٤٠ اغنية عربية في ٢٠٢٠
٢٠٢٠

أفضل ٤٠ أغنية عربية في ٢٠٢٠

معازف ۲۷/۱۲/۲۰۲۰

من نافلة القول أنّ الموسيقى العربيّة هذه السنة تأثّرت على نحوٍ عميق باللعنة التي هي ٢٠٢٠. وسّعت موسيقى الأوتوتيون الشعبيّة الحزائنيّة من هيمنتها على حصص السماع، وطردت الكثير من الموسيقى الراقصة الديناميّكيّة التي لم تعثر على مكانٍ لها. ظهرت إصدارات دريل مثيرة من فلسطين إلى المغرب، وجلبت معها المزيد من السخط والتحدي في الكتابة والتدفق.

إليكم أفضل أربعين أغنية عربيّة صدرت خلال هذا العام، رغم هذا العام.

دورك جاي | ويجز

أصبحت أغنية ويجز علامة فارقة في تطوّر الموسيقى المصريّة هذا العام، إذ تحوّل عندها تيّار التقريب بين المهرجانات والتراب (أو التراب مهرجان) إلى جنرا جديد بحد ذاته، يبدو كتهديد مزدوج قادر على جمع صياعة وحداثة المشهدين. استفاد ويجز كالعادة من تقارب صوته مع الأوتوتيون، ما جعله باستمرار أحد أكثر الأصوات نجاحًا في الراب المصري، فيما أمتعت كلمات الأغنية الجمهور وهم يبحثون عن الإشارات المرجعية والدسّات الخفيّة فيها. في المقابل، تخلّى مولوتوف عن وصفته التقليديّة، وبنى إحدى أكثر إيقاعاته تعقيدًا وديناميكيّة، مكدّسًا طبقات السنث ومستخدمًا آد ليب “حي” بشكلٍ شبه حصري.

طرنص | شب جديد والناظر

بعد صدور ألبومه الأوّل وعدة أغان منفردة، صار بإمكاننا تخيّل إمكانيات أسلوب شب جديد في الراب والكتابة، وبتنا نترقّب الأعمال التي ستقدّم موضوعات وثيمات جديدة ضمن هذا الأسلوب، مثل طرنص التي تعد أول أغنية حب للرابر الفلسطيني. يرمي شب جديد ثلاثة مواضيع في الهواء ويعيد التقاطها وقذفها مجددًا بسلاسة، هي الحب والشك في الذات ونبرة تفاؤل مكسورة، ليرسم صورةً ثلاثيّة الأبعاد لمشاعره، ويكشف لنا كيف تغير هذه العلاقة من نظرته إلى ذاته وإلى العالم.

نو نو | أمل شريف

بوجود مواهب مثل أمل شريف في البوب العربي، قادرة على إنتاج أغانٍ ضاربة وصايعة، نصبح أكثر استغرابًا من تمسّك صناعة البوب في المنطقة بالجيل القديم. بعد مشاركتها في برنامج ذَ فويس العام الماضي، تعاونت أمل مع المنتج راتشوبر (سهيل القاسمي)، وأصدرت أولى أغانيها المصوّرة الفردية، لتجمع ملامحًا صوتيّة وبصريّة من نجمات بوب عالميّات ضمن سياق تونسي، وتقدّم شخصيّة كاريزماتيّة مرحة وصعبة المراس.

إخواتي | الصواريخ وزوكش وشحتة كاريكا

وُزّعت الأدوار بشكلٍ مدروس في هذا المهرجان لتجمع أساليبًا غنائيّة وأدائيّة متنوّعة ومتناغمة. تنتمي أساليب المغنيين إلى حُقَبٍ مختلفة من الشعبي، تمتد من شحتة كاريكا إلى زوكش، ويجمعها كلمات صايعة ذات حس فكاهي يضيف إلى جاذبية الأغنية؛ مثل سطر زوكش الذي حقق انتشارًا واسعًا على تيك توك وإنستجرام: “ما صاحبش الفرافير حتى لو راكبين فراري.”

في طبيعةٍ ما | الشاب

يأخذ الموسيقي المغربي الشاب مدخلًا إلى الشعبي والراي يشبه مدخل موسيقيي روك حجرات النوم (bedroom rock)، بأغانٍ مستقلة لكن طموحة، مفعمة بالشخصيّة وملائمة للسماع الشخصي. تتناوب أغنية في طبيعة ما بين وصلات وترية طويلة تتراكم على طول الأغنية، وأسلوب غناء شعبي قديم يصلنا بصوتٍ يافع، وبكلمات معقّدة الملافظ تقع على الأذن كتعويذات: “وا شيت / غايتفرقع راسي غانتصنقع وغانرقع تا غانعقر الخيط / يتزعزع نتبجع نتفعفع ونطيح.”

