بشكل عام، بات من المؤكد أن المشهد الإلكتروني هو الأسرع في تغيير جلده كل سنة، والأكثر تنوعًا بالمقارنة بالمشاهد العالمية الأخرى، إذا استثنينا الموسيقات الشعبية من الجنوب العالمي. لكن على رغم انفتاح المشهد وتشعبه بعيدًا عن المركزية الغربية، وعلى رغم وفرة الإصدارات هذا العام، يظل من الصعب حصر عدد كبير من أفضل الألبومات الإلكترونية بالمقارنة بالأعوام الماضية التي بلغ عدد اختياراتنا فيها ثلاثين وأربعين ألبوم.
مجموعة من أهم أعمال القائمة وغيرها على سبوتيفاي
لعل فترة الكوفيد قد ساعدت الكثيرين في إخراج أفضل ما لديهم أثناء الإغلاق. من ناحية أخرى مع رجوع مساحات العروض والمهرجانات وحياة الكلَبات إلى مجاريها، انشغل المنتجون في جولاتهم وعروضهم لتعويض الخسائر التي طالتهم، ما قد أثّر بالسلب على جودة أعمالهم بسبب ضيق وقتهم للإنتاج. نلاحظ العديد من إصدارت الأسماء الكبيرة في المشهد التي تفتقر موسيقاها للإتقان وإن حاولت الارتكاز على مفاهيمها القوية. كما شاب التكرار كثيرًا من الأعمال على مستوى الأصوات أو الجنرات كالموسيقى المحيطة، أو مالت إلى الاستعادية ولم تطرح إضافة، في ظل الحاجة الملحّة للحفاظ على الزخم ومواكبة التغيّرات السريعة التي تطول المشهد. تأتي السرعة هنا على حساب الجودة.
يعكس مشهد الموسيقى الراقصة سلبية عنصر السرعة، فبالرغم من نزوحها عن التعقيد المبالغ فيه أحيانًا في ما عرف بموسيقى الكلَب المفككة، وإعادة بناء ما تفكك، جاء البناء بشكل متسرّع يفتقر إلى أساس قوي. الملاحظ هذا العام أن الإصدارات الراقصة أنتجت لتخدّم على الدي جايز أكثر من إبراز منتجيها، موسيقى راقصة مسطّحة ومكررة، قليلة الطبقات ومن السهل التعرّف على مصادر أصواتها. هذه الموسيقى أنتجت للاستهلاك السريع أو ما يعرف بالدي جاي تولز.
مع ذلك، مازلنا قادرين على حصر أفضل الإصدارات وتكثيفها في ٢٢ ألبوم نقدّر فيها المجهود والإتقان المبذول في إنتاجها. تتنوع القائمة لتشمل إصدارات تجريبية بصبغة كولاجية مثل وان أوتريكس بوينت نيفر وران كاب دوي، وأخرى تبرز براعة التصميم الصوتي مثل فاوستو مرسييه وكورين وأبسامي. كما تحتوي القائمة أعمالًا غنائية لـ مارينا هرلوب وفيفر راي وألبومات ذات طابع سينمائي مركّب مثل إم إم بي إتش وبونجالوف؛ وأخيرًا أفضل الألبومات الراقصة التي تدفع بالمشهد الراقص وقادرة على إلهام المزيد من المنتجين، مثل زووي ماكفيرسون وزولي وإس.ميرك وجرانيول وإيفيان كرايست.
Oneohtrix Point Never | Again [Warp]
يعد أجين حصيلة أعمال دانيال لوباتين، كبسولة مركّزة تحمل معالم من آر بلَس سفن وجاردن أُف ديليت وإيج أُف، إضافةً إلى موسيقته التصويرية وفترة الفايبروايف بداية العقد الماضي. يعتمد الألبوم في إنتاجه على الذكاء الاصطناعي، الذي لا يضيف شيئًا خارقًا على الألبوم، حيث من السهل تبين صوت لوباتين السينمائي بسنثاته الثمانيناتية وتوظيفه لقسم الوتريات وحسه اللحني القوي في معظم الألبوم.
في أجزاء أخرى من الألبوم نسمع أصداء ستيف رايك والشوجايز والغرانج، ليقفز بنا إلى البروجريسيف روك السبعيناتي ونظيره الثمانيناتي. خلطة موسيقية مركّبة لا تلتزم تراكاتها بالبنية التقليدية. يعكس الألبوم في مجمله ثيمة لوباتين الأساسية الخاصة بالذاكرة والتلاعب بالنوستالجيا دون إضفاء بعد رومانسي عليها، إذ يعكس المراحل والأذواق المختلفة التي شب عليها لوباتين والعديد من أبناء جيله ساعيًا إلى صوت مجدد وغريب في نفس الوقت.
