.
تتشابه اللطميات في النبرات والإيقاعات وطرق تلحينها، لكن يكمن الفرق في قدرة كل رادود على التميز من ناحية تصريف مخارج الألفاظ والنبرات، والمساحات بينها ضمن النص الواحد أو القصيدة الواحدة. يتصل هذا في العمق بطبقة الصوت وخصائصها بين رادود وآخر، فضلًا عن قيمة النص تبعًا لهوية أبطاله بين شخصيات الفجيعة الكربلائية، والأثر المباشر لهذه الشخصيات في التصاقها بجماعة النادبين.
بين اللطميات العديدة التي أصدرها الرادود باسم الكربلائي في ٢٠١٨، تميّز في لطمية مرت سنة ونص من كلمات الشاعر الكويتي ميرزا عادل أشكناني. يقف الكربلائي خلف المنبر كقائد أوركسترا والجمهور هو فرقته الموسيقية الخاصة، يوكله مهمة الإيقاع والكورس وينتقل هو إلى وضع صوته في المقامات المطلوبة لتحويل القصيدة إلى رثائية مغناة بإيقاع سريع في بدايتها، يتباطأ منذ منتصفها لإفساح المجال للتفريد والتفجُّع.
يتميّز الرادود محمد بوجبارة بقدرته على تحريك صوته براحة في الجمل اللحنية الطويلة، وهذا ما يجعل طريقته في الإلقاء تتميز بين قصيدة وأخرى، رغم أن لحن لطمية قبل عام يشبه في قالبه لطمية يمه يا يمه التي صدرت العام الماضي، يظهر الإختلاف في الإيقاع السريع الذي سار عليه بوجبارة في لطميته الجديدة.
https://www.youtube.com/watch?v=3sWpTI-PT6o
في قصيدة اسمالله عليك التي سجلها الشيخ حسين الأكرف في استديو، استخدم الأكرف الآلات الإيقاعية مثل الطبول وأصوات اللطم على الصدور المسجلة، لتكوِّن الخلفية الإيقاعية للطمية الحماسية، ولتتناسب مع القصيدة التي أتت بعيدة عن الرثاء وأقرب إلى مدح الحسين، حتى صوت الأكرف كان بعيدًا عن الآهات البكائية وأقرب إلى الهتاف.
https://www.youtube.com/watch?v=9wS4vhDeGro
رغم صغر سنّه الذي لم يتعد الثلاثين عامًا، إلا أن حضور مرتضى حرب على منبر إحدى حسينيات العراق كان متميزًا في لطمية تعبانات. اعتمد الرادود على الجمهور الذي تولى وظيفتين، الأولى تسيير الإيقاع باللطم على الصدور، والثانية أداء دور الكورس بإعادة اللازمة “يا زينب .. يا زينب”، أو التفاعل مع أبيات القصيدة بالآهات والبكاء بصوت مرتفع. مال صوت مرتضى إلى البكاء خلال إلقائه القصيدة، محافظًا على قوة الأداء ومخارج الحروف الصحيحة.
يستخدم الملا عمار الكناني المنبر وكأنه ساحة مسرح في لطمية يا فاطمة يام الحسن، وكأنه رادود ومونولوجيست في آن واحد. المفارقة أنه مونولوجيست يبكي الناس بدل أن يضحكهم، يبكي في منتصف إلقائه ثم ما إن يسمع بكاء الجمهور حوله حتى يتابع الإلقاء، كما أن حركات جسده مرتبطة بالكلمات التي يعلو صوته بها وينخفض ليحمس الحضور بقوة صوته وأدائه المختلف.
تميز فن اللطم في السنوات الأخيرة في البحرين بدخوله معترك السياسة، حيث بدأت اللطميات تحمل معاني ضمنية سياسية تتحدث عن القوة والعزم وتطالب النظام البحريني بتقبل المطالب السلمية للمحتجين. هذا ما يعبر عنه صالح الدرازي في ما يهمنا الانتقام بما فيها من رسائل سياسية مبطنة، ما جعل منها لطمية مختلفة لهذه السنة.
خلال فترة عاشوراء يقصد عدد كبير من الشيعة المناطق العراقية لزيارة المقامات الدينية، وممارسة الشعائر الخاصة. من هذه الشعائر المشاية، وهي التقاء مجموعة كبيرة من الزوار من مختلف أنحاء العالم ليشاركوا بمسير من منطقة النجف إلى الكربلاء. في هذه اللطمية يحيي قحطان البديري بصوته المشاركين في هذا المسير، ويدعو إلى استقبال مواكبهم في كربلاء. هذا نوع جديد من القصائد المغناة ظهر في السنوات القليلة الماضية للتحفيز على مواصلة المسير إلى كربلاء.
في لطمية حلم بالعين التي تقترب من الفاجعة العاشورائية برومانسية واضحة، يستخدم محمد الخياط إيقاعًا موسيقيًا واضحًا أقرب من اللطم على الصدور وأصوات النادبين، وهذا ما أضفى على لطميته أسلوب لحني غنائي أقرب إلى أذان المستمعين، لكن بعيد عن نمط التحميس مثل بعده عن الحزن الحاد الذي يستخدمه باقي الرواديد في لطمياتهم.
باستخدام تقنية المكساج، سجل الرادود حسين فيصل لطيمته الجديدة سولف وياي. اعتمد في الخلفية على مجموعة أصوات قريبة من طبقة صوته، وحاول أن يمزج إيقاع اللطم وصوت الكورال الهادئ متلاعبًا بمزاجاتها اللحنية.
في لطمية عمري خادم للحسين يحاكي سيد فاقد الموسوي الفاجعة بصوته المرتجف ربما عن قصد. سجل الموسوي أيضًا في استوديو معتمدًا على كورال عادي وبعض الآلات الموسيقية التي تعتبر مقبولة دينيًا.