كل شيء حُب | ذ كارترز

عام ٢٠١٤، نشرت بيونسيه صورة لها هي وجاي زي أمام لوحة الموناليزا على إنستاجرام. أصابت الصورة رواد الإنترنت بالجنون، وتم الاتفاق على أن بيونسيه وجاي زي يخططان لشيءٍ ما. في ٢٠١٥، صرَّح نويل فيشر، منتج درنك إن لاف الشهير، بأنه يعمل على ألبوم لجاي زي و بيونسيه قد يصدر قبل نهاية العام. ثم في ٢٠١٧، أكد جاي زي المعلومة في مقابلة مع النيويورك تايمز، ليصدر كل شيء حُب أخيرًا في حزيران / يونيو الماضي، الألبوم المشترك الأول لآل كارتر، والذي رافق صدوره فيديو مصوَّر في متحف اللوفر لأغنية آيبشِت.

عند مشاهدتي لآيبشت أولًا، كونها أولى أغاني الألبوم المنفردة، ظننت أنه ألبوم تراب، رغم أن اسم الألبوم وغلافه المستوحى من أعمال دينا لوسن الفوتوغرافية أعطياني انطباعًا بأنه سيكون مليئًا بملاحم الآر أن بي العاطفية التي تشتهر بها بيونسيه. بعد سماعي للألبوم وجدت أن كلا الاحتمالين خاطئان لحدٍ ما، وصحيحان لحدٍ ما أيضًا.

يبدأ الألبوم بـ سمر، أغنية ريجي أراها كخليفة جديدة لكريزي إن لاف ودرنك إن لاف. يحدث في سمر شيء يتكرر طوال الألبوم: يتحدث هوف جاي زي في موضوع، موضوع مهم بالنسبة له، ولا نجد لهذا الموضوع أي صدى في غناء بيونسيه. حسب مقابلة النيويورك تايمز المشار إليها سابقًا، كان جاي زي و بيونسيه يعملان على هذه الأغاني سويًا، إلا أن الإحساس العام للألبوم يوحي بأن كلًا منهما كان يسجل مقاطعه في وقتٍ مختلف، ثم قاما بتجميع الأجزاء الخاصة بكل أغنية من قبل أشخاص آخرين في محاولة لصنع كيان واحد. في سمر مثلاً، تدعو بيونسِه جاي لقضاء ليلة على الشاطئ في الصيف، فيقبل جاي الدعوة، ثم ينتقل لتذكر ليالي الصيف التي كان يقضيها في طفولته في أحد أحياء بروكلين الفقيرة المليئة بالعنف. في ٧١٣ المهداة إلى تِكساس، مسقط رأس بيونسيه، يحكي جاي تفاصيل شخصية عن بداية علاقته بـ بيونسيه نسمعها لأول مرة، كما ينهي الأغنية بشكر النسوة السود اللواتي لطالما تحمّلن وتحمّلن. عمّا تتحدث بيونسيه في ٧١٣؟ عن غناها الفاحش.

تنتهي سمر بعبارات عامة عن الحب من مغني الريجي دامين مارلي تدخلنا في مزاجٍ هائم، قبل أن تبدأ آيبشيت وتقطع السلطنة الصيفية بلا مقدمات. يحدث هذا لعددٍ من المرات خلال الألبوم. فبينما تتالى أغانٍ تدور حول نفس الموضوع والكلمات وحتى الأسامي – أحيانًا برتابة تجعلك تشعر أنها أغنية واحدة مكررة مرتين، مثل بوس ونايس. هناك أغانٍ أخرى مختلفة من حيث الصنف الموسيقي، تلحق ببعضها البعض بشكلٍ يجعلك تشك في أن هذا الألبوم تم تحضيره على مدى ثلاثة أعوام، مثل سمر ووراءها آيبشيت، وفريندز ووراءها هِرد آباوت آس.

يذكرنا هذا بألبوم بيونسيه الأخير، ليمونايد، حيث تحركت بيونسِه بين ألوان مختلفة مثل الآر أند بي والكنتري وغيرهم. لكن ليمونايد ألبوم بصري، يمتلك ميزة مهمة تساعد على وضع الموسيقى في إطار سردي قد يبرر ويربط عدد من الأغاني المختلفة تمامًا في أسطوانة واحدة، على نحوٍ يجعلك تستمع إلى الأسطوانة بشكلٍ مسلسل دون انزعاج، أو حتى مقارنة الأغاني بين بعضها وتفضيل لون موسيقي على الآخر، لأنهم في نظرك يعبرون عن حالات نفسية مختلفة لنفس البطل. مصاحبة كل شيء حُب بفيديو واحد، على عكس ليمونايد، ٤:٤٤ وحتى ألبوم بيونسِه الصادر في ٢٠١٣، أشبه ببناء منزل دون وضع سقف عليه.

