fbpx .
لتفلل | مراجعة ألبوم نستد سكينز

نستد سكينز | لتفلل

ياسين ۲۰۲۵/۰۹/۲۷

من بين العديد من الأصوات التي برزت في المشهد الإلكتروني المصري خلال العقد الماضي، يظل جورج فريد المعروف بـ لتفلل من أكثرها تواريًا عن الأنظار؛ مؤلف موسيقي وتقني بارع. تأتي أعمال جورج عند مفترق حاسم من ابتكارات الموسيقى الراقصة، إذ يغوص في عملية إبداعية تعتمد على برمجة سيكونسرات مخصّصة وتصميم صوتي يُبرز الإمكانات الكامنة في الصوت الإلكتروني ذي النزعة الإقليمية.

بحضوره الهادئ الذي يخبئ وراءه وفرة من الإنتاجات المدوية الثقيلة بالبايس، من المنصف وضع جورج بثبات في خانة السلاح السرّي بالنسبة لمن يعرفونه. سواء عبر ريمكساته المتفرقة، مثل الإيديت الصاخب لأغنية إن آن لـ دبور وشب جديد، أو من خلال مقطوعاته المحيطة الواسعة المنتشرة على ساوندكلاود.

يعود جورج بألبوم قصير جديد على تسجيلات قرش، والتي سبق أن استضافت تراكاته في الجزء الأول والثاني من الألبوم التجميعي، ديد يو مين آيريش؟ يأتي نستد سكينز منسجمًا تمامًا مع نهج قرش الصوتي الصارم. في هذا الإصدار نسمع جورج في أكثر حالاته تركيزًا، متخليًا عن التجريد والتمارين الصوتية لصالح إصدار متجذر بعمق في أحلك زوايا حلبة الرقص.

في التراك الافتتاحي، تشازم، يضع لتفلل أساس اللوحة الصوتية الخاصة بالإصدار؛ إيقاعات لزجة، وبايس متدفق، ولمسات متقطعة من خامات مقلقة تتربص تحت السطح. إنه المكافئ الصوتي لماكينة طباعة تصبغ ورقة بالحبر الأسود الخالص ومشاهدتها تكافح لإتمام المهمة. هذا الإصدار مظلم حد السواد الكالح في أنقى صوره. يمكن القول إن التراك افتتاح قاسٍ للغاية، على أقل تقدير.

يستحضر نستد سكينز الإيقاعات الخليجية التقليدية ويغيّرها جذريًا إلى حدّ الاندثار تقريبًا، ليُعد تمرينًا على إنتاج الإيقاعات. في التراك الرئيسي الذي يحمل اسم الألبوم، تتجسّد هذه التمارين على شكل إيقاعات مذهلة وأصوات مؤثرات إعادة تحميل الأسلحة تقود خامات سنث كورالية مقلقة، لتساهم في بناء توتر متواصل من البداية وحتى النهاية.

يواصل تراك فليشت شلز الصوتيات العنيفة، حيث يقابِل الدرامز غير المنتظمة وهدير البايس بأصوات إيقاعية متقاطعة تشبه صوت الأنفاس، والتي من المحتمل أن تجعل المستمع يلهث في محاولة لمواكبتها. بالتأكيد، يُعد هذا التراك من أبرز ما في المشروع، ومن المؤكد أنه سيزلزل حلبات الرقص المظلمة طوال فصل الشتاء.

يختتم الألبوم بتراك هادئ نسبيًا. يحاكي تراك ميلستروم حصانًا يعدو، يبث الطاقة في التراك بالتدريج مع كورد محيطي متأثر بأجواء الرعب، ليوفر استراحة قصيرة وسط الزخم المستمر.

مع ذلك، يبدو لي التراك الختامي الأقل تطورًا بين التراكات، حيث تأتي النهاية بشكل مفاجئ حين كنت أتمنى أن يصل التراك إلى ذروة طاقته. لا يعد ذلك عيبًا حقيقيًا بقدر ما هو فرصة ضائعة لدفع فكرة الألبوم نحو ذروة ختامية أعظم. بعيدًا عن التفضيلات الشخصية، ينجح التراك في إنهاء المشروع بشكل متناسق، ليصنف ضمن فئة الأعمال التي لا تحتاج إلى تخطي أي مقطع فيها.

من المهم النظر إلى نستد سكينز باعتباره دراسة. إذ تم تصميم الألبوم بشكل متماسك ليكون بمثابة حوار بين جورج وسيكونسره المخصّص، الذي زُوّد بإيقاعات خليجية. عند التعامل مع مشاريع من هذا النوع، غالبًا ما يكون المفهوم أولوية على قابلية الاستماع والاستخدام داخل سياق النوادي الراقصة، كما  أن استخدام برامج مخصّصة يؤدي في كثير من الأحيان إلى تراجع جودة الصوت.

يسعدني القول إن نستد سكينز لم يقع في أيٍ من هذه العقبات؛ فبدلًا من أن يُثقل المشروع بالمفهوم على حساب المضمون، يقدم هذا العمل كلاهما بقدر متساوٍ، ليصيب النقطة المثالية، حيث يلتقي التمرين الفكري مع الإيقاعات الجاهزة لحلبات الرقص. بتوازن متعمّد بين الخشونة والقوة، يُعدّ هذا الإصدار عودة قوية لـ لتفلل، مثيرًا حماسنا للأعمال القادمة للفنان المقيم في برلين.

المزيـــد علــى معـــازف