fbpx .
بي تي إس ك بوب كاي بوب كوريا كوري معازف

كيف تصبح من معجبي بي تي إس خلال ليلة

معازف ۲۰۲۰/۰۱/۲۲

ظهر المقال الأصل من كتابة لِنيكا كروز في مجلة ذ أتلانتيك، وترجمه فريق معازف.


كنت أتثاءب بالفعل عندما جلستُ لمشاهدة ساترداي نايت لايف ذات ليلة في نيسان / أبريل الماضي. كانت المضيفة وقتها إيما ستون، والضيف الموسيقي فرقة بي تي إس. لم أعلم سوى القليل حول الفرقة الجنوب كورية ذات السبعة أعضاء، رغم امتلاكهم ملايين المعجبين حول العالم، وإصدارهم عدة ألبومات تصدّرت قائمة البيلبورد ٢٠٠، وإلقائهم لخطابٍ في الأمم المتحدة مؤخرًا. وجدت على تويتر الكثير من الحماس، والسخرية، الموجّهة إلى الفريق وعشاقه. بينما عرفت أنهم سيكونون أول فرقة كاي بوب (البوب الجنوب كوري) تؤدّي على مسرح ساترداي نايت لايف، لم أكن قد استمعت إلى أيٍّ من أغانيهم قبل أن تقدمهم ستون في الفاصل الموسيقي الأوّل.

تدفقت أصوات الكورال “أوه هُوا أووه هُوا” ودخل سطر بايس مُحمّس بينما أضاء المسرح ليكشف عن سبعة أشخاص – ظهورهم إلى الكاميرا – يرتدون بزّات داكنة ويصطبغ شعرهم بألوان مختلفة. بدأوا بالتمايل والرقص بين طرفي المسرح، ثم بدأ عضو الفرقة ذو الشعر الزهري بالغناء.

لو أردتم مشاهدة أداء بي تي إس للأغنية المرحة المبهرجة، بوي ويذ لَف، بإمكانكم العثور على فيديو الأداء على يوتيوب، في رصيده ٢١ مليون مشاهدة تجعله بسهولة أكثر الفقرات الموسيقية للبرنامج مشاهدةً حتى اليوم. قد يعجبك الفيديو، وقد لا يناسب ذوقك. أو قد لا يناسب ذوقك لكنك تجد فيه مع ذلك ما يثير فضولك في الفرقة؛ مثل تزامن حركاتهم وغنائهم، وسامتهم، أو قدرتهم على أداء رقصات صعبة بينما يغنون بشكلٍ حي. أو ربما يلفتك كيف – عندما تنتهي الأغنية – يفتح الفتية أذرعهم باتجاه الجمهور وينحنون، بينما تضيع عبارات شكرهم بين هتافات الجميع.

لم أكن من معجبي بي تي إس قبل تلك الليلة. بعد مشاهدة أدائهم لـ بوي ويذ لَف ولأغنيتهم الضاربة مايك دروب (٢٠١٨)، قررت أن أتعرف على أسمائهم على الأقل. بعد أسبوع، أصبحت أعرف أنّ قائد الفرقة هو آر إم ذو الـ ٢٤ عامًا، والذي علم نفسه الإنكليزية عبر مشاهدة فرندز. ثم هناك جين، سوجا، جاي-هوب، جيمين (صاحب الشعر الزهري في الفيديو)، في وجانجكوك، يقوم جميعهم بمزيج من الغناء والرقص والراب وإنتاج وكتابة الأغاني. بعد حفظ أسمائهم الفنية انتقلت إلى أسمائهم الحقيقية وتواريخ ميلادهم وميزات شخصياتهم، إلى جانب نقاط قوتهم وضعفهم الموسيقية. كون معظم كلمات أغانيهم بالكورية، علقت برأسي بعض الـ هانجَل (الأبجدية الكورية)، وأستطيع الآن الدندنة – حتى لو ليس بشكلٍ متقن – على أغلب أعمالهم. شاهدت برنامج المنوعات الخاص بهم وفيديوهاتهم الحيّة خلال وقتٍ قياسي. اشتريتُ مقتيناتٍ ترويجية. أصبح لدي أصدقاء مقربين جدد كانوا غرباءً قبل أن يجمعني بهم اهتمامنا بـ بي تي إس، وسافرتُ إلى ولاية أخرى لأشاهدهم في استاد امتلأ بـ ٥٥ ألف شخص.

