.
ابتديت أشتغل على الألبوم تقريباً في أكتوبر ٢٠١٥، الشغل كان كتير ولقيت نفسي بتسحل بالست ساعات في اليوم. معظم الأصوات اللي مبنية بالأساس على جهاز واحد هو إلكترون مونوماشين وهو ملائم للصوت اللي أنا عاوزه. مع الوقت لقيت نفسي بروح في سكة آمبينت ومينيمال وآتموسفيريك Ambient، minimal، atmospheric. ابتديت أركز أكتر على تفاصيل معينة زي اللعب بالوايت نويس وساين ويفز sine waves والـ إف إم سنثيسز. أفتكر إن الهدف في الآخر هو مراجعة كل شغلي القديم وإني أبتدي بداية جديدة.
أنا أخدت تقريباً شبه سنة أجازة من أي حاجة ليها دعوة بإني أنزل لايف أو إني أعمل أي مزيكة جديدة. وفي السنة دي ركزت أكثر على الجزء النظري والقراية في الإنتاج الموسيقي. ومن هنا لقيت نفسي بدور على أصوات مختلفة عن اللي كنت بعملها قبل كدة.
أول تراكات كتبتها هي 5:24 pm، و 230 lbs وSine_Z. كان فيهم أفكار مشتركة ومتكاملة من حيث البناء والنمط والنقلات وعنصر العزف الحي والصوت ككل. بعدها قررت ألعب الكلام ده لايف وأشوف ردود فعل الناس. ده كان في حفلة مابنج بوسبليتيز اللي عملناها أنا وإسلام شبانة، ونورا فرحات، وعمرو العالمي ومصطفى أنسي ويوسف أبو زيد.
الحفلة فعلاً نجحت وإتشجعت جداً إني أكمل بنفس طريقة الشغل اللي أنا بدأت بيها. ركزت على نفس الأصوات وأفكار مشابهة. حاجة من الحاجات اللطيفة إني عملت بشكل واعي على تحدي وقيد لنفسي إني اشتغل بعدتين وبس، وهما مونوماشين من إلكترون وسامبلر أوكتا تراك برضه من إلكترون.
قبل كدة كان ديماً بيكون قدامي مليون ألف عدة. كل الأصوات اللي كنت بعملها قبل كدة كانت تقليدية نوعًا ما عشان كدة قررت أراجعها وأطلع بأصوات جديدة.
معظم أصوات الـ سناير والـ هاتس Snare, Hats. معمولة من الوايت نويس. أصوات تانية كتيرة زى البيس معمولة بـساين وايفز، التجريد كان مقصود. أنا عملت على نفسي قيد – زي ما بيقولوا لس إز مور Less is more. كملت وخلصت ٧ تراكات وعلى آخر الألبوم حسيت إن لأول مرة قدرت أشتغل بسرد معين أو واحد، فيها فكرة متكاملة وتمهد للشغل اللي جاي بعد كدة.
اه بالظبط. على ما أعتقد إن الألبوم ده خلاني أعوز أروح في حتة امبيانت وجليتش Glitch أكثر وفيها نوع من التجريد وده العنصر الأساسي إللي أنا متوقع إنه يستمر معايا في الفترة الجاية.
لو حـ مارس النقد الذاتي فممكن أقول إن أفكاري اتطورت شوية عن قبل كدة. قبل كنت بتعامل مع المزيكا على انها حاجة مادية بحتة وبشكل مليان دوجما. كنت بتعامل مع أى مجموعة نغمات من منطلق تقني، يعني كنت بشوف أي مجموعة نغمات كعبارة عن حاجة غير محسوسة، وبما إنها حاجة غير محسوسة فمستحيل إنها تعبر عن أي شيء أو موضوع.