Marina Herlop | Nekkuja [PAN]
نيكويا هو الوجه الآخر الأكثر إشراقًا لألبوم مارينا هرلوب الميلانكوليّ السابق بريبيات. يعكس صوت الألبوم العذب سرديته المعتمدة على تخيل هرلوب نفسها كبستانية تحصد أزهارها وذكرياتها ومشاعرها من حديقة منزلها. بالإضافة إلى تحكم هرلوب القوي في صوتها الذي تصيغ منه فرقة غنائية بأكملها، يؤكد نيكويا على مهارتها في التأليف والإنتاج وعزف العديد من الآلات مثل البيانو والهارب، لتصل قدراتها إلى قمتها في تراكي رينا مورا وبابل.
تذكرنا صلابة هرلوب الغنائية وأسلوبها ذو الطبقات المتداخلة بـ بيورك في مواضع مختلفة من الألبوم، الذي يأتي أقل تجريبية وأكثر استساغة من سابقه، دون التخلي عن معايير هرلوب العالية. نيكويا واحد من أفضل الأعمال الغنائية الإلكترونية لهذا العام.
Mun Sing | Inflatable Gravestone [Planet Mu]
يفاجئنا ألبوم مون سينج (هاري رايت) بصوت غير متوقع مقارنةً بألبوماته الفردية السابقة وإصداراته من خلال الثنائي جاينت سوان. موسيقيًا، الألبوم نقطة التقاء فاوستو مرسييه مع سوفي وجاينت كلو. يركز المنتج الإنجليزي على التصميم الصوتي وتباين الخامات الرقيقة البلاستيكية والمعدنية الخشنة، بالإضافة إلى تلاعب محكم بالصوت البشري وعنصر الصمت.
ينجح مون سينج بتفكيك عناصر البوب، محتفظًا بصوته اللامع لتأتي النتيجة بصوت مستساغ رغمًا عن النهج التفكيكي. يكشف مون سينج عن وجه جديد يختلف عن الجانب العنيف الذي عهدناه، وهو ما يؤكد على اتساع ذائقته. الألبوم رثاء لوالده والملفت هو طريقة تعاطيه مع مشاعر الفقد بأسلوب مرح.
3Phaz | Ends Meet [Discrepant]
على مدار الحفلات والمهرجانات التي حضرتها هذا العام، تكاد لا تخلو وصلات الدي جايز من تراكات ألبوم إندز ميت بالإضافة لدرَم تراكس لـ ٣فاز. في ظل فيض إصدارات الكلَب في هذا العام، يأتي إندز ميت بصوت مختلف تمامًا، تراكات صلبة ومنعشة للمشهد الراقص وممتلئة إنتاجيًا، يوظّف خلالها ٣فاز محيطه الثقافي بشكل مخاتل وملهم.
يركّز ٣فاز على الإيقاع والبايس بشكل أساسي بينما تأتي السنثات المستلهمة من الشعبي المصري أكثر مرحًا وتقليلية من ألبومه الأول. يثبّت إندز ميت أقدام ٣فاز في المشهد الراقص كواحد من أفضل المنتجين المجددين لديه، مؤكدًا على صوته الخاص السهل تمييزه بين المئات من المنتجين.
Rắn Cạp Đuôi | *1 [Nhạc Gãy]
بعد اختيار ألبوم ران كاب دوي الأول ضمن قائمتنا في عام ٢٠٢١، يحتل ألبومهم الثاني بسهولة مكانًا ضمن قائمة هذا العام. يغطي الألبوم طيفًا واسعًا من الاتّجاهات، تتصدرها الكولاجات الصوتية متعددة العينات لتأتي المقاطع المحيطة بالغناء المحلّق، بينما نتبيّن الحس الارتجالي في أجزاء عديدة.
يمزج الفريق بين المزاج الحاد والرقيق، ما يفتح مجالًا للتنفيس ولتنوّع ديناميكية التراكات. يتجاوز الألبوم للجنرات الإلكترونية والبنية التقليدية، بالإضافة إلى وفرة خاماته وتنوعها لنستمع إلى جماليات أشبه بهلوسة صوتية.