أشعر براحة خلال اعترافي بتفاصيل هوسي بالفرقة، وأشعر ببعض الحرج أيضًا عندما آخذ الوصمة التي ترافق الإعجاب “الفتياتي” بعين الاعتبار. مع ذلك، ليس من النادر أن يمر أحدهم بالانتقال العاصف الذي مررت به، من منكرة للفرقة إلى واحدة من الـ آرمي (جيش) – كما يُعرف جمهور الفرقة المخلص والمتنوع. بعد انفجار شعبيتهم حول العالم في ٢٠١٧، وصلت الفرقة (المعروفة أيضًا بـ فتيان بانجتان اسم الفرقة اختصار لـ بانجتان سونيوندان Bangtan Sonyeondan، أي فتية الكشّافة المضادين للرصاص.) إلى مستوًى أكبر من النجومية الساحقة هذا العام. في ٢٠١٨، انطلقوا في جولة حول العالم وظهروا في سيل من برامج الجوائز والدردشة الأمريكية. بصدور ألبومهم الأخير ماب أُف ذَ سول: بِّرسونا، أصبحوا أول فرقة، منذ البيتلز، تحتل ثلاثة من ألبوماتها المركز الأول في المبيعات في العام ذاته. لذلك كان من الملائم أن تؤدي الفرقة، خلال ظهورها في ذَ لايت شو في أيار / مايو الماضي، على ذات المسرح الذي أدت عليه البيتلز على التلفزيون الأمريكي للمرة الأولى، في توازٍ بين الفرقتين تم التركيز عليه عبر الحلقة. ليس عليك أن تحب بي تي إس لكي تقدّر أهمّية سبعة فتية آسيويين، يغنون بشكلٍ أساسي بالكورية، ويقارنون بالـ بوي باند الأشهر في التاريخ على التلفزيون الأمريكي.

ذكرت كل هذه النقاط لأقول إنني لستُ الوحيدة التي أُسرت بين ليلةٍ وضحاها بـ بي تي إس. على وسائل التواصل الاجتماعي، يحكي الكثيرون من المعتنقين الجدد عن تجربتهم مع التحوُّل السريع من مبتدئ إلى تابع مخلص. بالنسبة لي، خلال هذه الرحلة ضمن أعمال بي تي إس الخارجة عن التصنيف، ومجتمع معجبي الفرقة، اختبرت لذةً وانغماسًا لم أعتقد أنني قد أختبرهما كمستمعة بالغة. في بعض الأحيان، أحسستُ أنني أتجاوز نوعًا من الحدود الاجتماعية. مع ذلك، استوعبت أن كونك من معجبي بي تي إس يعني أن تتعايش مع التعصبات وهرميات الأذواق التي تقلل عادةً من قيمة ما تحبا، ثم تقرر أن كل هذه الهواجس لا سلطة لها عليك.

في البداية، تعاملت مع بي تي إس كلغز أريد حلّه. تأملت في تعليقات اليوتيوب بحثًا عن شرح للجمل والمصطلحات التي لا أفهمها: لماذا يقول الناس “آي بربل يو“؟ وماذا يعني أن تكون “منحازًا” أو أن تكون أو تي سِفِن؟ لماذا يُدعى جانجكوك “ذَ جولدن ماكناي“؟ لم أشاهد فقط أغانيهم المصورة وأداءاتهم على المسرح، بل كذلك مجموعات الميمز، تدريبات الرقص، المقابلات والشروح للكون الخيالي المعقّد الذي يربط أغاني بي تي إس. حاولت فهم الفرقة عن بُعد، انسجامًا مع طبيعة عملي كصحفية، لكن أيضًا انسجامًا مع رغبتي الجزئية في أن لا أصبح معجبة بـ بوي باند.