لأ. بس من لما ابتديت أعمل مزيكا إلكترونية. بما إن خلفيتي أنا في الحياة مادية بحتة بتتعامل فقط مع كل ما هو ملموس، حسيت وقتها إني حابب أطبق ده برضه في المزيكا. فبدأت أتعامل مع المزيكا على إنها كائن مستقل بذاته في معزل عن أي إطار اجتماعي أو شخصي، وبالتالي كنت بشوف المزيكا كمجموعة من النغمات أو الأصوات اللي لا يمكن تعبر عن أي تجربة أو حالة أو حدث أو منطق معين. المزيكا زي ما معروف فن شديد التجريد من ناحية التعبير وده نظرًا لإن مافيهاش محتوى بصري ومعتمدة على حاسة السمع وبس، والنغمات والصوت مش بيتشافوا ولا بيتلمسوا والفنون اللي أسهل في التلقي هى اللي بتتشاف. ده خلاني أركز بس على الجزء التقني. تلخيصًا للموضوع، أفتكر إنه وقتها كنت مفتقر الصورة والخيال ودي كانت غلطة بعملها وهو ده الجمود اللي باتكلم عليه.
على سبيل التغيير قلت أجرب إني أتخيل صور معينة تعكس تجربة شخصية أو مشهد أو موقف أو فترة زمنية ما وأشوف تأثيرهم على مزيكتي وبالتالي لقيت نفسي غصب عني بتعامل مع الألبوم بطريقة شخصية. أفتكر ده كان له تأثير إيجابي على الألبوم. برضه لما رجعت لشغلي القديم لقيت نفسي راضي على الشغل اللي عملته مع محتوى بصري زى فيلم أم غايب أو عرض رقص أو أي شغل كان الجانب البصري هو الأساس فيه.
اه فعلاً. أسامي الأغاني عبارة عن شفرات معينه بتعبر عن حاجات معينة، أحاسيس معينة، حاجات أنا بخاف منها مثلا أو موقف معين زى ما قلتلك. الألبوم ده مش مفاهيمي concept album، بس كل تراك عنده فكرة معينة والأفكار دي ودتني في حتت مش محسوبة خالص. بس طبعاً ترجمة أفكار والشعور ده من خلال أصوات حاجة مش سهلة قوي، وافتكر إن التعبير أسهل لو فيه مغني وكلمات. وبما إن فيه نوع من التجريد حاصل فده بيبقى أصعب شوية إنه يترجم أو يتخلق بس بالأصوات.
بالظبط. أنا مش مهتم خالص بالغنا في المزيكا اللي باعملها. وعلشان أكون صريح قبل كدة كنت باعتمد على استخدام كليشيهات أو سامبلز معينة علشان هي تقوم بدور المغني. وكنت بحاول أخلق حاجة جذابة للمستمع. بس بجد حاسيت إن ده كان حشو فراغ، وده يوريكي إن العنصر الشخصي كان معدوم.
افتكر أكتر حاجة أثرت هي فكرة الأجازة اللي أنا أخذتها وتقييم اللي عملته قبل كدة. الفترة دي خلتني أسأل نفسي أسئلة كثيرة جداً. زي مثلا، أنا بعمل المزيكا دي أصلاً ليه؟ وعلشان مين؟ ومن ناحية التقنية سألت نفسي كثير على الأصوات وطريقة تكوينها وسبب وجودها في مزيكتي وإني أحاول أكثر قيود معينة أنا فارضها على نفسي. الموسيقى الإلكترونية عبارة عن أصوات. مش مهم الوسيلة اللي بتعمل بيها الأصوات. هي أصوات. وازاي هتوظف الأصوات دي فعلاً. فأنا حسيت إن كنت بوظف الأصوات بطريقة تقليدية شوية قبل كدة، ولما أخدت وقتي ده كشفلي اللي أنا عاوزه أكثر.
