حميد الشاعري

حميد الشاعري | أيقونة الجلجلة والصهللة

عبد الرحيم يوسف ۱۳/۱۲/۲۰۱۵

مع بداية ثمانينات القرن الماضي، كان المشهد الموسيقى في مصر متنوعًا ومربكا إلى حد كبير؛ فعاشقو جيلي العمالقة والوسط كان مازال بإمكانهم أن يسمعوا ألحانًا جديدة لعبد الوهاب والسنباطي والموجي وبليغ حمدي وكمال الطويل وسيد مكاوي ومحمد سلطان وحلمي بكر. وكانت معظم نتاجات هؤلاء الملحنين من الأغنيات الطويلة أو متوسطة الطول ذات البناء المتعدد المقامات والتي تؤديها فرقة موسيقية كبيرة من الآلات الشرقية الوترية وآلات النفخ الخشبية والنحاسية والآلات الإيقاعية التقليدية مطعمة ببعض آلات البيركشن وأحيانا الدرامز، مع وجود بارز للأورج والجيتار الكهربائي والأكورديون. وثبت شكل التوزيع الموسيقي على أداء الجمل الميلودية الأساسية مع إبراز بعض السولوهات والإيقاعات المغايرة في طموح توزيعي أقل بكثير مما كان لدى الفنان علي إسماعيل أو أستاذه أندريا رايدر.

كان هذا هو الجناح الرسمي في المشهد، الذي يمكنك أن تستمع إلى أغانيه في الإذاعة والتليفزيون – الرسميين – وتنتج ألبوماتهم شركات رسمية[Mtooltip description=” صوت القاهرة” /] أو شبه رسمية[Mtooltip description=” صوت الفن مثلا لصاحبها محمد عبد الوهاب وشركاه” /]. لكن ازدهار سوق الكاسيت دفع إلى المشهد بلون صاخب فيما غدا يُعرف بالغناء الشعبي (بعيداً عن مطربين شعبيين كمحمد رشدي ومحمد العزبي وغيرهما من أصحاب التواجد الرسمي كذلك)، هذا اللون من الغناء الذي شهد ذيوعا هائلا منذ السبعينات على يد أحمد عدوية نجمه الأسطوري، واستمر في الثمانينات على أيدي نجوم أقل سطوعا لكنهم قادرون على تحقيق شعبية وانتشار هائلين مثل كتكوت الأمير وحسن الأسمر. كما اتسع صدر هذا اللون ليشمل تجربة فارقة هي تجربة البحر أبو جريشة. وعلى الرغم من حالة العداء والاحتقار الذي كان يشوب تعامل الرسميين مع هذا اللون من الغناء باعتباره دليلا على انحدار الذوق والأخلاق، إلا أن ذلك لم يمنع عددا من ملحني التيار الرسمي من التلحين لعدوية تحديدا – رمز هذا اللون من الغناء – فتعامل معه سيد مكاوي وبليغ حمدي ومن جيل السبعينات تعامل معه عمار الشريعي وهاني شنوده.

بين هذين الجناحين للمشهد (الرسمي والشعبي) كان هناك تيار يدق بقوة منذ النصف الثاني للسبعينات، عدد كبير من الفرق الموسيقية التي ظهرت متأثرة بشكل الفرق الموسيقية الغربية بعازفيها القليلين واعتمادها على الأورج والجيتارات الكهربائية والدرامز بشكل أساسي، واستطاعت بعض هذه الفرق أن تتجاوز وسيط الحفلات في النوادي والملاهي الليلية والفنادق إلى إصدار ألبومات والظهور على استحياء في التليفزيون والراديو، مثل الجيتس والمصريين والفور إم وفرقة طيبة ويحيى خليل على اختلاف وائتلاف اتجاهاتهم الموسيقية بعد ذلك. ومن خلفية أكثر شرقية لكنها مستوعبة أيضا لتأثيرات الموسيقى الغربية كانت فرقة الأصدقاء وتجربة مؤسسها عمار الشريعي. وقد اتسع تأثير هذه المجموعة وامتد خارج فرقها حين بدأت تقوم بتوزيع وعزف أغنيات لنجوم المرحلة محمد منير وعلي الحجار وغيرهما. وبدا هذا الشكل من التوزيع قادرا على خلق حالة موسيقية مختلفة دفعت ببعض نجوم المرحلة القديمة إلى توظيفها[Mtooltip description=” مثل فايزة أحمد ونجاة وعبد الحليم قبلهما قبل أن يدركه الموت فيقضي على تجربته مع هاني شنوده” /] أو حتى نجم اللون الشعبي عدوية في تعامله مع هاني شنودة ومع فرقة طيبة (مودي وحسين الإمام).