عودةً إلى آيبشِت، وحتى قبل قراءة أسماء كتابها ومنتجيها، يمكننا استنتاج أن لـ ميجوز يدٌ في إنتاجها. “سكورت سكورت” تكفي. ربما لن ينتهي أبدًا النقاش الخاص بمن كان فعلًا أول من ابتدع أشهر أد ليب لازمة غنائية على الساحة حاليًا، أكانت تخص تشيف كيف، تو تشاينز أو ميجوز، لكن في النهاية يظل من السهل تمييز سكورت سكورت تبعت كوايفو. في آيبشيت، تقوم بيونسِيه بالراب طيلة الأغنية، ما أقام الدنيا ولم يقعدها لأنه فجأة انتبه الجميع أن بيونسِيه ليست مغنية فقط، لكنها تستطيع بصق بارات راب أيضًا. الغريب في الأمر أن بيونسِيه تغني الراب من زمان، المختلف الآن هو بعد أن كانت أغاني الراب الخاصة ببيونسِيه عبارة عن أغنية أو اثنتين في كل ألبوم، أصبحت غالبية الألبوم. في آخر باراتها في الأغنية، تغير بيونسِه الجزء الخاص بأوفسِت من التسجيل الأصلي، وتستبدله بكلمات عن الخروج مع صديقاتها لاحتساء الخمر والسكر حتى إصابتها بالهانجوفر اليوم التالي. بعد التغيير الأخير في الكلمات، يمكن تخيل آيبشت كأغنية التراب المفضلة عند النسوة البيض هذا الصيف.

بعد سماعها لأكثر من مرة، يصبح لآيبشِت وقع معين على الأذن، وقع أغنية تشبه شيئًا آخر، أو أغنية سمعناها من قبل أو من فنان آخر. حتى الآن معروف أن ثلاث من أصل تسع أغاني من الألبوم هم لفنانين آخرين، اشترياها جاي زي وبيونسِه ثم قاما بتعديلها: آيبشت في الأصل لميجوز، بوس لتاي دولا ساين، فريندز من ألبوم ناف الأخير. ربما هذه هي الصفة الأساسية للألبوم، أن صوته مألوف أكثر من اللازم، وفي نفس الوقت هو ليس صوت جاي زي أو بيونسِه باستثناء عدد قليل من الأغاني كـ بلاك إفكت. عندما تنتهي آيبشِت مثلًا، لا تدفعنا للانتقال إلى أغاني أخرى لبيونسِه، خاصةً التي تقوم فيها بالراب، لكن الانتقال إلى أغانٍ أخرى لميجوز لاستكمال الحالة المزاجية التي بدأتها لازمات كوايفو وأوفسِت.

في فرندز أغنية خاصة بالمنتج والمغني الكندي ناف، والتي كان من المفترض أن تصدر ضمن ألبومه الصادر هذا العام ولكنها ولسبب غير معلوم لم تصدر على أسطوانته وقام جاي زي وبيونسِه بغنائها، تريدنا بيونسِه أن نعرف شيئًا واحدًا فقط هو غاية في الأهمية: أصدقاء بيونسِيه أفضل من أصدقائنا. بينما يشكر جاي زي أصدقاءه، كلًا باسمه أغلب أصدقاء جاي زي المذكورين بالاسم هم معاونون له في شركتي ديف جام وروك نايشن: تايرن سميث، إموري جونز، جاي وكوانا براون، خوان وديزريه بيريز، شاكا بيلجرم وابن عم جاي زي براينت بيجز. بعيدًا عن أغاني التراب المتعلقة بالمخدرات والجريمة والجنس، تقدم فرندز نفسها كأغنية تراب لذيذة مناسبة لمن هم دون عمر الثالثة عشر، بل مناسبة لكل أفراد العائلة. أما في نايس، يغني جاي زي متبجحًا بأشياء مثل الـ آيس (الألماس) هاربًا من الأضواء / مستورًا بالألماس. أن يقوم جاي زي بغناء بارات بأسلوب النيو سكول راب هو المعادل الموسيقي لأن يقوم والدك بإنشاء حساب على سنابشات. فقط فضول للتجربة، وفي حالة هوف الذي يغني بإلقاء أشبه بإلقاء ميجوز أو حتى تو تشاينز أو ليل بمب، فهو توق للعب الآمن أيضًا.