برضه بدأت أسمع أكثر. الواحد حتى لو بيسمع افشخ فرق وموسيقيين، حيفضل واقف عند حتة معينة. أنا علشان اكسر الحتة دي بدأت أسمع حاجات كتيرة جداً، اكتشف حاجات عمري ما حتى سمعت عنها. وكمان مع القراية بدأت أفهم طرق وأفكار معينة في الإنتاج الموسيقي. الهدف الأساسي اللي رسمته قبل ما أشتغل على الألبوم كان إن الناس تسمعه وتقول إن ده فنان تاني، غير اللي كان بيعمل الحاجات التانية.
هو مش دفن على قد ما أنا مش عاوز أقف عند نفس الحتة. أفتكر إن الباند أو الفنان الشاطر فعلاً هو اللي بيتطور و بيمر بمراحل كتيرة جداً في تكوينه وده بيتطلب وقت ومراجعات ونقد ذاتي وشغل كتير. ورجوعاً لسؤالك عن التأثيرات فمن الموسيقيين ستيف رايش وهو بالنسبة لي من أهمهم. والتأثير بتاعه ملوش أي علاقة بالمزيكا نفسها على قد ما هو تأثير في الطريقة، بمعنى إني بدأت أفكر بالطريقة المينيمال من حيث في الإنتاج والجماليات.
من الناس التانية اللي أثرت عليا الفترة اللي فاتت دي هو Robert Henke / Monolake موسيقي فشيخ. وده برضه كان له تأثير كبير بالذات في فكرة إدراكه للأصوات، وازاي الواحد يتعامل مع الأصوات بطريقة غير تقليدية ومختلفة بالذات فيما يتعلق بالخلل أو الجليتش. إزاي صوت غير مستحب أنتج منه مزيكا تتسمع. أصل إيه فكرة إني أعمل مزيكا ويبقى فيها نوع من أنواع التجريب، وفي الآخر أقوم أعمل أصوات سمعناها مليون ألف مرة؟
فكرة الديجيتال والأنالوج من الأفكار اللي راجعتها. يعني هي في الآخر الحاجة اللي استنتجتها مؤخراً، هو إن الموسيقى فعلاً ملهاش علاقة بفكرة هل انت اشتغلت على سينث ديجيتال ولا أنالوج ولا سوفتوير ولا هاردوير. في ناس بيعملوا موسيقى الكترونيك باللاب توب وبتطلع فشيخة زي أوتكر أو ألفا نوتو أو مونوليك. أوتكر مثلًا بدأوا انالوج وبعدين اكتشفوا ماكس إم إس بي Max MSP وده كان في أواخر التسعينات، وعلى ٢٠٠٥ رجعوا تاني اشتغلوا أنالوج. بعد كدة رجعوا اشتغلوا ماكس إم إس بي تاني. والحقيقة الحاجة اللي أنا كمستمع مهتم بيها، هو الموسيقى والناتج النهائي مش العدّة اللي اشتغلوا بيها.
ولما بنتكلم على الأنالوج والديجيتال برضه بيدخل فيها حاجة بضينة جداً، اللي هي فكرة الأوديوفايل Audiophile، زي الحديث على الفاينل والـ إم بي ثري، والفرق مبين الاتنين وقد إيه الصوت أنقى وأحسن فـ الفاينل. وحتى لو ده حقيقة، ده مش مقياس للشغل وللموسيقى. في نفس الوقت، لازم المستمع مش بس يكون عندو بلاي آوت فشيخ، بس كمان سماعات جامدة جداً علشان فعلياً يسمع الفرق.
أنا في وجهة نظري المزيكا لازم تكون بتوصل للمستمع. فمش مهم هو فاينل أو إم بي ثري ولا شريط كاسيت. أنا فعلاً مش مهتم بالكلام ده. فيه تجربة لطيفة جدًا قريت عنها قبل كدة، في مجلة فيوتشر ميوزك أو ساوند أُن ساوند، عملوا تجربة وسمعوا مجموعة من التراكت لناس، وطلبوا من المستمعين يقولوا ايه اللي سمعوه. وفعلاً الناس ابتدت تخرف وتقول كلام فارغ. وكانوا متأكدين من نفسهم أوي، وللأسف معظم الإجابات كانت غلط – حاجة مضحكة جداً. ففي الآخر احنا بنسمع مزيكا، بنسمع صوت، والمهم بالنسبة لي هو جودة الأصوات والإنتاج والتأليف والميكسينج والماسترنج الإتقان، وبصفة عامة إذا كان اللي أنا باسمعه فعلاً مكيفني.
