أجنبي جديد

بلوكتيونز | محاولة جديدة لحل معضلة الموسيقى في الويب ٣

معازف ۲۳/۰۲/۲۰۲۲

أتاحت تقنية البلوكتشاين فرصًا كبيرة ومتنوعة منذ بدأت من عالم النقد والعملات، محدثةً تحولات رهيبة وصانعةً ثروات طائلة في سنوات قليلة، كما مكنت العديد من المغضوب عليهم من عالم البنوك والصرافة بالتصرف ماليًا بحرية ودون مساءلة. من هذا المنطلق أخذت تقنية البلوكتشاين تتطور وتغير مجالات أخرى، منها عالم الصرافة والتمويل الذي فكفكته وأعادت تركيبه من خلال الـ DeFi، الصرافة اللامركزية، وشقلبت عالم الفن من خلال الـ NFTs، ويُتوقع أن تحدث تغييرات كبيرة في عالم الألعاب.

إلا أن أثرها على عالم الموسيقى لا يزال غير واضح، ولم يظهر أي تطبيق واقعي يستفيد من إمكانيات البلوكتشاين لتغيير الموسيقى من داخلها، وليس إقحام البلوكتشاين عليها. حيث نجد أن معظم المحاولات تقع تحت طائلة صك الأغنية كـ NFT مع جزء بصري غير ضروري. هذا ما قام به سولجا بوي مثلًا.

هناك محاولات مثل منصة رويال، وأوديوس. رويال تصك الأغاني كما قلنا، بينما أوديوس تستعير نموذجًا من عالم الألعاب على البلوكتشاين، تسمّيه: Listen to earn، وهو إمكانية السماع لجني المال. المفهوم هذا إشكالي لعدة أسباب، أولها أن آلية اللعب لتكسب بدأت تثبت عدم قدرتها على الاستمرارية، إذ أنها تحتاج للاعبين جدد لتبقى مستمرة. السبب الثاني هو أن اللعب من أجل الكسب مناسب للعب، إذ تزداد لذّته وحدّته متى ما زادت عاقبة الخسارة (stakes)؛ لكن هذا لا ينطبق على الاستمتاع بالموسيقى أبدًا. لذلك نجد أن معظم مستمعي أوديوس من سائقي أوبر، الذين يفتحون أوديوس طيلة النهار للدخل، وقد يكونون غير مصغين أساسًا.

View this post on Instagram

A post shared by blocktunes (@blocktunesnft)

من المحاولات المثيرة للاهتمام والتي خرجت عن هذه التركيبات المقحمة على الموسيقى مشروع بلوكتيونز، والذي يعمل بالتركيز على الستمّات – هذا قريب ولكنه مختلف جوهريًا عن مشروع معازف في الويب ٣، والذي سيركز حصريًا على الستمّات.

في بلوكتيونز، قام فريق من المبرمجين بصنع برنامج يخلق عددًا لا نهائيًا من الأغاني من نفس العناصر الأساسية كالإيقاع واللحن والغناء والبايس، ليصك أغانٍ فريدة وذات درجات ندارة متفاوتة رغم أنها مصنوعة من نفس العناصر. يقوم الفريق حاليًا بجمع ستمّات من ما يقارب ٥٠ فنانًا من حول العالم، ليتم إدراجها في هذه الخوارزمية، تحضيرًا للإصدار الأول من هذا المشروع.

أسس بلوكتيونز فريقًا من الموسيقيين والمبرمجين. هذه الثنائية، الفنان المبرمج، الموسيقي المبرمج، والرسام المبرمج، أحد أهم تطورات عالم الفن. في حين لطالما كانت أدوات الفنان هي الفرشة والألوان أو الآلة الموسيقية أو الكلمة، هناك أيضًا الكود الذي تزايد استخدامه وتطور بشكل كبير، منذ بداية ظهورة كوسط فني في الستينات. من أهم فناني الكود اليوم مثلًا مورات باك، الفنان المجهول الذي يصنع عقودًا ذكية تعمل بطرق تبرز حقائق عنا وعن عالمنا اليوم.

يقود المشروع فريق من خمسة أشخاص، منهم فيبي جارات التي اختارت الاسم، وهي ملحنة حائزة على عدة جوائز ظهرت أعمالها على كلاسيك إف إم وكارتون نتورك، وألّفت موسيقات لألعاب فيديو والعديد من برامج الأطفال. بينما قام جاك كالمار بتطوير الفكرة، وهو للمفارقة الصيدلي الرئيسي للرعاية الحرجة في مستشفى لويسهام بدوام كامل، ويعمل ليلًا على تطوير بلوكتيونز.

شارك ماركو روجيري في تطوير المشروع، مستخدمًا خلفيته كمطور في شبكة البلوكتشين وألعاب الويب ٣، بالإضافة إلى خبرة عشر سنوات في عالم صناعة البوكر على الإنترنت. ساعده على التطوير المبرمج بن بابيك متكئًا على خبرته في كتابة الكود لتطوير الـ Music logic tool؛ وأخيرًا، ألكس لندر الذي يعتبر المنتج الموسيقي الرئيسي في بلوكتيونز، وقد ظهرت موسيقاه في العديد من المسلسلات التلفزيونية، بالإضافة إلى الإعلانات التجارية لشركات مهمة مثل فيراري.

يضم المشروع ما يقارب الخمسين فنانًا من مجالات مختلفة، مثل المغنية ماندي جروفز، والرابر مارينو، بالإضافة إلى المودِل والفنانة كريستل شوت، والعازف جستن ويلمان وعدد كبير من المنتجين.

يستخدم بلوكتيونز عنصر الندرة المستعار من إصدارات الإن إف تيز التي أصبح متعارفًا عليها، ليولد موسيقات جديدة بتوليفات لا نهائية مولدة ذاتيًا. المحمس في هذه الديناميكية هو إمكانية تجلي جنرات جديدة من خلال هذه الآلية. إذًا بوجود نفس العناصر الخام، يصبح عنصر التجديد هو الخوارزمية التي يمكنك أن تقرر ما ستفعله بها، وهذا يعني أن التجديد سيأتي من خلق خوارزميات جديدة. العنصر الآخر هو أن هذه المقاربة ستجعل الفنانين يركزون على جودة ستمّاتهم، وتجعل من الستم وحدة تأليفية. يجعل هذا من بلوكتيونز مشروعًا يخلق إمكانيات جمالية واقتصادية عديدة، قد ينتج عنها أصناف موسيقية جديدة، قد تصبح، كما يقترح مؤسسو الفريق، ساوندتراك الويب ٣.

المزيـــد علــى معـــازف