.
كلما سمعت صوت رحمة محسن أو حنان أحمد وغيرهن من نجمات ليالي الحظ الرايقة أشعر وكأن هناك إمكانية مكبوتة وجزءًا مهدرًا من تجربتهن.
تملك رحمة محسن وحنان أحمد أصواتًًا قوية وغليظة، مُحرضة، كأنها مصنوعة للهتاف وللمطالبة، كما سارية السواس وسارة الزكريا أيضًا. لكنني لا أشعر بالهدر أو الكبت حينما أسمع لسارة أو لسارية. لديهن الجرأة ليقلن ما يردن، يغنين، يرقصن، يلقين نكاتًا “أبيحة”، ويسخرن من الجمهور أحيانًا. ما يعزز هذا الموقع امتلاكهن للغة وأغانٍ خاصة – وهو ما لا تملكه بنفس القدر رحمة أو حنان، وترفضن أن يوضعن في موقع ضعيف، أو موقع المغنية الفراشة المرضي عنها.
خضن، كلًّا من سارة وسارية على حدة وفي سياقات مختلفة، تجربة الوصم الاجتماعي وتهمة الركاكة والفجور والخلاعة، وواجهن كل هذه التهم بشجاعة، أحيانًا بالسب وأحيانًا بالرد والشرح أو الاعتذار مع تكرار الفعلة، وفي كثير من الأحيان بعدم الاهتمام.
في المقابل استطاعت رحمة وحنان اختراق عالم ليالي الحظ الذي كان حكرًا على الرجال وقعدات ومزاج وصوت الرجال، وإن وجدت النساء فدورهن يختزل في كونهن شريط فيديو مسلي لتطرية القعدة. نجحت كل من رحمة وحنان وأخريات مثل كيارا وسمارة من قبلهن في خلق موقع جديد، موقع الفنانة الجادة. لكن برغم ذلك الاختراق الذي نتج عنه نجاح وشهرة وقبول واسع، لا يدلنا إنتاج رحمة وحنان على ما هو أبعد من الصوت المزلزل والحضور القوي.
تقدم كل من حنان ورحمة مأساة غامضة في كلمات أغانيهن، بسرد غير متماسك، مع إعادة تدوير أغاني وألحان آخرين، بلغة مستهلكة، مع غياب الجرأة والسخرية. أغانيهن منغلقة على ذاتها أغلب الوقت، بها دراما مبتورة، ولا تستدعي شيئًا بعينه. رغم ذلك أنجذب لحضور رحمة وحنان خاصة على التيك توك، ربما لأن هذا الحضور يصاحبه أسئلة عن جذر هذا الانجذاب للإمكانيات المهدرة والمكبوتة: إذ كيف يمكن الكتابة عنهن بتماسك ودقة؟ في حين أن جزء من جمالية إنتاجهن هو التشظي.
أيضًا كيف يمكن قراءتهن قراءة نقدية بمعزل عن تجارب الفنانات الأخريات في جغرافيا وأزمنة مختلفة، حتى لا نقع في فخ المقارنة أو الثنائيات؟ في نفس الوقت، يكمن جزء آخر من جمالية إنتاجهن في الثنائية، بين صوت أنثوي وحضور ذكوري، بين لغة مستهلكة وأداء جديد. بين التخريب وإعادة الإنتاج والتدوير.
تتجاوز الثنائية مجرد حضور عنصرين مختلفين؛ فهي تقوم على فكرة أن كل قطب يُعرف ويُفهم بشكل أفضل من خلال علاقته بالآخر المتعارض معه. منها نعود لسؤال حنان ورحمة، هل يكمن مفتاح قراءتهن في مقارنة اختياراتهن الفنية في ظل الرقابة والتهميش، مع فنانات أخريات كسارة وسارية وساجدة عبيدة وحتى شفيقة، اللواتي لم يقف على أكتافهن الخوف من السجن أو في أحسن الأحوال النفي الفني.
