.
لطالما أكد علماء الاجتماع والفلاسفة طوال القرن الماضي على أهمية دور الجمهور في تشكيل الفن، وكيف أن ذوق الجمهور ينحصر في الامتياز الاجتماعي لكل طبقة. في ظل المجتمع الحالي والهيمنة الأكبر لشركات الإنتاج، وسرعة التواصل الجماهيري، أصبح الجمهور مساهمًا أكبر في تشكيل الفن، وفي تجريده من حيويته بالتبعية. تراجعت الموسيقى عن الصورة النمطية للطبقية لصالح تنميطات وتعريفات رمزية أكثر تبسيطًا، وإن كان ذلك مؤشرًا جيدًا وأكثر اندماجًا مع طبيعة الفن كونه غير طبقي، إلا أنه لا ينفي الجانب السلبي في عملية تعريف الأعمال الموسيقية باختزال مُخل.
يمكن وصف عملية التنميط بالتجميد الدلالي، أو بمعنى آخر الوقوف على نتيجة واحدة لـ الرمز الفني، مثل تفسير جملة لحنية أو نوع موسيقي بشعورٍ أو مقصدٍ واحد دون النظر إلى مئات الاحتمالات الأخرى، والاتفاق على ذلك ضمنًا.
يظهر ذلك بشكل أكبر كلما أصبحت القاعدة الجماهيرية أوسع، إذ لا بد لأي شيء نريد أن يتبادله الناس بسهولة أكبر أن يحتمل وصفًا مبسطًا وسريع الهضم، مثل: العصر الذهبي للموسيقى / الأغنية الشبابية / أغاني الثورة. كذلك الأمر مع الرموز الفنية المقدسة (أم كلثوم / سيد درويش / عمرو دياب) أو الأنواع الموسيقية (موسيقى صاخبة / حزينة / راب) أو الأحكام الاجتماعية (الميتال أغاني شيطانية / المهرجانات أغاني سوقية).
يمكن فهم دور شركات الإنتاج في هذا السياق بأنها شركات تغليف وتكرار، حيث لا يختلف المنتج الموسيقي هنا كثيرًا عن أي بضاعة أخرى تسعى شركة الإنتاج لطرحها في الأسواق؛ فلا بد أن يطلبه الجمهور أولًا، وذلك ما يحدث عند تجميد الدلالة، دون النظر إلى كافة مستويات العمل الجمالية والإنسانية. يتفاقم ذلك في الوقت الحالي، إذ أصبحت سرعة تغليف الأنواع والفنانين الجدد أسرع حتى من قدرتهم على استيعابها، وفي أحيان كثيرة، أكبر من قدرتهم على مقاومتها، وهنا تصل الدورة الموسيقية إلى المرحلة المحتومة، الكبوة.
في إطار مفهوم الكبوة هنا، ونشأتها تبعًا لضرورة اجتماعية ذات طابع محافظ، نرى أنه لا يمكن للمبدعين أن يسهموا بشكل كامل في تأسيس لون جديد أو فتح الطريق للموسيقى لتتبع مسارها الطبيعي، إلا من خلال الحوار الدلالي نفسه مع الجمهور لفتح المجال أمامها.
نلتمس ذلك عندما نستعرض المحطات الفارقة في تاريخ الموسيقى المصرية، مثل نقلة سيد درويش، التي تجعلنا نتساءل هل حقًا عبقريته الموسيقية فقط هي التي ساهمت في تطوير الموسيقى؟ خاصةً مع وجود آخرين من أبناء جيله ساهموا في تطوير ملحوظ ولم يحظوا بنفس المكانة.