المقص | الراس

لو كنتم من متابعي مسيرة الراس المخلصين، قد تبدو لكم المقص وجهة كل أعماله السابقة. فيها، كتب الراس نصًا متخمًا بالإشارات المرجعية إلى الوضع السياسي في لبنان آخر عامين، يتنقل بينها بسلاسة وحذق، ويخرج منها بألاعيب لغوية يستنطق بها إمكانيّات العاميّة اللبنانية: “برمي ضعفي كالحجر / بعرف نيشن من صغر / ولا أزل بعرف أصبر تيفك القناع عن وجهه / ولا أزل بعرف أصبر حتى طجّه وحدة تفجّه، ولا.” يسجّل الراس كمنتج ذات الأهداف التي سجّلها ككاتب ورابر هنا، إذ يفرش الأغنية بستارة عيّنات كمان دافئة وداكنة، تنكز ميراثات متشابكة من أناشيد الجهاديين واليساريين والقوميين، وتخاطب عدّة طبقات من الذاكرة الجمعيّة في منطقة الشام.

أنانايا | كاتيبون

بعد إقامة في فرنسا جرّب فيها أساليبًا مختلفة في الإلقاء والإنتاج، عاد كاتيبون إلى تونس هذا العام عودة المنتصر، جالبًا معه تيّارات جديدة كالدريل والراب البديل. قفزت أنانايا إلى قمّة إصدارات الراب التونسي للعام، وقدّمت كاتيبون بصوت جديد أكثر عنفًا وجدّيةً، يمتلك سلطة كبيرة على رابه وباراته، ويلعب مع إمكانيات الدريل في سياق تونسي محلّي. علق هوك الأغنية على لسان جميع مستمعيه، وسمعنا الأغنية في وصلات دي جايز عديدة، بفضل فريق مادموب الذي قدّم مساحة مريحة للرابر لاستعراض قدرته على القفز بين القوافي بعنف وخفة دم في آن واحد.

وصلك العلم | كوين جي

في هذه الأغنية تثبت الكوين جي أنها الزعيمة، في حال كان هناك أقل قدر من الشكّ لدى أي كان. البيت الذي تختاره كوين جي في وصلك العلم صعب لا يراب عليه إلا رابر واثق ذو قدر عال من الموهبة والمهارة. صوت كوين جي جذاب وثقتها بنفسها ساحرة، وسطورها غنية بألاعيب طبيعية بلغة عربية خليجية قُحة، نتخيل أننا نسمعها من ماتريارك في حي كويتي عتيق. رسالة كوين جي في هذه الأغنية واضحة، أن لم تكن تعلم أن كوين جي زعيمة الراب الخليجي، مع هذه الأغنية وصلك علم.

لو أردتم سماع المزيد من إصدارات كوين جي للعام، تفقدوا تعاونها مع بلاك بي في أوكي. يتربع الثنائي بكلماتهم الهلوسية ولهجتهم الشرقية الشهية التي جعلتنا نتناسى بيت الأغنية العادي إلى حدٍ ما. رغم أن الخلط بين العربية والإنجليزية عادة ما يتسبب بتدمير الأغنية والهبوط إلى لحظات كرينج لا تغتفر، إلا أن بلاكبي وكوين جي قادران على فعل ذلك بأسلوب متقن لا يتسبب بشرخ بالأغنية.

عالم الجريمة | عنبه ومولوتوف

خلال متابعتنا لانطلاقة عنبه القويّة هذا العام، لاحظنا ملامحًا مشتركة بين أعماله والأعمال المبكّرة لعدّة مغني مهرجانات أيقونيين. يعرف عنبه مثلًا بنفوره من الاستخدام المسرف للأوتوتيون، ويحافظ في أغانيه إلى حدٍ بعيد على خامة صوته المميزة، متنقلًا بين طبقات وأساليب غناء وتلوينات طبيعيّة. كما يكتب عنبه مهرجاناته بنفسه تحت اسم عنّاب، ما يمنحه أريحيّة أكبر في تلحينها وترجمة مزاجها والتلاعب فيها. أنتج مولوتوف مهرجان عالم الجريمة على نحوٍ يراعي خصوصيات عنبه هذه كمغنٍّ ومؤلّف، وكانت النتيجة من أفضل أعمال الاثنين.