على كلٍ، نستطيع من أغانٍ كهذه لا أن نستشف ما يحاول الألبوم تحقيقه، بل ما لا يحاول تحقيقه. فرغم أن سمر ترسم نفسها كمقدمة جذابة لألبوم رومانسي مناسب للصيف، إلا أن جاي زي وبيونسِه يرفضان فرصة استغلال ألبومهما المشترك الوحيد حتى الآن كمنصة لإجراء حوار حميمي في نوع موسيقي قائم بالكامل على الصدام، رغم أنهما في أماكن يقومان بالتكاتف ليتصادما مع باقي العالم. في آيبشيت، يقوم جاي زي بشن هجوم هادئ على السوبر بول والجرامي. في نايس، تهاجم بيونسِيه سبوتفاي مستخدمة اقتباسًا من فيلم هاف بايكد بطولة وكتابة دايف شابل، أحد كتاب الكوميديا المفضلين لجاي: “فك يو، وفك يو، وإنت … إنت أوكي، الباقي فك يو”. يستخدم جاي زي هرد آباوت آس ذات الصوت الثمانيناتي الهادئ كأنها أغنية صادرة عن تسجيلات أوفو، ليرد على إشاعات بأن له ابنًا من حبيبة آخرى، فيلفت انتباه أصحاب الإشاعة والمهتمين بأنه على علم بمزاح الشباب، وأن محبيه من الشباب يشيرون له بالأب كناية عن محبتهم له، وأيضًا لكونه رابر كبير في العمر، فيخبرنا بأنه ليس أبًا لأي شخص غير أولاده من بيونسِيه: “للمرة الألف، هذا ليس ابني / على النت، ينادون لي بالـ أب على سبيل المزاح / لا يجب أن تأخذ هذا اللقب حرفيًا.” جاي زي الذي بدأ بتجارة المخدرات في عمر الحادية عشر، الذي أطلق الرصاص على أخوه الأكبر وهو في الثانية عشرة، والذي طعن منتج ألبومه بلوبرنت في عمر الثلاثين لأنه رفع صوته عليه، يتحدث لغة الإنترنت مثلنا.

أغنية تلو الأخرى، نجد قدرًا من الصراحة والمكاشفة من جاي زي ربما ليس ثقيلًا كما في ٤:٤٤، لكنه بالتأكيد أكثر من نصيب بيونسِيه التي لا نجدها تغني باحساس حقيقي سوى في سمر؛ رغم إصرارها في سمر على أن هذا الألبوم (وهذه العلاقة) هما الأصدق والأفضل على الإطلاق: “أحتاج لأن أخصص بعض الوقت لأريكم شيئًا حقيقيًا (حقيقيًا جدًا) / هذا الألبوم حقيقي (حقيقي جدًا)”. لكن باستثناء أول وآخر أغنية في الألبوم، سمر ولاف / هابي، اللتين تتحدثان عن علاقة هوف وبيونسِه، يمكن القول إن السياق الوحيد لهذا الألبوم هو التفاخر بثراء، شهرة وحتى أصدقاء الزوجين، وكونهما في مرتبة أعلى من أغلب الأشخاص. هذا في حد ذاته ليس مشكلة. المشكلة تكمن في صعوبة تحديد مالذي يحاول هذا الألبوم تحقيقه بالضبط؟

ربما أقرب إجابة نحصل عليها تأتي من استخدام بيونسِه المسرف والملفت للأوتوتون، واستخدامها لإيقاعات ميالة إلى التراب كما في آيبشت وفريندز. فأن تقوم بيونسِه، التي قالت إن عملها مع ديستنيز تشايلد قد غير الآر أند بي إلى الأبد، باستخدام الأوتوتون والراب في حوالي ثمانين أو تسعين بالمائة من الألبوم، يدفعنا هذا للتساؤل حول ما إذا كانت تمهِّد لكونها ستركز في إنتاجاتها المستقبلية على الراب أكثر من الغناء. في نايس، التي تتضمن بارات لم تضف شيئًا للأغنية من فارِل ويليامز، توجه بيونسِه اهتمامنا إلى أنها ترتجل – تقلد جاي زي الذي لا يكتب أبدًا حياة الفريستايلات / بلوبرينت من جيغا الذي لا يحضر الكلمات، وأسلوبه المتمكن إذ يؤلف باراته على الهوا.

العام الماضي، تزين أسعد زوجين في أمريكا الشمالية ليظهرا كـ نوتوريس بي آي جي وليل كيم في الهالوين. أشعر أن بيونسِيه أحبت زيها أكثر من اللازم في لاف / هابي، تتحايل بيونسِه على اسم كانيه وِست البديل وتقلبه إلى بيزس، كونها استبدلت ييزس وأصبحت شريكة جاي زي على مستوى الفن والشهرة، وفي كل شيء حُب أرادت جعل التنكر حقيقة. للأسف، ينعكس هذا على الألبوم. فبينما قد تكون كل أغنية على حدة من ألبوم ذ كارترز لطيفة، لكنه ككل ألبوم مشوش وضعيف، لا يؤسس لصوتٍ جديد مشترك، ولن يفرض نفسه كعمل قائم بحد ذاته. قد تحبه أو تكرهه، ولكن في لحظات عديدة، لن تستطيع إلا أن تحزن على كم الفرص الضائعة فيه.