الأصوات دي ماكنتش بلجألها قوي في شغلي القديم. وهي برضه ناتجة عن قرارات واعية بالنسبة لي. الأصوات دي موجودة في أغاني معينة، والاهتمام جه بفكرة ازاي الأصوات اللي فيها نوع من الخلل، الحاجات الجليتش أو الحاجات البايظة دي – ممكن أوظفها وأعمل بيها موسيقى. يعني هي نوع من الغاية لاستطيقا الفشل اللي اتكلم عنها كيم كاسكوني، وازاي أعمل مقطوعة بصوت لعبة، أو صوت معمُلّه Bit-Reduction – أو زي أصوات الأتاري أو جليتش أو أصوات دقيقة.
تلاقي إن في lbs230 وSineZعلى طول في أصوات عملة تطرقع، دي عملة زي جهاز كهربة بايظ، أو كمبيوتر بيطلع رسائل أعطال error messages، وكنت حابب أعرف ازاي هعمل حاجة من الأعطال دي. الحاجات اللي أنا كنت بعملها قبل كدة كانت أصوات عريضة وواضحة وكانت أسهل للمستمع بس مش بتشكل أي نوع من التحدي له وليا.
آا، في حاجات زيادة. ES_ARE فيها صوت باب بيتخبط في الآخر، في صوت شكمان أجزوست في تراك ERA SE 00 وصوت من ورشة حدادة. كنت عاوز أشتغل بالتسجيلات دي بفكرة تصميم الصوت، وأحس وأنا بسمع التراكات إن فيه إحساس إنها موسيقى فيلم وإن تبقى فيه أصوات تفاعلية في الأغاني مش بس أصوات إلكترونيك. مثلاً في أول تراك في أصوات طرقعة عملها بصوابعي وبقلم على ترابيزة، وسجلتها على الموبايل، وعملتلها معالجة على الـ okta track. طبعًا أنا مافتكستش حاجة جديدة والأسلوب ده موجود من الأربعينات بس كان ظريف بالنسبة لي إني أشتغل شوية بالعنصر ده.
أنا الحقيقة ضد فكرة الحنين تماماً، ومش متأكد لو ممكن أوافقك في الفكرة دي. بس عامةً اه طبعاً مهتم إني أعمل موسيقى تصويرية أو موسيقى للأفلام. في فيلم أم غايب إخراج نادين صليب، أنا عملت له الموسيقى. الفيلم اتعمل في ٢٠١٤ وأخذ كذا جائزة منهم مهرجان روتردام للأفلام. التجربة دي كانت فعلاً مينيمال ونادين كانت بتوجهني في الحتة دي. في ERA SE 00 كنت متأثر جدا بفيلم إريزرهيد لـ ديفيد لينش. ده من أحد الأفلام المفضلة عندي. ممكن نقول إن أي نعم الفيلم ده مش نوستالجي على الإطلاق، بس هو فيلم لو أنا شفته إنهردة هيكون له تأثير عليه زي ما شفته في الثمانينات أو التسعينات. الفيلم ده معبر جداً للفترة الزمنية اللي احنا عايشين فيها دلوقتي، فكنت متأثر بالفيلم ده في التراك ده، وحسيت إني عاوز أعكس الإحساس بتاعه أو إن أعمل معالجة معينة بالموسيقي.