وعلى أطراف هذا المشهد كنت تجد شريحة من المثقفين، اليساريين غالبا، يتناقلون فيما بينهم تجربة الشيخ إمام ذات البعد الجامع بين التراث والثورية، أو يتابعون تجربة مارسيل خليفة أو زياد رحباني في لبنان. وتجد جموعا من الشباب يستمعون إلى تجارب موسيقية غربية مختلفة متجاهلين تراث وحاضر الموسيقى العربية.

وسط هذا المشهد الصارخ الألوان ظهر حميد الشاعري عام ١٩٨٣ مرة واحدة وبلا مقدمات بألبوم عيونها حاملا ختم فرقة المزداوية التي أسماها حميد هكذا نسبة للموسيقي الليبي ناصر المزداوي الذي حمل الغلاف شكرا له مع إشارة إلى أن الفرقة بقيادة حميد الشاعري، وكانت صورة الغلاف لحميد محتضنا جيتاره وجالسا على بعض الصخور وخلفه البحر وينظر حيث يشير الجالس بجواره؛ وهو صديقه وحيد حمدي الذي شارك بالغناء في الألبوم وكان سببا في صدوره عندما حمل تسجيلا بأغاني حميد قام به أثناء دراسته للطيران في لندن إلى شركة سونار التي رحبت بإنتاج الألبوم على الفور. وحمل الغلاف الخلفي أسماء المشاركين في الغناء ومؤلفي كلمات الأغنيات العشرة التي لحن حميد سبعا منها ولحن ناصر المزداوي واحدة وجاءت واحدة من الفلكلور الليبي والأخيرة من أغنيات فرقة (الموسيقى الحرة) الليبية.

كانت المقدمات قد حدثت في ليبيا وفي لندن كما يعرف المتابعون لمجرى حياة الشاعري. وكانت ليبيا قد شهدت – مثلها مثل مصر – انفجارا كبيرا في الفرق الموسيقية والموسيقيين الذين يقدمون أغانيهم مازجين بين الألحان ذات الجمل الموسيقية الفلكلورية أو الشرقية مع توزيعها وعزفها بآلات غربية مثل فرقة (الموسيقى الحرة) وناصر المزداوي وأحمد فكرون، وشارك حميد لفترة كعازف للأورج في فرقة الإذاعة ثم كوَّن فرقة باسم (أبناء أفريقيا) قبل أن يُصدر القذافي قرارا من قراراته العجيبة بتحطيم وحرق كل الآلات الغربية والاعتماد على الآلات المحلية فقط، ليخسر ناصر المزداوي ثروة من الآلات والمعدات، وكان أحمد فكرون أكثر حظا إذ كان يسجل أغنياته في الخارج، أما حميد فذهب إلى لندن ومنها إلى مصر ليلحق بأبيه وأقاربه كلاجئ سياسي.