وقتها، في مطلع القرن العشرين، كانت هناك فجوة واضحة بين الموسيقى الرسمية المتأثرة بالموسيقى الكلاسيكية الأوروبية، وبين الموسيقى الشعبية المعتمدة على الزخارف اللحنية المكررة والألفاظ الاجتماعية الثابتة نسبيًا. استند كلا النمطين إلى أساليب شكلية محددة، نظرًا للدور الذي لعبه كلٌّ منهما في بيئة اجتماعية محددة آنذاك، ما جعل كبوة كل منهما وشيكة، وإن دلت حينها على انفصال صناعة الموسيقى عن بعضها أكثر من التدهور الكامل.
أخذ إسهام سيد درويش طريقًا مغايرًا لما ذهب له أبناء جيله، بأن شبّع أعماله بإضافة الانفتاح الدلالي اعتمادًا على حركة التنوير الملاصقة لحركة الشارع آنذاك، مع الالتزام بالأنماط اللغوية والألفاظ المتفق عليها بين الناس. لم يمنع ذلك وجود إسهام ملحوظ في تطوير الموسيقى من تركيب الأغنية وتنوع وثقل الإيقاعات الموسيقية الشعبية وتجاوزها للتكرار، مع إضافة التركيب الموسيقي الكلاسيكي المعقد والتشكيل اللحني في شكلٍ تعبيري. استشعر ذاك الاختلاف إحدى أبناء عصر درويش:
“استلفت نظري بشكل عجيب، وشُفت فيه لون تاني غير الألوان اللي كنا بنسمعها، وحسيت كأن واحد نقلنا من عالم نايم همدان، إلى محيط تاني، كله نشاط وصحة وقوة.” نجيب الريحاني عن سيد درويش.
نجد مثالًا على نهج درويش في أغنية الوصوليين المعروفة بمقطع: “عشان ما نعلى ونعلى ونعلى / لازم نطاطي نطاطي نطاطي.” لم يكن طابع الأغنية الأوبرالي ليستساغ جماهيريًا لو لم يحتو ذلك النسق من الكلمات الشعبية، ما عمل على كسر الدلالة الطبقية للموسيقى “الجادة”، بإضفاء طابع كوميدي قريب إلى المستمع من جهة، وطابع حيوي كان قد تغلغل بين الناس سلفًا بفعل حركة التنوير والمقاومة، ما ساعد على كسر النمط المحفوظ لدى الناس عن تصورهم لـ مفهوم العمل الموسيقي.
اعتبر سيد درويش مع مرور الوقت رمزًا للموسيقى المصرية في الإطار الرسمي، وبدأ العمل المؤسساتي والنخبوي في الحفاظ على تراثه الفني، ما أدى إلى تقليص التطور الموسيقي الذي شٌكل في زمنه، وازداد ذلك كلما زادت الرموز الرسمية في الموسيقى تبعًا لـ معايير نخبوية (تجمد الدلالة في شكل رمزي).
عملت النخبة الرسمية على تأكيد الرموز وطرحها للجماهير، ما تماشى في معظم الأحيان مع رؤية الجمهور المحافظة، إلا أنه لم يتماشَ بحال مع طبيعة الموسيقى نفسها وكامل الأطوار الاجتماعية؛ حيث يبقى الطابع المحافظ جزءًا من دورة حياة الفن مع المجتمع وليس الشكل الوحيد، ما جعل آليات الخروج من الكبوة دائمًا ملاصقة لحركة السياق الرسمي.
هذا ما شهدته الساحة الموسيقية ما بعد حركة يوليو، مع الانحياز الواضح للأغنية الشعبية بإعطائها توظيفًا دلاليًا جديدًا تصبح فيه “أغاني الوطن القومي”، ما أتاح الخروج من ركودها النسبي، إلا أنها بقيت ضمن التصور الأكاديمي للأغنية الشعبية، لا محتوًى حيويًا لصورة الموسيقى الشعبية، فبات من الطبيعي أن نجدها راكدةً لعقدين من الزمن.
