.
أُطلقت يوم السبت منصة ديجيتال فيولنس، التي تكشف نتاج خمسة عشر شهرًا من التحقيقات المستقلة في أساليب تجسس وترهيب وابتزاز، مارستها حكومات مختلفة حول العالم عن طريق خدمات رقمية توفرها شركة NSO الإسرائيلية. يتضمن الموقع عملًا للفنان البريطاني براين إينو، يقوم فيه ببناء مقطوعة تستخدم المعلومات التي كشفها التحقيق كنقاط بيانات تجري معالجتها صوتيًا. يصدر اليوم فيديو مرافق للعمل يوضح هذه النقاط المعلوماتية التي جمعتها مجموعة فورِنزِك آركتكتشر خلال تحقيقها.
بدأت القصة عام ٢٠١٧، بعد فترة من انتهاء تحقيق في اختفاء قسري لطلاب جامعات في المكسيك. لاحظ بعض الناشطين ظواهرًا مريبة في هواتفهم، اتضح فيما بعد أنها مخترقة من جهات معينة تود قمع الناشطين وترهيبهم. بعد ذلك بفترة قصيرة كشفت تقارير من مؤسسة ذَ سيتيزن لاب، المختصّة في البحث حول تقاطعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع حقوق الإنسان والأمن العالمي، عن قرصنة أجهزة بعض أعضاء منظّمة سِنترو برود الحقوقية المكسيكية، باستخدام برنامج تجسسي اسمه بيجاسوس.
لفتت هذه التقارير انتباه فورِنزِك أركيتكتشر، والتي سبق وأن قامت بالعديد من التحقيقات المستقلة في تجاوزات الدول والحكومات، لاحقت من خلالها حكومات عدة وأحرجتها (منها إسرائيل وحكومة بشار الأسد). صوبت فورنزك آركتكتشر تركيزها على عمليات القرصنة هذه، لتكتشف بعد فترة من البحث والتحرّي أن هذه الخدمات التجسسية تقدمها شركة إسرائيلية اسمها NSO، تقدم خدماتها لعدة حكومات حول العالم وفي العالم العربي.
تتيح إن-إس-أو لعملائها دخول هواتف الناشطين والمعارضين للتجسس عليهم، والحصول على معلومات من هواتفهم مثل صور أو فيديوهات بهدف ابتزازهم وممارسة الإرهاب النفسي عليهم. أفصحت تحريات فورنزك آركتكتشر عن وجود ٤٥ دولة تستخدم خدمات شركة إن-إس-أو التجسسية.
بفضل أدلة فورنزك آركتكتشر والتي جُمعت كلها في موقع digitalviolence.org الذي أُطلق اليوم، رُفعَت دعوى قضائية ضد مجموعة إن-إس-أو الإسرائيلية، مبتكرة برنامج بِجاسوس التجسسي، من قبل محاميين فلسطينيين هما مازن المصري وعلاء محاجنة، ممثلين عدة منظمات حقوقية علم أعضاؤها من واتساب بقرصنة هواتفهم. مع تزايد تقارير الأجهزة المصابة حول العالم بسرعة، يهدف مشروع ديجيتال فايولنس التحقيقي لتزويد العامة والباحثين والفريق القانوني الذي رفع الدعوى بالأدوات اللازمة لتتبُّع شبكة العلاقات وخريطة نشاطات إن-إس-أو حول العالم، ومقاضاتها دوليًا وفي إسرائيل.
بحسب التقارير، جرى استخدام بِجاسوس منذ ٢٠١٥ على الأقل في أكثر من ٤٥ دولة حول العالم لإصابة أجهزة الناشطين والصحفيين والحقوقيين. لم تصرّح إن إس أو حتى الآن بهوية أي عميل أو دولة ممن تعاونت معهم، وما زالت تحصل على تراخيص أمنية لتصدير بِجاسوس من وزارة الدفاع الإسرائيلية، رغم كل الدعاوى القضائية المقامة ضدها داخل وخارج إسرائيل.
تتيح فورِنزِك أركيتكتشر نتاج خمسة عشر شهرًا من البحث في المراجع مفتوحة المصدر ومئات التقارير الحقوقية والملفات القانونية، وعشرات المقابلات مع ضحايا بِجاسوس، على موقع ديجيتال فايولنس. تُظهر الرسومات البيانية في الموقع، التفاعلية وثلاثية الأبعاد، أكثر من ألف نقطة تكشف معلومات حول تراخيص التصدير وعمليات الشراء المزعومة ومحاولات الإصابة الرقمية، وأحداث على الأرض مرتبطة بالأشخاص المستهدفين، مثل الترهيب والاعتداء والتشهير، وحتى القتل. البيانات مرتّبة زمنيًا وبحسب أماكن نشاط إن-إس-أو، من المكسيك إلى الإمارات والسعودية والمغرب ورواندا والهند وإسبانيا وتوجو، بالإضافة إلى الأفراد المستهدفين.
سيجري تحديث البيانات على الموقع بتقدّم التحقيق ومشاركة المزيد من الباحثين حول العالم.
في بعد فني للمشروع، وهو عنصر مهم وفعال في تحقيقات فورنزك آركتكتشر حتى اليوم، قام الموسيقي البريطاني الأسطوري براين إينو باستخدام برنامج يحول البيانات التي جمعتها فورنزك آركتكتشر ضمن تحقيقاتها إلى أصوات معدلة، توصل للمستمع بأناقة الشر والرعب الكامن في هذه الممارسات التجسسية برعاية القطاع الخاص في إسرائيل. ستظهر المقطوعة التي تبلغ مدتها ٥ دقائق قريبًا في ألبوم معازف التجميعي لأجل فلسطين، ويظهر معها اليوم فيديو مكون من المعلومات التي استخدمها إينو في توليد التراك.