سيرتن دث | شب تيرو وحريزان 

https://youtu.be/xQ2bIAnxf3I?list=PLCKmhp24umy1ryFzVhgCuay14TdF4Iuv2

يذكّرنا شب تيرو هذا العام ببداية مسيرة أبيوسف، بإصداره سيلًا من الأغاني والألبومات القصيرة التي يدفع كلٌّ منها الراب التونسي إلى أماكن جديدة. في باد تريب الصادرة بداية العام، قلب تيرو العديد من سرديات الانتماء في تونس، محولّا بارات أيقونيّة مثل “بابا قالي نيك الحالة” إلى “قالي بابا روح انشالله تتناك / عبيلي بطنك بالعفنة والسموم”، في مقطع وحيد قد يكون أفضل ما سمعناه من الراب العربي للعام.

“لا يقام شرع الله إلا بالسلاح … إلا بالسلاح” في سرتن دث، يبرهن تيرو ومنتجه دي جاي حريزان مدى سهولة إنتاج موسيقى صداميّة غير مريحة بالنسبة لهما. برفقة فيديو مظلم يستخدم مشاهدًا من استعراضات داعش في الرقّة، ينسج حريزان إيقاعاته منخفضة الجودة بعيّنات سنث متنافرة، فيما يدخلنا تيرو في كاي هول الحياة في مدينة سوسة، حيث التحق الكثير من الشبّان بالتنظيمات الجهاديّة في سوريا، ملقيًا باراته الأيقونيّة ذات حس الفكاهة الداكن: “ذيس نيجاز تتعلم من رابي وترابي وتجرب تطيح / لا تقلد عربي كي مقرّب يصيح.”

زهري | إنكونيو

مرّ على ولادة وانتشار التراب وقتٌ كافٍ حتى بدأ الجنرا يفرز أجيالًا مختلفة. استمتعنا خلال السنوات الأخيرة بألبومات مغني التراب المحنّكين في أمريكا، مثل أوفست وتو تشاينز وسكولبوي كيو، الذين صقلوا صوتهم وأسلوب غنائهم لدرجة تغنيهم عن صياعة البيت أو حيويّته. يبدو إنكونيو أحد أول الرابرز المغاربة الذين يبلغون هذه المرحلة، بإمكاننا ملاحظة ذلك في أغانٍ مثل زهري، بمقاطع غنائية للمخمخة والسلطنة والاستماع المطوّل.

كيك أوف | ختك

“هادا احسبوا غا كيك أوف، غا نحيد بيه اللي كان / كيلر كي راسكولنيكوف، في وذني أولدي ديال الأمريكان”، افتتحت ختك مسيرتها الرسميّة بأغنية كيك أوف ولازمتها الهادرة هذه، التي تعد بأن ما حصلنا عليه حتى الآن ليس سوى غيض من فيض. تنظر ختك إلى الراب بلا حدود وتصنيفات، وبلا قوالب وتقاليد متداولة؛ فتستخدم تدفقات المدرسة القديمة في الراب الأمريكي فيما تشير إلى شخصيّات قتلة غير تقليديين، كراسكولينكوف من رواية دوستويفسكي الجريمة والعقاب، وتتحدث عن مواضيع شخصيّة بمزيج غير مألوف من الجرأة والحميميّة.

يا جماعة | دحوم الطلاسي

عُرِف دحوم الطلاسي بإحيائه التقاليد الموسيقية والغنائية السعودية المهملة بشكلٍ لا ينزع عنها خصوصيتها، كما فعل مع الغناء السامري. وقع اختيار الطلاسي هذا العام على الرايح، الصنف المعروف غناءً ورقصًا عن السُّمر في محافظة بيشة، والموصوف أحيانًا على أنه لعب الخطوة.

يفتتح الطلاسي الأغنية ذات اللحن الفلكلوري بموالٍ يستغرق ثلثها، معلنًا أنه لا يُساوم بأن “يدخل في المفيد”، مع جيتار يعزف كوردات على أرضية تفرشها الربابة، قبل دخول إيقاع دفوف تصاحبه في الخلفية نقرات عود وبايس، بحيث تبقى الدفوف وما تحمله معها من أصالة القالب وجاذبيته في الصدارة، وتشعل حماس المستمع للمشاركة في الرقص الجماعي.

