ماب أُف ذَ سول: ٧ ذَ جرني | بي تي إس

نزّلت بي تي إس ألبومها الجديد باللغة اليابانية، ماب أُف ذَ سول: ٧ ذَ جرني. يحتوي الألبوم اثنتي عشرة أغنية، بينها سبعة قديمة أعادت بي تي إس توزيعها وإنتاجها باليابانية عوضًا عن الكورية، وثلاث أغانٍ أُنتجت خصيصًا للألبوم: ستاي جولد ويور آيز تيل، ولايتس التي سبق للفرقة أن طرحتها العام الماضي كأغنية منفردة.

يُعتبر الألبوم الجديد استكمالًا للسلسلة الثالثة من سلاسل الألبومات التي أصدرتها بي تي إس، حيث أن الفرقة، خلال مسيرتها الممتدة على سبعة أعوام، نهجت أسلوبًا اعتمدت فيه على طرح سلاسل من الألبومات المتلاحقة التي تجمعها ثيمة واحدة. كانت البداية مع ثلاثية ركزت على مشاكل المراهقين في مرحلة الدراسة (المدرسة)؛ ثم سلسلة ألبومات تناولت رغبة الانتماء إلى المجتمع عند الشباب، والآثار النفسية المترتبة عليها (الشباب). بعدها جاءت سلسلة أحب نفسك، التي تناولت ثيمات كالحب والصحّة العقليّة والشهرة، وقدّمت فيها شأن الفرد على القضايا المجرّدة والأفكار المثالية.

من الممكن وصف عمل بي تي إس على أنه تركيب ثقافي. تعتمد الفرقة في أغانيها – كسائر فرق الـ كاي بوب – على استحضار الأنماط الموسيقية السائدة في العالم الغربي، وصبّها في قوالب تتماشى مع ذائقة المجتمعات المعاصرة في الشرق الأقصى، باستخدام مزيج لغوي يدمج اللغة المحلية (الكورية) بالعالمية (الإنكليزية). تجتهد الفرقة أيضًا لإعادة إنتاج بعض أغانيها بلغات كاليابانية، التي تشكّل العمود الفقري في الألبوم الجديد. علاوةً على ذلك، تستقي الفرقة صورها الشعرية وتراكيبها اللغوية من ثقافات متعددة. على سبيل المثال، اقتبست الفرقة عباراتٍ من كتاب هكذا تكلم زرادشت لـ نيتشه، وضمّنتها في أغنية بلود، سوِت آند تيرز، كما استخدمت اقتباسات من كتاب فنّ الحب لـ إيريك فروم في سلسلة أحب نفسك.

عُرِفَت بي تي إس بالتناغم الصوتي الناتج عن مزجها سبع خامات صوتية وثلاثة أساليب متباينة في الأداء؛ إذ تتكون الفرقة من سبعة مؤدين: أربعة مغنين وثلاثة رابرز. يختص كل من جيمين وجانغ كوك بالطبقات الحادّة العالية، ويشكّلان معًا الصوت الرقيق في مقاطع الغناء الجماعية، بينما يتميّز جيمين عن جانغ كوك بخامة صوته ذات الأوكتاف العالي. في المقابل، يغني كل من فَي وجين بطبقات صوتية أكثر عمقًا، غالبًا ما تختتم المقاطع الغنائية، لتكوِّن نغمة القرار التي تمثّل دعمًا توافقيًا مع الإيقاع، لتمهِّد لمقاطع الراب. في حالة الرابرز الثلاثة، يعرب جي هوب لإلقاء مقاطعه بأسلوب الكرانك راب، وأحيانًا بأسلوب الجي فنك، أما آر إم فأسلوبه أشبه براب العصابات، في حين يعتمد سوجا على أسلوب السكرو راب. يتمتع أعضاء الفرقة بالمرونة الكافية ليشكلوا نسقًا واضحًا من الأداء، ثم غالبًا ما يقومون بتخريبه، ما جعل النقاد يميلون إلى تصنيف الفرقة ضمن تصنيفات واسعة، كالبوب الكوري والراب البديل.