تجسد رحمة وحنان وأخريات، ممن يسوقون لأعمالهن وجزء كبير من شهرتهن على التيك توك، تمثيلًا دقيقًا للحدود الطبقية في مصر. لسن كـ للا فضة على سبيل المثال، التي تنتمي لطبقة تتيح لها اللعب والمشاكسة وتغيير الجلد بجرأة، بجانب الاشتباك مع هموم نسوية حتى إن كانت نسوية بيضاء. كما أنهن لا يملكن هامش المناورة الذي تتمتع به سارية السواس أو سارة الزكريا. يقفن في منطقة وسطى ورمادية؛ أعلى قليلُا من فتيات التيك توك اللواتي يصنعن المحتوى المراقب والمستهجن مع خوف دائم من الحبس، وفي نفس الوقت هن أقل بكثير من للا فضة، وبعيدات تمامًا عن الحرية التي تتمتع بها فنانات شعبيات مثل سارة وسارية القادمات من بيئة نورية / غجرية.
لا تعطي تلك الحدود الفاصلة والدقيقة فرصة لتخيل مواقع متغيرة للفنانات الشعبيات سواء في مصر أو خارجها، فالحرية النورية / الغجرية لم تستطع اختراق الإطار الأمن-فني المحافظ الذي يحيط برحمة وحنان وغيرهن ويكبت إمكانياهن في التجريب. حتى سارة الزكريا حين أحيت حفلة في الساحل الشمالي وتصرفت كما تتصرف بسخرية وخلاعة جرى التحقيق معها في نقابة المهن الموسيقية وعليه، ورغم اعتذراها عما بدر منها، تم منعها من إحياء حفلات في مصر بشكل نهائي وعوقب كل من سهل عليها الغناء في تلك الحفلة.
ربما تكمن مفاتيح القراءة النقدية لرحمة وحنان وغيرهن من الفنانات الشعبيات المعاصرات، في تتبع الهدر والكبت في لغة وشكل إنتاجهن وأسبابه، ففي هذه الممارسة أيضُا قراءة للمتن العام، اليوم العادي سواء في الشارع أو حتى على التيك توك.
يتقاطع ظهور رحمة على الساحة الغنائية الشعبية، وعلى التيك توك تحديدًا، مع ظهور حنان أحمد. من الخارج يبدو أنهن متشابهات، خاصة أنهن يشتركن في اختبائهن وراء صفة المذكر في أغانيهن، وحضورهن على المسرح وتفاعلاتهن مع الجمهور متشابهين أيضًا، وكذلك تمسكهن بأداء أغاني فنانين آخرين. رغم ذلك نجد أن اختيارتهن ومسارتهن الفنية مختلفة تمامًا.
جاءت شهرة رحمة من غنائها لآخرين، بينما اشتهرت حنان بأغانيها الخاصة. حتى إن أغنية مفاتيح قلبك معايا التي ثبتت قدم رحمة في تريندات التيك توك والحفلات هي للمطرب أحمد سمير حميدة.
عَرفُت رحمة محسن من مقطع تكرر ظهوره على تيك توك تظهر فيها سيدات بعباءات سوداء بجانب أزواجهن أو في المطبخ في يديهن الكثير من الذهب يحضرن الشيشة أو طعام الغداء، ويعبرن فيها عن حبهن لأزواجهن على صوت رحمة وهي تغني في أحد الحفلات:
“من ضعفي قدامك
أنا قلبي خدامك
تجرحني بكلامك
وانا أرضى واتحمل”
لحظتها نسيت أنها أغنية اجرح لطارق الشيخ – من كلمات هاني الصغير وألحان وليد عبد العظيم، ونسيت كم كانت هذه الأغنية تريندًا لمدة تزيد عن خمس سنوات بلا ملل. تكرر نسياني مرة أخرى حين ظهر بعدها بأسابيع فيديو آخر لرحمة وهي تغني أغنية ناري تقيد لأشرف الشريعي – من كلمات عماد عبيد وأيضًا من ألحان وليد عبد العظيم.