للنور | زيد خالد والسينابتيك وإدريسي

انطلقت مسيرة زيد خالد بأغنيته المصورة الأولى، للنور، التي ظهر فيها مع السينابتيك وأنتجها إدريسي. تميّزت الأغنية بسحر البوب الذي يلصق بالأذن، خاصة مع مزج مثير بين إيقاعات ثقيلة لعوبة، أضاف إليها غناء زيد المتأرجح بين العاطفة والغضب؛ فيما أكسب السينابتيك الأغنية بعدًا جذّابًا بطبقات صوته المتعدّدة، لتبشّر ببوب أردني بديل راقص طموح، وخفيف الظل.

الكوبري الواطي | السابع

عرفنا عن السابع للمرة الأوّل في ٢٠١٩، عندما افتتحت تسجيلات كفر الدوار قناتها على يوتيوب بأغنية آلو، زيوس معايا؟، أغنية ساوندكلاود راب خفيفة نضيفة تحبها وتنساها بسرعة. اختفى السابع بعد ذلك حتى الشهر الماضي، عندما أصدر مهرجان الكوبري الواطي من كتابته وتأليفه وغنائه وإنتاجه.

رغم أن المهرجان الذي لا يبلغ ثلاث دقائق طولًا، إلا أننا نجد السابع يأخذ وقته فيبدأ بمقدمة طويلة تأتي فيها الأصوات من بعيد، ثم تتالى أسطر الغناء مدكوكة بلا أنفاس بينها، تتراوح بين مدّ الكلمة على عدّة ثوانٍ أو دكّ عدّة كلمات في الثانية، تلحقها أسطر سنث وكيبورد ترفد الأغنية بسيل مستمر من الألحان الثانويّة، لينتج مهرجان إدماني لم نتوقف عن سماعه هذا الشهر.

تي إن | ٢١ طش

بدأ الرابر المغربي ٢١ طش بإصدار عدّة فريستايلات على إنستجرام جذبت اهتمام المنتج وست، الذي أنتج وأصدر أولى أغاني ٢١ طش الرسميّة على قناته. حافظ ٢١ طش في الأغنية على جوّ الفريستايلات وثقافة راب الشارع، ملقيًا باراته بصوت طبيعي بدون تضخيم أو معالجة، بدا متنافرًا بطريقة جذّابة مع إنتاج وست المصقول. بشّر طش بتغيير الراب المغربي في أغنيته: “سايق الراب نقلبو دابا ك المكاوي”، وعمل على إثبات وعده بدءًا من ظهورٍ بارز في إحدى فيديوهات راب الشوارع لـ لمبوق، إلى جانب تشكيلة نارية من الأسماء المغمورة من حي الولفة في الدار البيضاء.

طيارات | عنبة والدبل زوكش

هناك صعوبة في الكتابة عن نجاح المهرجانات، فبسبب التشابه الكبير فيما بينها يصعب أحيانًا قول شيء جديد أو ملاحظة عنصر غير مألوف. في مهرجانات طيارات، يصعب العثور على ما هو مألوف. يستفيد المهرجان من الفلو الصايع الذي يتبادله المغنين ويجعلكم تريدون الغناء معهم من أول سماع، قبل أن تخطف الأسطر الإيقاعية الانتباه، بأنماط وعيّنات لا تنتمي إلى تصنيف واضح، تأخذ أقوى ما تعثر عليه من المهرجانات والشعبي والتراب مهرجان والراب.

لالالا | صنور

في ثالث إصداراته منذ مطلع السنة بعد دقة دقة وجيني للخير مع دراجانوف، أظهر صنور أن لديه الكثير من الحيل والألاعيب الأسلوبية في جعبته. يتلاعب بتأثيرات الريفرب والأوتوتيون على صوته المتشابك مع السنثات الأثيريّة، التي أصبحت علامة فارقة في أعمال المنتج محمد الخزي، ويرصف أسطره بشكلٍ لعوب مع مقاطع غنائية مرحة، متنقلًا بخفّة دم بين السخريةّ والتبجّح: “ماما بليز حضنيني راو ولدك عبقري / عطيني غير طاقة نكمل بيها مساري”.

أوو | سمارا

العام الماضي، خصص مهرجان قرطاج الموسيقي ليلتين للراب التونسي، قدّم لهما بفيديو تظهر فيه عصابة الرابرز في ملابس مشابهة لتلك من مسلسل إل كاسا دل بابل، خلال اقتحامهم المسلّح لمبنى مدينة الثقافة الحكومي. من بين أولئك كان سمارا، الذي ردّد الجمهور أغنيته ما دايم والو كنشيدٍ وطني اكتسح البلاد خلال فترة سجن الرابر. هذا العام، عاد سمارا للتعاون مع أصحابه القدامى من استوديو ٨ستريتز في بلدته الأم منزل بورقيبة، ليبني على ميراثه وإنجازه الذي شهدناه في قرطاج، ويخرج لنا بأغانٍ أيقونيّة جديدة مثل أوو، التي تجمع أسطره اللاسعة القريبة من الناس وغنائه المتأثّر بالمزود.

