اكسيري دوسيه سمول إكس معازف
مراجعات

اكسيري | دوسيه وسمول إكس

هيكل الحزقي ۲٤/۰۲/۲۰۱۹

يمكن اعتبار أغنية اكسيري التي جمعت الرابر الفرنسي دوسيه بالمغربي سمول إكس (من ثنائي شايفين) كعينة نموذجية من موجة الـ crossover (نجاح أغانٍ من مشهد أو صنف موسيقي محدد في مشهد آخر أو لدى جمهور صنف آخر) بين مشهدين الراب في المغرب وفرنسا. يعيش التراب المغاربي مجده مستفيدًا من التأثرات الجمالية المحيطة به، وأهمها الراي الذي تحول إلى تراثٍ أدائي وكلامي، وألهم رابرز المنطقة طرق أداء وأساليب خاصة باستخدام الأوتوتيون. رغم أن الراب الفرنسي يحظى بأسبقية تاريخية مريحة، لكنه بدأ يدين خلال الأعوام الأخيرة للعديد من الوجوه المغاربية، مثل ريمكا وسولكينج والجراندي توتو، الذين ضخوا إليه جماليات التراب المغاربي والراي واستعمالات الأوتوتيون.

في اكسيري، يكشف دوسيه عن نفسه كأحد مجاذيب التراب المغاربي. في باراته الاستهلالية، كادت الصورة النمطية لدوسيه تعود للاستقرار، لكنه يستثمر حضور سمول إكس المفعم بالحيوية إلى جانبه ليضيف سحنات غنائية على أدائه، محررًا تدفقه من الجمود الذي استقر عليه منذ صدور ألبومه الأوّل. يمكن القول إن هذه التوليفة منحت دوسيه، كمدمن تعاونات، وجهًا مختلفًا عما عودنا عليه سابقًا، خاصةً مع تحويل سمول إكس الأغنية إلى سباق سرعة، المجاز الذي عززه العنوان الذي يعني بالعامية المغربية الإسراع بالقيادة، ومشاهد الفيديو المصورة في ربوع الصحراء المغربية. متنقلين طوال التراك بين الأسلوبين والصوتين، نكاد نشعر أن سمول إكس يتوجه بلازمته إلى دوسيه نفسه، ليستنهض فيه أسلوبه وأدائه: “لا لا اكسيري / اسكيفي عالحفاري بلا ما تشوف اللور / مقود يا عشيري.”

نلاحظ كذلك تمرس سمول إكس في الاعتماد على الأوتوتيون ليخلق أكثر من شخصية صوتية في الأغنية، مستندًا إلى الأوتوتيون كنقطة قوة ينتقل بها بين مستويات أداء مختلفة. كان سمول إكس قد طور استعمالات الأوتوتيون مع شايفين، ودفع به مع رفيقه في الفريق، شوبي، ليصبح من الركائز الأسلوبية التي ساهمت في صقل صوت التراب المغربي ودفعه لتصدر المنطقة.

سجّلت الأغنية بالأساس لتكون من مخططات منصة نار لتصدير الإنتاج المغاربي خارجًا وتوسيع تعاونات الرابرز المحليين مع أسماء أجنبية قوية، لكن النتيجة جاءت مربكة. صحيح أن الراب المغاربي يستفيد من فرص التعرض لجماهير والاحتكاك بفنانين جدد، إلا أنه في اكسيري بالذات، يتضح أن الراب الفرنسي هو المستفيد الأكبر، إذ يستمد من الراب المغاربي حيوية وتجديدات أسلوبية قريبة عليه وسهلة التبني من قبله، لتصبح الأغاني المماثلة حالات نموذجية من الـ crossover، عادةً ما تترافق مع تحول مشهد ما من النجاح المحلي إلى الانتشار والتأثير العالمي.

المزيـــد علــى معـــازف