.
في صغري اعتاد والدي التعقيب على كل مديح مني لأخوتي بسؤاله “هما جابوك مطيباتي؟“. دخلت الكلمة لغتي المنزلية قبل معرفة معناها وقبل قراءتي لما كتبه أحمد أمين في قاموس العادات والتعابير المصرية “في حفلات الغناء يكون عادة رجل مخصوص يسمى مطيباتي، من وظيفته تطييب خاطر المغني أو المغنية بإظهار علامات الإعجاب.” عرفت بعدها أن هؤلاء المطيبين كانوا ركنًا أساسيًا في ليالي الطرب ولعبوا دور وكيل أعمال التخت والمطرب، “كبير المطيبين هو الذي يستلم أجر المطرب والتخت من صاحب السهرة كي ﻻ يتعرض المطرب لمهانة تقاضي المال من مضيفه الذي يعتبر نفسه صديقه لا خادمه.” يوسف المنيلاوي مطرب النهضة العربية، مصطفى سعيد وفريدريك ﻻغرانج ومحسن صوة، دار الساقي ٢٠١١
الفترة التاريخية التي يصفها أحمد أمين في كتابه تقارب لحظة دخول شركات اﻷسطوانات في بداية القرن العشرين. مثلما سجلت الشركات الحصيلة النهضوية كما هي، أجّرت مطيباتية لتطييب العازفين والتعريف بهم لنقل أجواء الجلسة الحية. تراجع ذلك مع ظهور جيل آخر وسيطرة اﻷسطوانات على شكل الغناء. اختفى التطييب بالتدريج من اﻷسطوانات مع انحسار مدرسة النهضة بدءًا من ثلاثينيات القرن العشرين وما عدنا نسمع صوت المطيبين اﻷجش المادح للمغني والمنبه السامع لفنيات المَغنى.
هنا ١٠ تطييبات طريفة ودالة، ندخل معها إلى زمن الطرب من بابه الخلفي ونلجُ جلسات تسجيله مع المطيباتية واﻵﻻتية.
كانت الست بهية المحلاوية واحدة من ألطف عوالم نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين. يحسب لها تنوعها فيما سجلته بين طقاطيق عوالمية مكشوفة في لفظها وقطع طريفة أقرب للقطع المسرحية مثل رقص شفيقة المسجل على أسطوانة واحدة ذات وجهين وجهها اﻷول مكشوف تذكر فيه “عم عبده/ زبه قده/ لو قام مده/ فلق الشجرة” ووجهها الثاني عائلي قطع منه قضيب عم عبده.
اعتادت الست بهية على التعريف بنفسها في بداية اﻷسطوانة، “هالله هالله يا ست بهية محلاوية يا روحي. يا عيني يا سي توفيق“، وسي توفيق هو العواد محمد توفيق زوجها. نستمع لها في يا نخلتين في العلالي في طقطوقة عوالمي من مقام الخزام حسب اسمه العربي وليس الهزام Hüzzam حسب النطق التركي الشائع في صيغة مكشوفة للحن قبل تهذيبه على يد السينما في فيلم ألمظ وعبده الحامولي بصوت وردة.
تعتمد الطقطوقة على لعبة المساومة بين المرأة والرجل في أغصان متتالية تفصّل فيها جسدها، “إن كان بدك في إيديا/ هات لي أساور مية/ أشخلعك في الناموسية/ دا احنا انشبكنا يا سيدي سوا/ إن كان بدك في شعري/ هات لي ضفايري ورا ضهري/ أشخلعك على البهلي/ دا احنا انشبكنا يا أخويا سوا/ إن كان بدك في الغرة/ دا أنا محسوبتك/ ولكن حرة/ أشخلعك سيدي ع السُرة/ دا احنا رمانا الهوا.“
وما أن تنهي الست بهية غناءها حتى تقرر التطييب لنفسها فتقول “يا وعدي مافيش كدا حُسن يا ست بهية ياللي صوتك راح آروبا يا حبيبتي” مع استمرار التخت لتعبئة اﻷسطوانة ومديح سي توفيق زوجها وعوادها ورئيس تختها، وصوتها راح أوروبا بالفعل ﻷن الأسطوانات سجلت لشركات أجنبية.
