fbpx .
تندر، إكزيت | ٩٦ باك

تندر، إكزيت | ٩٦ باك

رامي أبادير ۲۰۲٤/۱۲/۰٤

منذ ظهوره الأول بإصداراته الثلاث الأولى على تسجيلات سي بي يو عرفنا ٩٦ باك (إيفان ماجودر-سويفت) بهجين بين الإلكترو والآي دي إم، صوت قريب من ذات التوجه لـ إيفكس توين. لم يتوقف إيفان على مدار ست سنوات من إصدار ألبومات متباينة الأذواق، ناجحًا بزخمه الإنتاجي في التطرّق حينًا إلى الهايبربوب بمعالجته الخاصة في لاف لترز، ناين ثور سيكس، وميله حينًا تجاه الموسيقى الراقصة في كيوت ميلودي، ويندو داون! و٩٦٩٦دريم وفي بعض ألبوماته القصيرة، وصولًا إلى الجرايم كما في فلِكس تايم.

ساعدت خلفية إيفان في الآي دي إم والإلكترو في اهتمامه وإجادته للتصميم الصوتي وتطويره لحس لحني قوي، حيث تكاد تنعدم العينات الصوتية ليظل السنث والدرام ماشين المحرّك الأساسي لموسيقته المفعمة بالمشاعر.

في ألبومه الجديد تندر، إكزيت على تسجيلات سبكالت، يدفع المنتج الإنجليزي بهذه المعادلة إلى أقصى مدى بتبنيه خطًا تقليليًا يبروز مهارته في التوليف الصوتي. يفرض إيفان تحديًا قاسيًا على نفسه، حيث من الممكن الجزم أن الألبوم مُنتَج بسنث واحد ومؤثرات صوتية بسيطة. قد يسفر اختيار كهذا عن نتيجة مصطنعة ومملة أو تجربة مثيرة للاهتمام مثل أعمال لورينزو سنّي المبنية فقط على صوت الرولاند JP-8080.

يذكرنا تندر، إكزيت بإصدار إيفان الذاتي إيديريزم الذي أخذ خطًا تقليليًا أيضًا، فكلاهما عبارة عن تمارين على السنث بدأت بأفكار بسيطة أو تجارب صوتية وأسفرت عن تراكات صلبة ذات بنية وأمزجة متعددة. 

نتبيّن هنا تطوّرًا ملحوظًا في تقنياته، فيخطف التصميم الصوتي الضوء من سردية الألبوم نفسه أو أي ألبوم لمنتج آخر اعتمد على قوة السردية وسحر النصوص الترويجية للألبوم. يذكرنا إيفان أن هناك عوامل أخرى في أي عمل موسيقي كالـ “موسيقى” مثلًا وتذوق الصوت من الممكن التركيز عليها، بدلًا من الاكتفاء بسردية وخلفية وصورة وهوية الفنان، الأمر الذي بات متصدرًا للمشهد الإلكتروني المغامر والراقص إلى درجة الملل.

في كل تراك عادةً ما يكون هناك صوت سنث أساسي سرعان ما يتطور ويخلّق منه أنسجة صوتية شتى تنكمش وتمط بفضل المعدّلات (modulators) وبمولدات الذبذبات المنخفضة (LFOs) ليضاف إلى ذلك طبقات سنث مرافقة فنحصل على جسم غني بالأطياف الصوتية. المثال الأبرز على ذلك تراك رابر نايف ودو سامثينج تو فورجت وبكستر، الذين يتكوّنون بالكاد من جملة لحنية واحدة يتلاعب بها بأشكال مختلفة بطريقة مثيرة لفضول المستمع وذات أثر مهلوس يطرب الأذن. في كالسيفايد ودوي٢ يوظّف ٩٦ باك السنث كفريق روك مستبدلًا أعضائه بآلة واحدة بأسلوب بانك عفوي.

٩٦ باك
تصوير لويس راينولدز

أما في بكستر فتختلط معالم الإلكترو بالهايبربوب لينتج عن ذلك صوتٌ آخر قائم بذاته. يقود السب بايس والجليتشات والسنثات المتناثرة ٩٦ كيسيز الذي يتميّز بأجواء ميلانكولية ومشاهد صوتية متبخّرة مثل تراك ذيس وانتس تو لاف وكَم راوند. يختلف ذلك عن الشحنة العنيفة في كومبريكسينج حيث يكشر إيفان عن أنيابه عن طريق اختياره لصوت السنث والتركيز على المدى المنخفض. من أكثر الأشياء المثيرة في الألبوم هو بروز الجانب الإيقاعي والجروف برغم ظهور الدرامز بشكل خفي وعدم تصديرها في الوجه. كل تراك ينبض بألحان جميلة لا يمل من تكرارها، فيمكنني سماع تراك مثل فيشيوس بطابعه الثمانيناتي بشكل متكرر حتى إذا كانت مدته أطول من مدته الأصلية.

على حسب قوله، أنتج ٩٦ باك الألبوم أثناء استعداده للانتقال من مانشستر إلى لندن. عادةً ما يترافق الانتقال من مكان لآخر مع اللا يقين، الذي يأتي بدوره في الألبوم كوقود للإبداع وإعلانٍ عن صوت فريد لإيفان يختلف بقدرٍ كبير عن إصداراته السابقة. يستخرج إيفان ويستنزف ويعصر جميع الإمكانيات المتاحة في السنث أو الأداة الوحيدة المتاحة لديه لافتًا نظرنا ومؤكدًا أنه ليس هناك ما يتطلب امتلاك استوديو مكنّز بالأجهزة الإلكترونية باهظة الثمن وأشبه بسفينة فضاء لإنتاج أي نوع من الموسيقى. الشغف والفضول وحدهما لدراسة وفهم آلة واحدة كفيلان بصنع ألبوم جميل كهذا.

تندر، إكزيت ألبوم حافل بالجماليات ودرس في التصميم الصوتي، لا يبالغ في استعراض القدرات والانغماس المبالغ فيه في التعقيد. ألبوم ذو ذوق عالي يضمن له مكانًا في أفضل الإصدارات الإلكترونية لهذا العام.

المزيـــد علــى معـــازف