مع ذلك، كلما انغمست بالفرقة كلما قلّت مخاوفي هذه. شاهدتُ بي تي إس يؤدون أغنيهم الضاربة عام ٢٠١٨، آيدول، في ذَ تونايت شو، وتساءلتُ كيف لم تنفجر رئاتهم من الإجهاد. شاهدتُ الفيلم القصير المعقّد الذي رافق أغنيتهم الضاربة بلود، سوِت، آند تيرز، واحترت في سبب انبهاري به، أهو تصميم الرقصات أم السرد المتطوّر. أسرني أيضًا فيديو أغنية سبرينج داي، بتصويره الحالم وإحالاته لفيلم سنوبيرسر لـ أورسولا كاي. لو جوين وبونج جوون-هو. عندما اكتشفتُ أن التأويل الشائع للفيديو أنه تحيةٌ للـ ٢٥٠ طفلًا الذين قضوا في كارثة انقلاب العبّارة سيوول، أعدتُ مشاهدة الفيديو وبكّيت.

لم يكن من الممكن التنبؤ أن بمدى نجاح بي تي إس، خاصةً عند انطلاقهم في ٢٠١٣ عبر شركة صغيرة ضمن صناعة تهيمن عليها ثلاث شركات تسجيلات عملاقة. منذ ٢٠١٧ على الأقل، حاول النقّاد تشكيل نظرية موحدة تفسّر المكانة العالية لـ بي تي إس ضمن الموسيقى السائدة في أمريكا، متجاهلين النجاحات الأخرى التي حققها الكاي بوب عبر مشاهد مختلفة. يشير النقّاد دومًا، وبالنبرة ذاتها، إلى ذكاء الفرقة في تبنّي وسائل التواصل الاجتماعي منذ البداية للتواصل مع معجبيهم، الذين ساعدوهم على بيع ألبوماتهم الضاربة، الواحد تلو الآخر. يذكر النقاد أيضًا كلمات بي تي إس الواعية اجتماعيًا، انفتاحهم على التابوهات مثل الصحة العقلية، وتعاطفهم مع الصعوبات التي تواجهها الأجيال الأصغر، ورسالتهم التي تؤكد ضرورة حب الذات.

هذه المحاولات لتعقيد صعود بي تي إس للشهرة، تعد من صلب السياسات المتبعة في التعامل مع فرقة غير أمريكية تهيمن على قوائم المبيعات في أمريكا. أخبرني الناقد الموسيقي الجنوب كوري كيم يونجداي أنه حين حضر عرض بي تي إس الأول في أمريكا عام ٢٠١٤ في لوس آنجلس، بدا له الجمهور من قرابة ٢٠٠ شخص كحضورٍ كبير. في ٢٠١٧، حضر حفل توزيع جوائز بيلبورد، عندما فوجئ الجمهور بفوز بي تي إس بجائزة الفنان الأكثر شعبيةً، كاسرين احتكار جاستين بيبر للجائزة لست سنوات على التوالي. بعد الحفل، طلب الصحفيون الأمريكيون المرتبكون من كيم أن يشرح لهم من كان هؤلاء. كما المتوقّع، أدّى فوزهم إلى ردة فعل عنصرية عبر الإنترنت من أناس وصفوهم ساخرين على أنهم الـ وَن دايركشن الآسيوية.