Zoë Mc Pherson | Pitch Blender [SFX]
يأتي ألبوم زووي ماكفيرسون الثالث كأقوى إصداراتها. عشرة تراكات تتنافس مع بعضها البعض في قوتها، تركّز خلالها زووي ماكفيرسون خيالها الإيقاعي ودقة اختيار أصواتها والتلاعب بغنائها. تتناول ماكفيرسون الموسيقى الراقصة بشكل ذكي ومستقل عن أي وصفات أو جنرات مستهلكة، ما يضمن لها مكانة خاصة في قائمتنا.
يلائم الألبوم الاستماع المتمعن والرقص معًا، فحسه المخدّر وإيقاعاته المتشابكة وأصوات سنثاته المجرّدة التي تتحول ببطء تأسر المستمعين والراقصين أينما وُجدوا. بيتش بلندر ألبوم جاد وصلب، عالم قائم بذاته.
Overmono | Good Lies [XL Recordings]
يذكرنا الثنائي أوفرمونو بالحقبة التسعيناتية التي جمعت فيها الموسيقى الراقصة بين ما هو مدوي جماهيريًا وما يليق بالذوق المغامر، فنانين مثل بروديجي وكيميكال براذرز وأوربيتال وغيرهم، مع اختلاف موسيقتهم. من ناحية يحتفظ الثنائي بطابع البايس البريطاني (بالأخص الغراج) والدَب، ومن ناحية أخرى يغلفون هذا الطابع بصوت غير عصي على الأذن ولعوب يثير النشوة. أُنتج كل تراك ليصلح كأغنية ضاربة تحفل بالجروف والإيقاعات المقرمشة والبايس العميق المتراقص.
إذا تشبّع المشهد الإلكتروني المغامر بالتعقيد والتفكيك والتنافس على الاستعراض الإنتاجي خلال السنوات الأخيرة، يأتي جود لايز في الوجه، ليعيد بناء ما تفكك وحل الشفرات الصوتية المعقدة، مسفرًا عن وصفة بسيطة لا يشوبها استسهال أو تهاون تخترق طريقها بسهولة إلى حلبات الرقص. اشتقنا لسنوات لألبوم مثل هذا.
Fausto Mercier | Misinput Tycoon [Genot Centre]
الألبوم المنتظر لأحد أفضل المنتجين والأكثر إلهامًا بتصميمه الصوتي في المشهد الإلكتروني. يقلل فاستو مرسييه من الجرعة الحادة التي ميزت ألبومه السابق ليكشف عن وجه أكثر نعومة. يعتمد كل تراك على فكرة بسيطة يطوّرها تدريجيًا، ناسجًا ألحانًا لعوبة وأثيرية، تتعقد خيوطها كلما تبحرنا في كل تراك.
يلعب الصمت وذيول المؤثرات الصوتية دورًا جماليًا هامًا، لتعطي مساحة لعدة أصوات إيقاعية قصيرة وسنثات معدنية وخامات بلاستيكية. يتلاعب المنتج المجري بالأنسجة الصوتية والإيقاعات الصوتية، فنسمعها تتمدد وتنكمش في العديد من المقاطع. ميس إينبوت تايكون ألبوم مثير ومبهج سمعيًا وذو ثقل إنتاجي.
ZULI | Komy [Self-Released]
تصيب إصدارات زولي الراقصة دائمًا، مثل إصداره القصير الأخير، كومي. يتعاون زولي هنا مع فنانين من المنطقة وخارجها، داكن وهيكل وكوكتيل بارتي إفكت وماووبا ماتسوكيتّي. كومي هو باصرة الكوتشينة الذي يقش جميع الكروت على الأرض، بنفس المعنى تقش تراكات كومي معظم ما صدر هذا العام من أعمال راقصة.
يركّز زولي طاقته على البايس المشبّع والأنسجة اللزجة وتهتهة الصوت البشري المقطّع بعناية ليعشّق بقوة في الإيقاعات الممتلئة. تتباين سرعات التراكات لتلائم أمزجة الدي جايز المختلفة، حيث يجد زولي طريقه بسهولة مطلقة وسط حلبات الرقص.
بعد اعتماد قطاع واسع من المنتجين مؤخرًا على اللوبس الجاهزة والتراكات الأدواتية، يأتي كومي كدرس وتذكير إن إنتاج الموسيقى الراقصة يتطلب مجهودًا أكبر وعملًا على جودة الأصوات والتلاعب بها.