في الألبوم الجديد، تستحضر الفرقة العديد من الأساطير اليونانية، كأسطورة إيكاروس في الأغنية الثانية، بوي ويذ لوف، حيث يرد في مقطع الراب الذي يؤديه آر إم: “لن أستخدم أجنحة إيكاروس التي منحتني إياها لأطير نحو الشمس، بل لأطير إليكِ.” في الأغنية الرابعة، ديونيسوس، تستحضر الفرقة أسطورة إله الخمر والنشوة عند الإغريق: “فلنسكر مثل ديونيسوس، ولنحمل بيدنا كأس الخمر وباليد الأخرى عصا الثيرسوس”. تستخدم بي تي إس بعض الرموز في الحضارة الإغريقية، التي مارست الفن كحالة طقسية لتقديس الإله ديونيسوس، كإشارة إلى نشوة الفن والمتعة التي يختبرونها خلال الغناء والرقص.

كما هو الحال في ألبومات سلسلة أحب نفسك، تأتي أغاني هذا الألبوم وجوديّة وغير نمطية، تتغنى بالأنا والمشاعر الذاتية، وترفعها فوق القيم والمثل العليا المجردة، كالحب. أمرٌ يمكننا أن نلمسه بوضوح في لازمة أغنية بوي ويذ لوف: “الحب ليس أقوى من شخص يحب”، التي تبدو تمجيدًا للذات العاشقة على حساب القيمة المجردة للحب.

تصاحب هذه الأغاني الإيجابية موسيقى ذات وتيرة سريعة وراقصة، تستحضرها بي تي إس من ثقافات غربية متعددة، فتعتمد الريجيتون في أغنية آيدل، والإلكتروبوب في لايتس، والآر آند بي في ميك إت رايت، والراب روك في ديونيسيوي وفايك لوف، كما تمزج بين التراب والهيب هوب التقليدي في بلاك سوان، وبين الفنك والبوب والديسكو في بوي ويذ لوف. أمّا ستاي جولد، الأغنية التي اختارتها بي تي إس لتكون أيقونة الألبوم الجديد، فهي أغنية بوب تقليدية، وُزّعت الموسيقى فيها بطريقة تشبه إلى حدٍ بعيد أغاني وِست لايف في نهاية القرن الماضي.

قد يبدو هذا التنوع المفرط في الصوت كبحث متعدد الاتجاهات عن النجاح التجاري، لكنّ بي تي إس تؤكّد في كل مرة انفتاحها على احتواء أصوات وموسيقات غريبة عنها، وقدرتها على صهر تلك الأصوات ضمن أسلوب الفرقة الكولاجي الفريد. هذا الانفتاح ساعد أغنية بوي ويذ لوف، التي تعاونت بي تي إس فيها مع المغنية الأمريكية هالسي، على البروز كأقوى أغاني الألبوم.

في هذه الأغنية، تبرّر بي تي إس توجهها المتمثل بإعلاء قيمة الفرد، من خلال حديثها عن انهيار قيم المُثُل والمفاهيم المجردة لديها: “السلام العالمي مستحيل، الأنظمة العظمى مستحيلة، لذا سأكتفي بأن أبقيك آمنة.” على عكس المتوقع، لا يؤدي انهيار المثل والقيم العليا إلى اكتئاب، ولا ينتج أغانٍ تصف الخذلان والدمار النفسي، بل تتغنى بي تي إس بالنجومية والنجاح وحب الذات. في الوقت الذي قد يبدو فيه أن الفرقة تتخذ موقفًا سلبيًا / مستسلمًا إزاء القضايا الكبرى، وتهرب نحو البحث عن الحلول الفرديّة، إلا أنها على الجهة الأخرى تؤكّد أهمية حماية المجال الخاص من العام، في لحظة متعبة وغامرة من التاريخ، تؤكّد على ضرورة أن نبدأ بإصلاح ومحبّة ذواتنا قبل العالم، أو كما يقول فتية بانجتان في أغنية آيدل: “لا يمكنك أن توقفني عن حب ذاتي.”