.
استمرت المهرجانات في هذا العام الفوضوي بالنمو شعبيًا وأسلوبيًا. تطورت الموسيقى بسرعة ملحوظة، واستقبلت المزيد من الإلهام من التراب والموسيقى الإلكترونيّة الراقصة، فيما اتّسع تأثير جيل جديد من منتجين ومغنين طموحين انطلقوا في اتجاهات تجريبية مختلفة. نسلّط الضوء في هذه القائمة على أفضل مهرجانات هذا العام، خاصةً تلك التي فتحت آفاقًا جديدة من حيث التوزيع والكتابة والغناء.
حافظ فريق الباور العالي لفترة طويلة على صوتٍ متغيّرٍ باستمرار، كما انضمّوا إلى تيّار التراب-مهرجان مؤخرًا بفضل الموزّعين موكا وموزة، البارعَين في استخدام سنثات سلسة وبسيطة لخلق ألحان عاطفيّة تملأ مجال المهرجانات الصوتي. ساهم في نجاح الفريق أيضًا تدفقات سلسة ومواضيع جريئة نسمع عينة منها في مهرجانات خمسة غربي، بأسلوبَي غناء يتراوحان باستمرار بين التراب والمهرجانات.
اتجه فريق الصواريخ في هذا المهرجان إلى طابع هلوسي غير مألوف في أعمالهم السابقة، حيث استخدما إيقاعات سريعة وعنيفة تحشد الأدرينالين في جسم السامع، وأضافا عينات من ألعاب الفيديو وصفارات الشرطة، تتناوب بشكلٍ متناغم مع دفعات وعيّنات غناء دقدق وفانكي المنعشة.
أصبح عنبه أحد أهم الأصوات في التراب-مهرجان بعد أن عُرِف ككاتب أغانٍ باسم عنّاب، لمهرجانات ذات مواضيع واعية وغير نمطيّة، كمهرجان عالم الجريمة الذي يتحدّث فيه عن الآفاق المسدودة في وجه جيل الشباب ومشاريعهم. أنتج مولوتوف هذا المهرجان، وأضافت توقيتات ضربات الكيك (طبل البايس) انسجمت مع أداء عنبه الشعبي الديناميكي الذي يميّز التراب-مهرجان.
https://www.youtube.com/watch?v=ewFAxksRzLY
يختص عادةً كل فنان بمجالٍه في المهرجانات، لكن وزّة أحد الفنانين النادرين الذين حققوا نجاحات هامًة على كمنتج ورابر ومغنًّ وكاتب. يستخدم وزّة في هذا المهرجان عيّنات من عازف الأورج إسلام شيبسي، يدمجها مع سنثات ويلقي عليها بارات تراب بطبقات صوت متعددة، ليخلق مهرجانًا متماسكًا ومتينًا، تتكامل فيه الكلمات وخامات الأصوات وأساليب الغناء التي تأتي من الموسيقي ذاته.
يجمع المهرجان ثلاثة أصوات جديدة ومتنوّعة مع أحد أكثر المنتجين خبرةً في المهرجانات، عمرو حاحا. يلجأ حاحا إلى عينات مزمار البطّة الذي يستخدمه كثيرًا، فيما يستمد المهرجان حيويّته من تتابع أساليب المغنين الثلاثة؛ مقطع كريم ديسكو القريب من الموّال، الصوت الخشن والأداء العنيف لعبد الله كيزر، وطبقة الصوت المتوسطة السهلة على الأذن لإسلام فراولة.
لسنوات عدّة، شكّل كل من الرابر ومغني المهرجانات زوكش والمنتج الرابر يانج زوكش اسمين بارزَين في كواليس المهرجانات، لهما يد في العديد من التعاونات الإنتاجيّة والأدائيّة والمجموعات الجديدة، مثل تيم خبط. بفضل ما تتيحه المهرجانات من مرونة في تشكّل وانحلال المجموعات، بدأ الاثنان هذا العام بإطلاق مشروع مشترك تحت اسم الدبل زوكش، وأصدرا أعمالًا ضاربة مثل مهرجان همّ فين، الذي يُظهر الديناميكيّة بين وصلات الغناء وتدفقات التراب بين الاثنين، فوق إيقاع بطيء ذي ضربات ثقيلة.
