.
https://www.youtube.com/watch?v=g126X7UHAds
منذ سنة، برزت بسيكوكوين ضمن مشهد راب نسائي ميَّز المغرب عن بقية المنطقة، مع أسماء مثل منال وإيلي وبنت ستاتي وقرطاس نسا. بدأت بسيكو بصعودٍ متأنٍ منذ انطلاق مسيرتها مع أغنية ماما، وتخلّت تدريجيًا عن صوت التراب الصرف لصالح أسلوب يستمد إلهاماته من مصادر متنوعة، مثل أصوات المارياتشي المكسيكية في إنت حبيبي والإلكترو بوب الألفيناتي الذي شهدناه مع لولاد خطر ويا ربي دير تويل.
تأخذ يا ربي دير تويل عنوانها من عبارةٍ دارجة في المغرب تُستعمل درءًا للشرور والأشياء السيئة التي يُتوقع حدوثها، ولطلب البخت وتسهيل الأمور. عوّدتنا الرابر على استعارة صور الثقافة الشعبية الروحانية في المغرب، مثل مشهد قارئة كف تحاور حبيبًا حائرًا في إنت حبيبي، أو المسلّماتٍ العفوية التي تكاد تلامس السذاجة في نو بويز: “ربي لول وانت التاني”. نجحت بسيكوكوين في استحضار أوجه الثقافة اليومية دون افتعالٍ أو إقحامٍ فجٍ، مع سجيةٍ مستحبة تظهر متناغمة مع عالم رابر في العشرين من عمرها. استمر هذا المزاج في يا ربي دير تويل، حيث كانت الكتابة إحدى المفاتيح الجمالية للأغنية.
بدأت بسيكو منذ فترة بالاعتماد على الملحن والكاتب أحمد حسيني الذي حملها نحو توجهٍ جديد، إذ تخلت عن إقحام مفردات الراب الأمريكي الرائجة في أغانيها لصالح نصوصٍ مغربية أكثر. بدأ التعاون بين الاثنين منذ إنت حبيبي التي مثلت نقطة تحولٍ قوية في مسيرة سايكو. أظهرت الرابر أنها قادرة على تجريب أساليب خارج مساحة التراب الآمنة لها، وليس لمجرد التنويع أو الاستعراض، كما كشفت عن تمكنٍ قوي في الانتقال بين الغناء والراب.
في يا ربي دير تويل، يقدم الاثنان صورة رابر مراهقة تكاشفنا بخواطرها دون تردد، مع لازمةٍ جذابة تعلق بالأذن لارتباطها بثقافة شائعة لدى سكان المغرب: “دعينا ربي دير تويل / يا ربي دير تويل”. أضافت بسيكو نبرة مناجاة على مستوى اللازمة حضرت فيها مسحة من الغنج غير المفتعل. نرى وكأن الرابر تنصاع بشكل عفوي للشخصية الأسلوبية التي أراد حسيني تقديمها. كما اتجهت بسيكو نحو الغناء أكثر مطورةً من أسلوبها، ما يغرينا بالبحث في تأثراتها بالجيل القديم من البوب المغربي من سميرة سعيد ولطيفة رأفت، التي عبرت الرابر عن إعجابها الكبير بها في إحدى المقابلات التلفزية.
إنتاجيًا، اتجهت بسيكوكوين مع أحمد حسيني إلى الإلكترو بوب الألفيناتي، الذي اكتسح في السنين السابقة لـ ٢٠١٠ مع صعود كِشا ولايدي جاجا ودي جايز مثل دايفد جِتا. أضافت بسيكو إلى هذا الصوت حسًّا مستقلًا مع إنتاجها البسيط والهادئ، كما هربت من موجة البوب المتأثر بالبوب اللاتيني الحاضر بقوة في المغرب، لتميل أكثر نحو بوب أمريكا.
حافظت بسيكوكوين على تشكيلةٍ إنتاجية مستقرة في الإخراج، ميّزها المخرج نيجو الذي رافقها منذ البداية. نجح نيجو في تقديم صورةٍ مرحةٍ للرابر تماشيًا مع مضمون الأغنية المتفائل واللعوب، ليستكمل معالم الشخصية الجديدة التي بدأت بسيكو تتقمصها، كتابةً وغناءً وصورة. يمكننا القول بأن يا ربي دير تويل هي تعويذة بسيكو الناجحة، حيث لم تتوقف عن التنويع، وأثبتت أن إنت حبيبي ليست مجرد أغنية ضربت وهربت.