بلف بيدور | هيكل

يكشف هيكل في كل خطوة يأخذها عن مهارات كامنة تفاجئ المستمعين. خاض في الجرايم في ألبومه كسّر الأرض، مقدمًا كلمات مرصوصة وقوافيًا مكسورة، فلوهات غير مألوفة ومواضيعًا مشحونة سياسيًا، صادقة وعميقة. تعكس أغنية بلف بدور جانبًا آخر من أسلوب هيكل في ألبومه حبي مش كافي، الميّال إلى التراب والمقاطع الغنائية. يعتمد هيكل قوافيًا موزونة ومحسوبة كمعادلة رياضيات، وكلمات شاعرية مكتوبة بأسلوب مخدّر حينًا ومكثّف حينًا آخر.

شيراتون | مروان موسى

في آخر ألبوماته الطويلة، بروبجندا (٢٠١٩)، قدّم مروان موسى أسلوبه الخاص في التقريب بين المهرجانات والتراب، عبر استخدام ضربات كيك شعبي وعيّنات إيقاعيّة شرقية، كافية لإزالة الألفة من التراب دون الاتكال بشكل زائد على إيقاعات المهرجانات. سمعنا هذه التوليفة بدايةً من مش هكدب عليك، واستمرّت بالتطوّر عبر أغاني مارو الفرديّة وتعاوناته مع موسيقيين مثل علاء فيفتي وكريم الضبع، قبل أن تصل هذه المعادلة إلى درجة الدقّة والتماسك التي أكسبت مروان موسى أغنيته الأنجح حتى الآن في شيراتون.

باء ميم واو لام | مسلم

ليست ثيمة الازدواجيّة الثقافيّة جديدة على أعمال مسلّم، لكن بعد أن طرح الرابر الأردني العديد من الأسئلة خلال أعماله السابقة، بدأ في ألبومه الجديد ديسلكسيا بمشاركتنا آراءه وخبراته. يزخر الألبوم بملاحظات لمّاحة، كأنّنا نكبر على سرديات المقاومة والصمود ثم نقف طوابيرًا على السفارات، فيما يزيل مسلّم الفصل بين هاتين الصورتين اللتين تتضافران لتخلقا هويتنا الثقافيّة.

يخوض مسلّم في هذه الأفكار بعمق في أبرز أغاني الألبوم، باء ميم واو لام، التي يلاحظ فيها الازدواجيّة الثقافيّة في الراب العربي تحديدًا، إذ يحمل في ذات الوقت صورًا نمطيةً غربية (pussy money weed)، وأخرى شرقية محليّة (ولاد، بلاد، أرض، عرض). يقتبس مسلّم عيّنة من عبد الحليم: “أنا ياما ببكيلك وفاكرني بغنيلك” ليتحدث عن غربته وعلاقته الصعبة مع روسيا واللغة الروسيّة، ثم يحتفل بسذاجة طفولية عندما يصادف أحدهم يتحدث العربيّة: “بدك تحكي عربي حتى لو في السينيجاج.”

ثكيل | نور الزين

صنع نور الزين مجده الخاص بقدرته على الإغراق في المحلية. من اختياراته لقوالب تراثية مثل الهوسة وغيرها، إلى خبرته الأدائية في ألوان الغناء العراقية وخامة صوته المطواعة، القادرة على تكثيف البهجة في أغنية مهرجانيّة أو غمر الأغاني الحزينة نوحًا. يكثّف نور الزين توظيف هذه الخبرات في ثكيل، أغنية ذات طابع بدوي يُلزم المغني بإظهار الشدّة، يطرّزها نور الزين بلحظات ضعفٍ تتبدّى في اختناقٍ هنا وترجيفٍ هناك، بما يُنصف النص الذي يسرد معاناة الحبيب مع البعد. يُضاف إلى أداء نور الزين توزيع سرمد عز الدين وعلي جلوص الذي تُمنح فيه آلة المطبك (المجوز) الصدارة، لتشعل اللحن حماسًا وحيوية.