تسجيل لبشرف كوزوم من مقام الشاهِناز يعزفه أساطين آﻻتية المدرسة النهضوية في عزها، وصيغة البشرف من أرقى معزوفات الموسيقى اﻵلية وأكثرها دلالة على قدرات العازف ومدى تمكنه وقد خصص محمود العجان دراسة شاملة له في كتابه من تراثنا الموسيقي طارق عبد الله العواد الفذ أمين بك المهدي - معازف أبريل ٢٠١٨ .
يفتتح التسجيل بصوت مذيع الشركة “أسطوانات أوديون” ثم تتوالى خانات البشرف وعند بداية الوجه الثاني من اﻷسطوانة يبدأ دور المطيباتي في تقديم العازفين فنسمعه يقول “هالله هالله يا سي محمد أفندي العقاد“، وهو عازف القانون الشهير ورئيس تخت الحامولي والمنيلاوي، أقدر القانونجية في عهده، وبعد ختام البشرف يتبارى العازفون الثلاثة في تقاسيم مرتجلة على الواحدة لملء اﻷسطوانة. يتسلطن المطيباتي فيرد على تقسيمة محمد العقاد بقوله “يا عيني يا رئيس الدنيا” ثم يلحقه عازف الكمان فيعرف به المطيباتي “هالله هالله يا سي إبراهيم” فنعرف أنه إبراهيم أفندي سهلون، ويختم التقاسيم عازف الناي علي صالح، والد عازف القانون محمد عبده صالح، الذي ينساه المطيباتي ربما ﻻنتهاء اﻷسطوانة. يلعب المطيباتي هنا دور توثيقي إلى جانب المدح، يساعدنا على معرفة أسماء العازفين.
دور بديع من نغم البياتي من كلمات محمد الدرويش وألحان إبراهيم القباني، نستمع له من بلبل عصره وفريد زمانه وأحد قطبي مدرسة النهضة في بدايات القرن العشرين يوسف خفاجي المنيلاوي في تسجيل شركة غراموفون على أسطوانتين من أربعة وجوه.
يفتتح التسجيل بدولاب بياتي ثم يبدأ إيقاع الواحدة الكبيرة ونسمع صوت شيخنا المنيلاوي في المذهب “الكمال في الملاح صدف/ لكن مالك روحي ملك/ والهيام في هواك شرف/ فيا عذولي أسألك بالحق/ شفتش كدا وﻻ محاسن بعد دا/ دا شيء بعيد إيش وصلك/ ﻻ شيء رأيته وﻻ صدف.“
يبدأ المنيلاوي في الغصن “العشق كله حكم” ونعرف نيته الشروع في اﻻرتجال و يصدق على غنائه المطيباتي “كله حكم والنبي يا أستاذ. آه يا أبو حجاج.” يستقر أبو حجاج فترة على النص ليعلمنا أن “العشق كله حكم/ والصب يصبر لو عرف“، ثم يلحقنا بليالي بديعة تكمل النشوة. الطرب نشوة متدرجة تشابه اﻷورغازم اﻷنثوي، في عدة مراحل تتصاعد مثل عملية إيلاج متواصل مع أذن السميع حتى يبلغ ذروة الاستمتاع.
حين نصل إلى قمة النشوة اﻷولى يخبرنا الشيخ المنيلاوي أن “أمر المحبة محترم/ إن جار حبيبك أو عطف” ويلين باء المحبة فينطقها كالڤاء، وينصحنا بتقديم حياتنا للحبيب “قدم حياتك له فدا” ليعود مرة أخرى ﻷمر المحبة ويتلاعب بنا ما بين أمر المحبة وتقديم الفداء. يبدأ الهنك مع المذهجبية في “قدم حياتك له فدا واصبر” وﻻ يكملها حتى انتهاء الهنك فيعملنا على ما نصبر بالتدريج كلمة كلمة “واصبر على على على كيد كيد كيد” حتى نعلم ونحن منتشون طربًا “واصبر على كيد العدا” في جواب مقتدر ﻻ يقدر عليه سوى صوت معجز مثل أبو الحجاج.
