أظهر نادر خليل منذ بدايته بهذا الاسم نهاية العقد الماضي قدرة كبيرة على الابتكار، مركّزًا على تطوير أسلوبه. سمعنا عند نادر إرهاصات أسلوب الريج قبل تبلوره على يد بلايبوي كارتي، فعمل على عكس الأفكار السوداوية بجانب الغضب السياسي على إيقاعات سنثية صاخبة، مع تأثيرات واضحة من موسيقى الروك الكلاسيكية، وثبّت موسيقاه على هذا القالب مع بعض التنويعات.
أصدر نادر خليل ألبومه الثالث، والذي اتجه به إلى خط مفتوح سمح له بالتجريب والتعاون مع مختلف الأسماء، مثل سماح عبد الحميد، بونز الذي قدم أحد أفضل فيرسات الألبوم بجانب لمهدي، وروبل الذي أعطت عشوائيته مذاقًا مختلفًا لمحبي الريج الكلاسيكي. أضافت هذه التعاونات قيمة وتنوعًا للألبوم، بجانب مساحة أكبر للتنويع في الإيقاعات.
على عكس ألبومه السابق، يقل استعمال نادر للأصوات الإيقاعية الشرقية ويركز على الجانب الشرقي في المعزوفات، كما يبني الإيقاعات بأصوات بسيطة غالبًا وبتركيبات مختلفة، مثل تراك فلاحي مع سماح عبد الحميد، التي قدمت أداءً قويًا. يقل في هذا الألبوم أيضًا التركيز على فوكالز نادر، ويبنيها بشكل تلحيني لتكون جزءًا من الإيقاع من خلال أسلوب الميكسينج والماسترينج. يضع هذا الخيار المستمع في حيرة، بين الرغبة في العمق الكتابي والأدائي، وبين الاستمتاع بإنتاج مبني بصلابة.
نتيجة لهذا الاختيار لا تأخذ الكلمات حيزًا كبيرًا من الألبوم، ولا يركز على بنيتها بشكل عام، وقد يكون هذا الجزء الوحيد الذي التزم فيه نادر من قالب جنرا الريج، حيث لم يحتوِ الألبوم على تراك عميق كتابيًا سواءٌ معنويًا أو مهاريًا، على عكس تراكات سابقة لنادر مثل وور آند بيس، أو أوبن ذا بِت.
يتنقل الألبوم بين العديد من الجنرات سواءٌ في سياق الراب أو خارجه، مع المحافظة على صوت الألبوم الذي يغلب عليه الغموض والترقب مع جانب شرقي غاضب. في ستورم بروينج مثلًا يدمج نادر الكلاسيك روك مع المقامات الشرقية ويملؤها ببعض الأصوات الإيقاعية مثل الصاجات في تركيبة إيقاع بسيطة، ويزور اليو كي غراج في فايولينت، ومع تحولات السنثات فيه لا توجد مساحة للمستمع للشعور بالملل.
يدور نادر في بقية الألبوم بين التراب والجيرك، والذي استطاع أن يبتكر من خلاله تركيبة فريدة، فيمسك طابع جيرك الإنترنت السنثي، ويحوله من خلال معزوفاته ليجعله حادًا دون أن يفقد تماسكه، كما في تعاونه مع شخصيته السابقة نوك فروم ذا فيوتشر، أو في تراك أبو شجاع.
قد تكون نقطة القوة الأكبر لنادر في السنثات وتوظيفها، في جنرا تغلب عليها مقامات الماينور، وقوالب سيروم مكررة، يخرج نادر عن هذا السياق، ويبني معزوفات بمقامات شرقية مختلفة متأثرًا بالشعبيات الشامية، بأصوات سنثات فريدة مقارنة بما يقدم في الريج راب عمومًا.
في ختام الألبوم يتجه نادر إلى صوت مسترخٍ في تراك غاسبينج، حيث يوظف أصوات من الموسيقى المحيطية ويدمجها بشكل تقليلي مع أصوات ريج حادة تتداخل بين سطوره، ليشعر المستمع بالرضا بعد مستوى عالٍ من الغضب على مدار الألبوم.
عند صدور الألبوم نشر نادر قائمة التراكات على شكل تشكيلة كرة قدم، ما دعاني للتفكير فيها بعد استماعي له. قد تكون هذه الصورة هي التمثيل المثالي من وجهة نظري للألبوم، فلكل تشكيلة نقاط ضعف وقوة، ولكل لاعب نقاط ضعف وقوة، وتقع الحسبة على من يستطيع أن يبرز مهاراته الفردية، ويقدم ما يملك لدعم الفريق للوصول إلى الشكل القادر على السيطرة والفوز. لألبوم نادر خليل نقاط ضعف يغطيها الإبداع اللافت في الجانب الإنتاجي، وقدرة نادر المستمرة على الابتكار في مساحته.