فتيلة | ختك

تتداخل مجازات ختك في فتيلة مع أغنية الشمعة لفرقة جيل جلالة المغربية، إحدى أهم نصوص الملحون في المغرب، حيث تستخدم ختك مجاز الشعلة للحديث عن تحويلها الضعف والاضطهاد إلى وقود لأسلوبها المتحّدي الفريد، متراوحةً بين توسلات إلهية “كندعي لربي يغفرلي الحاقد عليا الله يشافيك”، وراب عصاباتي: “في قلبي العافية (أي النار) / في يدي لام (سكين).”

لارج فلاي | ثوم

سمعنا في ألبوم ثوم الطويل الأول، بورك، عالمًا جديدًا يحتوي على مساحات صوتية متنوعة، أظهرت تطوّر وتنوّع موهبة المنتجة التي ارتبط اسمها سابقًا بتراكات احتلّت حلبات الرقص. كان تراك لارج فلاي أثقل عينات الألبوم من حيث تصميم الصوت واختيار العينات الآلاتية، والاستخدام العاطفي لصوت ثوم الذي حمل تفاصيلًا ذكرتنا بالأعمال الأولى لفرقة ثروبنج جرسل.

بابا | إلي

ابتعدت إلي هنا عن مشاحنات الراب المغربي التي ربطتها مطولًا بمعركة دسّات مع منال وقرطاس النسا، والتفت إلى الحديث عن علاقتها المضطربة مع والدها، المغنّي المعروف عبد العزيز الستاتي. ساهم المنتج سكيزو بترسيخ مزاج الأغنية، عبر معالجة صوت إلي بإعدادات متناوبة بين الريفرب الموحي بالحنين، وصوت معدني حاد يوصل نبرة السخط بلا مساومة في ذروة الأغنية: “ذكرياتي وانا صغيرة فكرتني فيك / قتلت وردة زرعتيها.”

كتير كتار | شب جديد والناظر

يصنع شب جديد والناظر أغان نشعر وكأنها تنساب منهم بعفوية وسهولة بالغة، مخفيةً كمّيات مصنعية من الموهبة والحرفة والعمل الجاد. يقدم الناظر بساطًا موسيقيًا ينسلّ في المخيلة، فارضًا منذ ثاني أو ثالث سماع أن هذه أغنية ستُسمع عشرات وعشرات المرات، بسنثات نفخية أثيرية تشعرك وكأنك تطفو بين السحب تحت تأثير مخدرٍ ما. يكزدر شب جديد على لحن الناظر وكأن الأغنية آخر ما على باله، متحدثًا عن كل شيء ولا شيء، بانيًا سرديات وملقيًا عظات ودروسًا في الصداقة وحكمة الشارع، لافظًا سطوره بثقة آسرة وصانعًا هو وشريكه إحدى أفضل أغاني هذا العام.

يا مثبت | أصالة

كما في حالة أزهم عليه لـ أسماء لمنور العام الماضي، استفزت الكلمات الثريّة للشاعرة ود قريحة المؤلف عزوف، فقدم لحنًا نابضًا مضبوطًا، لا يعطي مساحة لمبالغات أصالة الاستعراضية، وإنما يستنطق خبرتها في الغناء التي تسكب جلّها هنا، مكسبةً الأغنية خصوصية تصعّب تخيُّلها مع صوتٍ آخر. كذلك ترك خالد عز بصمته بتوزيع بسيط، أساسه دفوف وكمانات وسنث صايع في الخلفية، مع صولو عود ملفت في ثلث الأغنية الأوّل.

البرج | للأسف

https://soundcloud.com/2anba2/el-burj?in=2anba2/sets/lal-bazam

عالم للأسف عالم مظلم. فيه بوارق أمل، لكنها تنجلي بسرعة ليتبين أنها مجرد صعقات جديدة. يرسم لنا للأسف تضاريس هذا العالم بأصوات سنثية مقلّة حادة، وإيقاعات وثنية معقدة، يتلاعب فيها بمهارة بحيث يكون أقل تغيير ذو أثر كبير على مزاج الأغنية. قد تبدو كلمات الأغنية عشوائية لأول وهلة، لكن السطور تتراكم فوق بعضها لتبني عالمًا معدوم الأمل، فيه مخدرات وقلق عميق وألم مستمر. عالم يجبر من يكون فيه أن يشتاق لمكان شاحب مثل سحاب، كما يفصح لنا للأسف في بضعة سطور قبل أن تنقلب الأغنية إلى ساوند تراك كابوس. رغم كل هذا، إلا أن البرج تكافئ السماع المتكرر والمتأني، بكثير من الجمال.

