.
سمعت اسم رابح صقر لأول مرة يوم اصطحبني أبي إلى أحد مجالس الجمعة عند أعمامي. هناك شرعوا في تعداد النجوم السعوديين من الأحساء، موطنهم، وجاء ذكر رابح صقر. مرت فترة قبل أن أسترجع الاسم ويثير فضولي البحث وراءه، لأسمع نبرة فريدة وأدرك أنها فارقة، تجذب أو تنفّر، شيء يشبه أوتوتيونًا إلهيًا. بدا أيضًا أن رابح مدرك لفرادة صوته فاختلف توظيفه له عن غيره، خصوصًا منذ مطلع الألفية.
كبُر رابح داخلي، ووصل فضولي أقصاه عندما سمعت أن تسجيلاته في الاستوديو شيء وحفلاته شيء آخر تمامًا. قررت أن أجرب بنفسي وانطلقت في سيارة صديقي من الباحة إلى مسرح مركز الأمير سلطان الحضاري في جازان، مشوار ست ساعات متواصلة، وحضرت حفلته ضمن جولة السعودية التي نظمتها روتانا. كانت تجربة مبهرة، وهنا أربعة أسباب تؤكد أن المرور بها حاجة لا رفاهية.
تخلق مناوشات رابح مع الجمهور والعازفين ومهندسين الصوت في حفلاته ومزاحه جوًا مليئًا بالكوميديا والألفة، كأنه ضيف في منزلك، ممازحًا هذا ومعاتبًا ذاك بطريقة فكاهية رفعت من شعبيته. في حفلة جازان كان هنالك من يصرخ بشكل متكرر طالبًا اغنية مغرورة، ليرد عليه “وش تبي أنت يالدب” ثم يعتذر منه بعد ذلك قائلًا “والله أحبك ياخي” ويغني بعد ذلك مغرورة. أيضًا، في مرة انفعل على مهندس الصوت بسبب انخفاض صوته في السماعات وفي مرة أخرى انفعل عليه عندما سمع صوته في سماعات أذنه.
يفاجئ رابح الجمهور برقصاته الغريبة في كل حفلاته. مثلًا أدّى مرّة الداب وهوجم على إثرها من وسائل الإعلام بحجة أنها لها علاقة بالمخدرات. كما قام بذكر احتفالية كريستيانو رونالدو si في إحدى حفلاته بعد توقيعه مع نادي النصر. بالإضافة إلى الرقصة التي سميت رقصة رابح ويقوم بها في جميع حفلاته مع الضربة الإيقاعية في الفواصل الموسيقية للأغاني الراقصة.
يقف رابح ليغني صدقيني، الأغنية التي أهديت لوالدته المتوفاة منذ سنوات، ويبكي في كل مرة يغنيها ولا يستطيع التحكم في مشاعره حينها كما يتحكم بإحساسه. كل شيء مرتبط بقدرة رابح في التحكم بإحساسه العالي ونبرته المميزة وفقدانه التحكم بمشاعره وهذه الأسباب التي تجعلك ترتبط مع رابح شخصيًا. يقدم رابح الكثير من أغانيه بشكل أقوى على المسرح، ضربت الكثير من أغانيه بنسخ الحفلات أو الجلسات مثل صدقيني ومنتهى الرقة وحتى مغرورة، التي حققت أكثر من 28 مليون مشاهدة على يوتيوب بنسخة الجلسة.
مجرد أن ينطق رابح بكلمة ثنتين يبدأ الجمهور بالتصفيق، كل شي يتوقف على الكفوف التي تصفق مرتين طوال الفاصلة الموسيقية. عندما تبدأ اللازمة في اغنية خلاص الجميع يبدأ بالصراخ، وكأن الجميع أراد الخلاص من حبيب في الواقع. ارتباط الجمهور مع رابح عميق لأن رابح قريب منهم. يظهر رابح في كل حفلة وجلسة برتم عالي وشخصية جميلة تجبر كل الحضور على أعلى درجات التفاعل من التصفيق والترديد، وهذا شيء من النادر أن تراه في حفلات أي فنان خليجي آخر.
يستطيع رابح أن يحول أية أغنية إلى سبب للرقص الجنوني، خبرة رابح في الإيقاعات كبيرة وقدرته في التحكم بالإيقاعيين خلال الحفلة تجعل من الأغاني الراقصة كرنفال رقص خيالي، مجرد أن تظهر أول نوتة من في منتهى الرقة يقف كل الحضور استعدادًا للرقص الهستيري والارتباط مع الايقاعات. منذ جلسات رابح في التسعينات واستمراره في إنتاج أغاني راقصة أكثر، وُصف رابح صقر كفنان تنكّس، كلمة تستعمل لوصف الرقص الجنوني. تميز قوة رابح في نشر طاقة الرقص في حضور جميع حفلاته.