قوائم

وما خفي أعظم | ٧ أغان شامية منسية

هيا المويل ۱۳/۰۷/۲۰۱۷

أغانٍ شامية مخفية تحسبها ارتجال مختمر وحسب، تشعرك لعفويتها وسلاستها أن لا خطط كبيرة وراءها، لتقترب منها وتنفخ الغبار والتشويش وتفاجأ بأنها أنتيكة معقدة، دفنتها تفضيلات الإذاعات بحجة ما يطلبه الجمهور حينًا، وعدم الرغبة بكسر النمط حينًا آخر. فيروز للصباح، وأم كلثوم لليل.

حامل الهوى تعب | صباح فخري

لم ينفرد صباح فخري بغناء قصيدة أبي نواس، بألحان مختلفة غنتها زكية حمدان ويوسف المنيلاوي وفيروز مع وديع الصافي، إلا أن ما يميز هذه النسخة هو لحن عزيز غنام الذي استطاع أن يلين رتابة أداء فخري، ويضيء روحًا في صوته أخفاها في كثير من المواقع حضور التقنيات الفنية عند فخري على حساب عناصر أخرى. يذكر الباحث الموسيقي السوري صميم الشريف أن عزيز غنام لم يستطع إنهاء الأغنية قبل مماته. لو أنه فعل، لكنا حصلنا على نسخة أطول وأكثر شهرة. رشحها سعد الله آغا القلعة لتكون ضمن مائة من أهم الأغاني العربية في القرن العشرين في مشروعه لكتابة كتاب الأغاني الثاني، والذي ما زال يعمل به منذ عشرين عامًا، ليكون نسخة عصرنا من كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني.

https://www.youtube.com/watch?v=2dD6_KL0Nd4

يا جارتي ليلى | فايزة أحمد

لا يُذكر محمد عبد الكريم بأصله الغجري الذي لم يستقر على موطن، إلا وتخطر لي الخفة الذكية، فدمشق، حلب، بغداد، بيروت، القاهرة، القدس، باريس، لندن، إيطاليا، ألمانيا، كلها أماكن مر بها ابتداءً من حي الخضر في حمص. أعطته هذه المدن وأخذت منه. لم يرفض شيئاً، لا العود ولا النشأة كار [Mtooltip description=” عود صغير” /] إلى جانب البزق، ولا التدوين الموسيقي حين جاء وقته. لا القوالب الشرقية (سماعي ولونغا) التي أبدع فيها مقامًا جديدًا أسماه المريوما، ولا الإيقاعات الغربية (ﻓﺎﻟﺯﺍﺕ ﻭﺘﺎﻨﺠﻭ ﻭﺭﻭﻤﺒﺎ ﻭﺒﺎﺴﻭﺩﻭﺒل). استوعب محمد عبد الكريم كل هذا وأظهره كنتيجة طبيعية بغنىً وبأكثر من شكل، كان أحدها تانغو يا جارتي ليلى من شِعر جلال زريق، والذي غنته في الأربعينيات ماري عكاوي، ثم فايزة بيكو [Mtooltip description=” نسبة لأبيها ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻴﻜﻭ، هناك اختلاف على مكان ولادتها فحسب صميم الشريف ولدت في دمشق، أما سعد الله آغا القلعة فرجح ولادتها في صيدا لأب سوري” /] والتي ﻋﺭﻓﺕ ﺒﺎﺴﻡ فايزة أحمد [Mtooltip description=” اسم عائلة زوج أمها الثاني أحمد الرواس” /]، غنته في بداياتها في الخمسينيات، بصوت رائق أثبت وجوده.

ما أطولك يا ليل | وديع الصافي

إذا أردت الاستمتاع بهذه الأغنية فخذها خفيفة كما هي، دون محاولة مقارنتها بأعمال ملحنها محمد محسن الأُخرى من مونولوجات وموشحات وقصائد، ودون الخضوع لرغبة طبع وديع الصافي بالصوت الجبلي. كل ذلك سيقودك إلى إهمالها. في إحدى مقابلاته مع التلفزيون التونسي يذكر الصافي عن صوته “أن ما ينقص منه في الجوابات يزيد في القرارات”، أليست إضاءة القرارات في الصوت واستغلالها فن هو الآخر لا ينقص عن استغلال الجوابات؟ تجد هذه القرارات تؤدى ببراعة هنا، ناهيك عن مدى قدرة الصافي على جعلك تصدقه وتتعاطف معه في كل مرة تستمع فيها للأغنية دون شك بهذا الصدق للحظة. عزز ذلك بساطة كلمات أسعد السبعلي وعدم تكلفها.

