fbpx .
كلاي بي بي جي كلاي بج ببج معازف ربي يحاسبكم

ربي يحاسبكم | كلاي بي بي جي

معازف ۲۰۱۸/۰۵/۲۲

http://www.youtube.com/watch?v=9xktfd9Qi3Q

يقال إن الصعوبة ليست بتحقيق التفوق، لكن بالحفاظ عليه. منذ أن أطلق قناته الجديدة أواخر العام الماضي، بدأ كلاي بي بي جي حملته لاحتلال الراب التونسي، وهو ينجح بذلك إصدارًا بعد الآخر. تعاونه غير المتوقع والموفق مع ريان في ديما لاباس أفاده من وجود لازمة غنائية جذابة، بينما أظهر تعاونه مع راتشوبر في من الصفر بعدًا لم نعرف عنه في إلقائه عندما يعطى موسيقى محيطة مصقولة. في تعاونه الأخير مع صنفارا عاد كلاي إلى أسلوبه المواجهاتي فوق إيقاعات تقليدية دون أن يبدو مكررًا. لكن مع سابع وأحدث أغاني القناة الجديدة، ربي يحاسبكم الصادرة فجر الأمس، تنتهي مرحلة الاحتلال وتحقيق التفوق، ويبدأ التحدي الأشد صعوبةً بالبقاء على القمة.

لأن أغاني كلاي بي بي جي التعاونية عادةً ما تقدم جديدًا أو تستفيد من ديناميكية حيوية، فإن أول ما يلفت الانتباه في ربي يحاسبكم هو آرماجِدون، الرابر المغمور ذو الأسلوب المتأثر بكلاي أو الشبيه به، من الخطاب المواجهاتي المنحاز لأخلاقيات الشارع والأحياء الشعبية، إلى تفضيله لإيقاعات واسعة ومصقولة باتت معروفة كالخيار المضمون في مشهد الراب والتراب في تونس. لم تحدث أعمال آرماجِدون الفردية أي جلبة واسعة سابقًا، ما يجعل دعوة كلاي له في هذه الأغنية تبدو أقرب للتبني والدعم. صحيح أن آرماجِدون يقدم أحد أفضل أداءاته بالفعل في ربي يحاسبكم، سواءً في اللازمة الغنائية، أو في مقطعه المتأخر الأقرب للتراب، إلا أن الأغنية تعتمد على مقاطع آرماجِدون أكثر من اللازم، وتتوقع من الرابر أكثر مما تحصل عليه، ما يفسح المجال لخيبات أمل صغيرة هنا وهناك. ربما كان من الأفضل أن يجلس آرماجِدون في مقعد المرافق، إذ من الواضح أنه يتعلم بسرعة، لكن وضعه خلف المقود الآن فيه بعض التسرع.

بسبب هذا التسرع، أصبح كلاي بي بي جي ملزمًا بأن يأتي بمعجزة صغيرة لينفخ في الأغنية ما تحتاجه من زخم وجاذبية يحافظان على مستوى الأغاني الست السابقة. إنتاجيًا، يبدو أن كلاي تناول الأمور بنفسه، إذ لا نرى ذكرًا لتعاونات مع منتجين آخرين وبنفس الوقت نسمع إيقاعات قريبة من أسلوب كلاي، حتى قريبة من أسلوب آرماجِدون نفسه، وهي إيقاعات أفضل ما يقال عنها إنها حيادية، لا تؤذي الأغنية ولا تنقذها.

راب كلاي في المقابل كان تحت وطأة عدة تحديات: من جهة، فإن نقطة قوته المتمثلة بالمعجم المحلي الشارعي الخاص به قد بدأت تستنفذ، إذ مضى وقت طويل دون سماعنا لتجديد جوهري فيها، ومن جهة أخرى كان خطابه المواجهاتي المنحاز للشارع لا يزال ينجح في التأكيد على تونسيته وشعبيته، ولا يكترث لإعادة تقديم ذاته بصورة ليبرالية جديدة متوافقة مع أوروبا / فرنسا، وهذا عظيم وإشكالي في نفس الوقت. عظيم لإنه يشكل مرساة هوياتية عتيدة، يقدم راب واسع الانتشار دون أي تنازلات أو تماهي، لكنه إشكالي إذ يستغل هذه الشجاعة والأريحية لدعم رموز فظيعة مثل صدام الحسين، أو لإعادة تكرير رموز قضياتية، مثل محمد الزواري، دون قول أي جديد. بما إن كلاي شديد الارتباط بالحي، الأمر الذي يظهر من اسمه الفني كلاي من حي باب جديد واسمه بي بي جي اختصار لاسم الحي إلى معجمه الشخصي، ربما كان من المنعش سماع إشارات إلى رموز وأبطال جدليين لكن من هذه الأحياء، مثلًا علي شورب، الآتي من خلفية في الملاكمة والمعروف لعنفه (عدا عن وجله الخاص من أمه)، سمعته العصاباتية الخشنة التي تتضمن أقاويل بدخوله السجن ١٥٠٠ مرة، وترويعه للاستعمار الفرنسي.

وسط كل هذه الإشكاليات، خرج كلاي بي بي جي بمقاطع راب تبذل جهدها للحفاظ على المستوى، وتستفيد من آثار واضحة لخبرته المتراكمة، في الكتابة وفي الإلقاء على السواء. على كلٍ، عند الاستماع عن قرب، نلاحظ أن أنفاس كلاي تقصّر في بعض المقاطع، فيأتي صوته مبحوحًا ومخنوقًا على غير المعتاد. هو على الأرجح نتيجة حالة صحية أكثر منه خيار أسلوبي، لكنه أيضًا مجاز مشروع لأنفاس كلاي التي بدأت تتقطع في محاولته الدفاع عن صدارته الحديثة. ربي يحاسبكم أغنية جيدة، لكنها أقل أغاني كلاي بي بي جي الحديثة إبهارًا، وهي تذكير بأن نجاحات كلاي بقدر ما هي محمسة، إلا أنها في ذات الوقت عبء يتطلب الكثير.

المزيـــد علــى معـــازف