عندما يقترب الشيخ المنيلاوي قاضي الطرب من إعلان الحكم بقوله “اسمع لحكمه لو ظلم” يجيبه المطيباتي “عاوزين نسمع الحكم دا“، لكن الشيخ يوسف المنيلاوي ﻻ يسمعنا الحكم أبدًا وﻻ يريح بالنا. سر استمرار النشوة الطربية عدم انتهاء الممارسة، وأحد قواعدها التلاعب بالإخفاء والإظهار، فيعود لنصيحتنا بهنك مقتدر مع البطانة “اصبر يا سيدي على كيد العدا” ونسمع آهات المطيباتية يصيحون من اللذة، ثم يعلن حكمه وانتهاء الجلسة الطربية “اسمع لحكمه لو ظلم/ ما دام تحبه بالشرف” ويختتم التسجيل بصوت قانون محمد العقاد على الواحدة.
أفندينا مدرسة النهضة والقطب اﻵخر المقابل للشيخ يوسف المنيلاوي، الرايق العايق عبد الحي حلمي خال صالح عبد الحي، المحب للحياة الذي مات بعد وليمة لسلحفاة البحر في الاسكندرية. إذا كان يوسف المنيلاوي الوجه الرزين الشيخ لمدرسة النهضة فإن عبد الحي حلمي الوجه اﻷفندي المتخفف الذي كان ﻻ يغني في سهرة إلا بعد أن يلمح وجه مليح يبصبص عليه.
سجل عبد الحي حلمي الدور مرتين وهي عادته في التسجيل ﻷكثر من شركة، أحدهما تسجيل أوديون والثاني تسجيل زونوفون الذي يمكن تمييزه بقول المطيباتي “أي والله العظيم“. الدور من مقام الحجاز كار من كلمات محمد الدرويش وألحان محمد عثمان. يفتتح عبد الحي أفندي التسجيل بالليالي ثم يعزف التخت دولابًا من مقام الحجاز كار. صيحات أصوات المطيباتية باﻵهات تكسر صيغة اﻷسطوانة وتقربنا من روح الليلة الحية، يبدأ عبد الحي حلمي غناء المذهب “ياما إنت واحشني وروحي فيك/ يا مآنس قلبي لمين أشكيك/ أشكيك للي قادر يهديك/ ويبلغ الصابر أمله/ أنا حالي وبعدك لم يرضيك” ويبدو أن اﻷفندي يريد الهروب سريعًا من المذهب إلى الدور مباشرة ليبدأ اﻻرتجال والتطريب.
يصل حلمي إلى مساحة ارتجاله المفضلة فيعلن أن “كيد العواذل كايدني بس اسمع شوف“. يكررها أكثر من مرة وعند تلوين المقام يجيبه أحد المطيباتية بتأثر “أي والله العظيم” ليؤمن على كلامه عن كيد العواذل. يرتكز بعد ذلك على نون “إنت مالكني من قلبي” ليعبر عن حالة اﻻمتلاك كأن المحبوب ممسكه كما أمسك هو النون بالغنة. يعلن بعدها أن هذه الملكية بالمعروف “يا مالك قلبي بالمعروف” فيجيبه المطيباتي “تعالى شوف يا عبد الحي تعالى” ثم يأتي الهنك والرنك مع البطانة “بالمعروف بالمعروف يا مالك قلبي.“
مقارنة أداء الشيخ يوسف المنيلاوي في الهنك والرنك مع عبد الحي حلمي توضح لنا طريقتين مختلفتين، فطريقة سلطنة الشيخ أكثر رزانة أما طريقة اﻷفندي فهي متحررة محبة للحياة رغم كلمات الدور المثيرة للشجن، لكن هنكه متحرر وراقص.