تزامنُا مع ذلك حضرت رحمة بأغنيتيها الخاصتين، اسند ضهرك أو هاتوا القلم، وكاس الوجع أو يا مراكبي خدني بعيد. الأغنيتان من كلمات محمود العربي، لم يلاقوا نفس شهرة مقاطع اللايف التي كانت تغنيها لمغنين آخرين، رغم أن الأغنيتين، وحتى الخمس أغنيات التي طلت بهم عبر مسلسل فهد البطل، يشبهون بدرجة كبيرة الأغاني التي تغنيها لنجوم حقبة الفن الشعبي ما بين ٢٠٠٥ و٢٠١٤ مثل طارق الشيخ وسمسم شهاب وأشرف الشريعي وبدر هلال، تلك الحقبة التي سقطت تمامًا من قوائم الموسيقى وتريندات التيك توك بسبب سطوة المهرجانات والراب، حتى جاءت رحمة.
بدلًا من التركيز على الرومانسية والغزل كالمطربات الشعبيات المعاصرات، أعادت رحمة الانشغال بموضوعات كسر الثقة، الخيانة، تغير أحوال البشر، النفاق، العتاب، محاولة إخفاء الضعف والانكسار، مواجهة المعايرة والشماتة، الانتقام ممزوجًا بالعفو عند المقدرة بصوت وحضور أنثوي هذه المرة. ما جعلها تجذب فئة عمرية بين الثلاثينات والخمسينات متآلفين مع هذا اللون الشعبي، وسهّل عليها الانتشار في الأفراح والحفلات.
” أنا الزمان ياما دغدغني / دا مضحي بيا ومستغني
ولما ضحكت لي الأيام / سهّتني علشان تلدغني
قولوا لي راحت البال فينها / الدنيا كترت أسافينها
وهتيجي فرحة قلبي منين / والدنيا والناس دايسينها”
حفلة تنكرية، من مسلسل فهد البطل غناء رحمة محسن كلمات ملاك عادل وألحان مصطفى العسال.
في نفس الوقت تحضر حنان أحمد حصريًا لعشاق الروقان والحظ، بشكل أقل تماسكًا من رحمة. غنّت هي أيضًا لآخرين، بدايةً من أغنية البانجو مش بتاعي التي غناها حامد عبدة قبل أكثر من عشر سنوات. إلا أن حنان ركزت وحصرت نفسها – حتى الآن – بالتحدث عن ذاتها كرجل سواء في أغانيها الخاصة أو في الأغاني التي تغنيها لمغنين آخرين، مختارةً الأغاني العنيفة والذكورية.
لم يظهر هذا الاختيار الفني مع بداية حنان ولم يكن اختيارها الأول، فحنان التي نعرفها بصوتها الغليظ والذكوري كانت تغني في بدايتها أغانٍ رومانسية حزينة بطبقة صوت رقيقة وخجولة [أنتجت أغاني تلك الفترة شركة الغربية للصوتيات ممثلة في المنتج أحمد فخري. أيضًا، على يوتيوب مكتوب أن مرحلة الرومانسية الخجولة لدى حنان كانت قبل سنتين فقط لكن صورتها تعكس فرقًا كبيرًا في العمر.]. وقتها كانت تحاول أن تمشي على خطى شفيقة في الغناء الشعبي فترددت بين شكلين سواء على مستوى الصوت أو المواضيع، حيث تأرجح صوتها في تلك المرحلة بين تقليد أنغام البحيري في أغنية خاصمتك يا هوى وفي أغنية دمعة عيني يابا وأغنية حامد عبده البانجو مش بتاعي؛ وبين صوت وأداء شفيقة في مستغناش وغلطة مين وأغنيتها من نار عذابي.
في أغنيتها اسلكوا تنجحوا بألحان ولغة المهرجانات، نسمع فيها آخر ملمح لصوت حنان الرقيق والخجول، كأنها آخر محاولة لكبح طبقتها التي نعرفها بها الآن، وأيضًا جس نبض لما سيحبه الجمهور:
“اسلكو تنجحوا / آخركو تلقحوا
واللي انا هلمحه / منكو همرجحه
اللي انا عشته معاكو زمان
مش عايزة ارجع أنا ولا اعيده
واما بتيجي سيرتكو بقول
ربنا يسترها على عبيده”
الأغنية من كلمات سامح الكومي وألحان خالد سلطان وتوزيع محمد حريقة، الذي بدوره كان يجرب صيغة جديدة للمزج بين آلات الشعبي وتكنو المهرجانات. بعدها بعام تمكن حريقة من خلق جمل لحنية متماسكة أكثر ليوزع لرحمة محسن فيما بعد أغنيتيها كاس الوجع وهاتوا القلم في ٢٠٢٤، يتزامن ذلك مع عودة حنان القوية بنيو لوك مختلف وبطبقة صوت شك الجميع أنها لذكر من عمقها وغلاظتها كما رحمة تمامًا.