لذلك، ومع تزايد قوة العمل المؤسسي، لم تولِ شركات الإنتاج الوطنية والحرة اهتمامًا كافيًا بالتجديدات الموسيقية، بعد تشبعها بالرموز الرسمية، ولم تتعامل معها بجدية في سياق الحيوية الطبيعية للموسيقى. فقط تم تطويرها في نطاق ضيق ومحدود تحت أسماء فضفاضة مثل الأغنية الشبابية أو الأغنية الشعبية داخل المؤسسات.
لم يكن من الغريب إذًا أن تنطلق الموسيقى من زنزانتها المؤسساتية في سياق غير رسمي كانهيار. كان من المتوقع أن تنتهي مسيرة أحمد عدوية في حدود شركة الإنتاج في وقتً قصير رغم ما حققه من مبيعات ضخمة في أول فترة، حيث أخذت موسيقاه التي تعتبر غير مقبولة في السياق العام مسارًا تأويليًا عمل على إنقاذها وفتح المجال الموسيقي أمامها.
شكل أحمد عدوية نموذجًا جيدًا في هذا السياق بالمقابلة مع سيد درويش، رغم اختلاف استقبال السلطة لهم؛ إلا أنه لم يكن مجددًا موسيقيًا من الطراز الأول حسب المناهج الأكاديمية، ولم يكن ذو منحى جديد بالكلية، فقد جاء متوجًا لحركة موسيقية كانت تعمل في الخفاء. المثير هنا تتبع نقاط الالتقاء بينه وبين الجمهور العام والقدرة على كسر النمط الموسيقي السائد.
أتاح المكون الموسيقي لـ عدوية مظهرًا جديدًا للمجتمع، وكشف عن دلالات لم تكن واضحة في السياق الرسمي. أعطى ذلك فرصة أكبر للموسيقيين الجدد لاستكشاف تلك المكونات الجديدة، وكان ذلك هو العامل الأهم في العمل مع الدلالات الاجتماعية دائمًا – أي إتاحة مساحات تجريبية للموسيقى – وإن كان بعيدًا عن أي حركة إصلاح اجتماعي. ضَمن خروج الجمهور نفسه من كبوته التأويلية، وإعطاؤه عدوية أغطية اجتماعية جديدة وعدم الوقوف عند أوصاف السلطة، أن يشكل انفراجة جيدة لجزء من الموسيقى المصرية.
تخلقت آنذاك حالة مثالية للتجديد الموسيقي، إذ تعاونت جوانب المجتمع في وضع معانٍ جديدة للموسيقى بعيدًا عن الجهات الإنتاجية، بغض النظر عن قيمتها الفنية واختلاف الآراء الجمالية. أيضًا، كان الوقوف على محتوى فن عدوية الإنساني الصادق عند العديد من الأدباء والنقاد في السبعينيات، وعلى رأسهم نجيب محفوظ، أكثر إدهاشًا من اللون الموسيقي نفسه بالنسبة للنخبة الثقافية، ما شجع الجماهير لإفساح مساحات تأويل أكثر رحابة، والعمل من جهة صناع الموسيقى نفسهم داخل المساحة الجديدة.
بعد فترة وجيزة شهدت مصر في الثمانينيات والتسعينيات ظهور موسيقيين بالغي التنوع (فرقة المصريين / حميد الشاعري / محمد منير)، بمؤهلات تحمل تجديدًا حقيقيًا، عاملة بذلك على كسر الأنماط الدلالية. مع ذلك تظهر المفارقة بسبب الحاجة الماسة من قبل الجماهير وقتها للمحافظة رغم التنوع الموسيقي.
شكلت تلك الفترة الثيمة الأساسية التي بنيت عليها الموسيقى حتى الآن مشكلةً بذلك العصر الذهبي للـ “الموسيقى الشبابية”، مع تراجع دور السلطة المباشر على العمل الفني، واتساع الميدان الموسيقي، إلا أنها كانت بوادر التعاون الضمني بين شركة الإنتاج والجماهير من حيث انغلاق معاني الفن على أوصاف محددة وعمل شركات الإنتاج على تكرار تلك المفاهيم.
