.
بعد أكثر من سنة على إطلاق حملتهم “احتلوا البوب العربي” لتمويل اسطوانة “رقّصوك” شاركت فرقة “مشروع ليلى” مؤخراً في برنامج “Coke Studio” الذي تقدم قناة MBC هذا الموسم نسخته العربيّة الثالثة. وسيم الشرقي يحلل ظهور أعضاء الفرقة في البرنامج وارتباط مسارهم الفنّي بنتيجة هذا الظهور.
ضمن إطار فكرته البسيطة، يستضيف البرنامج، الذي يحاكي برامج تلفزيون الواقع، مغنين ومؤلفين وملحنين موسيقيين من مناطق مختلفة من العالم بهدف تحقيق شراكة موسيقيّة لإنتاج أغنية بعد عمل مشترك ليوم واحد، تتولّى بعده شركة “كوكاكولا” التسويق له كنوع من الدعاية المستمرة والمتجددة للشركة العملاقة.
في الموسم الثالث من نسخته العربيّة على MBC، قدّم البرنامج حتى اليوم عدداً من الحلقات ظهرت في معظمها أسماء من التيّار السائد لموسيقى البوب العربيّة التجاريّة، مثل: أصالة نصري، شذى حسون، ومايا دياب مع موسيقيين وفرق مثل Kool and the Gang وJason Derulo وTom Novy.
ضمّت الحلقة الخامسة من البرنامج “مشروع ليلى” مع المؤلّف والمنتج الموسيقي الأميركي “نايل رودجرز” الذي تحيط به هالة شبه أسطوريّة في ميدان موسيقى البوب، بعد أن أنتج في العقود الماضية أسطوانات حققت مبيعات خياليّة مع “Madonna” و“David bowie“، ومؤخراً مع الفرقة الفرنسيّة “Daft punk“.
وقع اختيار موزع وملحن موسيقى البوب اللبناني هادي شرارة المسؤول عن إنتاج التراك الموسيقي ضمن الحلقة على أغنية “Get Lucky” التي أنتجها رودجرز في العام 2013 بالشراكة مع “Daft punk”.
ضمن السيناريو المرسوم لشكل “تلفزيون الواقع” الذي يقدمه البرنامج، يلاحظ المتابع لهذا الموسم بسهولة تكرراً لسيناريو الاختلاف في وجهات النظر حول الأغنية التي ستنتج في الحلقة، سواءً بين هادي شرارة وأحد المشاركين في البرنامج، أو بين الفنانين أنفسهم. وفي حلقة مشروع ليلى، وقع السيناريو الأول. ففي حين حاول الموزع اللبناني أخذ الأغنية باتجاه خفيف “ورقّيص” حسب تعبيره، كان شباب مشروع ليلى مصرّين على شكل يعكس الهويّة الموسيقيّة لفرقتهم. فكان الخلاف، مثلاً، على المساحة التي سيحتلها “كمان” العازف في الفرقة “هايغ بابازيان” ضمن الأغنية، ليقترح شرارة تقليص مساحته في الأغنية لأنّه آلة “حزينة” جداً. كما تم الاختلاف على بعض الكلمات التي اقترحها “حامد سنّو” عوضاً عن الكلمات الإنكليزيّة، مثل: “بنسهر لتطلع الشمس، بنسهر ليبلش اللمس، منسهر نتسلى وننطنط، سهرانين لنلقّط“. على الرغم من أن كمان “هايغ” وكلمات حامد تشكلان الدمغة الأساسيّة لهويّة الفرقة الموسيقيّة حتى اليوم من خلال إدخال الكمان مع موسيقى الروك، وكلمات “حامد سنّو” التي ربما استغلق فهمها على البعض.
كلّل مشهد “الاختلاف” في وجهات النظر اتصال من مدير أعمال الفرقة بهادي شرارة اعتراضاً على التوجه الذي بدا أن الأغنية قد بدأ يأخذه بعيداً عن توجه الفرقة، فيأتي جواب شرارة حاسماً “في concept اسمه Coke Studio، بدنا نحط مشروع ليلى بهالكونسبت“.
إذن فالخلاف في هذه الحلقة هو حول مفهوم الموسيقى التي ستقدم، وليس خلافاً أكثر سطحيّة كما في الحلقات الأخرى من البرنامج. هذا الخلاف الذي أدى لاتصال مدير أعمال الفرقة “كريم غطاّس” مسجلاً اعتراضاً استباقيّاً على نتيجة العمل.
بعيداً عن النتيجة البسيطة للأغنية التي أنجزت في نهاية الحلقة، لا بد أن تترك التفاصيل البسيطة لجديّة أعضاء مشروع ليلى ضمن هذه التجربة التلفزيونيّة انطباعاً جيداً عند المشاهد، خاصة إذا ما قورنت هذه الجديّة مع “الاسترخاء” الذي ظهر به المغنون الآخرون من التيار السائد لأغنية البوب التجاريّة العربيّة حين وضعوا ضمن تجربة “تلفزيون الواقع“. فإصرار أعضاء الفرقة ومدير أعمالهم على مفهوم معين للموسيقى، رغم سيل السخرية المبطنة التي أحاطهم بها هادي شرارة، يقدّم صورة متماسكة عن الفرقة في ظهورها التلفزيوني الأوسع عربيّاً حتى اليوم بعد ظهورهم الذي أثار جدلاً في برنامج “البرنامج” للمصري باسم يوسف.
إذ يبدو أن خيار الذهاب إلى “كوك ستوديو” خطوة ذكيّة من مدير مشروع ليلى “كريم غطاّس” الذي من الواضح أنه اللاعب الأهم في قيادة دفة الفرقة البيروتيّة الناشئة نحو صورة متماسكة أمام جمهور يزداد اتساعاً. فبعد أن نجحت الفرقة بتمويل اسطوانتها الأخيرة “رقّصوك” عبر تبرعات جماهيريّة، تبدأ الفرقة حالياً جولة حفلات عالمية تشمل إيطاليا، تركيا، المملكة المتحدة، المغرب ومصر.
ربما أثار حضور أعضاء الفرقة في استوديو كوكولا محاطين بأيقوناتها الإعلانيّة ملاحظات عند المراهنين على استقلالية “مشروع ليلى” واختلافها، إلا أننا بالتأكيد سنرى الفرقة تكسب في الأيام القادمة جمهوراً أكبر في الساحة العربية ربما تعدى على جمهور البوب العربي الذي قالت الفرقة مرة أنها تريد احتلاله. ولكن يبدو أنه لا بد لهذا “الاحتلال” أن يمر عبر بوابة الكوكولا وإمبراطوريّة MBC.