أغاني حنان سواء الخاصة أو التي تقتبس أجزاء منها من مغنين آخرين منشغلة باللحظة الآنية وما فيها من مخدرات وأزمة اقتصادية. أعادت غناء البانجو مش بتاعي بصوتها وأدائها الجديد ومهرجان مضروب بشرب السم للدوجري ومهرجان مضروب بالكيف لمؤمن تربو ودودج مصر؛ لتكرس حنان وجودها في ليالي الحظ بطرح معاصر حتى وإن كان يخص آخرين.
بجانب سؤال الملكية والأصالة، ذلك الشكل من الإنتاج يطرح أيضًا أسئلة حول اللغة وكبتها، فرحمة من اللحظة الأولى محتفظة ببصمة صوتها وتوجهها في كلمات الأغاني المنشغلة بالعمل، والشقى، والخيانة، وأحيانًا تترنح رحمة بين صفة المذكر وصفة متجاوزة للجندر في أغانيها. بينما اختارت حنان، مع التركيز على المخدرات والفقر وفليكسات السوشيال ميديا، أن تتمسك بصفة المذكر.
يصعب مع هذا الحضور الذكوري في اللغة تهميش موقع الفنانات الشعبيات الاجتماعي الذي يدلل على اختياراتهن من حيث أي صفة سيتمسكن بها، فهن داخل لحظة وصم وكنسلة وخوف من السجن، ليصبح اختيار الناجح والمرضي عنه والمجرب أفضل الاختيارات المتاحة، وفي الشعبي والذي ينفع في إحياء الحفلات في الشارع أو في بيئة ريفية محافظة هو الاختباء وراء صوت وصفة مذكر.
يعسّر هذا الدوران طرح أي مغاير لغوي، لأن هذا التمسك أولًا بصفة المذكر وثانيًا بأغاني الآخرين يكرس لموقعهم الأدنى ويجعلهم غير قادرين على اللعب على سردية بديلة ساخرة ومناورة.
يخلق هذا الموقع المرتبك أغنية مرتبكة بدراما مبتورة، وكمستمعة أحس أنني أتورط في قصة لا نهاية ولا بداية لها، بلحن ثابت على طول الأغنية مع حضور لصولوهات الأورج ليغطي على أي فجوة بين الكلمات. معظم المواضيع مكبوتة تدور داخل متن عام مغلق تمامًا.
مثلًا في أغنيتها كاس الوجع تعبر رحمة عن حالة ضياع مقتطعة السياق كما كل أغانيها:
“عمري اتسرق مني
وانا لسه في العشرين
ما اعرفش إيه حصل لي
كل البشر خاينين
أنا كنت وردة بيضاء
حواليا قلوب مريضة
وعشان انا كنت صافية
مسحوني من الخريطة”
بينما نجد عند حنان:
“يا عم بقولك أنا
يلا، اللي هيمشي براحته / مصيره يرجع لي لوحده
ما هو بكره هيعرف قيمتي / وهكون من حساباتي مسحته
شيلتكم في العين والنني / ولقيت كله مغفِّلني
كلها بتروح وتيجي / بس انا عادي ولا يشغلني”
البخت مال، كلمات حسام موكاو وألحان حنان أحمد وليل المحمدي.
يدلل هذا الشكل من السياق المبتور أننا في لحظة فقدنا فيها جزءًا كبيرًا من القدرة على إنتاج سرد متماسك للأحداث أو المشاعر أو التعبير عن الذات، خاصة على المستوى الشعبي. يحتاج خلق معجم جديد، بتركيبات جمل معقدة وشديدة الإبداع في التعبير عن الوضع الاجتماعي والذاتي الممزق، إلى براح سياسي، وتراجع لقوى الهيمنة على اللسان والنكتة أو المجاز الخارج منه.
