باقة ڤي-كولكشن ٦ من آرتوريا

أعلنت شركة آرتوريا في نهاية العام الماضي عن باقة من البلَج-إنز تشمل ٢١ آلة كيبورد ذات مكانة تاريخية تحت تسمية في-كولكشن ٦. مقارنةً بالأعداد السابقة من تلك الباقة، تضمنت النسخة السادسة تصورات رقمية مغايرة لآلة الـ دي-إكس-٧ من صنع ياماها والبوكلا ميوزك إيزل والفيرلايت سي-إم-آي والكلافينت في. أثارت تلك الإضافات بحد ذاتها اهتمامي، إلا أن الميزات الأخرى جعلت من النسخة السادسة شيئًا أردت إضافته إلى ترسانتي الموسيقية. الآلات الموجودة في الباقة هي ٨ أنالوغ سينثسايزرز (البوكلا إيزل في، الميني في، موديولار في، ماتركس-١٢ في، جوب-٨ في، الآرب٢٦٠٠ في، سي-إس-٨٠ في، و إس-إي-إم في)، ٤ ديجيتال سينثسايزرز (دي-إكس-٧ في، سي-إم-آي في، سينكلافيير في، والبروفِت فيالبيانو في (والذي يحتوي على ١٢ نموذج)، آلة وترية واحدة (سولينا في)، ٣ بيانوهات كهربائية (كلافينِت في، ستايج-٧٣ في، والوُرلي في)، ٣ آلات أورج (بي-٣ في، فارفيسا في، والفوكس كونتيننتال في)، وبالطبع أنالوج لاب من شركة آرتوريا نفسها.

توقعت قبل تجريب الباقة بأنها مجرد مشروع استغلال فِتِشية الآلات العتيقة لدى الكثير من الموسيقيين – كما أنني استكثرت ثمن الباقة في حدود الـ ٥٠٠ يورو والذي سيمنع الكثيرين من الحصول على هذه الباقة. لكن بعد استخدام الفي-٦ تبين لي أن الآلات التي تقدمها آرتوريا ليست مجرد ترقيم لآلات عتيقة مميزة، بل هي آلات جديدة في تصرفاتها وفي بياناتها. مشروع الـ في-كولكشن ٦ غير مبني على العينات المسجلة ولكن على برمجة نموذجية لكل آلة في الباقة. تضمنت عملية البرمجة خلق تصورٍ جديد لكيفية التعامل مع مكونات كل آلة.

رغم أن فريق آرتوريا حاول التوصل إلى شيء جديد، إلا أن تلك الآلات التي بها ميزات رقمية كالـ فيرلايت سي-إم-آي والـ دي-إكس-٧ تقبل الملفات التي تعمل في الآلات الأصلية. يشبه صوت كل آلة صوت الآلة الأصل، وزادت إثارة الباقة بتفاصيل مكبرات الصوت الافتراضية وإضافة أساليب حديثة لمعالجة الإشارات الرقمية كالتحليل الطيفي. كل هذا أشعرني بأن كل آلة تحتوي على احتمالات أكثر من الآلات الأصلية، وبأني أستطيع ايجاد الكثير من الاحتمالات التي قد تلهمني في تسجيل أعمالي الموسيقية القادمة.

بعد تواصل آرتوريا ومعازف لعدة أشهر بخصوص أول مشروع مشترك، وانتهائنا إلى إطلاق مسابقة لمنتجي الموسيق ستعلن قريبًا، بدأت أفكر في كيفية مراجعة باقة دسمة من الآلات الرائعة دون إعادة تكرير ما قيل عنها على مدى السنة التي مرت على الإصدار. لاحظت بأن كتابة مراجعة عادية قد لا تكون مجدية لمشروعنا لأن استعمال كل شخص للباقة يختلف، وبما أننا الآن في صدد الإعلان عن مسابقة مبنية على الباقة، أردت أن أقدم لمحة لما مررت به كمؤلف موسيقي فيما يرتبط بالباقة.

في أول الأمر، كنت شديد الاهتمام بآلة السولينا لأني وجدت في صوتها بعدًا شيقًا، من ثم البوكلا ميوزك إيزل لأنها تتصرف بعفوية الآلة الأصلية، وكانت النتائج مفاجئة. تعلمت سريعًا بأن الآلات الموجودة في الباقة أثّرت على الكثير من الموسيقى التي أحببتها منذ صغري، فبدأت البحث في تلك الآلات وأعدت التفكير في طبيعة الموسيقى التي أحبها. بدأت البحث في النماذج المعدة مسبقًا في الآلات التي تهمني وفي كيفية تصميم أصوات جديدة. أثارتني قدرة الباقة على قراءة الملفات الأصلية للآلات الرقمية كالـ فيرلايت سي-إم-آي والـ دي-إكس-٧ كما ذكرت سابقًا. بعد ذلك، فهمت أن كون الألات موجودة في ذاكرة الكمبيوتر هو بلا شك أكبر ميزة في الباقة.

القصد من إطلاعكم على استنتاجاتي هو ليس فرض خارطة طريق لخوض المسابقة التي سنعلن عنها قريبًا، بل هو اختصار بعض تجاربي الشخصية في التجريب مع الباقة علها تفيدكم في مشاويركم الشخصية كموسيقيين أو في تطوير مفاهيمكم الشخصية كمهتمين بالموسيقى الإلكترونية. أولًا، كما أومأت مسبقًا، الباقة ساعدتني كأداة للبحث في الأصوات الكلاسيكية وفي الآلات التي أنْتَجَتها (مثال: نموذج أورك٥ ORCH5 الموجود في الـفيرلايت سي-إم-آي المأخوذ من طائر النار لإيجور سترافينسكي، والتي استعملها الكثير من الفنانين مثل مايكل جاكسون وأفريكا بامباتا وكيت بوش ودوران دوران وحتى مايلز ديفيس). ثانيًا، بالإمكان تغيير عملية التعامل مع الآلات وكيفية العزف عليها. مثلًا، بالإمكان استعمال بيانات الـ إيه-بي-آي من مواقع التواصل الإجتماعي أو البورصات العالمية أو الأرصاد الجوية لتحويلها إلى بيانات ميدي، وبالإمكان العزف بالهواتف الذكية عن طريق استعمال بيانات الـ أو-إس-سي Open Sound Control ومن ثم تحويلها إلى الـ ميدي على الكمبيوتر.

مثال آخر – فيه بعض الفكاهة، بالإمكان استعمال آلات التحكم لألعاب الفيديو التي تعمل بالبلوتوث وترجمتها إلى الـ ميدي (آلة التحكم المفضلة لي هي تلك التي تُستعمل مع النينتندو وي)، ففكرة أن طريقة العزف محدودة هي بلا شك غير صائبة تمامًا. ثالثًا، بالإمكان استعمال المؤثرات الصوتية الكامنة في بعض آلات الباقة، ما يعني أنها تصلح كمؤثرات صوتية أيضًا. رابعًا، وهو شيء بدأت البحث فيه مؤخرًا، هو أنه بالإمكان تغيير دوزان الآلات لتعزف المقامات أو السلالم العربية وحتى تلك التي قد تُعتبر تجربيبة من خلال استعمال برنامج سكالا المجاني.  

باقة في-كولكشن ٦ بلا شك رائدة في مجالها، وكثرة الإحتمالات التي تقدمها قد تبدو معقدة أول تجريبها إلا أن ذلك التعقيد يتحول إلى متعة مع مرور الوقت. لي شخصيًا كموسيقي مهتم بتطوير المجال في منطقتنا، يسعدني وجود آلات ومصادر قوية مثل الـ في-كولكشن ٦.