في حياته لقب الشيخ سيد الصفتي بالمطرب اﻷمين لأمانته في نقل الألحان كما حفظها، نستمع له في موشح وهو قالب غنائي مفضل عنده، سجل منه الكثير، التسجيل على أسطوانات غراموفون وجه واحد عام ١٩١٢.
سجل الشيخ الصفتي الموشح من مقام البياتي رغم وروده في سفينة شهاب ضمن موشحات مقام الصبا، يفتتح التسجيل بدولاب من البياتي ونسمع صوت المطيباتي قائلًا “يا حلاوتهم يا حلاوتهم” وبعده صوت الشيخ نفسه يطيب لعازفيه قائلًا “يا رجالة مش كدا يا سامي إنت ومحمد عمر“، والعازفان هما سامي الشوا أمير الكمان ومحمد عمر القانونجي فلا يستنكف الشيخ رغم كونه المطرب رئيس التخت عن مديح العازفين فعلاقات السلطة داخل التخت كانت تبادلية وﻻسلطوية. يختتم التسجيل بتقاسيم سريعة من القانون ونسمع صوت الشيخ الصفتي مادحًا “يا سي محمد يا عمر.“
صالح عبد الحي الوريث الشرعي لمدرسة النهضة والممثل اﻷخير لزمانه اﻵتي بما استطاعه اﻷوائل، نستمع له في موال سباعي سجل منه ستة شطور، أول اثنين بقافية غير الأربعة الآخرين، على أسطوانات بوليفون في وجهين.
يبدأ التسجيل بتقسيم لسلطنة المقام من قانون عبد الحميد القضابي فنسمع المطيباتي يقول “يا دوزان الشرق يا اخويا.” تعليق فريد من نوعه، فالقانون محور التخت يضبط العازفون آﻻتهم حسب دوزانه. يبدأ صالح أفندي متمهلًا بالليالي ثم الموال “أصل اشتباكي مع المحبوب بهوايا/ حسبت نجمك لقيت لك حب ويايا.” بعده يدخل الكمان بتقسيمة يقدمها المطيباتي بقوله “آه يا كمانجاتي الشرق يا سامي أفندي” ثم يكمل صالح أفندي “يا رايحين يمّ محبوبي تقولوا له/ لَكْ عبد مسجون في أسارى الغرام حِلُّه.“
يتسلطن صالح عبد الحي فيعاجلنا بجواب مُعجز عند “كم أسهر الليل بطوله وﻻ نوله/ وأكتم على السر في قلبي وﻻ أقوله“، وينطق كم أسهر بهمزة وصل كما لو كانت كماسهر فتخرج من فمه بحلاوة أوضاع الكاماسوترا وربما أطعم ثم يختم بقفلة هادئة معها ينتهي التسجيل.
لو كان البحر حبر والشجر أوراق كما يقول القد الحلبي الشهير لما كفى مديحًا في سلطان المنشدين الشيخ علي محمود الذي سجل هذه القصيدة المرسلة بلا مصاحبة آلية من مقام الهزام على أسطوانات أوديون ١٩٢٧.
القصيدة غير موحدة الوزن والقافية وربما كانت موشحًا أيوبيًا أو مملوكيًا مجهول المؤلف دخل ضمن الحصيلة الدينية، تقول أبياتها “جدد الوصل قد عدمت رقادي/ وتحمل بالقرب قبل البعاد/ أنت قصدي وبغيتي ومرادي/ ﻻ تحارب بناظريك فؤادي.” ينشد الشيخ علي محمود ناظريك بمد الياء مدًا مطربًا ضاربًا بقواعد الممدود والمقصور عرض الحائط لصالح التطريب، “فضعيفان يغلبان قويًا/ صادق الخيال” ويمد مدًا معجزًا يجعل أحد المطيباتية في الخلفية يصرخ “جاي” ثم يكمل “شرقًا وغربًا/ وتناهى في الهوى/ من كان صدًا/ يا مريض الجفون/ أحرقت قلبًا/ كان قبل الهوى قويًا سويًا” فيشكره المطيباتي بلساننا جميعًا “الله يخليك يا عم.“
صالح أفندي مرة أخرى في طقطوقة بديعة رغم بيدوفيليتها، كتبها يحيى محمد ولحنها زكريا أحمد اعتراضًا على المطالبة بقانون لتحديد سن الزواج إلا بعد تسنين العروسة أمام قاضٍ شرعي. تقول كلمات المذهب “أبوها راضي وأنا راضي/ مالك إنت بقى ومالك يا قاضي” ثم يأتي الغصن اﻷول “البنت بنت ١٣/ والوش قمر ١٤/ والجسم ما شاء الله راخر/ ما يفوتش من بيت القاضي” فالمعيار هو نمو الجسد ﻻ السن.