ساعد الانغلاق على ما شهدته الصناعة من تراجع أغلب الدور النقدي الى مستوياته الدُنيا، بتتبع أثر وأخلاقيات “نجوم الفن” وأعمالهم، دون فهم الأعمال الفنية نفسها في سياقات أكثر تركيبًا من شأنها أن تضع أفقًا جديدة للصناعة الفنية. ذلك باعتبار العملية النقدية حركة اجتماعية نشطة وجزءًا من صناعة الموسيقى نفسها، ما يعطي لها دورًا هامًا في تجديد النمط الدلالي. تكررت الدورة ذاتها عندما ظهرت الموسيقى المصاحبة للثورات العربية عام ٢٠١١ بمفاهيم موسيقية وأغطية جديدة: “موسيقى مستقلة”، ساعدت بدورها على تنشيط تنوع العمل الموسيقي.
هل يبقى بذلك التجديد الموسيقي ملاصق دائمًا لشكل الحركة الاجتماعية؟
تأخذ الموسيقى المعاصرة وضعًا مختلفًا قليلًا عما قبل في جدليتها مع الجمهور، لتغير وسائل الإنتاج والتواصل مع الجمهور في فضاء أوسع على الإنترنت؛ وفي ظل الحاجة الاجتماعية للتواصل الدلالي الواضح يصبح الجدل مباشرًا بشكل أكبر، ما يعطي مساحة لصناعة الموسيقى بكامل جوانبها أن تأخذ مسؤولية التجديد، خاصة في العمل النقدي والعمل الموسيقي نفسه، حيث يشكل بنفسه نموذجًا نقديًا مباشرًا لصناعة الموسيقى.
نجد ذلك في نموذج معاصر طرحه المهرجان الشعبي من تجديد جذري في نمط الموسيقى الشعبية، نقلها إلى مساحات أكثر انفتاحًا. أخذ تطور المهرجان بمعايير إنتاجية مختلفة باعتماده المباشر على المجهود المستقل، واختلاط مكونه الموسيقي نفسه بالسياق الاجتماعي المباشر. ظل المهرجان منذ نشأته بعيدًا عن القوالب الفنية التقليدية، والحاجة الى أنساق موضوعية واضحة، معتمدًا التلقي المباشر لمعطيات الواقع ونسجها بصورة جمالية خاصة. هذا ما يذهب إلى وصفة الفيلسوف الألماني فالتر بنيامين بأن خلق أداة إنتاجية جديدة بمثابة عمل ثوري في النظم الرأسمالية.
أتت موسيقى المهرجان في مصر متشبعة برؤية الشارع وأصواته المستخدمة القادرة على تحريك المشاعر في أشكال مختلفة، قبل ظهور السؤال النخبوي حول ماهيتها، وتجميد دلالاته الفنية والتجريبية في إطار موسيقى التسلية وتحديدًا موسيقى الأفراح، إلى جانب تحديدات طبقية. خرج المهرجان بالنتيجة من طوره التجديدي اندماجًا في الإنتاج الرأسمالي، بتكرار رديء في العقد الأخير ضمن قاموس محدد الألفاظ والألحان، مع اقتصار مساحته التجريبية على الرمزيات الكلاسيكية والبوب العربي المتجمد بدوره. انقسم بذلك المهرجان إلى موسيقى نمطية مثلما نجد في أعمال حسن شاكوش وحمو بيكا والمدفعجية، وأخرى أخذت مساحتها التجريبية الأكثر جدية في سياق الشارع نفسه، أو من قبل صناع الموسيقى الدؤوبين وإن لم يكونوا أبناء التجربة نفسها.