تنبُع ردات الفعل هذه من ميل ثقافي لاعتبار الموسيقيين الآسيويين – وغير الناطقين بالإنكليزية عمومًا – على أنهم أقل شأنًا، وفقًا لـ كيم الذي نشر مؤخرًا كتابًا عن بي تي إس. “تتردد صناعة الموسيقى الرائجة في أمريكا في التعامل مع فنانين آسيويين كـ نجوم بوب. لا مانع لديها من تصنيفهم كثقافة فرعية، أو كحركة آسيوية أمريكية” يقول كيم، “لكن على صناعة الترفيه دومًا الاعتراف بالاسماء الأكثر إثارةً ورواجًا، حتى لو لم يعجبهم ذلك.” وجدِت الأعداد الهائل للـ آرمي لمواجهة هذا التوجه المؤسساتي المحافظ بالتحديد. يقول كيم: عبر التصويت لـ بي تي إس للفوز بجائزة الفنان الأكثر شعبيةً (التي فازت بها الفرقة لثلاث سنوات متتالية)، وشراء موسيقاهم ومشاهدة فيديوهاتهم على الإنترنت، أجبر محبو الفرقة صناعة الموسيقى على الالتفات إليهم.

كتب أحد المعجبين على تويتر: “شاهدتُ عرض بي تي إس البارحة مع أمي، إحدى كبار معجبيهم. كانت قلقة جدًا من كونها أكبر الحاضرين سنًا، لكنها سرعان ما هدأت عندما رأينا جدًا كوريًا يكسو رأسه الشعر الأبيض منتظرًا في الطابور.” ماورين جوو (٦ أيار / مايو، ٢٠١٩).

وسط هذا الاهتمام، ظهرت نزعة لرفض بي تي إس. نزعة ليست مبنية على موهبة وموسيقى الفرقة، بل على كونهم أيقونات في الكاي بوب. للبعض، كانت كوريّة الفرقة سببًا كافيًا لتجاهلها، كما يشير مقال نشر على تين فوج بعد أن عرضت شبكة تلفازية أسترالية فقرة تتسم برهاب الأجانب عن الفرقة (يتعرض أعضاء الفرقة لهجمات إلكترونية عنصرية بشكلٍ منتظم). كذلك، من المعتاد أن يدسّ النقاد تعليقات لاذعة عن بي تي إس بسبب كونهم يافعين أو لشبههم بالـ بوي باندز. في مقال منشور على النيويورك تايمز، قالت الكاتبة إنها أرادت التقيؤ بعدما سمعت أحدهم يشير إلى كلٍ من مادونا و”فرقة كاي بوب عندهم عشرين سنة وشوي” بـ “الأساطير.”

يعد احتقار البوي باندز وجمهورهم – الذي عادةً، وليس دائمًا، ما يكون من النساء – تقليدًا قديمًا متأصلًا في التحيز العمري والتحيز ضد النساء. بينما تمتد هذه الوصمة لتشمل بي تي إس – حتى بروموهات برنامج ساترداي نايت لايف لعبت على تصوير الـ آرمي كـ فتيات مراهقات ساذجات معجبات بالفرقة – يعتقد كيم أن مصطلح بوي باند ليس دقيقًا كليًا لوصف الفرقة. “عندما يرى الأمريكان مجموعة فتية وسيمين يرقصون سويةً، فإنهم يترجمون المشهد تلقائيًا على أنه بوي باند” يقول كيم. لكن بالنسبة للكوريين، ولمعجبي الفرقة، هُم “أقرب لأن يكونوا مجموعة هيب هوب لديها قدرات غنائية وبراعة عالية في الرقص أيضًا … بالنسبة للكثير من الناس، يعني تصنيف بوي باند بشكل تلقائي التقليل من أصالة الفرقة وقدراتهم الموسيقية.”