فاقو بيا | سنفارا

ما بدأ كموسيقى تصويريّة مثاليّة لمشهد شرطة تونسية توقف أحدهم لحيازة المخدرات، تحوّل إلى أفضل إصدارات سنفارا للعام. لعب سنفارا دور مروّج مخدّرات في الموسم الجديد من مسلسل أولاد مفيدة، حيث ألّف أغنية فاقو بيّا، التي تجمع بارانويا التعرّض للاعتقال بالمزاج المنتشي عبر صوته المتهدّج بفعل الأوتوتيون. تحكي القصّة في مشاهد قلقة محاولته لاستجماع تركيزه وفهم ما يحصل: “قالو ما تخافش احنا معاك وما نضروكش /  نزلو على جبل يتهد فاقو بيا /  ليوم تروح لاباس لامك ما نهزوكش / دايخ ماني فاهم والو ضايع مخي معلبالو.”

النيزك | بو كلثوم

في هذه الأغنية الممتعة، يعبر البو كلثوم ببراعة وخفة عن حقيقة نظن أنها تقض مضجع الكثير منّا أبناء هذه الأمة التعسة، وهو اليأس من الخراب المستمر والعطل الدائم، والهبوط نحو قيعان جديدة والاستمرار في قرف لا مفر منه؛ وهكذا يعبّر البو كلثوم عن حاجة عربية كونية عندما ينادي بالنيزك، ليأتي ويأخذنا جميعنا وينهي هذا البؤس المستمر. نزّل البو كلثوم الأغنية في كانون الثاني من ٢٠٢٠، أي قبل أي من مصائب السنة المتتابعة، زيادة على مصيبة الكورونا التي لم ننفرد بها كعادتنا في المصائب. قد يكون الكورونا هو النيزك الذي ينادي به البو كلثوم، وإن كان كذلك، فالنهاية للأسف ستكون مملة، لا تتكرم علينا بسرعتها؛ هي النهاية التي تنبأ بها تي.إس. إليوت في قصيدة الرجال الجوف عندما قال إن العالم سينتهي “برجفة، لا انفجار“. حتى تلك الرجفة، سنسلي ونواسي أنفسنا بأغان جيدة مثل هذه.

نية | منال

في ثاني عينات ألبومها ٣٦٠ الذي سيصدر السنة المقبلة، ابتعدت منال عن الإلكترو بوب المغاربي المعتمد على أنماط لحنية وإيقاعية رائجة عالميًا، لصالح طابعٍ أكثر محليّة من خلال إيقاعات شعبية مغربية مستوحاة من تراث الشيخات، ومضامين أغاني الأفراح التقليدية كالعذريّة وثقافة التطيّر، في قالب بوب معاصر تحدثت خلاله عن تصدّع الحب قبل الزواج: “شحال عطيت من عندي / ما بقاش سميتو لوف / هانية نكون بوحدي / ولا نعيش فلكدوب.”

لا ميزريا | طانيي

أصدرت منصّة نار العام الماضي ألبوم سفر، الذي جمع رابرز من المغرب مع نظرائهم من أوروبا وأمريكا الشماليّة، وجاء الألبوم كدليل مبهر على تفوّق التراب المغربي عالميًا. إلى جانب أسماء أخرى في سفر مثل عصام وإنكونيو، صال طانيي وجال بغنائه الأوتوتيوني المتأثّر بالراي، وبدا كل مقطع له كجولة استعراض قوّة في التدفّق. نزّل طانيي السنة ألبومه الطويل، الحلم المغربي، الذي منحنا دفعة تراب مغربي على الأصول، كما في لا ميزريا.

مسا | أبيوسف ولل بابا

شهدت الأشهر الأخيرة من هذا العام وتيرة إصدارات مفاجئة من أبيوسف، كان معظمها من إنتاج شريكه المعتمد آخر فترة، لل بابا. بدأ الثنائي بالتجريب مع التراب المتأثّر بالمهرجانات والشعبي في أغنية مسا، في تحوّل جديد وسط مسيرة أبيوسف الذي لا ينفك يفاجئ جمهوره، كتوجهه في الدريل نهاية هذا العام. أضاف أبيوسف إلى إيقاعات التراب الشعبيّة تدفقاته الواثقة المحنّكة، وصوته الذي وصل مرحلة يبدو فيها أكثر ارتياحًا في الراب من الكلام.