ممكن نقول إن أحسن تصنيف للألبوم ده على ما أعتقد هو IDM مش دانس. أغلبية الحاجات اللي عملتها وأنا راضي عنها كانت معظمها مع فنانين تانين بيشتغلوا مع فنون بصرية، أو عروض للرقص المعاصر، أو فيلم. فافتكر إن الصورة شئ ملهم ليا وبتخليني منتج أكثر. حتى وأنا بعمل الأغاني للألبوم ده كنت فعلاً بتأثر بصور معينة، أو فترات معينة أنا مريت بيها.
أنا عندي مشكلة مع المغنيين بصفة عامة. عندي مشكلة مع فكرة المغني في منطقتنا، باحس إن الحتة دي الوحيدة اللي مش بتتطور خالص في الموسيقى وفيها نوع كبير من الافتعال وإعادة الإنتاج والتقليد. واللي بيتطوروا فعلاً قليلين جداً. وأنا فعلاً باحب أسمع مغني يغني زي ما هو ما بيتكلم أو على طبيعته ويكون حقيقي من غير افتعال، وافتكر إن مغنيين كتير ناقصاهم الحتة دي.
أمثلة كتيرة جداً اللي أنا معترض عليها من الناس اللي كان ومازال بيتم تصنيفهم تحت مصطلح “الموسيقى المصرية المعاصرة” – التسمية العقيمة دي اللي طلعت من الألفينات لغاية دلوقتي – هو أو هي بيغنوا بنغمات غربي ومخارج ألفاظ أمريكية مثلًا بس الكلام عربي، ودي حاجة بجد كارثية. طريقة الغنى متأثرة قوي باللغة اللي بنتكلم بيها وطريقة نطقنا ليها. بيلا بارتوك Bela Bartok اتكلم على الموضوع ده. الافتعال موجود عند كتير من باندات الروك العربي اللي بتغني كلمات عربي. ممكن حتى الكلام يكون مش بطال، بس في الآخر بيغنوا بتجويد غربي وده بيوقع المزيكا في فخ المزج. أنا معنديش مشكلة إن أي حد يعمل أي نوع من المزيكا بس فكرة الـفيوجن دي بجد بتجنني ده غير إني باشوفها حاجة رجعية فشخ. فرق أو فنانين الموسيقى دي بتستغل أسهل طرق وأسهل كليشيهات وأنماط أكتر من نوع موسيقي وبتغني عليه كلمات عربي، على حتة جاز على حتة روك، ويدخل عليه آلات شرقية زي العود أو دبكة على موسيقى إلكترونية، ونسميها الكترو- دبكة أو مثلاً مغني بينشد صوفي على مزيكا إلكترونيك حاجة في منتهى الغرائبية ده غير إنها في الآخر أيس كريم بالملوخية، حاجة رخيصة. انت مين وعايز إيه، إنت مش مقنع أصلًا.
أنا مش ضد إن حد يعمل مزيكا من ثقافة تانية، أنا ضد الفيوجن، فكرة الحاجة المهجنة دي بتطلع فالآخر منتج فاشل ولحظي جدًا بيموت بسرعة. المزيكا الناجحة هي المزيكا اللي بتستمر.
لأ في ناس بتغني زي ما هي ما بتتكلم.
زي مثلاً ديفيد بيرن David Byrne. الطريقة اللي بيتكلم بيها في الحوارات بتاعته مثلًا هي هي زي ما بيغني، تلقائية وطبيعية. من الناس القليلة اللي في المنطقة اللي شفتهم مقنعين وبيغنوا بطريقة تلقائية وحقيقية هم يوسف أبو زيد في PanSTARRS وأبو يوسف.