في وقت الاستعصاء السياسي تصبح لعبة السهلة هو الخيار الوحيد للاستمرار، فبعد أن كان هناك خط يفصل بين لغة الأغاني الشعبية والأغاني المخصصة لليالي الحظ – التي يصبح معظمها مفتعلًا أو إيفيه لحظي بلغة ريفية مدنية – وبين لغة المهرجانات التي هي مزيج من لغة الميري وبطن المدينة، يختفي ذلك بالتدريج ويتداخل بلا خصوصية، ولسد الفجوة والتداخل الغشيم تحل مصطلحات السوشيال ميديا المستهكلة دون تسكينها في سياق، وهذا ما يميز إنتاج رحمة وحنان، إنه يوازي السيولة والكبت العام.
“كارت الفكة شحن ميكسات
خلاكم أبطال في استوريهات
لقطة ويلا يا حلوة شوفيني
أحلى مسا عليكو يا تريندات
اتصوروا بفلوس جمعية
ضحكتوني تصنيفكوا المية
واللي ماشي يقولك أنا هيرو
دي خابت لمت في سكلية”
حنان أحمد، مسكوا التفاحة.
من جهة أخرى، يسمح هذا الشكل الدرامي المبتور بتخيل وتمثيل سيناريوهات مختلفة لمستخدمي التيك توك، بل ويكرس لذاكرة بصرية جديدة وأكثر انفتاحًا من حيث الطبقة والنوع الاجتماعي. التيك توك هو الهامش الذي يمكن التحرك والتجريب بداخله للمستمعين، وهو ما تركز عليه كلٌّ من رحمة وحنان.
على التيك توك يختلف حضور حنان عن حضور رحمة. مع أغاني حنان، رغم أن كلماتها أقرب لما يحدث في الشارع، يقتصر تفاعل مستخدمي التيك توك معها على التعليقات واللايك رغم زخم فيديوهاتها وتسجيلاتها. في المقابل نشاهد تفاعل سيدات فوق الثلاثين، أمهات، مّعلمات وزوجات محافظات، كوافيرات، مندمجات مع صوت رحمة ومع أيٍّ كان ما تغنيه.
نجحت رحمة بشكل ما أن تكون مغنية وصانعة محتوى، وهو ما تحاول حنان فعله، فرحمة نتاج ومكوّن أساسي من سوق العمل الجديد في مصر الذي يضم صناعة المحتوى والبيع الأونلاين، والمشروعات الصغيرة في قلب الشارع. حتى قبل احترافها الغناء، عملت رحمة بائعة قهوة (باريستا) في الشارع؛ على عكس بدايات حنان التي كانت منذ الصغر تحاول أن تلحق بما تبقى من خطى شفيقة كمغنية شعبية جادة وملك للجميع.
“اللي فتحتله بيتي وخاني
كنت بآمنه وخيِّب ظني
اديته سري اتكلم عني
ومسترنيش
اللي اديته انا كل سنيني
سرق الكحل يا ناس من عيني
كان بيدور ليه يعميني
ومرحمنيش”
رحمة محسن، اسند ضهرك
يدلنا جهد حنان ورحمة في صنع المحتوى لكسب القبول الشعبي، مقابل رصيدهن الصغير من الأغاني الخاصة، وحضورهن القوي في قعدات الرجال وأفراحهم ولياليهم مقابل التغني بكل ماهو محافظ، عن إمكانية مهدورة بشكل متجدد. يدرن في فلك المقبول مسبقًا بدلًا من صناعة محتوى جديد في ذاته، ويطفن حول استعارة تجربة الآخرين. من جهة أخرى، ليست ثنائية الصوت الأنثوي والحضور الذكوري دائمًا مطلقة أو مستقرة، يمكن أن تكون هشة، قابلة للتداخل، أو حتى نقطة بداية لقلب الترابيزة في لحظة ما.