جووباد | ديرتي باكسيت

كتابةهلا مصطفى - August 28, 2018

بعد أن اتخذ الفريق في خريف العام الماضي شكله النهائي بانضمام عازف الإيقاع مروان وحيد إلى كل من العازفين والمغنيين محمد هاني ونهى أمين، بدأ ثلاثي البَنك ديرتي باكسيت العمل على ألبومه القصير الأول الذي صدر منذ شهرين تحت اسم جووباد. التمهيد الوحيد لصوت الفرقة قبل صدور الألبوم كان الأغنية المنفردة الجيدة جدًا، هيبنوتايز مي. الشباب مستعجلون. توجهوا مباشرةً إلى الاستديو وخرجوا بألبومهم الأول خلال عشرة شهور، الأمر الذي يفترض امتلاكهم رؤية واضحة حول مشروعهم الموسيقي والصوت الذي سيخرجون به منذ اللحظة الأولى.

وبالفعل، يعلن صوت الألبوم ككل عن فرقة بوست بَنك متمكنة ومتعصبة للقواعد الكلاسيكية للجنرا بشكلٍ لا يحتاج لتأويل، بتأثيرات متداخلة من نيو أوردر وباوهاوس وجوي ديفيجن وموتورهيد. أما من ناحية اللغة والكلمات، فالفرقة أقل تحديدًا في اتجاهها. يتناوب كل من هاني ونهى الغناء حول مواضيع ضبابية، بالعربية مرة والإنكليزية مرة أخرى.

تغيب الكلمات تمامًا في غَرَقان، التراك الافتتاحي للألبوم. يتناوب سطرا بايس متكرران مع الإيقاع الثابت في الخلفية، ليبدو التراك ممهدًا للأغنية الثانية أكثر منه مقدمًا للألبوم ككل.

طوال الدقائق الخمس التالية، تظهر كاسيت تايبس كالأغنية الأكثر اكتمالًا في الألبوم، خاصةً من الناحية التقنية. كثافة السينثات والمؤثرات في مقطع ثم هدوئها في آخر أضفى المزيد من الجاذبية على الجيتار، ووازن وجود صوتَي هاني ونهى المتعارضين في أغنية واحدة. قد يكون لكلماتٍ مثل: “سوف ألاحق كل مخاوفك / ومن ثم أقتلك / سأتتبع أثر كل جروحك / التي تدور كشريط الكاسيت” دورٌ في إضفاء قوة إضافية على طريقة نهى في الغناء، لكنها بكل الأحوال ترسل كاريزما واثقة تجعل غناءها يعلق في الرأس بسهولة. يظهر ذلك على نحو أكثر جاذبيةً مع غناءها بالعربية في شوف شوف، حيث يكتسب صوتها مزيدًا من الزعرنة والدرجة المناسبة من التشويش “شوف شوف شوف تايهين إزاي / وقت وبيضيع ترجعه إزاي … أنا هفضل أجري م الحقيقية / يمكن أعمل حاجة مفيدة.” الغناء بالعربية في أغنيتين من الألبوم، بمزيج التشويش واللهجة المصرية، أكسب الأغنيتين حميميةً وإثارة أكثر من تلك المغناة بالانكليزية.

في اتنين، تظهر تأثيرات البوست بَنك بأوضح أشكالها، خاصة في الجيتار الافتتاحي الذي يبدو أنه بدأ العزف قبل بداية التسجيل، الخدعة التي استُخدِمَت مع جوي ديفيجن للمرة الأولى وما زالت تحتفظ برونقها. لا ينطبق الأمر ذاته على الكلمات التي ليس من السهل استيضاح موضوعها: “مش كل اتنين / كانوا عارفين / صحيوا من النوم / والنور مقطوع … ماهو كل اتنين / قاعدين في البيت / يشربوا نبيت”.

تبدأ بيتر سويت بإيقاع يكاد يكون مطابقًا للإيقاع في بداية كاسيت تايبس، سوى أن الثاني يعطي مزيدًا من الصدى للصنوج. يخلق ذلك شعورًا بالتكرار عبر الألبوم القصير، والحاجة إلى مزيد من التنويعات الإيقاعية. التوزيع عمومًا يمنح الألبوم خاتمةً أكثر حماسًا من افتتاحيته في الدقيقتين الأخيرتين من الأغنية، حين يكتم صوت الآلات لبضعة ثوانٍ لتبدأ العزف بعدها بقوة لدقيقة ختامية أخيرة.

يستعرض الألبوم، إلى جانب الموهبة الأولية، الثقافة الموسيقية لمؤلفيه. لكن الأخيرة وإن كانت ضرورية ومميِّزة، لا يمكن الاعتماد عليها وحدها في صناعة وإطلاق صوت الفرقة. الولاء المطلق لخصائص وتفاصيل موسيقية كانت رائجة قبل أكثر من ثلاثة عقود قد يؤدي لا شعوريًا إلى استبدال التوجه الاستعادي بالاستنساخ. ربما بوسع القليل من الارتجال الإضافي في التأليف والتوزيع أن يمنح الفرقة خصوصيةً تعلق في الآذان والأذهان أكثر.