مثالٌ بارز على من يجدد دم المهرجان في مشروع كزلك لآدم شعلان، وكذلك في أعمال شبرا الجنرال التي تتبع نفس النمط بطاقات جديدة، والتي أنشأت سياقًا ذو دلالة أوسع مما اختزلت الجماهير المهرجان ضمنه، وأكثر تجديدًا من تطلعات الشركات المنتجة، ما يربطه بحركة أوسع من السوق والمحافظة الاجتماعية، إلا أنه كثيرًا ما يكون عاجزًا عن الحوار الدلالي مع الجماهير بقدر السياق التقليدي.
بالنظر إلى العمل الموسيقي في ضوء تفاعله مع ذاته ومع جوانب المجتمع، نجد أهمية أكثر حيوية للنقد التقليدي، أي من حيث الوقوف على تلك الجدلية بشيء من التوسع حتى يضمن له بلاغة أوضح وحيوية أكبر، لتقاطع النقد التقليدي مع الأغطية المفاهيمية وأدوات العمل الموسيقي.
يمكن وضع أعمال أبيوسف في هذا النطاق، حيث لم تحتو على صياغة سهلة على أذن مستمعي الراب أنفسهم في البداية لما كانت تفيض به ساحة الراب من أنماط جامدة يسهل فهمها واستهلاكها: راب حزين / اجتماعي / أخلاقي، إلا أنه في حال ظهور نمط موسيقي مركب كان لا بد من إشارة صناع الموسيقى أو النقاد إلى مدى التعقيد في أعماله – نسبةً إلى الشائع حينها – ليستطيع المستمع الخروج من القوالب القديمة والاستماع إلى شيء يتحدى اعتياده. لا ينفي ذلك دور أبيوسف نفسه في الاعتماد على تعريف بسيط للتسويق لنفسه بالدخول في باتلات الراب وإثبات نفسه فيها.
لذا يقع دور النقد في محاورة تلك المسارات الجديدة بغاية تأطيرها ومشاركتها بمستويات عدة وطرق نقدية مخالفة، ما يفتح طرقًا جديدة للتلقي ومسارات أخرى للصناع، إلى جانب إبقاء الطاقة الحيوية للموسيقى والمستمع على استعداد دائم.
الكبوة الموسيقية ضرورة اجتماعية وشرطية لشركة الإنتاج، وبالوقوف على آليات عملها وتكرارها يمكن فهم طرق الخروج منها، وملاحظة أنه كان يعمل عليها الموسيقيين والنقاد بوعي أو دون وعي، لتظل هي المهدد الأقوى للمشهد الموسيقي كل فترة زمنية والهاجس الأكبر في عقل الصناع أنفسهم على مدار حياتهم الفنية.
يلتف صناع الموسيقي حول أنفسهم تفتيشًا عن أداة جديدة، ويتذمر الجمهور بدوره تطلعًا إلى لون موسيقي جديد يحرك صورة مملة عملوا سويًا على تشكيلها. تبقى تلك الحالة هي إحدى المراحل الجوهرية في صناعة الموسيقى، والتي تولد ضرورات فنية جديدة، وتحديات تجعل من قواعد اللعبة أكثر إثارة. لن تصبح الموسيقى في حالة جمود دائم، ولن يصبح الجمهور في حالة ثورية مستمرة ليصلوا إلى لحظتهم المثالية.
الكبوة محطة رئيسية يعلن من خلالها الفنانون والجمهور احتياجهم الإنساني الدائم لـ شئ جديد يثير خيالهم. يبقى الجمهور طرفًا عنيدًا، إلا أنه يبقى مقدِّرًا لكل لون موسيقي خلاق بالفعل، وإن لم يستطع استساغته في البداية، بل إنه حال تقديره للون جديد قد يغالي في إعجابه حد استدعاء كبوة أخرى، وبالتالي طرح تحدٍ للأجيال الجديدة لتكسر تلك الحلقة الدلالية نحو مساحات إبداعية أكثر بلاغة.