فشل ألبوم عيونها فشلا ذريعا حتى أن حميد يحكي كثيرا بطريقته الساخرة أن عدد النسخ المرتجعة للشركة كان أكثر من عدد النسخ المنتجة، بحساب النسخ المزورة في ذلك الزمن الذي نشطت فيه سوق الكاسيت في مصر حتى أصبح تزوير الألبومات ظاهرة استمرت حتى اندثرت صناعة الكاسيت واستمر التزوير فيما بعد مع ظهور الاسطوانات المدمجة. ربما كان السبب هو عدم تعود الجمهور على هذا الصوت الهامس المبحوح غير الواضح، أو وقفت المركزية المصرية حائلا دون فهم اللهجة الليبية، لكن شركة سونار دعمت حميد الذي كان قد أصيب بالإحباط وقرر الرجوع للطريق الذي أراده له والده، وبناء على تشجيع الشركة أنتج ألبوما تاليا في عام ١٩٨٤ بعنوان رحيل وهو الألبوم الذي حقق نجاحا معقولا، وكانت الفرقة المُنفِّذة هذه المرة هي فرقة (يحيى خليل)، وحمل الألبوم ١١ أغنية لحَّن حميد ٨ أغنيات إحداها لا مانسينا التي كان منير قد غناها في ألبوم اتكلمي الذي صدر عام ١٩٨٣ – متزامناً في نفس الوقت تقريبا مع ألبوم عيونها – لكن بكلمات مختلفة لعبد الرحيم منصور وحملت عنوان (الطريق). وتعاون حميد في نفس العام ١٩٨٤ مع أحد مطربي شركة سونار – التي بدت وكأنها بمثابة الراعي لتيار موسيقي شاب وواعد – وهو علاء عبد الخالق في ألبومه (مرسال) بالتوزيع المشترك مع عماد الشاروني وتلحين أربع أغنيات من أغاني الألبوم التسعة.

في العام التالي أصدر حميد مع نفس الشركة ألبوم سنين الذي لحن فيه أغنتين فقط وكانت الأغنيات السبعة الباقية من كلمات وألحان ناصر المزداوي وعاد فيها اسم فرقة المزدواية كفرقة منفذة للأغنيات. وشهد العام التالي ١٩٨٦ صدور ألبوم أكيد الذي حقق نجاحا طيبا خاصة مع وجود عدد من المغنين الآخرين الذين شاركوا حميد الغناء في أغنيات حققت ذيوعا طيبا وأصبحت من كلاسيكيات حميد وهم علاء عبد الخالق في أغنية حبيبة، وحنان في أغنية مصيرنا نعود وسوزان في أغنية عايش بيك، وبرزت بشكل خاص أغنية أكيد التي غناها مع النجم محمد منير، وهي كذلك الأغنية التي يمكن ضمها لعدد من أغنيات حميد ذات الهم الإنساني العالمي؛ إذ قام بتلحين كلمات عبد الرحمن أبو سنة التي كُتبت تأثرا بحادث انفجار المفاعل النووي تشرنوبيل، وستتردد هذه الأغنيات التي تحلم بعالم جديد سعيد مليء بالسلام ولا يعرف فيما بعد وسط أغنيات حميد مثل أغنية اسمي بشر في ألبوم جنة التي كتبها جمال بخيت، وأغنية العالم قام التي ضمها ألبوم حمل نفس الاسم عام ١٩٩١ وكتب كلماتها عادل عمر تأثرا بحرب الخليج ولحنها حميد مع مزجها بجملة موسيقية من أغنية لجون لينون وغناها مع عدد كبير من المغنين. ملمح آخر حمله هذا الألبوم أكيد وسيظل موجودا لدى حميد لسنين عديدة؛ وهو تلك الروح من الجماعية والصداقة الأخوية التي ستسم أعماله سواء لنفسه أو لغيره من الفنانين، حيث كان يحرص على وجود عدد من المغنين في نفس الألبوم سواء ككورال أو كضيوف في الأغنيات. وسيطور مع الوقت تقليد الألبومات الجماعية التي حملت أسماء مثل (لقاء النجوم) وغيره تحمل أغنيات لنجوم متحققين ومعهم مطرب أو اثنان جديدان يقدمهم حميد للسوق، السوق الذي أصبح اسم حميد علامة تجارية فيه تضمن النجاح لمنتجه، كما تضمن لجمهوره مقدارا لا بأس به من الجلجلة والصهللةوالمرح الذي صاحب توزيعه الذي بدأ لاحقا يفقد ذلك التنوع والتعدد في الإيقاعات والآلات الذي ظل موجودا حتى ألبومه (شارة) في رأيي قبل أن يسيطر الإيقاع والتصفيق الإليكتروني والكيبورد والجيتار على عدد لا بأس به من أغنياته وتوزيعاته.

