.
لا يبدو فيوتشر أو “الملك التوكسيك”، كما يسمي نفسه في فيديو كليب تراكه المشترك مع دريك ويت فور يو، يبالي بمقاربة الأفضل. في ألبومه آي نِفر لايكد يو المكون من ٢٢ تراك يبحث فيوتشر في مسيرته الطويلة، من الطفولة والمراهقة وحتى امتلاك الشهرة والقوة، واضعًا يده على التشوهات التي تحيط عالم الرابرز السود.
بنظرة سريعة ربما سيظن المستمع أنه حالة من حالات الفلِكسينج (التفاخر) الاعتيادي: قصة ذلك الكينج كونج الذي يجمع حوله الفتيات، ولديه اتصال بزيوس، ويتعب من عدّ ماله. لكن تلك الميزات لا تأتي مجانًا، بل طريقة سرد فيوتشر السوداوية لرحلة الشخص الذي يتحدث على لسانه (في الغالب هو يتحدث عن نفسه) مليئة بالعنف والظلم، لم يجد فيها لدى من ربوه الحب. يصفه كانييه ويست في تراك كيب إت برنين بالمصلوب كثيرًا، حتى أن يده لا زالت فيها المسامير. طفل قضى حياته في بيع الكوكايين، ورؤية القتل الذي اعتاده بعد ذلك في مراهقته وشبابه، تفطر قلبه زيارة جدته في السجن كل أحد. لذلك رغم الكم الواضح من الإيجو والذكورية الفجة نجده يعبر عن هشاشة تسير في الاتجاه المعاكس، ففي أحد مقاطع تراك باك تو ذَ بايسيكس يقول: “بعد أن نمارس الجنس، اتركيني أبكي على كتفيك، أنت لا تريدين ذلك”، في تعبير عن المعاناة النفسية التي تنتابه في محاولات التعبير عن ذاته خارج قالب القوي، الجانجستر رابر. في وورست داي، يتحدث عن يوم الفالنتاين، الذي يضطر فيه للتنقل بين رفيقاته ليحتفل معهن. في بداية الفيديو كليب يتحدث فيوتشر مع طبيب نفسي حول هوسه الجنوني بالنساء، حيث أنفق عليهن ثلاثة ملايين دولار في العام الأخير.
ليس هناك جمل منتهية أو قوافٍ في أغلب تراكات الألبوم، مع الكثير من الاستعارات من ثقافات مختلفة. يتنقّل في التعبير عن نفسه وأفكاره بين مجالات كرة السلة وعالم العصابات وعالم الآلهة، والمسيح في معاناته، وكرة القدم الأوروبية والتشامبيونز ليج. الأداء الغنائي المميز لفيوتشر هو ما يخلق رتم التراك، ويقسمه. في بعض المناطق قد تشعر بأنه يتحدث مع شخص آخر يلاحقه في ديالوج لا ينتهي من الجمل المتبادلة، وفي الانتقال بين الڤيرسات يتوقف البيت ونسمع فقط صوته الهادئ. مع اللعب على تداخل الفيرسات في بعض تراكات الفيتشر، مثل فودوو حيث تتقاطع فيرسات فيوتشر وكوداك بلاك في نفس المقطع.
لا يوجد إنترو رسمي، ترتيب التراكات يضع ٧١٢ بي-إم في البداية. ينقل التراك روح الألبوم والحالة المراد توصيلها إلى المستمع ببراعة: تشويش بسيط في أول عشرة ثواني، بالإضافة إلى توظيف تراك الأبليفتينج ترانس الياباني لهيتسونا ميكو، داتا ٢٫٠، مع لحن آلة السارانجي الهندية، ليُهيء الشحن الذي تحمله التركيبة المستمع لاستقبال طبقة صوت فيوتشر المُحمّلة بنسبة تستوستيرون زائدة. يعود إلى بيتات التراب الذي قُدِّمت به تراكات الفترة بين عامَي ٢٠١٥ و٢٠١٨، مع إدخال البيانو والإلكتريك جيتار، أو آدليبز لفيوتشر نفسه، الذي يتواجد في العديد من المستويات المختلفة، والكورس الأوبرالي. هناك استثناءات قليلة خرجت عن ذلك النسق مثل تراك ويت فور يو، أو تراك كيب إت برنين. ساد الإيقاع السريع في ثمانية عشر تراك من الألبوم، بينما أربعة تراكات فقط كان إيقاعها أميَل للهدوء.
على مستوى الكلمات والإيقاع، أضاف حضور أصوات كانيه ويست، جوناه، يانج ثاج، كوداك بلاك، ليل بيبي، ليل ديرك و٤٢ داج، بمساحتهم وأسلوبهم كثيرًا.
يتزامن الألبوم مع تورط العديد من الرابرز مجددًا في قضايا قتل واتِّجار بالمخدرات مرتبطة بتنظيمات عصابية، آخرها كان منذ أيام عندما قُبض على جوناه ويانج ثاج، كدليل على مأساوية حيوات الرابرز السود، وعدم قدرتهم على التحكم بمصائرهم، أو العيش بسلام، حتى لو غطّى أذرعهم الماس.