دينا الوديدي معازف مراجعة كيب أون على الطريق سلاديك
عربي جديد

على الطريق – كيب أون | دينا الوديدي وسلاديك

عمر بقبوق ۱۰/۱۱/۲۰۲۰

نشرت مجلة تايم العام الماضي تمهيدًا يقدّم دينا الوديدي إلى جمهورها، حيث ظهرت المغنية وكاتبة الأغاني المصريّة في قائمة المجلّة السنويّة لقادة جيل المستقبل. في التمهيد، تحدّث الكاتب جوزف هينكس عن دينا الموسيقيّة في سطر والناشطة الثقافيّة في الآخر، وركّز على استلهامها من التراث المصري والموسيقات المحليّة في أعمالها.

صنعت دينا الوديدي اسمها في الموسيقى العربيّة البديلة عبر ألبوميها التجريبيين، تدور وترجع (٢٠١٤) ومنام (٢٠١٨)، المختلفَين في الجنرا، والمشتركَين في البحث عن بوب عربي / مصري جديد يخرج عن المألوف والقوالب المعتادة، وفي تطوير ثيمات من التراث العربي الإسلامي مع الروك والجاز، ثمّ مع الموسيقى الإلكترونيّة. مع تطور موسيقى دينا من ألبوم إلى آخر، تطورت كذلك أشكال التداخل بين موسيقاها ونشاطها الثقافي. يمكن قراءة ألبومها الثاني ضمن سياق الموسيقى الإلكترونيّة ذات السياق (كونسبترونيكا)، والتي عادةً ما تُنتَقد لخلطها بين الموسيقى الجادّة وتلك النخبويّة التي تحتاج دليلًا لسماعها.

قد تشوب مشاكل مماثلة عادةً مساعي دينا لاستكشاف أسلوبها في البوب البديل والتجريبي، إلّا أنّها لا تنتقص من مشروعها ككل، الذي يتسّم بفضول وتحرّك مستمر بين الجنرات والأساليب والتعاونات. منذ بداية العام، أصدرت دينا عدّة أغانٍ منفردة تأخذ عدّة اتجاهات يمكن أن تتطور في عملها الطويل المقبل. بدت أغنية كنت بخاف كعودة نحو البدايات والتجارب الأولى، إلّا أنّها، وكمعظم العودات، لا تجد الأمور كما كانت عليه من قبل. تحافظ دينا في الأغنية على بعض ملامح أسلوبها العام وطريقتها في الكتابة من تلك الفترة، لكن روح الأداء ليست من العناصر التي تحييها الأغنية. صدرت بعد ذلك أغنية ياللي معدي، التي تقرّبت فيها دينا بوضوح للمرّة الأولى من طريقة صناعة الأغاني العربيّة السائدة، لتؤدّي كلماتٍ خفيفة ورشيقة على إيقاع شرقي راقص.

نهاية الشهر الماضي، نزّلت دينا أغنيتها المنفردة على الطريق – كيب أون، التي سجّلتها مع فرقة سلاديك – فرقة نمساوية حديثة العهد، تأسست عام ٢٠١٧ وأصدرت أغانيها الأولى العام الماضي. تُعرف سلاديك عن نفسها على موقعها الرسمي بأنها فرقة تسعى إلى تقديم مفهومها الخاص عن السول والآر آند بي، وتسمّي فرانك أوشن وبرنس كقدوتيها. تبدو الموسيقى التي تقدمها سلاديك على كل حال أقرب إلى موجة الآر آند بي المعاصر، التي تصدّرها جاستن تمبرلايك والمنتج تيمبلاند في العقد الأول من الألفيّة، يبدو ذلك جليًا في لازمة الأغنية الجديدة، التي يغازل فيها مغنّي اللازمة طبقة الصوت وأسلوب الغناء المرتبطين بـ جاستن تمبرلايك.

يقود الفرقة المغني وعازف الجيتار دايفيد سلاديك، ويرافقه فلوريان مورالتر على جيتار البايس ورافايل فوربر على الدرامز. في هذه الأغنية، التي صدرت بدعم المركز الثقافي النمساوي، ينضم إليهم عازف الساكسوفون المصري رضا ساكس، ودينا التي تغني أحد مقاطع الأغنية وتشارك في أداء اللازمة. عند سماع أعمالهم السابقة، خاصةً ألبومهم الصادر العام الماضي Daydreamin’، يمكن رؤية سلاديك كالمستفيد الأكبر من هذا التعاون، إذ تبدو الأغنية الأكثر حيويّةً في أرشيفهم المتواضع، بفضل الروح الديناميكيّة التي بثّتها موسيقى كل من دينا وساكس.

تمثّل الأغنية علامةً مهمّة في مسيرة سلاديك، لكنها تحتل مكانةً أقل وضوحًا بين أعمال دينا الأخيرة. على خلاف ياللي معدي التي بدا فيها صوتها تائهًا، تغنّي دينا الوديدي بثقة وأريحيّة على إيقاعات الأغنية السريعة والنابضة، وتختار صوتًا مرحًا وخفيفًا، أصبح أحد الكليشيهات المعتادة في أغاني الآر آند بي ذات الصوت العالمي (نسبةً إلى موسيقى الشعوب World Music). تستمر هذّه الخفّة الإيجابيّة في كلمات الأغنية، التي من غير المنصف مقارنتها بأغاني دينا السابقة ذات الثيمات الأكثر طموحًا وتعقيدًا. 

عندما وازنت مجلّة تايم بين جانبي الإبداع الموسيقي والنشاط الثقافي في مسيرة دينا، كان من السهل تمييز هذا الطرح ضمن المشاكل المعتادة في كتابة الصحافة الغربيّة عن الموسيقى العربيّة، والتي غالبًا ما يجري اختزالها، أو في الحالات المحظوظة مساواتها بسياقها السياسي والاجتماعي؛ إلّا أنّه في حالة دينا  يصعب عدم الوقوع في خلطٍ مماثل، إذ أنّ عالم النشاط الثقافي ومشاريع المراكز الثقافية لا تخلو من مطبّاتها، من نبرة إيجابيّة مفرغة أو تعاونات تبدأ كتقريب بين الثقافات وتنتهي بموسيقى مزج.

المزيـــد علــى معـــازف