على عكس الموال يبدو صالح عبد الحي هنا أكثر التزامًا وﻻ يرتجل احترامًا للحن، لكن هذا لم يمنعه من إطلاق تطييبة طريفة في آخرها بعد تقسيمة سامي الشوا الختامية “هالله هالله يا سامي أفندي يا شوا آه يا صاحب العمارة عقبى لنا زيك يا سامي أفندي.” خلف التعليق قصة أخرى غير حكاية الطقطوقة، وكان سامي الشوا قد اشترى عمارة سكنية كبيرة في ميدان رمسيس بالقاهرة فحياه صالح أفندي بهذه الجملة التي ﻻ ندري إن كانت مدحًا أم حسدًا.
سلطان العازفين العارفين بالمقامات، لو كانت ريشة النسر هي زخمته فأصابعه مخالب الرخ اﻷسطوري عند العفق والبصم، محمد القصبجي أستاذ اﻷساتذة نستمع له في تقسيم حجاز كار سجله سنة ١٩٢٩.
تقول الحكاية كما سمعتها أن القصبجي هو من يقدم هذا التسجيل بصوته، بعد نقله من اﻷسطوانة على شرائط معدنية Reel tapes قبل موته، يدخل القصبجي التقسيم هادئًا بضربات ريشته القوية وحواره المعهود بين القرارات والجوابات، وعند بلوغه ذروة التقسيم نسمع من المطيباتي “يا روحي يا روحي يا حبيبي يا سلطان العود“، ليعاجل السامعين بعدها بوتر معلق نحسب معه إننا نسمع آلتين سويًا فيعقب المطيباتي “الكبير كبير يا سي محمد” ثم يهبط واثقًا قبل القفلة التي نسمع بعدها أحد الحضور وكأنه صوتنا نفسه يقول “يا سلام يا أستاذ قصبجي أتحفتنا الليلة دي.“
بعد انتهاء مدرسة النهضة تاريخيًا حافظت أم كلثوم على تقاليد الوصلة الحية. اختفى المطيباتية من أسطواناتها في العشرينات، لكننا نستمع لتطييبات جمهورها في أغلب الحفلات حتى وفاتها. نسمع “يا كريمة يا ست” في أكثر من حفلة، ونحفظ حكاية عن أحد مستمعيها الذي هتف لها “أنا جايلك من طنطا.“
نستمع إلى تسجيل فريد لرائعة منسية من لحن القصبجي وكلمات رامي، مونولوج يا قلبي بكرة السفر. يبدأ المونولوج بمقطوعة أحلامي التي لم تحظَ بشهرة مقطوعة ذكرياتي. تلعب أم كلثوم كل ألاعيب الارتجال الممكنة، وبعد إنهائها المقطع اﻷول “وازاي أشوف القمر/ من غير حبيب قلبي / ما يكون قريب جنبي” يهتف أحد الحضور “وحياة السيد البدوي.“
ربما كانت حكاية مجذوب الست صاحب هتاف “أنا جايلك من طنطا” مجرد حكاية مضافة ﻷسطورة الست، لكني كلما استمعت ليا قلبي بكرة السفر ظننت أني التقطت صوته اﻵتي من طنطا، حاملًا زمنًا مضى بتطييباته وطربه الفريد.