بسبب المحدودية التي يفرضها هذا المصطلح، عندما أحتاج لشرح سبب جاذبية بي تي إس أميل للطريقة التالية: تخيل لو كان لاعبو فريقك الرياضي المفضل (حيث يتدرب أعضاء الفرقة كالرياضيين) هم كذلك موسيقيوك المفضلين، نجوم البرنامج الواقعي الذي تشاهده على التلفاز، وأشخاص بإمكانك التفكير بهم كأفراد من أسرتك. حتى بهذه الطريقة، أعجز عن تلخيص ما يجذب الجميع لهذه الفرقة؛ فجمهورهم، الـ آرمي، ليس كتلة متجانسة، إذ يضم أناسًا من كل الأعمار والأعراق والأجناس والجنسيات والخلفيات الدينية. وبينما تعد أخلاقيات التضامن من نقاط قوة مجتمع معجبي الفرقة، إلا أن الحجم الكبير لهذه القاعدة الجماهيرية يعني وجود أبعاد سلبية، وإمكانية نشوب خلافات داخلية أحيانًا على سبيل المثال، أُعلِن من فترة عن نيّة بي تي إس أداء حفلة في المملكة السعودية. أبهج هذا الإعلان جمهور الفرقة العربي والمسلم في المنطقة، فيما انتقد آخرون هذه الحركة، جزئيًا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وكون بي تي إس جمعت تبرعات تجاوزت المليوني دولار للـ يونيسف، لتأمين مساعدات لضحايا الصراع في اليمن الذي تشارك فيه السعودية..

على كل حال، وصف معظم المعجبين الجدد للفرقة الذين تحدثت إليهم الـ آرمي على أنه مجتمع مرحّب على نحوٍ يفوق العادة، ويحرص على التعامل مع السلوكات السلبية التي تحدث ضمنه. كما حدث معي، تعرفت الكاتبة والمحررة لورا هادسون على بي تي إس لأول مرة عبر أداءهم في برنامج ساترداي نايت لايف، وكتبت على تويتر واصفةً تجربتها:

“أوه نو، تفرجت أخيرًا على أداء بي تي إس في البرنامج، وبعد ١٢ ساعة صرت أعرف جميع أسمائهم واختصاصاتهم الموسيقية، ولدي آراء حول من أجده أفضلهم في الغناء والرقص، وأي من ألوان وقصّات شعرهم كانت الأفضل على مدى تاريخ الفرقة، أوه نو.” لورا هادسون (١٧ نيسان / أبريل، ٢٠١٩).

“كتبت هذه التغريدة، وكشف الـ آرمي عن نفسه” أخبرتني هادسون. تفاجأت هادسون بمدى انفتاج معجبي بي تي إس، رغم أنها غطّت مجموعات معجبين أخرى خلال عملها كناقدة. “كان معجبو الفرقة يخبرونني: أجل، إنهم عظيمون، انضمي إلينا في دعمهم. أتمنى لو كانت المزيد من مجموعات المعجبين تتحلى بهذه الروح” قالت هادسون. “بصفتي صحفية، هناك دائمًا ذلك التوجس الفوري الذي يدفعني للتساؤل: هل تحول هؤلاء الناس إلى طائفة من نوعٍ ما؟ (…) لكن، لو كانوا طائفة بالفعل … يبدو أنها طائفة تركّز على الإيجابية والتقبّل.”

باعتبارنا من معجبات الفرقة الحديثات والأكبر بالعمر بعض الشيء، نتحدث أنا وهادسون عن صعوبة خوض محادثات ذات معنى حول بي تي إس مع الناس حولنا، وعن كم من المرهق أن نبقي استمتاعنا بموسيقى الفرقة تحت المراقبة طوال الوقت. أطلقت هادسون تنهيدة بعد أن أخبرتني عن جميع الجوانب التي تعجبها في بي تي إس – “استعراضهم غير التقليدي للذكورة”، البهجة في أداءاتهم، والتعقيد المفاجئ في السرد في أعمالهم. هناك العديد من القوى المجتمعية، أخبرتني هادسون، التي تعيق الناس عن سماحهم لأنفسهم بأن يحبوا ما يحبونه. “أبسط ما في الموضوع أنهم يجعلونني أشعر بالسعادة” أخبرتني هادسون عن موسيقى بي تي إس، “لكن لو كانت هذه الموسيقى رديئة، لما استطعت الاستمتاع بها.”