Upsammy | Germ in a Population of Buildings [PAN]
يبث ألبوم أبسامي دماءً جديدة لصوت الألفينات المعروف بـ كليكس آند كاتس، صوت مليء بمساحات لم تستكشف بعد. من خلال طابع مرح وجاد في ذات الوقت. تركز أبسامي الضوء على التصميم الصوتي معتمدة على مواد صوتية دقيقة وأصوات إيقاعية ميكروسكوبية تتشابك في بعضها لتدغدغ الأذن.
يذكرنا الألبوم بـ وورك أراوند لـ بياتريس ديلون، الصادر منذ ثلاثة أعوام على تسجيلات بان أيضًا. عشرة تراكات غنية بالأفكار والتفاصيل ومثيرة للفضول، تسفر عن ألبوم عالي الجودة الإنتاجية ومخصص للاستماع المتمعن.
Gooooose | Rudiments [SVBKVLT]
أثناء رجوع معظم البلدان إلى إيقاعها السابق على كوفيد كانت الصين تعيش في عزلة كاملة. ألبوم جوووووز على سبكلت يعكس فترة العزلة من خلال تأملات شخصية في أشياء حولنا تعودنا على وجودها كأمر مسلّم به. يتضح ذلك من خلال عناوين التراكات، حيث يمعن المنتج الصيني النظر في تفاصيل هذه الأشياء ليسفر الألبوم عن تفاصيل صوتية مايكروسكوبية ودقة شديدة في الإنتاج والتلاعب بالإيقاعات.
يطغى صوت الجاز على الألبوم، نتبينه من الإيقاعات الحرّة وبنية التراكات الارتجالية وتوظيف ألحان معقدة. ألبوم بالغ التميز يطغى عليه حسٌ مغامر وعمق مفاهيمي نابع عن تجربة شخصية تختلف كليًا عن الثيمات المستهلكة في المشهد الإلكتروني.
mu tate – they’re with you always [3 X L]
ميو تايب واحد من المتمردين على الموسيقى المحيطة الكلاسيكية، الذين ساقوها خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى منطقتها المنجرفة، ما أنعش هذا المشهد وجعله ضمن المشاهد المتصدرة تحت مظلة المشاهد الإلكترونية. يبلغ ميو تايت قمة حرفيته في هذا الألبوم، حيث يلخص صوت الموسيقى المحيطة المنجرفة.
تتضح هنا وفرة المواد الصوتية والأنسجة الهشة والتسجيلات الميدانية، التي تسوّرها المشاهد الصوتية المتبخّرة. الملفت في الإصدار هو التعاونات التي تجعله أكثر إثارة، من بينها سبيس أفريكا ونيكولاي كوزلوف ديزيري مونيك. عالم ميو تايت الموسيقي في هذا الألبوم حافل بالخيال ودائمًا ما يجدد من ذاته، قادرًا على الاستحواذ على مستمعيه في واحد من أفضل الإصدارات المحيطة لهذا العام.
Evian Christ | Revanchist [Warp]
شهدنا كثيرًا في السنوات الأخيرة الطفرات التي طالت موسيقات راقصة نشأت في التسعينات، وريفانشيست من أفضلها. في ألبومه المنتظر يدفع إيفيان كرايست بحدود الترانس ليفاجئنا بإمكانيات الجنرا القابلة للاستغلال والتجديد، فاتحًا إياها لجمهور أوسع.
يحتفظ الألبوم بمعالم الجنرا المتعارف عليها، الطابع العاطفي، تدفقات سنث السوبر سو، السنث بادز المحلّقة، العينات الغنائية ذات الصوت النسائي. لكن الملفت، إفراطه في عنصر النشوة معلنًا عن نسخة تكثيرية للجنرا، الأمر الذي نتبينه بالأخص في التراك الافتتاحي وإكسكيرجيوس، إضافةً إلى تنوّع ديناميكية كل تراك فيصعب توقع أجزائه. ألبوم ممتع يجمع بين الطابع التجريبي والبوب والراقص، معادلة من الأصعب والأكثر جاذبية عند تنفيذها بحرفية كـ إيفيان كرايست.