حقق هذا المهرجان انتشارًا واسعًا هذا العام بإيقاعاته الراقصة الزخمة وازدحامه بمواويل مغرقة بالأوتوتيون لعدّة مغنين. ضمّ المهرجان أيضًا عازفي سولو بارعين، عازف الأورج الشعبي محمد حريقة، وعازف الناي الذي شارك في كتابة المهرجان وغنائه، عمر حفظي.
حققت تسجيلات كفر الدوار عدّة اختراقات هامّة هذا العام، من بينها تقديم الموسيقي السابع (VII)، الذي كتب وغنّى وأنتج وأتقن هذا المهرجان بنفسه. يستخدم السابع خامات إيقاع ووصلات سنث ارتجاليّة تعود بنا إلى المهرجانات المبكّرة، ليضع أكبر تركيزه على طاقة الإيقاعات الراقصة المتفجّرة.
بعد سنوات من إنتاج مهرجانات بقي معظمها تحت الرادار، دخل المنتج محمد الجيزاوي شراكة مع المغني إبراهيم الجندي، وأنتجت هذه الشراكة خلال آخر عامين عدّة من إصدارات ناجحة مثل مهرجان ملهمش ملّة مع عنبه. في مهرجان صاحب العمارة، يستخدم الجيزاوي لووبات وسنثات أسيديّة فوق البيت الشعبي، ناسجًا إيقاعًا يبدو كترجمة مختلفة لوصفة مولوتوف في التراب مهرجان؛ فيما يمطّ الجندي نهاية باراته في المقاطع ثم يسرّع غناءه في اللازمة، في تناوب ممتع للمزاج والسرعة.
تحوّلت هذه الأغنية إلى ترند على وسائل التواصل الاجتماعي فور صدورها مطلع العام، وذلك بسبب كلماتها القليلة التي تتمحور حول اسم إسلام المرج، مع بعض التنويعات الساخرة مثل ماسك ولاعة إسلام المرج / لابس كمامة اسلام المرج / لابس كوتشي إسلام المرج / كورونا تخاف من اسلام المرج. تعاون في الأغنية المنتجان زايتي ٧ وكليك كلاك، كلاهما من الأسماء المغمورة لكن المؤثّرة في الراب المصري، واستخدما عينات أورج وإيقاعات راقصة شعبيّة على خلاف أعمالهم المعتادة.
ما زالت وصفة مولوتوف للتراب-مهرجان التي تجمع إلهامات من التراب والترانس والإيقاع الشعبي، مثمرة. سمعنا نفس الوصفة في أغاني مولوتوف المسجّلة مع رابرز أو مغنين مهرجانات، وكما نلاحظ هنا، تلعب إعدادات الأوتوتيون على صوتَي الدبل زوكش دورًا هامًا في جذب صوت الأغنية نحو المهرجانات؛ فيما يغني الثنائي في بارات متمهّلة وغنائيّة عن قسوة الهوّة الطبقيّة في مصر.
حققت أغنية رضا البحراوي الصادرة مطلع هذا العام، جيت ع البايظ، نجاحًا واسعًا تسبب بظهور العديد من النسخ الحيّة والريمكسات على الإنترنت، من بينها نسخة المهرجانات هذه من إنتاج صبري وعسكر. استخدم الموزّعان قالب المهرجانات التقليدي، بـ لووبات وأسطر طبول راقصة عنيفة، وعيّنات من أورج عبد السلام، فيما أضاف المغنون الثلاثة المزيد من الحركة على لحن الأغنية الجذّاب بتناوبهم على المقاطع.
اجتمع فريق الصواريخ مع زوكش من قبل في عدّة تعاونات تستعير بعض الحيل من الموسيقى الإلكترونيّة مثل كتم الإيقاعات وإطلاقها. في هذا المهرجان، أضاف الفريق إلى معادلتهم شحتة كاريكا، مغنٍ مخضرم صعد مع الموجة الأولى من نجوم المهرجانات في السينما قبل حوالي العقد، وأضاف إلى هذا المهرجان وصلات غناء حرّ راقصة كالتي ميّزت أعماله المبكّرة. استفاد المهرجان من سطور فكاهية مثل “مصاحبش فرافير حتى لو راكبين فيراري، أنا اصاحب التقدير حتى لو هركب أتاري” انتشرت في فيديوهات تيك توك، ما ساعده على أن يصبح أحد أكثر مهرجانات العام سماعًا.