فكرت كثيرًا بمصطلح الملذات المثيرة للذنب خلال كتابتي لهذا المقال، مصطلح لا يناسب علاقتي بـ بي تي إس. لا أشعر بالذنب بقدر ما أشعر بأنه علي الشعور بالذنب. أعدت مؤخرًا قراءة مقال نشر في نيو يوركر عام ٢٠١٨، تحاجج فيه الناقدة إميلي نوسبوم ضد وصف مسلسل جاين ذ فرجين (إنتاج شبكة ذ سي دبليو) على أنه متعة مثيرة للذنب، وفاجأني كم يمكن أن ينطبق تحليلها لذلك المسلسل على بي تي إس: “عمل متمرد ومبهرج يكشف الطبقات المتعددة لما يعدّه العالم تافهًا”، يمكن لهذه الجملة أن تصف الألبوم القصير ماب أف ذ سول: برسونا، الذي يطوّع مدرسة يونج في علم النفس ليبني على استكشاف الهويّة لدى بي تي إس. “إنتاج قوي وعميق عاطفيًا … مهتم بكافة تنوعات الحب، من الأسري إلى الشهواني”، بإمكان هذه الجملة أيضًا أن تشير إلى ثلاثية الألبومات الطموحة التي أنتجتها الفرقة، لَف يورسلف.

وصفت نوسبوم مسلسل جاين ذ فرجين بأنه “مسلسل ذكي بإمكان المراهقين وأهاليهم مشاهدته سويةً – وفي عالم أفضل من عالمنا، بإمكاني أن أنصح به لجمهور أكبر بعد.” بالطبع، العديد من جمهور بي تي إس هم آباء وأجداد، لكن وصف أعمال فنان ما بأنها عظيمة لكل الأسرة نادرًا ما يجذب الاحترام. كما أن بعض الجماهير في الولايات المتحدة قد تمتلك اعتقاداتٍ مسبقة حول قوالب ثقافية معينة مثل الرواية التلفازية (telenovela، قالب تلفازي معروف في الدراما اللاتينية) والكاي بوب، وبالتالي تفشل بتقييم أعمال مثل جاين ذ فرجين وبي تي إس وفق شروطها الخاصة.

ليس من السهل تجاهل موروث طويل من التوافق الاجتماعي حول أي من أعمال ثقافة البوب بإمكاننا أخذها على محمل الجد. بالنسبة لي، ساعدني كون بي تي إس تقدم أكثر من مجرد ترفيه؛ متابعة موسيقاهم ومعرفة المزيد حول أعضاء الفرقة وصراعاتهم الشخصية، مكنني من التعامل بشكل أفضل مع اضطراب قلق مزمن، وشجعني على العناية بصحتي البدنية على نحوٍ أفضل. مرت علي لحظات خلال الشهر الأوّل بعد مشاهدتي لعرض الفرقة على التلفاز، حيث كنت أنجرف بشكلٍ مقصود مع موجة الهوس بـ بي تي إس. كأنني أستجيب لخوف كامن تحت شعوري بالحماس، خوف من أن تتبخر هذه الهلوسة التي أشاركها مع ملايين الناس، وأن أعود إلى حياتي السابقة كشخص بالغ لا يملأ وقف فراغه بمتابعة بوي باند، ويقلب عينيه بامتعاض عند سماع كلمات أغاني جادّة حول حب الذات.

من الواضح الآن أن هذا لم يحصل. استمرت الهلوسات حتى اليوم، سوى أنها مع مرور الوقت بدأت تتحول إلى جزء من حياتي العادية بدلًا من أن تبدو كأحلام. سأكتفي بمعرفة أسماء أعضاء الفرقة، قلت لنفسي في نيسان / أبريل. في مكانٍ ما، كان هناك سبعة شبّان يدعون نامجون، سيوكجين، يوونجي، هوسيوك، جيمين، تايهيونج وجونكوك، يضحكون علي.

المزيـــد علــى معـــازف