Bungalovv | Visited by Strangers [Genome 6.66Mbp]
عاد المنتج الأرجنتيني بونجالوف بعد ثلاث سنوات بألبوم يقلب توقعات متابعيه رأسًا على عقب. منذ ظهوره، اشتهر بونجالوف بخطه الراقص من خلال إصداراته على إينفينيت ماشين. يكشف بونجالوف عن وجه جديد له محتفظًا بتصميمه الصوتي البارع وإنتاجه المحكم، في ألبوم مخصص للاستماع ذو طابع سينمائي ساحر، وألحان مشحونة عاطفيًا تعزز من حميمية التجربة السمعية وثيمة الألبوم: التواصل البشري.
فيزيتد باي سترينجرز مفاجأة جميلة، لا يسعى فيها بونجالوف إلى الإبهار والاستعراض بقدر ما يسعى إلى الإمتاع، مؤكدًا على تصميمه على عمل ما يحلو له دون الاستسلام للوصفات السهلة وما هو متوقع منه من موسيقى حلبات الرقص.
S.Murk | Riotous Rythmatics [VISION]
شاهدنا في السنين الأخيرة وفرة في إصدارات الجانغل، أغلبها استعادي، لكن قليل منها جاء بهدف دفع حدود الجنرا. أمثلة مثل سولي وزولي أنعشت الجانغل مثل الإصدار الأخير لـ إس.ميرك، الذي يصعق حلبة الرقص. يتنقل كل تراك بين مجموعة من الأنماط الإيقاعية المقطّعة بحرفية والتي تفاجئ الراقصين والمستمعين بديناميكيتها المتنوعة. عنصر المفاجأة حاضر دائمًا.
لإضافة مزيد من القوة إلى التراكات، يعتمد إس.ميرك كعادته على أصوات إيقاعية مضغوطة وصافعة ومشبّعة، كما نرى في تراكات مثل كامين باك وباين. رايوتَس ريذماتيكس ألبوم منعش، يأخذ الجانغل إلى طريق ملتوٍ وواحد من أفضل الإصدارات الراقصة القليلة لهذا العام.
Jake Muir | Bathhouse Blues [Sferic]
لا شك أن جايك موير واحد من أبرز منتجي الموسيقى المحيطة ودائم التجديد في صوته من إصدار إلى آخر. في باثهاوس بلوز يطرح المنتج الأمريكي المقيم في برلين الجنسانية الكويرية في إطار تجريبي، حيث نستمع إلى الهمسات الآسمرية المغلفة بوابل من الأنسجة الصوتية والتسجيلات الميدانية الداكنة.
على مدار أربعين دقيقة، تأتي الأجواء الصوتية والسنثات المحلّقة بشكل ضبابي يحاكي بخار الحمامات العامة، لتعكس تجربة سمعية هادئة وحالمة وحميمية في نفس الوقت. باثهاوس بلوز إصدار مهم يجمع بين أفضل ما في عالمي الموسيقى المحيطة والإلكترو أكوستيك بحس جمالي عالٍ.
mmph | Harvest [SVBKVLT]
عاد المنتج الكوري إم إم بي إتش (ساي هيوم هان) بعد فترة انقطاع دامت خمس سنوات بألبوم قصير، أو بمعنى أدق، قطعة فنية شديدة الجمال. بالإضافة إلى الجمل اللحنية التي تميّز كل تراك، تتدفق التراكات معتمدة على موسيقى سينمائية تحفل بالآلات الحيّة والسنثات المجسّمة، والمزيد من الطبقات الصوتية التي تبرز قوة هان التأليفية والإنتاجية.
يتفرد الألبوم بحصره لمصادر موسيقية متنوعة مكانيًا وزمانيًا، فنتبين الفلكلور الكوري ولمحات من الكلاسيكية الغربية، بالإضافة إلى التجريب الإلكتروني الذي يحوّل بيئة هان الثقافية إلى كائن صوتي هجين مثير وغني موسيقيًا.
Purelink | Signs [peak oil]
من السهل تبين الطابع الارتجالي لألبوم الثلاثي الأمريكي بيورلينك. يأخذنا ساينز إلى الألفينات لفترة الكليكس آند كاتس، حيث الأصوات الدقيقة والجليتشات والسنث بادز الرقيقة الزاحفة، التي تتباين مع المدى المنخفض العميق لتبعث تلك الأجواء على الاسترخاء.
