والأونلاين راديو: الكودورو من أنجولا والكوايتو والجي كوم من جنوب أفريقيا والسنجيلي من تنزانيا على سبيل المثال وليس الحصر. لعبت تسجيلات نييجي نييجي الأوغندية دورًا قويًا في تسليط الضوء على تلك الموسيقى وشملت السنجيلي وأغاني الأفراح الأوغندية وتطرقت إلى أنواع أخرى من شرق القارة. امتد نشاط نييجي نييجي عند تدشينها لتسجيلات هاكونا كولالا الشقيقة لتشمل الموسيقى الراقصة ذات الطابع التجريبي، حيث تعرّف اتجاهها على باندكامب بـ “اكتشافات لموسيقى الكلَب المغمورة الإلكترونية من الكونغو وشرق أفريقيا.”

جاء ألبوم لساكانيكو للمنتج الكيني سليكباك كأول إصدار لتسجيلات هاكونا كولالا بالعام الماضي، استطاع من خلاله إيجاد مكان مميز وسط منتجي الموسيقى الراقصة على المستوى العالمي بالرغم من كونه منتج ناشئ. تميز الألبوم بطابع راقص تقليلي معتمد بالأساس على تشابك عناصره الإيقاعية وتغيّر قوالبها وصوت كيك الـ ٨٠٨ كعمود فقري لموسيقاه. تعامل سليكباك مع السِّنث بشكلٍ مقل على عكس معظم أنواع الموسيقى الراقصة التي تعتمد على خطٍ نغمي، بالإضافة إلى تفكيك الصوت الغنائي ليشكل جزءًا أساسيًا من إيقاع تراكاته.

في ألبومه الثاني تومو يكّثف سليكباك من الجرعة الراقصة من خلال صوت أكثر عنفًا وغنىً بالخامات الصوتية، ليسفر عن صوت ضخم وصارخ. من التراك الأول سُنشيتو والذي يتبع أسلوب فوتوورك، يدرك المستمع أن هذا الألبوم أنتج خصيصًا لمد حدود الموسيقى الراقصة المتعارف عليها. حيث لا يكتفي فقط بنمط الفوتوورك المعتاد بل يضيف إليه من ذائقته الصوتية والإيقاعية مجربًا في الجنرا بشكلٍ واضح. يشترك كيوكاي، الذي يعد من أفضل تراكات الألبوم، في نفس الإتجاه، حيث يستبدل الكيك المضغوطة كالمطرقة والمشبعة بالريفرب بكيك الـ ٨٠٨ للتراك السابق ليضيف طاقة عنيفة إلى التراك.  كما يأتي صوت العينات الغنائية المتقطعة وأصوات السنث المجردة والقصيرة كطبقة أساسية تتحد مع العناصر الإيقاعية. يصاحب هذا الاختيار الجمالي جميع تراكات الألبوم.

في جيميني، يضيف سليكباك طابعًا تجريبيًا ومظلمًا إلى موسيقى الدانسهول عن طريق إبطاء الإيقاع والخامات الصوتية الحادة التي تبدو كجهاز إنذار صاخب. تتشابك الإيقاعات بشكل مكثف عند ازدياد عناصرها في كاروم، لتخترقها الكيك المشوهة في التوقيت المناسب. يظهر عنصر التكرار هنا بشكل واضح ليتحول التراك إلى طقس راقص، مستمرًا على نهجه في زوهورا بضجيجه وأصواته المعدنية.

يأتي تسلسل التراكات في الألبوم بتدرج وبشكل تلقائي، حيث يعي سليكباك ديناميكية ألبومه، ويصل بذلك الطقس الراقص إلى قمته في التراك الختامي رايدج. ذلك الطابع المظلم والتكراري الذي ظل يمهد له تدريجيًا، يكشف عن وحش غاضب في رايدج من خلال توظيفه للضجيج والمزاج الاصطناعي (نسبة للإندستريال ميوزك) ليصل الألبوم إلى درجة عالية من التشبع، كما لو كان يعلن عن تفجيره لمنصة الرقص التي ظلت تحترق على مدار ما يقرب من العشرين دقيقة الخاصة بزمن الألبوم.

يظهر تأثر سليكباك بموسيقى البايس البريطانية والفوتوورك لكن يأتي هذا التأثر بشكل مقل، فيضيف من ذوقه المميز إلى هذه الأنواع ويخلق لنفسه نوعًا تجريبيًا راقصًا خاصًا به في نفس الوقت، الأمر الذي يؤهله بقوة لأن يكون من ضمن المشاركين في أهم مهرجانات الموسيقى الإلكترونية هذا العام مثل سي تي إم وسونيك أَكتس وميوتك وسونار. يعلن سليكباك عن تطور تجربته الإنتاجية ونضجه في تومو. كما يثبت للمستمع – أو للراقصين بمعنى أصح – حسه العالي بالإيقاع. يمكن اعتبار التراكات الستة للألبوم وصلة دي جاي واحدة عنيفة ومشبعة بالطاقة، تأهل سليكباك إلى المنافسة بقوة هذا العام كواحد من أفضل الأعمال الراقصة ذات الصوت الجديد.