اللي خلاني أشوف ليبل برة هو إن مفيش تطور حاصل في مشهد الالكترونيك في مصر أو الدول العربية ومافيش مساحات تحديدًا في مصر للنوع ده من المزيكا باستثناء الإنترنت وده مش كافي لوحده. الموسيقى الإلكترونيكية مش حاجة جديدة عالميًا، بدأت من الأربعينات أو قبل كدة، والناس تقبلتها واحنا لسة مش قادرين نتقبلها بسهولة. يمكن أنا مش مهتم قوي بالجمهور الكلاسيكي إللي مش متقبل الموسيقى دي. لو قارنا الوضع عندنا بالنسبة لاللي بيحصل برة حنلاقي إننا لسة قدام في نفسنا وفي أذواقنا وأفكارنا عن المزيكا.
التقبل بدأ على خفيف هنا على ٢٠٠٥ مع ظهور ١٠٠ نسخة. الموضوع كان مبشر جداً، وكان المشهد للموسيقي الاليكترونية صغير جداً وده طبيعي. بس بعد كدة ماحستش إن الموجة دي كبرت. بعدها فيه فنانين ظهروا وفيه تجارب حلوة قوي حصلت زي Vent، ودي كانت أكتر حاجة إيجابية حصلت بس وأول ما فنت قفل، الدنيا نامت تاني. الجمهور الصغير رجع بيته، والموسقيين رجعوا يعملوا المزيكا مع نفسهم في بيتهم وبقى اعتمادهم الأساسي على الإنترنت، الدنيا قفلت ودي حاجة حزينة جدًا. مافيش حركة نقدية، مافيش أماكن عروض، مافيش مجلّات أو مواقع معنية بالمزيكا باستثناء معازف، فكرة شركات الإنتاج دي تكاد تكون معدومة أصلًا، مافيش مناخ من الآخر مبشر بس برضه بنحاول. فكان طبيعي جداً إن أبتدي أعمل هدف لنفسي على مستوى تاني، وإني بجانب المستمع المصري أستهدف المستمع إللي موجود برة مصر إللي ممكن يتقبل ويسمع ويقدر ويقيم وينقد. المزيكا موجودة أُن لاين واللي عاوز يسمع أو يشتري في مصر ممكن يسمع الألبوم من خلال باندكامب أو بيت بورت. من هنا قررت إني أبعت المزيكا بتاعتي لدي إم تي وصاحب الشركة سامويل جاجنون Samuel Gagnon عجبته المزيكا وتحمس لها.
اه… (بيضحك)، وده حمسني أكتر إني أكمل مع الشركة. أكيد كنت عاوز إن الشركة اللي هشتغل معاها تكون مقتنعة بيا.
أنا لعبت زي ما قلتلك قبل كدة أجزاء من الألبوم في مابنج بوسيبيليتيز، ولما لعبته كان فيه حاجات كتيرة أصلاً مش موجودة في النسخة المسجلة النهائية. في الآخر الألبوم المسجل حاجة ولعبه لايف أكيد حاجة تانية. في التسجيل عندك الحرية إنك تلعب براحتك وتعمل تغييراتأكثر. أنا محكوم برضه بالحاجة اللي أنا بلعب بيها لايف، بعدد التراكس أو الأصوات اللي طالعة من كل آلة عندي، فكان طبيعي جداً إن هيطلع مينيمال أكثر عالمسرح. في الحفلة دي طبعاً كان في تفاعل مع الفنان البصري، إسلام شبانة، كان في إرتجال أكثر مبني على التفاعل مع العرض البصري. ولو لعبت الالبوم لايف تاني، عاوز إن يكون ١٠٠٪ لايف. مش عاوز إن أي حاجة تكون متسجلة. الفكرة إني لو لعبت الألبوم زي ماهو متسجل، يبقى من باب أولى أدوس پلاى وأنزل أقعد جنب الجمهور أو أشوف الميل بتاعي أو ألعب بالموبايل والعرض شغال [بيضحك]. افتكر إن اللايف لازم يخلق بعد جديد ليا وللجمهور ويعيد إنتاج المزيكا بشكل مختلف.