يغلب طابع الدَب التقليلي على الألبوم بثيمته التكرارية وخاماته المتحولة ببطء، فينكسر الملل وتتجد روح التراكات تدريجيًا، لتوقظ ذاكرتنا وتستدعي أعمال فلاديسلاف ديلاي الأولى والثنائي إس آند دي. يغرّد بيورلينك في مساحة لا يتطرق إليها المنتجون عادةً، معطيًا هذا الإصدار بصوته الخافت معزّة خاصة في قائمتنا.
Granul | Groove Palette [YUKU]
بعد نجاح ألبومه سايفر منذ عامين، عاد المنتج التركي، جرانيول (إبراهيم صفا) بـ جروف باليت. يعكس عنوان الألبوم الثيمة الطاغية على موسيقته، الجروف أولًا وأخيرًا. بعناصر إيقاعية محدودة وبايس بدين وبعض عينات الفوكالز الممطوطة ومزيد من الجليتشات المنعشة، يصيغ جرانيول عشرة تراكات تقليلية نتبين خلالها صوتًا بريطانيًا متحوّلًا لا يلتزم بالطريق الكلاسيكي.
نسمع أصداء التو ستب والدبستب والآي دي إم بطابع مجدد وإنتاج محكم وصوت يكبس على الصدر ويصدم في الوجه. يقيّد جرانيول نفسه في هذا الإصدار بعناصر قليلة، ليخلق منها عالمًا إيقاعيًا متكاملًا يختلف عن إصداره السابق التكثيري.
CORIN | Lux Aeterna [UIQ]
واحد من أكثر الألبومات إثارةً للاهتمام التي صدرت مؤخرًا على يو آي كيو. من السهل تبين المجهود الكبير التي بذلته كورين في الإنتاج من خلال التصميم الصوتي البارع، الخامات والأنسجة الصوتية المتحولة التي تعشّق بسلاسة مع الصوت الغنائي ونغمات السنث، إضافةً إلى الحفاظ على الثيمة المظلمة والموتّرة على مدار التراكات التي تتغير أنماطها الإيقاعية باستمرار.
لوكس أتيرنا طفرة بالمقارنة مع إصداراتها السابقة، تخلق من خلاله عالمًا صوتيًا غرائبيًا وفريدًا، يعيد إنتاج موسيقى أفلام الخيال العلمي بشكل معاصر ومحمّس، دون الإشارة إلى صيحات الأبوكاليبسية والرؤية التدميرية التي انتشرت وشاخت في السنوات الأخيرة. إصدار متماسك ومليء بالتفاصيل يعلن عن تبوّؤ كورين لمكانة عالية وسط منتجي المشهد الإلكتروني.
Furtherset | The Infinite Hour [-OUS]
ذَ إنفينيت آور لـ فرذرست واحد من الاكتشافات المخفية لهذا العام، بالأخص بين الإصدارات المحيطة. يتّبع المنتج الإيطالي نهجًا تقليليًا معتمدًا على أجواء محيطة محلقة مخلّقة بطبقات وفيرة من السنثات. تختلف أمزجة التراكات بشكل طفيف، لكن تتباين ديناميكية كل تراك لتسفر عن رحلة سمعية رائعة لا يمل منها.
يمتلك فرذرست حسًا لحنيًا مشحونًا عاطفيًا، يغمرنا به بالإضافة إلى الأنسجة الصوتية الهشة ومساحات صوتية يصيغها بالريفرب طويل المدى، لينجح جماليًا وموسيقيًا في طرح ثيمته: “في المجمل، تشبه مؤلفات الألبوم الستة أنفاس شخص ينعي الاختفاء ويخشى النسيان.”
Fever Ray | Radical Romantics [Rabid Records]
مازلت أتذكر عرض فيفر راي في مهرجان ريواير في هولندا، مرح وصادم ومصمم بعناية من حيث الأداء والغناء وتوزيع الأدوار على بقية أعضاء فريق كارين دراير. بعد خمس سنوات من ألبومها السابق بلانج، تعود دراير بالاشتراك مع شقيقها إلى صوت يذكرنا بفريقهم القديم، ذَ نايف.
ما زالت أصوات السنث الناشزة وجودتها المعدنية تخطف أذن المستمع، بالإضافة إلى تنوّع طبقات وأساليب غنائها التي تعبر عن مشاعر نابعة من تجاربها الشخصية. يأخذ الألبوم السنث بوب إلى منطقة أكثر تجريبًا ونضجًا، مع الاحتفاظ بجاذبية الأغاني التي تشهد تعاونات عديدة مثل بيدر مانرفلت وترنت ريزنور ونيديا وليديا تار وفسل.