كان عام ١٩٨٨ في رأيي عاما فارقا في مسيرة حميد؛ إذ حقق ألبومه جنة نجاحا لافتا وانتشرت أغنيته ميلي بعد أن أهدى حميد موسيقاها لبرنامج (دوري النجوم) الذي كان يقدمه طارق حبيب في شهر رمضان، كما حقق ألبوم (ميَّال) لعمرو دياب نجاحا مدويا وكان حميد قد شارك فيه بتوزيع أربع أغنيات – لم تكن ميَّال بينها بالمناسبة – ولحَّن أغنية واحدة هي (أول ما أقول)، أما قنبلة العام فكانت مشاركته في ألبوم (لولاكي) للمطرب البدوي علي حميدة، والذي قام حميد بتوزيعه كاملا وتلحين نصفه. أصبح حميد بعدها وحتى منتصف التسعينات – ورغم قرار إيقافه – نجم المرحلة وممر الوصول. ومع النجاح انهال عليه النقد كرمز للانحطاط والركاكة الموسيقية وكمصدر للأصوات الضعيفة، بل امتد النقد لطريقته في ارتداء الملابس الكاجوال والغناء على المسرح بالملابس الرياضية، وتزعم حملة النقد الدائمة الملحن حلمي بكر، الذي – وياللعجب – سيتعامل بعد سنين مع حميد كموزع لأوبريت الحلم العربي الذي لحنه بكر مع صلاح الشرنوبي وكتبه مدحت العدل وتوسط كي يجمع فيه بين الخصمين القديمين.

أذكر لقاء في مجلة الأهرام الرياضي مع الموسيقي الليبي أحمد فكرون اتهم فيه حميد بسرقته وسرقة الفلكلور الليبي، وأذكر لقاء مع الملحن الراحل بليغ حمدي عقب رجوعه مصر وتلحينه مقدمة مسلسل بوابة الحلواني سأله فيه المقدم عن رأيه في موسيقى الشباب فكان رد بليغ أنه سعيد للغاية بها لأنها على الأقل صرفت انتباه الشباب عن الاستماع للأغنيات الغربية، كان ردا ذكيا لا يتورط في حملة الهجوم التقليدية ولا في تقديم تحليل حقيقي لمزايا هذه الموسيقي إن وُجدت.

لم يمنع قرار الإيقاف – الذي أصدرته نقابة الموسيقيين بحق حميد في عام ١٩٩١ واستمر لمدة أربع سنوات بدعوى عدم سداده الاشتراك السنوي والذي كان يبلغ حوالي ١٦ جنيها في الوقت الذي كان حميد يدفع للنقابة حوالي ٤٠ ألف جنيه عوائد عن الألبوم الواحد، هذا القرار الذي يرى البعض أنه كان مؤامرة لمواجهة نجاح وانتشار حميد ومحاولة لانتزاع مساحة في مشهد كان هو مسيطرا عليه بشكل شبه كامل – الشاعري من أن يملأ الدنيا خلال التسعينات تلحينا وتوزيعا وإعادة توزيع لأغنيات مطربين كبار مثل شادية وفوزي وفريد، ودفعت طريقته في التوزيع أجيالا من الموسيقيين لتقليدها، وجعلت مطربين كبار يعيدون توزيع أغنياتهم الكلاسيكية بنفس الطريقة علّها تجد رواجا ومكانا، مثل كارم محمود ومحمد قنديل. لكنها كانت توزيعات لم تأخذ من حميد غير الجلجلة والصهللة. وكان حميد كثيرا ما يفاجئنا بتجربة جديدة ليؤكد لنا أنه يمتلك شيئا أكثر من الجلجلة والصهللة.

