جانك فوود | إيزي لايف

سمعت بفرقة إيزي لايف للمرة الأولى عبر أغنية نايس جايز. بإيقاعات الجاز النابضة والمتدفقة على البايس، وأصوات السنث البراقة والسهلة على الأذن، بدت الأغنية قريبةً من موسيقى اللاونج التي تسمعها في النوادي الليلية الكسولة، أما الكلمات فلا أجد طريقة لوصفها أنسب من: الروك الدنيء. لا أقصد كلمة دنيء كإساءة لهذا النوع من الأغاني، بقدر ما أشير بها إلى أغانٍ قائمة على كولاج من عبارات المغازلة المبتذلة، التي ربما كانت تعتبر صايعة في السبعينات: “أنا وأنتِ لا نزال شبابًا على العلاقات الجادة / لنرقص في المطبخ، نشرب طوال النهار / نمارس الجنس طوال الليل، لا ننام.” بدت نايس جايز كأغنية تريدك ألّا تأخذها على محمل الجد، أغنية تسمعها مرة تلو الأخرى، تضحك وتقول يا لها من أغنية خفيفة ورخيصة، قبل أن تنزّل المكستايب كاملًا.

تشكلت إيزي لايف في مدينة ليسيستر الإنكليزية عام ٢٠١٧، وجذبت الانتباه منذ أغنيتها الأولى بوكتس، باستخدامها توزيعًا يجمع الجاز والسنث والبوب، جماليات اللو فاي التي زادت صوت الفرقة خفّة وانسيابية، والاستخدام الكثيف لتقنيات عزف عشريناتية مثل السوينج (التأرجح الإيقاعي). خلال العامين الماضيين، أصدرت الفرقة مكستايبين وعدة إصدارات منفردة ومزدوجة، لعبت فيها مع تأثرات واسعة من الهيب هوب إلى الترانس، كل ذلك ضمن قالب موسيقى الفرق (band’s music)، الذي ارتبط لعقود بفرق الروك وأصبح من الصعب فصله عن هذا السياق اليوم.

عندما بدأت بالاستماع إلى مكستايب إيزي لايف الجديد الصادر مطلع هذا العام، توقعته أن ينسكب كسيل صغير من الأغاني المشابهة لـ نايس جايز، أغانٍ عابثة خفيفة الدم. عوضًا عن ذلك عثرت على أغنية سنجريا المسجّلة بالتعاون مع المغنيّة آرلو باركس. بنبضات البايس التي تنظّم إيقاعات السول المعاصر، وبراعة الفرقة بكتابة الألحان البسيطة، ذكرتني الأغنية بفرقة ذ إنترنت، لو أرادت ذ إنترنت تقديم نسخة أكثر خفّة وإلكترونية من موسيقاهم. كفرقة بوي باند مجتهدة وباحثة عن النجاح الفوري، تتقن إيزي لايف كل الحيل الصغيرة، كتطويع اللهجة البريطانية وكتابة مقاطع غنائية مستمرة لا تنقطع، لتبقي على الأغنية في تدفق مستمر على طول دقائقها الثلاث.

تبدو أغنية دِد سلبريتيز كما لو أن أحدهم كبس زر إعادة التشغيل على آركتك منكيز. تحمل الأغنية الكثير من الأسلوب المستقبلي الاستعادي (retro-futuristic) الذي سمعناه في ألبوم آركتك منكيز الأخير، لكنها تحمل أيضًا خفّة فرقة في سنواتها الأولى، لم تستهلك نفسها بعد، ولا تشعر بضرورة التجديد كمسدس مصوب إلى رأسها. تغدو المقارنة بآركتك منكيز أكثر إلحاحًا في أغنية LS6، بمقدمة بيانو تمهّد لمزاج ميلانكولي، وأصوات السنث المنسحبة كذيل ستارة. عندما ينشد موراي ماترافرز اللازمة “أنا جاد الآن” بصوت مظلل بالصدى ومتبوع بغناء الفرقة، يمكن استبداله بـ آلكس ترنر بسلاسة ودس الأغنية في ألبوم آركتك منكيز الأخير دون أن يلاحظ أحد.

بينما تعتمد نايس جايز على إيقاعات البايس الثقيلة النابضة لخلق جوّها الراقص، تستمد أغنية إرث قابليتها للرقص من إيقاع هيب هوب على آلة طبول، ليستوعب المكستايب القصير إيقاعات ارتجالية ومتأرجحة جنبًا إلى جنب مع إيقاعات مبرمجة معاصرة. يتجلى تنوع المكستايب أيضًا في أغنيتي ٧ ماجبايز وسبايدرز، ذوات المزاج الأبطأ والأكثر تأملًا، والغنيَّتين بأصوات سنث ملونة وبسيطة تتبدل باستمرار.

إيزي لايف فرقة لا تعوزها البراعة في كتابة ألحان بسيطة سهلة الدندنة، وتعرف كيف تستخدم خفّة الدم لمقاربة حيل موسيقية توصف عادةً بالابتذال. على كل حال، خلف هذه الستارة من الخفّة والتسلية، يختبئ مكستايب يعرف كيف يستقبل إيقاعات البايس الآتية من السول، وآلات الطبول من المستوحاة من الهيب هوب، ومسحات السنث الدافئة والمشوشة، ليحقق بعضًا مما تسعى إليه الكثير من الفرق التجريبية والجادة، دون أن يبدو تجريبيًا على الإطلاق.