أحمد عدوية الألبوم الجديد ألبوم جديد الأستاذ
عربي جديد

الأستاذ | أحمد عدوية

شريف حسن ۲٤/۰٦/۲۰۱۸

منذ حادثة أحمد عدوية الشهيرة في ١٩٨٩، وما تركته من أثر على صحته وصوته، أصبح من الصعب على عدوية الغناء أو الإضافة إلى ميراثه الفني لفترة طويلة، حتى عاد في منتصف الألفينات بعدة دويتوهات، مع رامي عياش وابنه محمد ومحمود الليثي ووسط البلد وأبو. نجحت هذه الأغاني بشكلٍ كبير، أحيانًا لأنها جيدة وأحيانًا لمجرد مشاركة عدوية فيها. إلى جانب الأغاني، استضافت عدة برامج تلفزيونية أداءاته الحية، والتي أقبل عليها المتابعون رغم ضعف صوته وتهدج نطقه للأحرف، فهو يبقى عدوية، الأب الروحي للغناء الشعبي الحديث. لكن هل تبرر هذه المكانة المجللة صناعة ألبوم كامل جديد؟

صدر الألبوم وسط قرارات تسويقية مرتبكة، إذ سبقت صدوره أغنية سجلها أحمد عدوية مع ابنه عن كأس العالم، لم تحقق نجاحًا أو تحدث ضجةً واضحة، لذا لم يكن من الذكي الإصرار على إصدار الألبوم وسط الجولة الأولى لكأس العالم، والاعتماد كليًا على اسم عدوية دون تخصيص أي ميزانية تسويقية واضحة للألبوم. كذلك سبق صدور الألبوم أربع من أغانيه التسعة، كأغانٍ منفردة تشويقية، إلا أن هذه الأخيرة لم تحشد ما يكفي من الترقب. على كلٍ، خلقت تعاونات عدوية مع شعراء وملحنين وموزعين من الأجيال الجديدة بعض الفضول والجاذبية، خاصةً عند إدراج الموزِّع أحمد العسّال كالاسم الأكثر عملًا على الألبوم، والذي لحن سابقًا دويتو المولد الذي جمع عدوية بابنه.

ارتبط اسم أحمد عدوية في الثمانينات بحسن أبو عتمان، أحد أبرز الشعراء الرواد للأغنية الشعبية حينها، لذلك عندما كان حلم معظم من اشتغل على هذا الألبوم تقديم أغنية عدوية كلاسيكية، كانوا يحاولون بطرقهم المختلفة كتابة أغنية كـ حسن أبو عتمان. لكن كتابة الأغنية الشعبية هي مهمة من النوع السهل الممتنع، فبقدر ما تبدو الكلمات بسيطة وسهلة وبديهية، بقدر ما يصعب العثور على كلمات بسيطة الشكل، جذَّابة للأذن، تمتلك دلائل حقيقية وتشغل حيزًا من الحياة اليومية. جاءت النتائج تائهةً بين الماضي والحاضر، تخلط بين البساطة والسطحية في اختيار المفردات، تغرق في دوامات التكرار كما في كلمني، أو تستجدي أطلال أغانٍ قديمة مثل متسلطين التي تذكرنا بـ كركشنجي أوغني يا عم التي فيها جملة يا ليل يا باشا. قيل أن عدوية كتب بنفسه الموَّال الوحيد في الألبوم، لكن يبدو أن القصد من ذلك أنه أخذ المذهب الموجود بالفعل للموال – عثرت عليه على مدونة بتاريخ ٢٠١٥ تحت اسم الشاعر عمار القصبي – وكل ما فعله عدوية هو الإضافة على هذا المذهب. الحقيقة المؤسفة أننا نعرف أن عدوية يقاسي الصعوبات كي يغني، فما بالك بأن يتصدى لواحد من أصعب القوالب الموسيقية في مجاله. حاول التوزيع أن يغطي ضعف صوت عدوية، لكن النتيجة بقيت مزعجة لا تناسب الموّال.

لا ترتق الألحان والتوزيع الفتوق التي تسببت بها الكلمات. يحاول عصام كاريكا وحمادة السيد في أغنية الحلو وصل استرجاع الوصلات المنفردة لعازف الترومبيت سامي البابلي في محاولة لضمان رواج الأغنية، لكن الوصلات تضيع في التوزيع المتوقع، والمتردد بين أغاني عدوية القديمة ومحاولة تحديثه لمواكبة ٢٠١٨. أعتقد أن الرهان على التحديث بالذات كان غير موفق، فلا هو متقن التنفيذ، ولا ضرورة تبرره إذ لا يزال غالبية سميعة عدوية يستمتعون بأغانيه القديمة كما لو قد صدرت للتو. أما أحمد العسال، والذي قدم في السابق توزيعًا محمسًا في أغنية المولد، لم يأتِ هنا بجديد قد ينقذ الألبوم أو يدفعه قدمًا.

جاء أداء عدوية كلاعب كرة القدم المعتزل عندما يشارك في مباراة خيرية، مازال يملك بعض المهارات والأسلوب لكنه يفتقد الكثير من اللياقة، يؤدي بشكلٍ منهك، لكن الجمهور يصفق له مع كل لمسة، لأنهم يستعيدون في ذاكرتهم ما قدمه قبل ذلك، غير مكترثين بالضرورة لما يقدمه الآن. كان الكورس متواجدًا بكثرة في أغلب الأغاني كي يعين عدوية على الغناء، حتى نجد ابنه محمد يغني في خلفية أغنية أنا عايش والسلام التي لحنها بنفسه.

تجيب أغنية الألبوم المركزية، الأستاذ، على أسئلتنا. يقول أحمد عدوية أن الأغنية تحمل هذا الاسم لأنه جدير به، فهو يرى نفسه الأستاذ في الغناء الشعبي. طيب، ألا يعلم جميعنا ذلك؟ ما لا نعلمه هو ما الذي تضيفه الأغنية والألبوم إلى ميراث عدوية، سوى تأكيد هزيل على أن “الأستاذ أستاذ مهما الزمن بيدور / زي النجوم بالليل والصبح شمس ونور.” لو كان مهمًا لعدوية أن يثبت أستذته، فهناك طرق أفضل من إصدار هذا الألبوم، كأن يقرر بجرأة وحكمة ما الوقت الملائم لكي يصون ميراثه عبر إقفاله بنقطة نهاية أنيقة.

المزيـــد علــى معـــازف