الشغل مع عمر فعلاً تم بالصدفة وافتكر عنصر الصدفة حاجة مهمة جداً في المزيكة. أنا كنت عنده في البيت وكنت بوريله له السينث الجديد بتاعي… فقالي “طب بص احنا هنسجل” – إتخضيت شوية وقمت دايس. بعدها عمر لسة مخلص ألبوم، على ما أعتقد هينزل السنة دي. وأنا بحترم شغله جداً، وهو من الناس اللي ممكن أشتغل معاها. أنا حاسس إن احنا بنتقابل في حتت معينة على المستوى الفكري والموسيقي. عمر من الناس القليلة إللي فعلاً ممكن أدخل معاها في حوار طويل عن المزيكة لمدة ساعات. ده غير إننا بنأخد رأي بعض في المزيكا إلى بنعملها، والظريف إن فعلاً ممكن أتكلم معه بكل الصراحة وأخد رد فعل منه علي شغلي.
الموضوع كان جاب آخره معايا. كنت وصلت لدرجة كبيرة من الزهق من المزيكا اللي كنت بالعبها زمان. لمااشتغلت بأدوات مختلفة اكتشفت عالم تاني. بس مع الأسف لما بدأت أستخدم الأدوات فضلت برضه في المنطقة الآمنة نوعًا ما. بس تدريجياً ابتديت أطلع من المنطقة دي اللي كانت مقيداني. كنت متحجم بأصوات معينة وفكر معين، وعلشان أتحرر من الموضوع ده أخدت شوية وقت.
لا أنا ملجأتش لأي تمويل وفعلاً صرفت على الألبوم بنفسي وأكاد ماكونش صرفت حاجة. إنتاج الألبوم مش حاجة مكلفة زي زمان، إحنا في ٢٠١٦. أي حد ممكن يعمل مزيكا من غير تمويل وفي البيت. يعني اللاب توب موجود، برامج المزيكا ممكن تتجاب من الانترنت ببلاش، يعني فيه مساحة إن الواحد يعمل مزيكا في البيت وينشرها على النت من غير تمويل. غير كدة مش مهتم إني ألجأ لأي تمويل، بما إني عندي شغلي الأساسي إللى باعمله، وشغلي مغطيلي لغاية دلوقتي مصاريف المزيكا. فطبعًا لو أنا ابتديت أقدم على منح أو تمويل يبقى أنا باخد فرصة غيري اللي محتاج المنحة دي ودي حاجة في منتهى الأنانية. غير كدة بشوف إن فكرة المنح دي عقبة قصاد بناء مشهد موسيقي. مافيش أي مشهد موسيقي بيقوم على المنح الثقافية، لذلك حتلاقي إن المشاهد المتماسكة عندنا زى الهيب هوب والمهرجانات والميتال مالهمش أي علاقة من قريب أو بعيد بالمنح. فكرة الصراع على المنح لإنتاج ألبوم أو عمل مشابه ده تهريج.
أنا حاسس طالما أنا قادر أمول نفسي يبقى ليه لأ؟ غيري مش قادر يعمل ده حقه يجيب تمويل لمشروعه. قصاد كدة أفتكر إن الجمهور مطلوب منه كل الدعم المادي للفنان عشان يقدر يكمل بس ده موضوع تاني.
المفروض هابتدي اشتغل في حاجات مع بعض الناس في دماغي، ومش شرط إن التعاون ده يتحول أو ينتج ألبوم أو EP، بس هي فترة هتكون مهمة وحاكسر بيها الحتة بتاعة إني فضلت قاعد قافل على نفسي وقاعد شغال على ألبوم. على الناحية التانية، أكيد هيبقى فيه تكملة، وهاخد أفكار من الألبوم ده حابتدي أبني عليها شغل جديد. حاسس إن هتكون فترة فيها تجريد أكثر. بس عاوز إن اللي حانتجه يكون تكملة للألبوم ده أو تطوير ليّ. هي بداية بالنسبة لي.