تعرفت إلى صوت حميد لأول مرة عبر ألبومه أكيد عقب صدوره، كنت مراهقاً غضاً، أعشق صوت عبد الحليم وأحفظ الكثير من أغنياته وأتمثل سيرة حياته المؤلمة بتعاطف كبير، ومن الشباب – في ذلك الوقت – كان منير هو نجمي المفضل، وإيمان البحر درويش في ألبوماته الأولى التي اعتمدت على أغاني جده خالد الذكر سيد درويش، وعلي الحجار في رومانسياته المبكرة. وكانت شقيقتي الأكبر تفضل عمر فتحي ومدحت صالح، وعن طريقها استمعت إلى ألبومات حميد (أكيد) وما تلاه. كنت عادة ما أهاجم اختيارات أختي تلك وأُكوِّن موقفا طفوليا مضادا لمطربيها المفضلين ساخرا من ضعف أصواتهم أو بذاءة اختياراتهم أو أي شيء، لكني لم أستطع أن أقوم بنفس الشيء مع حميد، كنت على ما يبدو معجبا بالموسيقى الجميلة المرحة والجمل الموسيقية السهلة والجديدة في آن، ولعب وجود منير في الألبوم الأول بالنسبة لي دورا في تمرير المسألة. بل صارت أغنيات مثل (ياريتني نسمة صبا) أو (عودك) أو (جيت الدنيا) أو (اسمي بشر) أو (لا تلوموا علينا) من أغانيَّ المفضلة طوال الوقت. كما أحببت تجربته مع علاء عبد الخالق خاصة في ألبوم (مرسال). لكن مع الوقت، ومع بداية تكون ذائقة جادة تليق بمثقف كلاسيكي صغير، بدأت أتباعد عن تجارب حميد، كرهت أغنية وألبوم لولاكي كراهية لا حد لها، وكذلك هذا الكم المتدفق من الأصوات (المزعجة في رأيي آنذاك) مثل إيهاب توفيق وعلاء سلام وإسلام وقائمة يطول ذكرها. كنت أرى أن ما يحدث من حميد هو استسهال كبير، أصبحت معظم الأغنيات خلال العام نفسه لها توزيع متشابه بقدر تطور الآلات التي يستخدمها حميد، ولم يعد التنوع والتطوير في رأيي مرتبطا بالمغامرة الإبداعية بقدر ما أصبح مرتبطا بالقدرة على النجاح في السوق والقابلية للاستنساخ.

ورغم ذلك كان حميد كثيرا ما يفاجئني بمغامرة جانبية ممتعة، ففي أواخر الثمانينات أو بداية التسعينات قام بتشجيع أحمد الحجار – الملحن المرتبط في ذهني آنذاك بتجارب جادة وجميلة مع شقيقه علي، أو تجارب مميزة مع علاء عبد الخالق وحنان ماضي – على إنتاج ألبوم خاص به في شركة سونار بعنوان (حنين) كتب كلمات أغنياته الثمانية جمال بخيت ولحنها الحجار الصغير بالطبع وشارك حميد في توزيع الأغنيات، وكنت معجبا بشكل خاص بتوزيعه لأغنيتي (اكرمنا يارب) وأغنية (فين أشوفك يا نبي). وفي منتصف التسعينات خرج علينا بأغنيتين بديعتين للمطربة الراحلة رجاء بلمليح كانا بمثابة تقديم قوي لها للمستمعين في مصر (صبري عليك طال)، و(يا غايب عن عيوني). وفي عام ١٩٩٧ لحن للمطربة الراحلة كذلك ذكرى أغنية بديعة بعنوان (يا هاجري). وفي عام ٢٠٠٦ شارك بتوزيع ثلاث أغنيات في ألبوم مطربي المفضل علي الحجار (يمامة)، كما لحن حميد أشهر أغنيات الألبوم (الزين والزينة).

في عام ٢٠٠٨ كانت علاقتي بالإنترنت قد غدت وطيدة، وبدأت أُكوِّن مكتبة موسيقية عن طريقه، وكانت ألبومات حميد من ضمن أوائل الألبومات التي قمت بتحميلها، كنت أميل بشكل خاص لألبومات الثمانينات التي قال حميد عنها في أحد لقاءاته أنها أجمل فترة في تاريخ العالم من حيث التيمات الموسيقية. وكان حالة الحنين للثمانينات والتسعينات مازالت بازغة على صفحات الفيس بوك الناشئ هو كذلك، وكان حميد وأغنياته في القلب من حالة النوستالجيا تلك، وبدا الأمر وكأن ما كان مصدرا للمرح وأحيانا للاستهانة قد غدا طريقا لاستعادة سنوات لن تعود.

المزيـــد علــى معـــازف