.
يحمل اللقب الفني الجديد للموسيقي التايواني الكندي آلكس زانغ هُنغتاي، لاست ليزَرد، وعدًا من نوعٍ ما، إذ أنه حافظ خلال مسيرته البادئة عام ٢٠٠٥ على عادة تغيير هويته، فمن جهة تعامل آلكس خلال العشرات من الألبومات والتسجيلات القصيرة والإصدارات المزدوجة الصادرة عنه مع طيف واسع من الأصناف الموسيقية، تتراوح بين الروك آند رول الخمسيناتي بجودة تسجيلية منخفضة نوستالجية، إلى أصوات تجريبية معقدة وعصية على التصنيف، مارًا خلال ذلك على آلات وتقنيات غناء عدة. من جهة أخرى غيَّر آلكس اسمه الفني من ديرتي بيتشز إلى لاست ليزارد، إلى جانب استخدامه اسمه الحقيقي أحيانًا.
ربما يفي لقب آلكس الجديد بوعده، إذ بدأت أعماله الفردية الأخيرة، والمتاحة للبث المجاني على حسابه على باندكامپ، بالتشابه في إطارها العام، بين موسيقى آلاتية محيطة وغناء مُهَمهَم تجريبي يميل فيه لاستخدام صوته كآلة. لكن الوعد، على كل حال، لا ينطبق بالضرورة على مشاريع يعمل فيها آلكس مع موسيقيين آخرين. فبعد تركيزه على ثيمة اللانتماء في بعضٍ من أعماله الأخيرة، كألبومه قبل الأخير ستايتلِس، والذي ضم أغنيةً باسم دِسبلايسد، قصد آلكس المكان الصحيح للعمل على مشروع مشترك بإمكانه تفهم تعقيد قضايا الانتماء براحة، لبنان.
في لبنان كان بانتظاره كِد فورتين، الذي أصدر العام الماضي ألبومه الفردي الطويل الأول دريم كِدز نيڨر سليپ، مقدمًا هوية موسيقية محددة، خاصةً في تكنيك غنائه الذي يحوِّل فيه أحيانًا صوته لهراوة أو صخور غير مصقولة، مستخدمًا إياه في صيحات عدائية مباغته ومنقوعة في تأثير الاستمرار Reverb، التقنية التي يتفق عليها كلاهما والتي وجدت مكانها في المشروع المشترك للاثنين، الأعرج.
يبدأ أداء الأعرج بجلوس خضر وآلكس أمام عدة طبول بنية استنزافها، كلاهما رأسهما للأسفل باستغناءً عن أي تواصل بصري مع الجمهور، عدائية كاريزماتية تتحول بسرعة لعنصر جذب مركزي في الأداء. تنتظم إيقاعات الطبول وتتقهقر، تحتد وتغضب ثم تعود لرشدها مجددًا، تتطلب استخدام صنوج صغيرة توضع على إحدى صفائح الطبول ثم تستغني عنها.
خلال كل ذلك يحافظ العازفان على حدة أدائية ونسختين متطابقتين من العزلة، ذلك حتى ينهضا عن عدة الطبول، خضر إلى جيتاره الكهربائي وآلكس إلى الساكسوفون الذي تقابل فوهته مايكروفونًا منخفضًا، بينما يظهر ثانٍ مرتفع بين الاثنين وإلى الأمام، ليتناوبا عليه في وصلات أداءٍ صوتي متقطعة، أحيانًا هي صيحات، أحيانًا هي أحرف وألفاظ متداخلة ومبهمة، وأحيانًا هي جمل تلقى صبَّة واحدة كقطع كبيرة من أحجار البناء. يأتي أداء خضر على الجيتار متقطعًا وموتورًا، كذلك تأتي وصلات آلكس على الساكس، لكن بصوتٍ أكثر استمراريةً يلائم طبيعة الآلة، بينما تدعم إيقاعات إلكترونية مؤلفة ومسجلة من قبل الاثنين أصوات الآلتين.
إجمالًا، يشهد الأداء على طوله تصاعدًا مستمرًا بالحدة والكثافة على المستوى الموسيقي، يقابله تحول في عدائية الثنائي من عدائية سلبية تتمثل بالعزلة لأخرى فاعلة تعبر عن نفسها عبر صيحاتٍ همجية ووصلات عزف حادة واخزة أحيانًا، تدعمها هوية خضر الأدائية، بقميصه المدكوك ورأسه الحليقة بخشونة وسلوكه التوحدي غير المطمئن.
يؤدي الاثنان عرضهما المشترك مساء السبت، ٨ نيسان / إبريل، في أشكال ألوان في بيروت ضمن فعاليات اليوم الافتتاحي من مهرجان ارتجال للموسيقى التجريبية.