بعد اكتساح مهرجان بنت الجيران العام الماضي، عاد حسن شاكوش للتعاون مع عمر كمال والمنتج إسلام ساسو وعازف الأورج يوسف أوشا في مهرجان عود البطل. في أغلب البرامج التلفازيّة التي استضافت المغنيين، أشار الناس إلى أن سبب إعجابهم بالأغنية وتشغيلها في الأفراح يعود بشكل كبير إلى كلمات مصطفى حدوتة البارع في كتابة غزل مفرط أصبح دارجًا مؤخرًا، فاتحًا بابًا جديدًا لنجاح المهرجانات غير الإيقاعات الراقصة.
حتى الآن، اعتمدت موجة التقريب بين المهرجانات والتراب المصري على نسخة القاهرة من المهرجانات، فيما بقي قالب مهرجان الاسكندريّة مهملًا من هذه الموجة رغم نجاحه المتفجر في الأعوام الثلاثة الأخيرة. في تعاونٍ جديد بين إحدى الثنائيّات العتيدة في التراب مهرجان، وزّة وعفروتو، نسمع كيف يمكن أن تستفيد أغنية تراب من وصفة المهرجان الاسكندراني؛ بإيقاع أساسي ثابت على طول المهرجان، يتراوح فوقه المغنيان، أحدهما بصوتٍ عريض والآخر بصوتٍ حاد، بمقاطع غنائيّة متماثلة في الطول والتدفق وبلا لازمات.
عند صدوره في وقتٍ مبكّر هذا العام، كشف المهرجان عن ملامح محمّسة من مشروع مولوتوف كمغنٍ وكاتب أغانٍ، بعد أن ثبّت اسمه في المهرجانات كمنتج. على الخلاف، يعد سادات العالمي من أقدم الأصوات وأكثرها خبرةً في المهرجانات، ليقدّم حضوره إضافة هامّة إلى الأغنية التي تتحدث عن علاقة الموسيقيين بالقاهرة وسط سنثات مولوتوف الهلوسيّة الداكنة: “متجيش علينا بخسارة، مدينة كبيرة وغدارة”.
https://www.youtube.com/watch?v=VycKNOwTg8k
في أكثر مهرجاناته توجهًا نحو الموّال هذا العام، تعاون عمرو حاحا مع منتج آخر هو سليم تيتو، ليضعا إيقاعات بطيئة ومقاطع كيبورد شعبي خافتة، ترافق مقاطع غناء مرعي التطريبي الشعبي، مقتبسًا خلال غنائه بأسلوبٍ ارتجالي كوبليهات مثل “اللي راح م العمر راح” من أغنية الأسامي لذكرى، وموّال عشرة الأندال لرضا البحراوي.
في هذا التعاون بين ثنائي ريشا كوستا وسمارة ناو وأحمد السويسي، نجدهم ينزحون نحو مزاج شجن يفوق ما عهدناه منهم. يكسر ريشا مواويل سمارة ناو وأحمد السويسي بطبقة صوت حادة وتدفقات سريعة ساخطة، بينما يستخدم بيدو ياسر عينات أورج يوسف أوشا المثيرة على شكل فواصل تتخلل الأغنية، جاعلةً هذا التعاون أحد أنجح إصدارات هذا العام.
شارك عنبه هذه المرة بشكل مختلف مع الدبل زوكش، إذ لم يغنّ الثنائي في المهرجان، إنما أمتعونا بإنتاج أقرب إلى البوب مما عهدناه منهم: سنثات متوسطة العنف تتخلل أداءً غنائيًا واعدًا، يدمج ما بين التراب والبوب.
https://www.youtube.com/watch?v=JsusWvzH2lo
عندما انفصل أهم ثلاثي حتّى الآن في تاريخ المهرجانات، ملوك السعادة (فيفتي وسادات وحاحا)، عام ٢٠١٧، حافظ فيفتي وحاحا على علاقة تعاون مستمرّة، وشكّلا مع الوقت فريقًا جديدًا من المغنين والمنتجين حولهما، من بينهم المغنيان كاتي وشبرا الجنرال والموزّع مصطفى حتحوت. في مهرجان الهلس في اعتبارنا، يثبت الثلاثي أنّهم باتوا قادرين على إنتاج صوتهم الخاص والصايع، بعد أن استفادوا من دفعة فيفتي وحاحا المهمّة في بداية مسيراتهم.