سليمى | زكية حمدان

تتحدث جدتي عن شخصٍ كان يحب زوجته ويغني لها سليمى باقتدار إذ كانت تحمل الاسم ذاته، تقول عن الأغنية دون أن تعرف شيئًا عن المونولوج وعن خالد أبي النصر اليافي وعما لحنه وأبدعه: “حلوة كتير وبدها صوت قوي”. كان هذا قبل سنوات من معرفتي بأن زكية حمدان مطربة من حلب بدأت بغناء التراث وبعض أغاني أم كلثوم، وانتقلت منها إلى غناء المونولوج الرومانسي لتصبح إحدى المطربات التي اشتهرت به في سوريا ولبنان فترة الأربعينيات والخمسينيات. سليمى هي إحدى أقوى أغانيها، تؤديها بعفوية وسلاسة، يَثِبُ صوتها وكأن لا أرضية للأغنية ولا فواصل بين المقامات. كل شيء امتدادٌ لبعضه، المد والترجيع، القرار والجواب، الصوت والآلة. يدعم ذلك رقّة صياغة نوفل الياس للقصة المذكورة ومهارة زكية حمدان في الاتكاء على الأحرف، دون أن يضيِّع الإهمال وخشخشة الصوت القديم هذا الجمال.

غناها كثيرون مثل مروان حسام الدين وريما خشيش وميادة بسيليس وأمل عرفة وياسمين حمدان على طريقتها، كذلك غنتها كاميليا جبران على المسرح مكتفيةً بصوتها والعود.

https://www.youtube.com/watch?v=Nr2ihpuMgPc

يا عود | فيروز

هناك لحظات نجد فيها أنفسنا في منتهى الضعف وأدنى القاع، مدتها ومضة، يعتبرها البعض اتصالًا بالرب، نحاول بعدها استحضارها بلا جدوى. باستطاعة يا عود أن تخلق فيك شعورًا مشابهًا يزيد من جرعته أن تسمعها مساءً “يا عود \ يارفيق السهر يا عود \ متكي على المخمل \ تتوجع… وتروح عَ آخر دني وترجع \ تكتب… وتمحي حدود يا عود”. الجديد الذي قدمه الرحابنة والذي قال عنه منصور “أردنا أن نقطف كمية الجمال المكثفة فاختصرناها في أغنية قصيرة ذات تأثير، بدون شرح أو تطويل”، لم يكن اعتباطًا أو دون دراية.

شو  بيصعب عليي | مها الجابري

مها الجابري مطربة حلبية لها صوت قادر على غناء الموشحات والقدود والقصائد مثل عيون المها التي لحنها محمد محسن، والأدوار مثل يا ما انت واحشني وأصل الغرام نظرة. أشهر أغانيها كتير علينا، لو حبينا، وشو بيصعب عليي، البسيطة والتي سمعت زمان وتسمع الآن، من أكثر من فئة عمرية. إن طلبت اللحن المألوف تجده، كذلك الصوت غير الاعتيادي والقدرة على الإطراب ومخارج الأحرف الواضحة والمريحة للأذن، والتي يبدو أنها صفة ميزت أغلب المطربين الحلبيين. غناها جورج وسوف بأداء مُلفِت في بداياته وحسبها البعض إحدى أغانيه النادرة.

آمنت بالله | لور دكاش

إذا عرفت أن آمنت بالله إحدى أكثر الأغاني شهرة في مصر منذ الأربعينيات وحتى الآن، وأن لور دكاش مطربة وملحنة وعازفة عود تتقن التدوين الموسيقي، بارعة في كل ما تقوم به، يصبح هذا الاسم مثيرًا للفضول لما لحقه من تغييبِ بلا سبب يُذكر. لم تنل لور الشهرة المفترض أن تأتي كنتيجة طبيعية لما امتلكته، حتى أنه بعد رحيلها بفترة طويلة عن لبنان مسقط رأسها، كرمت في مهرجان وأُدرج اسمها تحت خانة الراحلين رغم كونها على قيد الحياة، لا بل كونها ما زالت تغني في مصر التي عاشت فيها إلى آخر أيامها. من الأغاني التي لحنتها طلوع الفجر للشاعر اللبناني بطرس معوض، والضحى والغدائر الذهب التي استخدمت فيها إيقاع ٨\١٧ غير الشائع وقتها، إلى جانب آمنت بالله التي شارك في تلحينها فريد غصن وسجلت باسمه لعدم وجود جمعية لحقوق التأليف في مصر حينها، بينما كان الأخير مسجلاً في باريس.

المزيـــد علــى معـــازف