لتر بلاك | دبور

سمعنا الكثير من الراب الفلسطيني المتمحور حول القضيّة والاحتلال، إلّا أننّا نادرًا ما سمعنا رابرًا يفضي بما لديه مدفوعًا بالملل من الاحتلال على وجه التحديد. يواجه دبور ما يزعجه بالعنف من جهة والمنيكة من أخرى، بأسلوب يخلو من رومانسية. على بيت دريل ولحن باعث على التوتّر من إنتاج معتصم، تتدفق كلمات دبور كالرصاص، منصهرةً في الإيقاع لخلق مزاج الأغنية الذي يبدو كزحف عصابة على بيت أحد أهدافها.

سمعت كلامكم عني | رضا البحراوي وعبد السلام وحريقة

ترك مطرب الشعبي رضا البحراوي أثره على عدّة مشاهد في الموسيقى المصريّة هذا العام، سواءٌ عبر أغانيه الأصليّة أو استعاداته أو استعادات أغانيه. في إحدى أنجح إصداراته، تعاون رضا البحراوي مع عازف الأورج الأيقوني عبد السلام، ومنتج المهرجانات والمولد البارع محمد حريقة، لإنتاج أغنية شعبي تلمس حدود المهرجانات وتستفيد من إمكانيّاتها الراقصة.

غنيمة | بيري والوايلي ويومي

ظهرت بيري على الساحة هذا العام كنجمة كادحة، مصرّة على إثبات قدرتها كرابر متنوّعة تستطيع اختراق مشاهد تنافسيّة. في أغنية غنيمة من إنتاج الوايلي، هضمت بيري بسرعة توليفة المهرجانات الناجحة، من التوظيف الذكي للأوتوتيون والكلمات المتبجحة الفظة وسط فلوهات واثقة، إلى التعاونات المدروسة مع المنتجين الصحيحين في هذه المرحلة من مسيرتها.

مطاط | فوزي

تجري العادة على أن تكون أغاني الراب الأولى مسجّلة على مايكروفونات الهواتف، منتجة باستخدام بيت مجّاني من الإنترنت، وبلا إتقان. لكن لتسجيلات بلاتنم هواية في أسلوب تقديم فنانيها. بإنتاج من الناظر، إتقان من هبة قدري وإخراج إبداعي من أحمد زغموري، أصدرت بلاتنم الصيف الماضي أغنيّة مطّاط لـ فوزي.

بينما ينحت الكثير من الرابرز في المنطقة أسلوبهم في الإلقاء عبر استخدامات مختلفة للأدوات ذاتها، كالنبرة الساخرة / المتهكّمة أو أسلوب الإلقاء العاطفي المشبع بالأوتوتيون، أو النبرة الغاضبة الخشنة العصاباتيّة؛ يستبدل فوزي العفويّة بالدقّة، ويعطي الطاقة والتركيز في الأداء الأولويّة على حساب جوانب كالشخصيّة، فيما يلقي باراته بنبرة أحاديّة مغلّفة بطبقة رقيقة من الريفرب والصدى. من المتسرّع رسم التنبؤات بناءً على أغنية واحدة، إلّا أنه يسهل تخيّل فوزي ورقة رابحة في يد بلاتنم لو أرادت الشركة استكشاف جنرات مثل الكلب راب (Club Rap) يومًا ما.

العالم الله | دجيزا والوايلي

شهدنا السنة كيف تبارى الرابرز والمنتجين في المشهد المصري للخروج بأساليب جديدة، وأنتجت هذه المبارزات أغانيًا غير متوقّعة وجميلة مثل العالم الله. ترك دجيزا بارات التبجّح والتكسير والتفت إلى مواضيع هشّة كالوحدة، تحدّث عنها بلغة شاعرية: “الوحدة زي النيزك في مجرة / تعلى بس تعلى طول ما انتَ برا / تطفي لما تنزل على قارة”، فيما أضاف الوايلي إحساسًا غريبًا بالمساحة، لتبدو كل الأصوات تطفو متباعدةً عن بعضها، تتخللها عيّنات ناي لحنيّة تعطي الأغنية صوتها.

العملاق | تمّان وشلش

يكرر تمّان في لازمة الأغنية: “أي شي بلمسه بكسره”، وينطلق في المقاطع بتدفقات سريعة تذكرنا بـ بدايف إيست. يعثر تمّان على عدّة طرق للاستلهام من اللهجة والثقافة الشعبيّة السوريّة في أغانيه، من استخدام خصوصيّات كنطق حرف القاف، أو الإشارت المرجعيّة: “أو فيك تسميني محمد النابلسي / كونو من خوفك بقربك من ربك / بعزز إيمانك (ماسكو ليه).”

المزيـــد علــى معـــازف